ضغوط فلسطينية لوقف بناء جدار حول مخيم عين الحلوة جنوب لبنان

قيادي فلسطيني يرجّح أن تكون قوى دولية تموله

ضغوط فلسطينية لوقف بناء جدار حول مخيم عين الحلوة جنوب لبنان
TT
20

ضغوط فلسطينية لوقف بناء جدار حول مخيم عين الحلوة جنوب لبنان

ضغوط فلسطينية لوقف بناء جدار حول مخيم عين الحلوة جنوب لبنان

تكثفت الضغوط التي تمارسها الفصائل الفلسطينية في لبنان في الساعات القليلة الماضية لوقف بناء جدار إسمنتي على شكل حزام يلف مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين الواقع جنوب البلاد، والذي بدأ العمل فيه قبل أسبوع بإشراف الجيش اللبناني الذي رد القرار لإجراءات أمنية باعتبار أن عددا كبيرا من المطلوبين يعيشون داخل المخيم الذي تتولى أمنه لجنة أمنية تتمثل فيها الفصائل الفلسطينية الرئيسية.
وتضاعفت التحذيرات من تحول الجدار لسبب لتوتير العلاقات اللبنانية – الفلسطينية، بعدما نجحت الأجهزة الأمنية في لبنان بالتعاون مع القيادات الفلسطينية في المخيمات في السنوات الـ6 الماضية بمنع انتقال شرارة الحرب السورية إلى الداخل اللبناني خاصة أن كل العوامل كانت متوفرة لتمدد رقعة المعارك بعد انتقال لبنانيين وفلسطينيين على حد سواء للقتال إلى جانب النظام السوري كما في صفوف المعارضة المسلحة منذ العام 2012.
وعُقد يوم أمس اجتماع موسع ضم ضباطا من الجيش اللبناني وممثلي الفصائل والقوى الفلسطينية التي حثّت على وقف العمل بالجدار. وقال مسؤول «الحركة الإسلامية المجاهدة» في مخيم «عين الحلوة»، الشيخ جمال خطاب إنه «تم الاتفاق خلاله على أن ترفع قيادة منطقة صيدا العسكرية توصية لقيادة الجيش تقول فيها إن القوى السياسية والأمنية اللبنانية كما الفصائل الفلسطينية تتمنى وقف بناء الجدار لأنّه ضد المصلحة اللبنانية والفلسطينية على حد سواء». وإذ أكد خطّاب في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنهم لم يكونوا على علم مسبق ببناء جدار كامل حول المخيم وخاصة بإنشاء أبراج مراقبة، رجّح أن تكون «قوى دولية هي التي تدفع بهذا الاتجاه وأن تكون هي التي تموّل المشروع الذي تتخطى كلفته 5 ملايين دولار».
ونبّه الشيخ خطّاب من أن «المضي بإنشاء الجدار سيكون مؤذيا بحق لبنان أولا وبالتحديد لصورته في الخارج حول كيفية معاملته الإنسانية للاجئين، والمجتمع الفلسطيني المعزول ثانيا، باعتبار أنه لم يخرج أي عمل أمني من المخيم يهدد الاستقرار اللبناني، باعتراف مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم الذي قال: إن الوضع مضبوط في عين الحلوة». وقال: «نحن نستبعد أن يكون قرار بهذا الحجم اتخذته قيادة الجيش وحيدة.. لا شك أنه قرار غير معلن اتخذته القيادة السياسية».
وأوضحت مصادر أمنية لبنانية أن «مشروع الجدار ليس حديثا بل يعود لسنوات إلى الوراء وقد اقترحته بحينها القيادة السابقة لمخابرات الجنوب حين كثرت عمليات تسلل الإرهابيين من وإلى عين الحلوة خاصة بعد لجوء أحمد الأسير وشادي المولوي وفضل شاكر إليه رغم تعقّب الأجهزة الأمنية لهم»، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «إقدام هؤلاء على التسلل عبر الثغرات المحيطة بالمخيم وأبرزها البساتين جعل القادة الأمنيين يفكرون بطرح مماثل لضبط الأمن».
واعتبر المتحدث باسم حركة «حماس» في لبنان رأفت مرة أن «كل المبررات الأمنية التي تتحدث عنها الدولة اللبنانية لإنشاء الجدار مرفوضة كونها تؤدي لعزل المجتمع الفلسطيني وتحويل المخيمات لكنتونات لا تؤدي لحل بل لتوتير الأوضاع بين المجتمعين اللبناني والفلسطيني وشحن النفوس»، مشددا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على وجوب «وقف العمل بالجدار والشروع بحوار لبناني – فلسطيني يبحث كل القضايا دون استثناء خاصة أننا كنا أكثر من متعاونين مع الأجهزة الأمنية، إن كان من حيث تسليم المطلوبين أو الجهود الكبيرة التي بذلناها لمنع تحول المخيمات بؤرا للصراع».
وكان رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة والنائب عن تيار «المستقبل» بهية الحريري أول من أعلنا من القوى السياسية اللبنانية رفضهما إنشاء الجدار، واعتبرا في بيان مشترك أن ما يحصل «مستنكر ومرفوض من قبلهما ومن قبل جميع أهالي مدينة صيدا، لأنه يتسبب بحال من التشنج والاحتقان نعتقد أن لبنان بغنى عنها، لا سيما في هذه الظروف الدقيقة». وإذ تحدثا عن «خطوات كثيرة يمكن القيام بها للمحافظة على الأمن والانضباط والتفاهم وتعزيز الاستقرار في محيط المخيم ومعه»، لفتا إلى أن «العلاقات بين المخيم ومحيطه ليست علاقات عدائية، وبالتالي يجب أن ينصب الجهد من الجميع للحفاظ على الأمن والاستقرار دون بناء جدار يفصل بين المخيم ومحيطه بما يوحي الانطباع وكأن الإخوة الفلسطينيين هم أعداء للبنان واللبنانيين».



