{غلاسكو}.. شيدت للطبقة المخملية ثم خرّجت «ثروة الأمم»

نافذة على مؤسسة تعليمية

طلاب في حرم جامعة غلاسكو عام  1955 (غيتي)
طلاب في حرم جامعة غلاسكو عام 1955 (غيتي)
TT

{غلاسكو}.. شيدت للطبقة المخملية ثم خرّجت «ثروة الأمم»

طلاب في حرم جامعة غلاسكو عام  1955 (غيتي)
طلاب في حرم جامعة غلاسكو عام 1955 (غيتي)

تصنف جامعة غلاسكو بين أقدم أربع جامعات في الدول الناطقة بالإنجليزية، وواحدة من أقدم وأعرق جامعات اسكوتلندا. جرى تأسيسها في المدينة التي تحمل اسمها عام 1451 وكانت من أكبر اللاعبين في عصر التنوير ووصولا إلى العصر الصناعي.
وكالكثير من الجامعات البريطانية، كانت غلاسكو تجذب طلابا من طبقات المجتمع المخملي. وفي القرن التاسع عشر، باتت محجا لطلاب يبحثون عن التعليم العالي بالحقول القانونية والطبية والمدنية والتعليم بالإضافة إلى الهندسة والعلوم بشتى أنواعها.
وتضم الجامعة التي كانت تشتهر بعلوم الهندسة أيضا عددا لا بأس به من الكليات وعلى رأسها: كلية الفنون التي تضم واحدا من أهم الحقول في هذا المضمار حول العالم وهي حقل الفنون الجميلة والعلوم الإنسانية. كما تضم غلاسكو كليات للطب البشري والأسنان والبيطرة إلى جانب كليات خاصة بعلوم الكيمياء والكومبيوتر والهندسة على أنواعها والجغرافيا والحساب والفيزياء. تضاف إلى ذلك بالطبع كليات القانون والتعليم والاقتصاد.
وفي العقود الأخيرة، استطاعت الجامعة أن تقتحم قائمة أفضل 10 جامعات في المملكة المتحدة لما توفره من أبحاث علمية تصل إيراداتها السنوية إلى نحو 750 مليون دولار.
غلاسكو جزء لا يتجزأ من مجموعة راسل التي تمثل جامعات النخبة الخاصة بالأبحاث في بريطانيا. وقد جاء الترتيب العالمي للجامعة التي تضم 28 ألف طالب تقريبا، الـ51 في عام 2013. وتضم ما لا يقل عن 10 آلاف موظف بين مدرس وباحث وغيره.
ومر على غلاسكو خيرة المفكرين والعلماء والفلاسفة والمخترعين والقادة، منهم رئيسان للوزراء وسبعة من الحائزين على جائزة نوبل.
ومن هذه الأسماء اللامعة الفيزيائي المعروف اللورد كلفن الذي عمل على التحليل الحسابي للكهرباء والمعادلة الثنية لعلم الديناميكية الحرارية الخاصة (thermodynamics). وقد طبق اسم مؤسس الفيزياء الحديثة على وحدة قياس درجة الحرارة المعادلة لدرجة واحد مئوي وهي الكلفن.
أضف إلى ذلك «أبو الاقتصاد» الحديث الفيلسوف الأخلاقي آدم سميث الذي لا يزال يعتبر من أكثر المفكرين الاقتصاديين تأثيرًا. خصوصا عن كتابه «ثروة الأمم» أو باسمه الكامل «بحث في طبيعة وأسباب ثروة الأمم» الذي نشره عام 1776، في بداية فترة الثورة الصناعية ويعتبر لغاية اليوم أحد معالم تطور الفكر الاقتصادي. وفي الكتاب، نادى سميث بالرأسمالية رافضا تدخل الحكومة في الاقتصاد ودعا إلى وجوب تركه لقوى العرض والطلب.
وفي عام 2009 كان اسم سميث من بين أسماء «أعظم الاسكوتلنديين» على مدى كل العصور.
وهناك أيضا المهندس جيمس واط الذي جعل من المحرك البخاري آلة تجارية متاحة للناس. وقد سميت وحدة القدرة باسمه تخليدا له، والمخترع هنري فولدز الذي طور علم التعرف على المجرمين من بصمات الأصابع والتعرف عليها، إلى جانب المهندس الكهربائي جون لوغي بيرد الذي وضع أول نظام تلفزة ملونة عملي، والكيميائي الفائز بجائزة نوبل ويليام رامزي الذي اكتشف الهيليوم وعناصر النيون والأرغون نهاية القرن التاسع عشر.



