هل الواجبات المدرسية في المنزل ضرورية؟

مطالبات بإلغائها في إسبانيا

مجلس ذوي الطلبة في اسبانيا يقترح استبدال الوظائف المدرسية بنشاطات أخرى
مجلس ذوي الطلبة في اسبانيا يقترح استبدال الوظائف المدرسية بنشاطات أخرى
TT

هل الواجبات المدرسية في المنزل ضرورية؟

مجلس ذوي الطلبة في اسبانيا يقترح استبدال الوظائف المدرسية بنشاطات أخرى
مجلس ذوي الطلبة في اسبانيا يقترح استبدال الوظائف المدرسية بنشاطات أخرى

تتزايد يوما بعد يوم في إسبانيا المطالبة بإلغاء الواجبات المدرسية في المنزل، وخصوصا لطلاب المرحلة الابتدائية، وتقليصها للمراحل الأخرى، وقد تم نقاش هذه المسألة مرارا في السنوات الأخيرة بين المؤيدين والمعارضين، وكان أكثر المتحمسين لإلغائها هو مجلس آباء وأمهات الطلبة في إسبانيا الذي نفد صبره مؤخرا واعتبر الواجبات المدرسية في المنزل غير ضرورية، وقرر توجيه نداء إلى المعلمين طالبا فيه عدم تحميل التلاميذ واجبات مدرسية للقيام بها في المنزل، وفي الوقت نفسه وجه المجلس نداء آخر إلى أولياء أمور الطلبة دعاهم فيه إلى أن يقوموا بدعوة أبنائهم إلى عدم الانصياع لأداء الواجبات المدرسية في المنزل خصوصا خلال عطلة نهاية الأسبوع، معتبرا الواجبات المدرسية عبئا ثقيلا على الطلبة خارج المدرسة، وتسهم في عزل الطالب عن عائلته، واقترح المجلس في الوقت نفسه، حلا وسطا وهو التعويض عن الواجبات المدرسية بواجبات أخرى، كأن يقوم الطالب بإجراء محادثات مع أفراد عائلته حول موضوع معين، أو أن يذهب مع العائلة إلى متحف أو مؤسسة ثقافية أو أحد معالم المدينة أو إلى الريف، ثم يقدم تقريرا عن زيارته ومحادثاته إلى الأستاذ.
وقد جاء في تصريح لرئيس مجلس آباء وأمهات الطلبة في إسبانيا، خوسيه لويس باثوس لصحيفة «إيديال» أن هدف ندائنا هذا هو تغيير النظام التربوي في إسبانيا، ومن ضمنه إلغاء الواجبات المدرسية.. فمن الخطأ القول إن على الطالب أن يعاني ويقاسي كي يتعلم. وأضاف أنه فضلا عن هذا ففي السنوات الأخيرة ازدادت ساعات الدوام المدرسية، ففي الوقت الذي يفترض أن يقوم الطلاب الذين تتراوح أعمارهم بين 3 سنوات إلى 6 سنوات بقضاء أوقاتهم في اللعب واللهو، نراهم اليوم يدرسون، والأكثر من هذا يحملون واجبات مدرسية إلى المنزل. إن ما هو للمدرسة يتم إنهاؤه في المدرسة، وعند وصول الطفل إلى المنزل عليه الانقطاع عن شؤون المدرسة، وتركه يفعل ما يريد وما يرغب.
أما رأي السكرتير العام للتعليم في جمعية العمال في إسبانيا، فرانثيسكو غارثيا فهو أن «هناك قلقا بين الآباء حول هذه القضية، وذلك لأن الطلاب في إسبانيا يقومون بواجبات مدرسية كثيرة، ولهذا لا بد من إجراء حوار بين الجميع».
وقد جوبهت دعوة مجلس آباء وأمهات الطلبة هذه بمعارضة شديدة من جهات كثيرة، ووصفت دعوة مجلس الآباء والأمهات بعدم إجراء الواجبات المدرسية بأنها «دعوة غير مسؤولة»، فقد صرح بيدرو كاباجيرو مسؤول اتحاد المدارس الكاثوليكية في إسبانيا: «لا نقبل بأي شكل من الأشكال توجيه نداء إلى التمرد على الواجبات المدرسية».
وقال الأستاذ الجامعي ريكاردو مورينو أستاذ الرياضيات إن «التمرد على إجراء الواجبات المدرسية غير مقبول إطلاقا، ولكن في الوقت نفسه، لا بد أن تكون الواجبات أقل، فالواجبات الكثيرة تعني أن يجلس الطفل كل المساء في البيت من أجل إكمال واجباته المدرسية وهو عمل غير مثمر».
وشكا أحد الأساتذة من أن العائلة أحيانا لا تربي الطفل التربية المطلوبة، فيتحتم عند ذلك أن يكون معلما ومربيا «يبدو أننا نحن المعلمين علينا أن نقوم بدور الآباء في الصف، ذلك أن علينا أن نعلّم الأطفال كيفية التصرف مع الآخرين واحترامهم، ووصل الأمر إلى درجة أن علينا أن نعلمهم أن لا يرموا الأوراق على الأرض، وهو ما يجب أن يكونوا قد تعلموه في المنزل، فكل هذه الأمور من واجبات العائلة، ولو أن الآباء قاموا بواجبهم على الوجه الأكمل في البيت لاستطعنا نحن المعلمين أن نختصر الكثير من الأشياء ولاستطعنا استغلال ساعات كثيرة من أجل تدريس المادة بشكل أفضل».
وكانت صحيفة «الموندو» الإسبانية قد نشرت استطلاعا أجرى بين 1748 من الآباء والأمهات، و472 من الأطفال، وكانت النتيجة هي أن 40 في المائة من العوائل في إسبانيا تذهب إلى أن أطفالها لديهم واجبات كثيرة، و48 في المائة تظن بأن هذه الواجبات بدأت تؤثر سلبا على العلاقات العائلية. وحسب هذا الاستطلاع فإن واحدا من كل خمسة آباء يقول بأن ابنه يقضي ساعتين في اليوم من أجل إكمال الواجبات المدرسية.
وعرضت صحيفة إسبانية مقابلة مع أخصائيتين في الشؤون التربوية، الأولى إيبا بايلين، وهي أم لثلاثة أولاد، وكان رأيها هو أن الواجبات المدرسية مثل الساعات الإضافية في العمل، فهي مزعجة، ومن الغريب أن كثيرا من العمال والموظفين لا يقبلون أداء ساعات إضافية في العمل، ولكنهم يؤيدون فكرة الواجبات المدرسية للطلاب.
أما الباحثة الثانية فهي سونيا غارثيا، وتعمل سكرتيرة في مجال الاتصالات، فكان رأيها أنه من الممكن تقليل الواجبات المدرسية، ولكن ليس إلغاؤها لأنها ضرورية، فهي تعوّد الطالب على الاستمرارية في التعليم وتحمل المسؤولية، وتعلمهم على الجهد الشخصي، وتقوي عندهم فهم المادة التي درسوها، ولكن لا بد أن يكون الواجب حسب عمر الطالب، وأن يكون هناك اتفاق مسبق بين الأساتذة حول كمية الواجبات. ولا يزال السجال المشتعل في إسبانيا من غير حل ولا اتفاق، ولكنه يلفت النظر إلى أهمية إعادة النظر في النظام التعليمي في البلاد.



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.