«حل وسط» لأزمة حضور الشرع القمة العربية في بغداد

صورة تجمع أمير قطر تميم بن حمد (يمين) ورئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني والرئيس السوري أحمد الشرع (واع)
صورة تجمع أمير قطر تميم بن حمد (يمين) ورئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني والرئيس السوري أحمد الشرع (واع)
TT
20

«حل وسط» لأزمة حضور الشرع القمة العربية في بغداد

صورة تجمع أمير قطر تميم بن حمد (يمين) ورئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني والرئيس السوري أحمد الشرع (واع)
صورة تجمع أمير قطر تميم بن حمد (يمين) ورئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني والرئيس السوري أحمد الشرع (واع)

بينما أكدت مصادر دبلوماسية عربية أنه سيتم توجيه دعوة رسمية إلى الرئيس السوري أحمد الشرع، لحضور القمة العربية المقبلة في العاصمة العراقية بغداد، رجَّحت أن «يتم التوافق» بشكل أو بآخر على أن يرأس وزير الخارجية أسعد الشيباني وفد دمشق في القمة، بوصفه «حلاً وسطاً» للجدل الدائر في البرلمان العراقي بشأن حضور الشرع.

وتستضيف بغداد في 17 مايو (أيار) المقبل اجتماع مجلس جامعة الدول العربية الـ34 على مستوى القمة. وبينما رحب رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني، منتصف الشهر الحالي، بحضور الرئيس السوري القمة العربية، قائلاً: «الرئيس السوري أحمد الشرع مُرحَّب به في بغداد»، أثار حضور الشرع انقساماً داخلياً في العراق، وأعلن عدد من النواب الشيعة داخل البرلمان جَمْع نحو 50 توقيعاً برلمانياً بشأن «سرِّية» زيارة السوداني إلى قطر ولقائه الشرع، فضلاً عن دعوتهم لاستحصال قرار برلماني يمنع حضور الشرع إلى القمة.

الشرع خلال حضوره قمة طارئة بشأن فلسطين بالقاهرة في مارس الماضي (الرئاسة المصرية)
الشرع خلال حضوره قمة طارئة بشأن فلسطين بالقاهرة في مارس الماضي (الرئاسة المصرية)

وأوضحت مصادر دبلوماسية عربية لـ«الشرق الأوسط»، أن «سوريا عضو في جامعة الدول العربية، ما يعني توجيه الدعوة لرئيسها لحضور القمة العربية المقبلة، كغيره من الرؤساء العرب». وقالت: «الدعوة ستوجه للشرع؛ ولكن هذا لا يعني بالضرورة حضوره شخصياً إلى بغداد».

وأضافت: «هناك حالة من الرفض الشعبي في العراق لحضور الشرع»، نافية أن يكون الرفض مقصوراً على الأطراف الشيعية فقط؛ مشيراً إلى أن «هذا الرفض تصاعد في أعقاب تسريب لقاء الدوحة بين الشرع والسوداني».

وحتى الآن، تقتصر المواقف الرافضة لحضور الشرع على فصائل مسلحة وحزب «الدعوة الإسلامية» ضمن «الإطار التنسيقي»، في مقابل «صمت» أو نوع من الموافقة الضمنية من جانب قوى أخرى داخل الإطار، مثل تيار «الحكمة» بزعامة عمار الحكيم، وائتلاف «النصر» بقيادة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي.

وفي ظل هذا الجدل، قالت المصادر الدبلوماسية العربية، إن «حضور الشرع إلى بغداد قد يخلق توترات في أجواء القمة المرتقبة»، مرجحة أن «يرأس وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني وفد بلاده في قمة بغداد بوصفه حلاً وسطاً للأزمة». وأشارت إلى أن «هناك رسائل أُرسلت إلى سوريا بهذا المعنى من قبل أطراف إقليمية».