«شمعة»... قاعدة بيانات مجانية للبحوث التربوية في 17 دولة عربية

لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
TT

«شمعة»... قاعدة بيانات مجانية للبحوث التربوية في 17 دولة عربية

لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»

يقضي الباحثون في العالم العربي أوقاتاً من البحث المضني عن المراجع الإلكترونية التي تساعدهم في تحقيق أغراضهم البحثية. ويدرك هذه المشقة الباحثون الساعون للحصول على درجة الماجستير أو الدكتوراه، فإذا لم يكن لديه إمكانية الدخول إلى قواعد البيانات العلمية العالمية عبر إحدى المكتبات الكبرى، التي عادة لا تتاح كاملة أيضاً، فإن عملية البحث سوف تكلفه آلاف الدولارات لمتابعة والوصول لأحدث الأوراق العلمية المتصلة بمجال بحثه، أو أن مسح التراث العلمي سيتوقف لديه على المراجع الورقية.
بينما يحظى الباحثون في مجال البحوث التربوية بوجود «شمعة»، وهي شبكة المعلومات العربية التربوية (www.shamaa.org) التي توفر لهم أحدث البحوث والدوريات المحكمة من مختلف الجامعات العربية، وبثلاث لغات، هي: العربية، والفرنسية، والإنجليزية مجاناً.
تأسست «شمعة» عام 2007 في بيروت كقاعدة معلومات إلكترونية، لا تبغي الربح، توثق الدراسات التربوية الصادرة في البلدان العربية في مجمل ميادين التربية، من كتب ومقالات وتقارير ورسائل جامعية (الماجستير والدكتوراه) وتتيحها مجاناً للباحثين والمهتمين بالدراسات التربوية. تتميز «شمعة» بواجهة إلكترونية غاية في التنظيم والدقة، حيث يمكنك البحث عن مقال أو أطروحة أو كتاب أو فصل أو عدد أو تقرير. فضلاً عن تبويب وفهرسة رائعة، إذ تشتمل اليوم على أكثر من 36000 ألف دراسة، موزعة بنسبة 87 في المائة دراسات عربية، و11 في المائة دراسات بالإنجليزية و2 في المائة بالفرنسية، وهي دراسات عن العالم العربي من 135 جامعة حول العالم، فيما يخص الشأن التربوي والتعليم، إضافة لأقسام خاصة بتنفيذ مشاريع في التربية كورش تدريبية ومؤتمرات.
لا تتبع «شمعة» أي جهة حكومية، بل تخضع لإشراف مجلس أمناء عربي مؤلف من شخصيات عربية مرموقة من ميادين مختلفة، وبخاصة من الحقل التربوي. وهم: د. حسن علي الإبراهيم (رئيساً)، وسلوى السنيورة بعاصيري كرئيسة للجنة التنفيذية، وبسمة شباني (أمينة السر)، والدكتور عدنان الأمين (أمين الصندوق) مستشار التعليم العالي في مكتب اليونيسكو، وهو أول من أطلق فكرة إنشاء «شمعة» ورئيسها لمدة 9 سنوات.
تستمر «شمعة» بخدمة البحث التربوي بفضل كل من يدعمها من أفراد ومؤسّسات ومتطوعين، حيث تحتفل بالذكرى العاشرة لانطلاقتها (2007 - 2017)، وهي تعمل حاليا على إصدار كتيب يروي مسيرة العشر سنوات الأولى. وقد وصل عدد زائريها إلى نحو 35 ألف زائر شهرياً، بعد أن كانوا نحو ألفي زائر فقط في عام 2008.
تواصلت «الشرق الأوسط» مع المديرة التنفيذية لبوابة «شمعة» ببيروت د. ريتا معلوف، للوقوف على حجم مشاركات الباحثين العرب، وهل يقومون بمدّ البوابة بعدد جيّد من الأبحاث والدراسات، أم لا تزال المعدلات أقل من التوقعات؟ فأجابت: «تغطّي (شمعة) الدراسات التربوية الصّادرة في 17 دولة عربيّة بنسب متفاوتة. ولا شك أن حجم مشاركات الباحثين العرب بمد (شمعة) بالدراسات قد ارتفع مع الوقت، خصوصاً مع توّفر وسائل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي سهّلت لهم عملية المشاركة».
