باريس تدعو لاجتماع النواة الصلبة الداعمة للمعارضة السورية في 6 ديسمبر المقبل

وزير الخارجية الفرنسي: استراتيجية الحرب الشاملة ستفضي إلى تقسيم سوريا

رجل من أحد احياء حلب المحاصرة يجتاز الدمار من حوله على دراجته مع ابنته الصغيرة، امس (رويترز)
رجل من أحد احياء حلب المحاصرة يجتاز الدمار من حوله على دراجته مع ابنته الصغيرة، امس (رويترز)
TT

باريس تدعو لاجتماع النواة الصلبة الداعمة للمعارضة السورية في 6 ديسمبر المقبل

رجل من أحد احياء حلب المحاصرة يجتاز الدمار من حوله على دراجته مع ابنته الصغيرة، امس (رويترز)
رجل من أحد احياء حلب المحاصرة يجتاز الدمار من حوله على دراجته مع ابنته الصغيرة، امس (رويترز)

«لا نريد أن نزيح أنظارنا عما يحصل في سوريا وخصوصًا في حلب، حيث مجازر، ولا نريد أن نخنع أو نقبل الأمر الواقع». بهذه الكلمات شرح وزير الخارجية الفرنسي، أمس، في لقاء صحافي ضيق، الأسباب التي تدفعه للدعوة إلى اجتماع وزاري في العاصمة الفرنسية للبلدان العشرة التي تشكل «النواة الصلبة» الداعمة للمعارضة السورية. وتضم هذه النواة، إلى جانب فرنسا، الولايات المتحدة الأميركية، وبريطانيا، وألمانيا، وإيطاليا، والمملكة العربية السعودية، وتركيا، وقطر، والإمارات، والأردن.
وبحسب ما أعلنه الوزير الفرنسي عقب اجتماع في قصر الإليزيه وكرره في اللقاء المشار إليه، فإن اجتماع وزراء خارجية الدول العشر سيعقد في باريس «في الأيام القليلة المقبلة». وقالت مصادر دبلوماسية رفيعة لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن الاجتماع سيلتئم في السادس من الشهر المقبل، وأن الوزير الأميركي جون كيري «وعد بالحضور»، وكذلك غالبية الوزراء الذين تم الاتصال بهم.
يرى أيرولت أن ما يحصل في حلب ومناطق أخرى من سوريا «أمر رهيب بشكل مطلق»، وأن النظام السوري وداعميه «أطلقوا استراتيجية الحرب الشاملة» التي تعني عمليًا السعي للسيطرة على ما يسمى «سوريا المفيدة»، وهذا ما سيفضي إلى «تقسيم سوريا». ولذا، فإن باريس تسعى، من خلال الدعوة إلى الاجتماع الوزاري، ولكن أيضًا من خلال «مبادرات أخرى» إلى «تخفيف آلام الشعب السوري» بالدرجة الأولى، عن طريق العمل على وقف القصف واستهداف المدنيين، وأيضًا إعادة «إحياء» مبدأ الانتقال السياسي الذي نص عليه بداية «إعلان جنيف» لصيف عام 2012، وقرارات مجلس الأمن، و«التأكيد من جديد» على هذا المبدأ. ويأسف أيرولت أن «بعضهم» الذي لم يسمه «أخذ يتقبل مشروع سوريا المفيدة تحت سيطرة الأسد والروس والإيرانيين»، وإلى جانبها منطقة تكون خاضعة لـ«داعش»، الأمر الذي يفضي إلى «تقسيم سوريا»، الذي «لن يأتي بحل للأزمة السورية ولا لموضوع الإرهاب».
إزاء هذا الواقع، أعلن أيرولت أن باريس «تأخذ زمام المبادرة لمواجهة استراتيجية الحرب الشاملة التي يتبعها النظام وحلفاؤه، الذين يستفيدون من حالة عدم اليقين في الولايات المتحدة». وستترجم المساعي الفرنسية، إلى جانب اجتماع باريس المرتقب، بإعادة السعي لاستصدار قرار من مجلس الأمن الدولي يدين استخدام النظام وكذلك «داعش» للسلاح الكيماوي، وفق ما ورد في التقرير الأخير للجنة المشتركة المشكلة من الأمم المتحدة ومن منظمة حظر استخدام السلاح الكيماوي التي مدد لها عاما آخر. وبحسب مصدر فرنسي مطلع، فإن باريس «انتظرت» تجديد انتداب اللجنة المشتركة من أجل إعادة طرح مشروع القرار في مجلس الأمن الذي ستعمل عليه مع بريطانيا والولايات المتحدة وإسبانيا، والذي تريده تحت الفصل السابع ومتضمنا إدانة قاسية وعقوبات على الجهات الضالعة في استخدام السلاح الكيماوي. وبحسب هذا المصدر، فإن باريس «تتوقع» أن تلجأ موسكو لحماية النظام السوري من خلال استخدام حق النقض «الفيتو»، كما فعلت في مواجهة مشروع القرار الذي قدمته باريس الشهر الماضي إلى مجلس الأمن. لكن ذلك سيكون بمثابة «ورقة ضاغطة» على موسكو التي تعتبر فرنسا أنها تمتلك «مفتاح» الوضع في سوريا، وهي الجهة القادرة على التأثير في النظام، كما أن المطلوب منها أن «تغير» مقاربتها للحرب في سوريا.