ولفتت إلى أن «كثيراً من الدول العربية تتعامل مع الإدارة السورية الجديدة بمنطق الأمر الواقع، وإن كان لها تحفظات عليها». وقالت: «هناك توافق عربي على دعم الدولة السورية ودعم سيادتها، ولكن قد يكون هناك بعض التحفظات على شكل الإدارة السورية الجديدة».

وكان مجلس وزراء الخارجية العرب قد أقرَّ في اجتماع طارئ عُقد بالقاهرة، في مايو 2023 عودة سوريا لمقعدها بـ«الجامعة العربية»، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها، صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011. وشارك الشرع في القمة العربية الطارئة بشأن فلسطين التي عقدت في القاهرة في 4 مارس (آذار) الماضي.

وبينما يتصاعد الجدل البرلماني في العراق بشأن دعوة الشرع لحضور قمة بغداد، لم تُعلِّق جامعة الدول العربية رسمياً على الجدل الدائر، وهو ما أكد مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أنه «يتسق مع مواقف الأمانة العامة للجامعة العربية، التي لا تعلق على الشؤون الداخلية في الدول العربية».

وقال هريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ما يثار من جدل في بغداد بشأن حضور الشرع للقمة العربية هو شأن داخلي عراقي، لن تعلق عليه الجامعة العربية»؛ مشيراً إلى أن «سوريا عضو في جامعة الدول العربية، وستوجَّه الدعوة لرئيسها لحضور القمة».

وبشأن رفض حضور الشرع إلى بغداد، قال هريدي: «الأمر متروك هناك لتقدير الجانب السوري، واختيار من يرأس وفد دمشق إلى القمة، فقد يتم إيفاد وزير الخارجية أو رئيس الوزراء بدلاً من الشرع».

من جانبها أكدت المصادر الدبلوماسية العربية، أن «العراق عازم على إنجاح القمة العربية، وسخر لها كل الإمكانات»؛ مشيراً إلى أن «تمثيل سوريا لن يكون عائقاً أمام تحقيق ذلك».

وتتواصل التحضيرات اللوجيستية داخل العراق لاستضافة القمة، تزامناً مع بدء توجيه الدعوات الرسمية للحضور؛ حيث توجه 3 وزراء إلى الأقطار العربية لتسليم دعوات القمة؛ وهم: وزير الخارجية فؤاد حسين، ووزير الداخلية عبد الأمير الشمري، ووزير التخطيط محمد تميم.

وكان رئيس الحكومة العراقية قد أكد في وقت سابق، أن بلاده «تعمل على إنجاح القمة لبحث قضايا المنطقة المهمة والحساسة، وإيجاد آليات مشتركة بما يتناسب مع دور بغداد الاستراتيجي في المنطقة».

اجتماع المندوبين الدائمين بالجامعة العربية الثلاثاء في القاهرة (الجامعة العربية)
اجتماع المندوبين الدائمين بالجامعة العربية الثلاثاء في القاهرة (الجامعة العربية)

وفي سياق متصل، استضاف مقر جامعة الدول العربية بالقاهرة، الثلاثاء، فعاليات الدورة الـ163 لمجلس الجامعة على مستوى المندوبين الدائمين، لمناقشة المستجدات على الساحة العربية، تمهيداً لاجتماع وزراء الخارجية العرب بالقاهرة، الأربعاء.

وتسلَّم الأردن من اليمن رئاسة الدورة الحالية لمجلس الجامعة، وقال مندوب الأردن لدى جامعة الدول العربية السفير أمجد العضايلة، في كلمته خلال الاجتماع، إن «الأمة العربية تقف في مرحلة صعبة، ومحطة ربما تكون من أخطر وأدق ما واجهته منذ عقود»؛ مشيراً إلى أنه «على الرغم من خطورة هذه التحديات بقيت القضية الفلسطينية، ولا تزال، جوهر الصراع الذي تتغذى عليه كل الأزمات».

وأكد أن الجامعة «ستعمل بكل جهد مع مختلف الأطراف لتكثيف العمل الدبلوماسي الفاعل، وتعزيز صوت الحق الداعي لوقف الحرب الغاشمة، والبدء في إعادة الإعمار، في إطار الخطَّة العربية الإسلامية التي أطلقتها مصر بالتنسيق مع دولة فلسطين»، وذلك تزامناً مع «إطلاق أفق سياسي لمفاوضات جادة هدفها التوصُّل لحل سياسي شامل وعادل للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين».

وكانت المسألة السورية محور نقاش بين المندوبين الدائمين للجامعة العربية، وسط تأكيد على أهمية الحفاظ على وحدة وسيادة سوريا، والدعوة إلى «تبنِّي مقاربة بشأن الوضع في سوريا»، حسب مصادر دبلوماسية عربية.