فرار مدنيين مع اقتراب {الحشد الشعبي} من تلعفر غرب الموصل

نائب رئيس مجلس محافظة نينوى: طلبنا من السلطات الكردية أن تفتح معبرا آمنا للمدنيين

عراقي مع حفيده في مخيم برطلة للنازحين شرق الموصل وقد تجاوز عدد النازحين من المدينة 68 الفا وفق الأمم المتحدة منذ بدء المعارك بين القوات العراقية وتنظيم «داعش» (أ.ف.ب)
عراقي مع حفيده في مخيم برطلة للنازحين شرق الموصل وقد تجاوز عدد النازحين من المدينة 68 الفا وفق الأمم المتحدة منذ بدء المعارك بين القوات العراقية وتنظيم «داعش» (أ.ف.ب)
TT

فرار مدنيين مع اقتراب {الحشد الشعبي} من تلعفر غرب الموصل

عراقي مع حفيده في مخيم برطلة للنازحين شرق الموصل وقد تجاوز عدد النازحين من المدينة 68 الفا وفق الأمم المتحدة منذ بدء المعارك بين القوات العراقية وتنظيم «داعش» (أ.ف.ب)
عراقي مع حفيده في مخيم برطلة للنازحين شرق الموصل وقد تجاوز عدد النازحين من المدينة 68 الفا وفق الأمم المتحدة منذ بدء المعارك بين القوات العراقية وتنظيم «داعش» (أ.ف.ب)