وحول طرق تزويد «شمعة» بالأبحاث والدراسات، أوضحت معلوف أن ذلك يتم من خلال عدّة طرق، وهي: «توقيع اتفاقات شراكة مع كليات التربية في الجامعات العربية والمجلات التربوية المحكمة ومراكز الأبحاث التي تعنى بالتربية والتعليم، كما تتيح اتفاقية تعاون مع مركز المعلومات للموارد التربوية (إريك) (ERIC) تزويد (شمعة) بالدراسات الصادرة باللغة الإنجليزية من الدول العربية أو من باحثين عرب. ونعتبر أن الشراكة مع (إريك) هي خطوة كبيرة ومن أهم الإنجازات كمؤسسة عربية، وأيضاً من خلال اشتراكات بالمجلات الورقية التربوية المحكمة العربية، أو عبر الدراسات المتاحة إلكترونياً على شبكة الإنترنت بالمجان أي عبر مصادر الوصول الحر للمعلومات (Open Access)».
وتضيف: «الجدير بالذكر أيضاً أن (شمعة) وقعت اتفاقية من مستوى عالمي مع شركة (EBSCO Discovery Service EDS) التي تعتبر من أهم موزعي قواعد المعلومات في العالم العربي والغربي».
وتوضح معلوف أنه «يمكن تزويد (شمعة) بالدراسات مباشرة من الباحث عبر استمارة متوافرة على موقع (شمعة)، حيث يقوم الفريق التقني من التأكد من توافقها مع معايير القبول في (شمعة) قبل إدراجها في قاعدة المعلومات».
وحول ما إذا كان الباحثون العرب لديهم ثقافة التعاون الأكاديمي، أم أن الخوف من السرقات العلمية يشكل حاجزاً أمام نمو المجتمع البحثي العلمي العربي، قالت د. ريتا معلوف: «رغم أن مشاركة نتائج الأبحاث مع الآخرين ما زالت تخيف بعض الباحثين العرب، إلا أنه نلمس تقدماً ملحوظاً في هذا الموضوع، خصوصاً أن عدد الدراسات المتوافرة إلكترونياً على شبكة الإنترنت في السنين الأخيرة ارتفع كثيراً مقارنة مع بدايات (شمعة) في 2007، إذ تبلغ حالياً نسبة الدراسات المتوافرة مع نصوصها الكاملة 61 في المائة في (شمعة). فكلما تدنّى مستوى الخوف لدى الباحثين، كلما ارتفعت نسبة الدراسات والأبحاث الإلكترونيّة. وكلما ارتفعت نسبة الدراسات الإلكترونية على شبكة الإنترنت، كلما انخفضت نسبة السرقة الأدبية. تحرص (شمعة) على نشر هذا الوعي من خلال البرامج التدريبية التي تطورّها وورش العمل التي تنظمها لطلاب الماستر والدكتوراه في كليات التربية، والتي تبيّن فيها أهمية مشاركة الأبحاث والدراسات العلمية مع الآخرين».
وحول أهداف «شمعة» في العشر سنوات المقبلة، تؤكد د. ريتا معلوف: «(شمعة) هي القاعدة المعلومات العربية التربوية الأولى المجانية التي توّثق الإنتاج الفكري التربوي في أو عن البلدان العربية. ومؤخراً بدأت (شمعة) تلعب دوراً مهماً في تحسين نوعية الأبحاث التربوية في العالم العربي من خلال النشاطات والمشاريع البحثية التي تنفذها. وبالتالي، لم تعدّ تكتفي بأن تكون فقط مرجعيّة يعتمدها الباحثون التربويون وكلّ من يهتمّ في المجال التربوي عبر تجميع الدراسات وإتاحتها لهم إلكترونيّاً؛ بل تتطلّع لتطوير الأبحاث التربوية العلمية، وذلك لبناء مجتمع تربوي عربي لا يقلّ أهمية عن المجتمعات الأجنبية».