روى الوزير أيرولت ما جرى في لقاء جمعه مع نظيره الروسي سيرغي لافروف. وقال الوزير الفرنسي إنه لفت نظره إلى أن «حجة» محاربة الإرهاب لا تكفي لتبرير القصف الأعمى الذي يستهدف المدنيين، وأنه لا يمكن اعتبار كل من يعارض نظام الأسد «إرهابيًا»، منبهًا إياه إلى أن هذه السياسة «ستدفع المسلمين في بلدكم إلى التطرف، وإلى الانضمام إلى داعش». وكان رد لافروف أن موسكو «تفضل القضاء على هؤلاء في سوريا وليس على أراضيها».
يعترف الوزير الفرنسي بأن «الوضع صعب»، وأن المرحلة الحالية «معقدة» بسبب عملية الانتقال من إدارة إلى إدارة في الولايات المتحدة. وفي أي حال، فإن وصول الرئيس المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض يثير مخاوف فرنسية لجهة السياسة التي سيتبعها إزاء موسكو وإزاء الأسد. ويؤكد الوزير الفرنسي أن بلاده «تريد توضيحات» من الإدارة المقبلة إن بشأن روسيا أو سوريا والملف النووي الإيراني أو أوكرانيا، ومجموعة أخرى من المسائل التي لها تأثير واضح في السياسة الدولية. بيد أن أيرولت يرى أنه «لا يتعين الاكتفاء بالانتظار ومراقبة الوضع عن بعد»، بسبب ما يجري في واشنطن، أو بسبب الحملة الرئاسية في فرنسا، بل يجب التحرك لأن ما يحصل ميدانيًا لا يمكن السكوت عليه أو القبول به. واستفاد الوزير الفرنسي من المناسبة لينتقد بشدة المرشح الرئاسي اليميني فرنسوا فيون، الذي يدعو للتعاون والحوار مع موسكو والانفتاح على الأسد؛ بحجة أنه يحمي المسيحيين والعلويين ويحارب الإرهاب.
لا يخفى على باريس أن هامش المناورة الذي تتمتع به ضيق للغاية، وأن مرحلة «الفراغ» الأميركي لا تساعد على التحرك لجهة ممارسة ضغوط حقيقية على واشنطن لتلتزم موقفا أقوى إزاء موسكو. ورغم ذلك، فإن باريس «تسلك الطرق المتاحة»، بما فيها الجمعية العامة للأمم المتحدة وتعبئة دول الاتحاد الأوروبي من أجل تحرك جماعي. لكن مراقبين في العاصمة الفرنسية يعتبرون أن جهود باريس التي يجب أن تشكر عليها، «ليس لها تأثير في أداء موسكو ولا على ما يقوم به النظام»، لأن كليهما «يريدان الاستفادة من المجال المفتوح أمامهما لإحداث تغيير نوعي ميداني وفرض الحل الذي يريانه» في سوريا. في كتاب صدر له حديثًا، يروي لوران فابويس، وزير الخارجية السابق الذي ترك منصبه بداية العام الحالي، تجربته مع كيري ولافروف بشأن الحرب في سوريا. والخلاصة التي يصل إليها هي تحميل الرئيس أوباما قسطًا كبيرًا من المسؤولية في ما آل إليه الوضع في سوريا، متهمًا إياه بتغطية «الانسحاب الأميركي» الحقيقي والفراغ الذي يسببه باستخدام السقف العالي للخطاب، وتوزيع الاتهامات على روسيا وإيران والنظام.
كان رئيس أميركي سابق يردد، إبّان الحرب الباردة، أنه «من الممكن استخدام لغة هادئة شرط التسلح بهراوة غليظة» من أجل الإقناع. لكن يبدو أن أوباما قلب هذه المعادلة بحيث أصبحت: «ارفع الصوت ولكن حذار من اللجوء إلى القوة». ونتيجة هذه المقاربة واضحة ولا تحتاج لشرح مطول.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».