فر عشرات الآلاف من المدنيين العراقيين من تلعفر مع اقتراب مقاتلين شيعة من البلدة التي يسيطر عليها «داعش» الواقعة على الطريق بين الموصل والرقة المدينتين الرئيسيتين اللتين أعلن فيهما التنظيم في العراق وسوريا.
وقال مسؤولون محليون، أمس: إن الفرار الجماعي من تلعفر الواقعة على بعد 60 كيلومترا غربي الموصل يثير قلق منظمات الإغاثة الإنسانية؛ إذ إن بعض المدنيين الفارين يتوجهون إلى مناطق أبعد واقعة تحت سيطرة «داعش»؛ مما يجعل من الصعب وصول المساعدات إليهم.
من جانبها، تحاول وحدات من ميليشيا «الحشد الشعبي»، وهي تحالف من مقاتلين معظمهم تلقى تدريبا ودعما من إيران، تطويق تلعفر التي تقطنها أغلبية تركمانية ضمن الهجوم الدائر لاستعادة الموصل آخر مدينة كبيرة تعد معقلا لتنظيم داعش في العراق.
في هذا الصدد، نقلت وكالة «رويترز» عن نائب رئيس مجلس محافظة نينوى عن تلعفر والمتمركز الآن في العاصمة الكردية أربيل نور الدين قبلان قوله إن نحو ثلاثة آلاف أسرة فرت من تلعفر، وتوجه نصفها تقريبا صوب الجنوب الغربي في اتجاه سوريا والنصف الآخر تحرك شمالا إلى أراض واقعة تحت سيطرة الأكراد، مضيفا أن «طلبنا من السلطات الكردية أن تفتح معبرا آمنا للمدنيين».
وأضاف، أن عناصر «داعش» بدأت مساء الأحد السماح للناس بالمغادرة بعد أن أطلق قذائف مورتر على مواقع وحدات «الحشد الشعبي» في المطار جنوبي المدينة، وردت قوات «الحشد الشعبي».
وبدأ الهجوم في 17 أكتوبر (تشرين الأول) بدعم جوي وبري من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة. وهذا الهجوم هو الأكثر تعقيدا في العراق منذ غزو العراق بقيادة الولايات المتحدة في عام 2003 الذي أطاح بالنظام العراقي السابق.
والفارون من تلعفر من السنة الذين يمثلون أغلب السكان في محافظة نينوى. وكان في البلدة أيضا شيعة فروا في عام 2014 عندما اجتاح تنظيم داعش المنطقة.
من جهة ثانية، تشعر تركيا بالقلق من أن توسع إيران نفوذها عبر جماعات تنشط بالوكالة في المنطقة القريبة من الحدود التركية السورية، حيث تدعم أنقرة مقاتلين معارضين لبشار الأسد المدعوم من روسيا وإيران. وكانت تركيا هددت بالتدخل لمنع حدوث أعمال قتل انتقامية في حال اجتياح قوات «الحشد الشعبي» البلدة، مستشهدة بعلاقاتها الوثيقة مع السكان التركمان في تلعفر.
وقال قبلان: إن «الناس تهرب بسبب تقدم الحشد. هناك مخاوف كبيرة بين المدنيين».
وبحسب تقديرات الأمم المتحدة، تم تسجيل أكثر من 68 ألفا على أنهم نازحون بسبب القتال بعد أن تركوا قراهم وبلداتهم المحيطة بالموصل وانتقلوا إلى مناطق تسيطر عليها الحكومة.
ولا يتضمن هذا العدد آلاف الأشخاص المحاصرين في تلك القرى والمجبرين على مرافقة مقاتلي تنظيم داعش لاستغلالهم دروعا بشرية. كما لا يضم العدد 3000 عائلة فرت من تلعفر. وقال سكان وجماعات حقوقية: إنه في بعض الحالات تم فصل الرجال الذين هم في عمر يسمح لهم بالقتال عن تلك المجموعات من الناس ثم قتلوا دون محاكمة.
وفي وقت سابق من الشهر الحالي علقت جثث 20 شخصا قتلهم التنظيم في أنحاء متفرقة من المدينة، صُلب خمسة منهم في تقاطع طرق في تحذير عام للسكان من أي تعاون مع الجيش العراقي. وقال سائق سيارة أجرة إنه شاهد مجموعة من النساء ينتحبن تحت علامة مرورية، حيث صُلب شاب قبل أن يقطعن الحبل لإنزاله ووضعه في سيارة والانطلاق به. وكانت إحداهن تبكي قائلة: «ابني ابني».
بدوره، حاول رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي تهدئة المخاوف من وقوع أعمال قتل عرقية وطائفية في تلعفر قائلا: إن أي قوة ترسل لاستعادة البلدة ستعكس التنوع في المدينة.
وقال قائد كبير في ميليشيا «الحشد الشعبي» أمس إن القوات الشيعية وصلت إلى قوات البشمركة غربي الموصل في خطوة قال: إنها تطوق تماما الموصل وتلعفر. وأفاد أبو مهدي المهندس بأن قواته وصلت إلى نقطة التقاء انتشرت فيها قوات كردية في سنجار قرب سوريا وإلى الغرب من الموصل وتلعفر.
وفي تصريحات بثت على الموقع الإلكتروني لـ«الحشد الشعبي» قال المهندس: إن «تنظيم داعش لا يزال يسيطر على الطريق بين الموصل وتلعفر»، ولمح إلى أن قواته ستحاول الفصل بين المدينتين.
وتحاصر القوات العراقية وقوات البشمركة الموصل من جهات الشمال والجنوب والشرق. واقتحمت وحدة مكافحة الإرهاب العراقية، التي تلقت تدريبا على أيدي خبراء أميركيين، دفاعات تنظيم داعش في شرق الموصل بنهاية أكتوبر، وتقاتل لتمديد موطئ قدم كسبته هناك.
ويقدر الجيش العراقي عدد المسلحين في الموصل بين 5000 و6000 شخص يواجهون تحالفا قوامه مائة ألف مقاتل مؤلفا من وحدات الحكومة العراقية ومقاتلي البشمركة وفصائل شيعية مسلحة. وينظر إلى استعادة الموصل بصفته أمرا حاسما في تفكيك تنظيم داعش. وقال زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي الذي يعتقد أنه انسحب إلى منطقة نائية قرب الحدود السورية لأنصاره المقاتلين إنه لا مجال للانسحاب.
لكن الوكالة نقلت عن شهود عيان في الموصل أن الضربات الجوية كثفت على الجزء الغربي من المدينة التي يقسمها نهر دجلة مارا عبر وسطها، وأضاف التقرير أن «الضربات استهدفت منطقة صناعية يعتقد بأن تنظيم داعش يصنع فيها الشراك ومنها السيارات الملغومة».
وينتشر المسلحون بين أكثر من مليون مدني في خطة دفاعية تهدف إلى إعاقة الضربات الجوية. وهم يتحركون في المدينة عبر أنفاق ويقودون سيارات ملغومة في مواجهة القوات التي تتقدم صوب المدينة، كما يستهدفون القوات برصاص القناصة وقذائف مورتر.
ولم تصدر السلطات العراقية تقديرا إجماليا لعدد القتلى والجرحى، لكن الأمم المتحدة حذرت السبت من أن العدد المتصاعد للمصابين المدنيين والعسكريين يفوق قدرة الحكومة وجماعات المساعدات الدولية على تقديم الرعاية لهم.
على صعيد آخر، أفاد ضابط في الشرطة العراقية أمس بأن تنظيم داعش شن هجوما واسعا على منطقة التبادل التجاري؛ ما أدى إلى مقتل خمسة مع قوات حرس نينوى واختطاف 13 آخرين شمالي مدينة الموصل 400 كيلومتر شمالي بغداد.
وقال العميد محمد الجبوري، من قيادة شرطة نينوى: إن عناصر «داعش» شنت هجوما عنيفا الليلة الماضية بعجلات عسكرية مفخخة تبعه اشتباكات مسلحة مع قوات حرس نينوى التي تمسك الأرض بعد تحرير منطقة ساحة التبادل التجاري شمالي الموصل في 28 من الشهر الماضي؛ ما أسفر عن مقتل خمسة من قوات الحرس الوطني.
وأشار الجبوري في تصريح لوكالة الصحافة الألمانية إلى أن عناصر «داعش» اختطفت أيضا 13 من قوات حرس نينوى، بينهم ضباط برتب مختلفة.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.