عربة مقطورة تحولت لعيادة أسنان للنازحين في مخيم شمال سوريا

افتتاح العيادة بمساعدة «جمعية الأطباء المستقلين» غير الحكومية

صورة للعيادة المتنقلة من خلال مرآة العربة تظهر طبيب الأسنان مهند قبطور الذي يقدم خدمات لآلاف النازحين في منطقة أعزاز شمال سوريا  (أ.ف.ب)
صورة للعيادة المتنقلة من خلال مرآة العربة تظهر طبيب الأسنان مهند قبطور الذي يقدم خدمات لآلاف النازحين في منطقة أعزاز شمال سوريا (أ.ف.ب)
TT

عربة مقطورة تحولت لعيادة أسنان للنازحين في مخيم شمال سوريا

صورة للعيادة المتنقلة من خلال مرآة العربة تظهر طبيب الأسنان مهند قبطور الذي يقدم خدمات لآلاف النازحين في منطقة أعزاز شمال سوريا  (أ.ف.ب)
صورة للعيادة المتنقلة من خلال مرآة العربة تظهر طبيب الأسنان مهند قبطور الذي يقدم خدمات لآلاف النازحين في منطقة أعزاز شمال سوريا (أ.ف.ب)

في مخيم شمال سوريا، يعاين الطبيب مهند قبطور أسنان فتاة صغيرة شأنها شأن الكثير من النازحين الذين يستفيدون من خدماته على متن عربة مقطورة تحولت إلى عيادة متنقلة في منطقة أعزاز.
ويعمل هذا الطبيب السوري (36 عاما) دون كلل في هذه العيادة منذ بدء العمل فيها في أكتوبر (تشرين الأول)، مزاولا مهنته على نحو يختلف عن العمل داخل عيادته قبل الحرب.
في السابق، كان مهند يستقبل المرضى في عيادته بناء على موعد مسبق ويخصص لكل مريض 45 دقيقة ويأخذ قسطا من الراحة بين الفينة والأخرى. أما الآن فيقول قبطور لوكالة الصحافة الفرنسية: «بعد أن يسجلوا أسماءهم أعالجهم الواحد تلو الآخر»، مضيفا: «هناك فوضى وعدم تنظيم، ولا مجال للراحة منذ بداية اليوم وحتى نهايته».
ويشعر قبطور بالسعادة رغم ضغط العمل ويجد في عمله الوسيلة لرد الجميل إلى بلده وشعبه في ظل النزاع القائم الذي أسفر عن مقتل أكثر من 300 ألف شخص منذ مارس (آذار) 2011. وقال: «لم أغادر البلاد لأني أود أن أساعد شعبي وبلدي فهما بحاجة لي».
وقبل افتتاح هذه العيادة بمساعدة (جمعية الأطباء المستقلين) غير الحكومية و(جمعية بردى)، كان قبطور يقوم بمعايناته على كرسي طبي صغير متنقل. أما عيادته الجديدة ورغم ضيق مساحتها فهي مجهزة بمعدات حديثة كأي عيادة أسنان.
وكمعدل وسطي يزور العيادة كل يوم أكثر من عشرة مرضى في مخيم الريان لتلقي العلاج الروتيني والخضوع لعمليات جراحية بسيطة كنزع الأسنان. ويجلس المرضى على كرسي ذي لون أخضر فاتح فيما يقوم قبطور ومساعده بلباسهما الأبيض بضبط الإضاءة والبدء بالعمل. ويضع قبطور كمامة طبية على فمه تغطي لحيته الرمادية الخفيفة قبل أن يبدأ بفحص أسنان فتاة شابة ترتدي وشاحا مرقطا بزهور بنفسجية.
وتبدو الحافلة من بعيد كأنها حافلة عادية، لولا شعار عملاق ملصق على جانبها يضم ضرسا ضمن دائرة خضراء. ويقول: «إن أهمية عملي تكمن في أني أساعد الناس في ظروف قاسية». ويضيف «أن مساعدة الناس الذين هم بمثابة عائلتي هي أقل ما يمكن فعله».
ويتقاضى قبطور أجرا لقاء عمله من منظمة «إيدا» للأطباء المستقلين، في حين يقدم خدماته الطبية مجانا.
وتجمع أمام المقطورة نحو عشرين شخصا غالبيتهم من النساء والأطفال بانتظار دورهم. وتقوم ممرضة بتسجيل أسمائهم قبل إدخالهم إلى المقطورة. ويبدو طبيب الأسنان منشرحا يمازح خاصة الأطفال الذين يخشون عادة أطباء الأسنان.
وأدى النزاع في سوريا إلى نزوح أو هجرة أكثر من نصف السكان، كما اضطر الكثيرون لبذل جهود كبيرة لإيجاد مأوى داخل البلاد رغم أعمال العنف المستمرة. وشهدت محافظة حلب أسوأ أعمال العنف في البلاد، واتخذ آلاف الأشخاص مأوى لهم في مخيمات مثل الريان في منطقة أعزاز في شمال سوريا حيث يعمل قبطور.
ولم تراود قبطور وهو أب لبنتين أن يغادر البلاد على غرار ما فعل الكثيرون من أبناء بلده. وأشار «كان يمكنني أن أهاجر وأعيش بسلام مثل أطباء آخرين، ولكنني اخترت البقاء لأعيش وأموت إلى جانب شعبي وفي بلدي».
مع اقتراب دخول النزاع عامه السادس، لا تلوح في الأفق دلائل تشير إلى التوصل لحل سياسي من أجل إنهاء الصراع، ويقول قبطور إنه لا يركز على المستقبل في الوقت الراهن. ويقول: «أنا لا أفكر فيما سيحدث بعد الحرب. أريد أن تنتهي هذه الحرب»، مضيفا: «أما الآن، فإنني أرغب في معالجة الناس بما أملك». وتابع: «ليس لدي أي طموح أكثر من ذلك».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.