تونس: نقابة العمال تقرر الإضراب في القطاعين العام والخاص

أكدت تمسكها بالزيادة في الأجور خلال السنة المقبلة

تونس: نقابة العمال تقرر الإضراب في القطاعين العام والخاص
TT

تونس: نقابة العمال تقرر الإضراب في القطاعين العام والخاص

تونس: نقابة العمال تقرر الإضراب في القطاعين العام والخاص

أقر الاتحاد العام التونسي للشغل (كبرى نقابات العمال) الدخول في إضراب عام في القطاع العام يوم 8 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، في حال عدم تطبيق حكومة الوحدة الوطنية، التي يقودها يوسف الشاهد، الاتفاق القاضي بالزيادات في الأجور والموقع بين الحكومة والنقابة خلال السنة الماضية، وتمسكها بمقترح تأجيل الزيادات خلال السنة المقبلة.
كما أقرت نقابة العمال مبدأ الإضراب عن العمل في القطاع الخاص دون أن تحدد تاريخا نهائيا لذلك، تاركة أبواب الحوار مفتوحة مع الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (نقابة رجال الأعمال)، التي ترأسها وداد بوشماوي.
وفي هذا الشأن أكد بلقاسم العياري، الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل، أن المفاوضات الاجتماعية المتعلقة بالقطاع الخاص ستستأنف جلساتها خلال الأسبوع المقبل. وفي حال عدم استئناف هذه المفاوضات، فإن النقابيين سينفذون إضرابات في الجهات في كامل البلاد، وهو ما سيشل حركة الإنتاج التي تعول الحكومة على عودتها من خلال تنظيمها لمنتدى دولي للاستثمار بعد أيام.
وقال العياري إن نقابة العمال ترغب في الحوار، وتبحث عن التفاوض وإيجاد حلول وتريد تحقيق الاستقرار الاجتماعي في البلاد على حد قوله، مؤكدا استعداد الطرف النقابي لتقاسم الأعباء من أجل تونس، ولكن ليس على حساب العمال، في إشارة إلى دعوات حكومية سابقة بتوزيع التضحيات على كل الفئات الاجتماعية.
وأفادت مصادر نقابية في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» بأن اللقاء الذي جمع بين حسين العباسي رئيس النقابة، ويوسف الشاهد رئيس الحكومة، لم يحمل مقترحات جديدة من قبل رئاسة الحكومة التي ما تزال متمسكة بضرورة إرجاء الزيادات إلى شهر أكتوبر (تشرين الأول) من السنة المقبلة، في انتظار حصول طفرة اقتصادية تعيد التوازن إلى المالية العمومية، ولا من قبل نقابة العمال الباحثة عن تنفيذ اتفاقيات سابقة.
إلا أن مصادر مقربة من الحكومة ترى أن نقابة العمال ستتراجع عن موقفها الصارم بسبب الظرف الاقتصادي الصعب، الذي تمر به تونس، واقتناع بعض أطرافها بوجهة نظر الحكومة، التي لم ترفض الزيادات في الأجور من حيث المبدأ، ولكنها أرجأتها إلى «حين ميسرة»، على حد تعبير تلك المصادر.
وخلف قانون المالية المتعلق بالسنة المقبلة ردود فعل سلبية، على خلفية إقرار ضرائب جديدة على جل المهن، وهو ما أدى إلى تنفيذ احتجاجات في قطاع المحاماة والصيدلة والأطباء، إضافة إلى غضب نقابة العمال تجاه المقترح الحكومي القاضي بتأجيل الزيادات في أجور موظفي القطاع العام.
وأبدى الاتحاد العام التونسي للشغل (منظمة العمال) من خلال تصريحات متواترة لقياداته النقابية رفضه القاطع لمقترح حكومي، يقضي بتأجيل الزيادة في الأجور إلى حدود عام 2019، ودعا الحكومة إلى الإيفاء بواجباتها والالتزام بالمحاضر الموقعة مع الطرف الاجتماعي. وفي هذا الشأن أكد العباسي أن نقابة العمال ليست لديها مطالب نقابية جديدة، وأنها لا تطالب بمفاوضات جديدة مع الحكومة، لكنها تتمسك بمطلب وحيد، وهو تطبيق الاتفاق الحاصل مع الحكومة.
وأكد العباسي أن السنة المقبلة ستكون موعد تطبيق القسط الأخير من الزيادات لسنة 2016، وطالب الحكومة بتطبيق العدالة على بقية الفئات المهنية والاجتماعية، وألا تكون التضحيات على حساب طبقة العمال فحسب.
وأوضح العباسي في تصريح أمام أعضاء المكتب التنفيذي لنقابة العمال أن المنظمة ضحت وتنازلت عن زيادات بـ24 شهرا خلال السنوات الماضية.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.