معارك «سوريا الديمقراطية» و«داعش» تحتدم في ريف الرقة وتدفع المدنيين للنزوح

مجلس منبج يتقدم بريف حلب الشمالي.. والأكراد يصنّفون الأتراك «قوة احتلال»

معارك «سوريا الديمقراطية» و«داعش» تحتدم في ريف الرقة وتدفع المدنيين للنزوح
TT

معارك «سوريا الديمقراطية» و«داعش» تحتدم في ريف الرقة وتدفع المدنيين للنزوح

معارك «سوريا الديمقراطية» و«داعش» تحتدم في ريف الرقة وتدفع المدنيين للنزوح

بدأت معركة الرقة ترخي ثقلها على المدنيين، الذين نزح المئات منهم جراء الاشتباكات العنيفة والقصف المتبادل بين قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من التحالف الدولي من جهة، وتنظيم داعش في جهة أخرى، وعلى الجانب الآخر من الرقة، خاض مجلس منبج العسكري، مواجهات عنيفة مع التنظيم، وتمكّن من السيطرة على مواقع في بلدة العريمة في ريف حلب الشمالي الشرقي، وقد لوّح الأكراد بأن المناطق التي يحررونها ستبقى تحت سيطرتهم، وأن أي تقدم للأتراك سيتعاملون معها كـ«قوة احتلال».
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن «معارك عنيفة دارت في منطقتي الكالطة وخنيز الواقعتين بريف الرقة الشمالي، بين عناصر (داعش) وقوات سوريا الديمقراطية المدعومة بطائرات التحالف الدولي». وأشار إلى أن التحالف الدولي «يحاول التقدم في المنطقة وتحقيق مزيد من التوسع والسيطرة، بعدما نجح منذ السادس من الشهر الحالي، في التقدم والسيطرة على 48 مزرعة وقرية وموقعا في ريفي الرقة الشمالي وعين عيسى الجنوبي الشرقي».
ولا يخفي قيادي عسكري في قوات «درع الفرات»، أن «اليد الطولى في معركة ريف الرقة هي الآن لـ(قسد)، (قوات سوريا الديمقراطية)، بدعم من التحالف الدولي، لكن الجميع بمن فيهم الأميركيون يعرفون أن معركة الرقة لم تبدأ ولن تكون نزهة»، مؤكدًا أن «الأتراك» وقوات «درع الفرات»، يراقبون عن بعد ما يجري في الريف الشمالي، لكن في نهاية المطاف لن تحرر الرقة إلا بواسطة «درع الفرات»، إلا إذا حاول التحالف الدولي اعتماد سياسة الأرض المحروقة.
وتترافق الاشتباكات في ريف الرقة الشمالي، مع ضربات صاروخية ومدفعية متبادلة بين القوات الكردية و«داعش»، حيث قصفت طائرات التحالف الدولي مواقع للتنظيم في مناطق سيطرته، وأدى هذا التصعيد إلى نزوح مئات المواطنين من القرى القريبة من العمليات العسكرية نحو مناطق بعيدة عن الاشتباك والقصف.
ويتخوّف أبناء الرقة من نتائج معركة تحرير المدينة وريفها، برأي القيادي العسكري في «درع الفرات» الذي قال إن «أهالي الرقة يرفضون دخول الأكراد إلى مدينتهم، وهم يتطلعون إلى دور المعارضة السورية المعتدلة في عملية التحرير، ليعود الذين هجّروا إلى بيوتهم»، ونبّه إلى أن المعركة «ستكون طاحنة»، مذكرًا بأن الرقة «تعدّ المعقل الأخير لتنظيم داعش وسيقاتل قتال حياة أو موت، لذلك ستكون المعركة شرسة للغاية»، موضحًا أن الأتراك «غضوا النظر عن الاشتباكات التي تدور في ريف الرقة، والتي يظهر فيها التعثّر، وبالتالي سيضطر الأميركيون للعودة إلى حلفائهم الأتراك للتنسيق معهم في تحرير الرقة».
إلى ذلك، سيطر مجلس منبج العسكري المنضوي تحت قوات سوريا الديمقراطية، على أجزاء من بلدة العريمة الخاضعة لسيطرة «داعش» بالريف الغربي لمدينة منبج في ريف حلب الشمالي الشرقي. وأعلنت وكالة الأنباء الألمانية أن «معارك عنيفة اندلعت بين مقاتلي مجلس منبج العسكري من جهة، وتنظيم داعش، في بلدة العريمة». وقالت إن مقاتلي المجلس «يحاولون إحراز تقدم والسيطرة على هذه البلدة الاستراتيجية التي توسع نطاق سيطرتهم في ريف منبج، بعد أن تمكنوا من اقتحام أطراف البلدة والسيطرة على أجزاء منها».
في هذا الوقت أكد مدير «المركز الكردي للدراسات»، نواف خليل، أن «قوات سوريا الديمقراطية التي حررت خلال عام واحد 20 ألف كيلومتر مربّع بمساعدة القوات الأميركية، مستمرة في عملها العسكري». وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «مشروعنا الأساسي والاستراتيجي، هو تحرير كل المناطق التي يحتلها (داعش)، وتقديم الدعم العسكري والتدريب لأبناء المناطق التي يجري تحريرها، ليكونوا قادرين على حماية أنفسهم»، مؤكدًا أنه «لا توجد منطقة يمكن أن تخرج قوات سوريا الديمقراطية منها بعد تحريرها، إلا إذا كانت لديها القدرة على حماية ذاتها، وكما قالت القائدة في مجلس منبج العسكري سوزدار ديريك وهي تغادر منبج: عندما تحتاجوننا سنكون قربكم فورًا».
ويبدو واضحًا أن الأحزاب الكردية تتحسب للتهديدات التركية، التي حددت منبج وجهتها بعد تحرير مدينة الباب، فأعلن خليل، وهو المتحدث السابق باسم الحزب الديمقراطي الكردي، أن «قادة مجلس منبج العسكري قالوا صراحة إذا لم نتمكن من الدفاع عن منبج في مواجهة أي هجوم عسكري، فسنطلب العون من إخوتنا في وحدات حماية الشعب». وأضاف: «كل المجالس العسكرية في منبج وجرابلس والباب، يعتبرون تركيا قوة احتلال، ومن معها (قوات درع الفرات) مرتزقة، وسيتم مقاومة أي تقدم باتجاه المناطق التي حررتها قوات سوريا الديمقراطية، ولن نخرج منها تحت أي ظرف». ولفت خليل إلى أنه «رغم القصف التركي على الباب، فإن القوات الأميركية لم تقدم أي دعم للأتراك، في حين سلمت قوات سوريا الديمقراطية أسلحة متطورة جدًا، وهذا يشكل مبعث قلق للأتراك وأتباعهم».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.