لواء جبلي يحطم أوهام الحوثيين بالسيطرة على قطاع الخوبة

أسقط أمس أكثر من 20 حوثيًا في ضربة دفاعية

خلية متابعة دفاعية عن حدود المملكة على جبل الرميح (تصوير: علي العريفي)
خلية متابعة دفاعية عن حدود المملكة على جبل الرميح (تصوير: علي العريفي)
TT

لواء جبلي يحطم أوهام الحوثيين بالسيطرة على قطاع الخوبة

خلية متابعة دفاعية عن حدود المملكة على جبل الرميح (تصوير: علي العريفي)
خلية متابعة دفاعية عن حدود المملكة على جبل الرميح (تصوير: علي العريفي)

نحو الخوبة، المدينة الأكثر تعرضا للاختراقات الحوثية، في الجنوب الشرقي من منطقة جازان التي تعيش حياة طبيعية، عدا مواقع الخطوط الأمامية التي تتصدى لكل المحاولات للتسلل أو الاعتداء على الحدود الجنوبية للسعودية، حيث تبرز الخوبة كأصعب المواقع الجغرافية، التي تحمل طبيعتها كثيرا من التباينات في المواقع الطبيعية، سهلا وجبلا.
إلى المدينة التي تشرف على تأمينها وحمايتها قوات سعودية جبلية الإعداد في القيام بالمهام العسكرية، لواء مكتمل التدريب والإعداد، مواقعه تمثل أهمية قصوى، بسبب طبيعة المكان، وتماسه المباشر مع حدود الجمهورية اليمنية، حيث مباشرة مدينة الملاحيط اليمنية التي يتمركز بها الحوثيون في محافظة صعدة معقلهم الرئيسي، فكانت مقرا للنشاط التجاري المشبوه الذي حاول تصدير كثير من المتسللين نحو مدينة الخوبة التي تمثل لهم كنزا كبيرا، بسبب ارتباطات الموقع والمكانة التي تمتاز بها، لكن كل ذلك تحطم تدريجيا وأفقد قوة أخرى كان الحوثيون يأملون في تعزيزها، منذ بدء حرب صد الحوثيين الأولى عام 2009، وتجددت مع بدء عاصفة الحزم منذ ما يزيد على العام ونصف العام.
من مقر اللواء الضابط لإيقاع الحدود، يجري التنسيق مع قطاعات وزارة الدفاع الأخرى، نحو مدخل مركز العمليات، الاتصالات من الصباح الباكر، بمحاولات حوثية بالقرب من الحدود، ساهم ذلك في تأخير مرحلة الاتجاه نحو المواقع المتقدمة.
أقل من الساعة، وتأتي تحديثات المواقع، بسقوط 20 قتيلا من الجانب الحوثي وتدمير آلياتهم بالقرب من الحدود، وهي منطقة تكاثر سقوط المعتدين فيها محاولين التعدي أو زرع الألغام داخلها، داخل مركز العمليات، يتحدث المقدم الركن، عبد العزيز المطيري، تارة على تساؤلات «الشرق الأوسط» وتارة على اتصالات المواقع المتقدمة بتحديث المعلومات وتوجيه جنوده.
المقدم المطيري، يوجز مهام كتيبته الكبيرة ضمن اللواء، أنها مهام عسكرية بحتة تقوم على حماية الحدود ومقدساتها، ومهام أمنية معلوماتية بحتة، تدفع بالكثير من القوة نحو مواقع أخرى، لتحطيم مخططات ميليشيا الانقلابيين.
يضيف المطيري، ومعه أحد ضباطه المساعدين، عن الاختراقات الحوثية على نطاق موقع الخوبة، أنه منذ ما يقرب العامين على بدء عاصفة الحزم، تناقصت الاعتداءات، ومحاولات التسلل، مشيرا إلى أن «المعتدين يخسرون كل يوم معدات وأفراد وعملياته العسكرية في تراجع مستمر، نظرا للجهد الكبير الذي تقوم به القوات المسلحة في قطاع جازان وبقية القطاعات الأخرى»، ولا يوجد أي تقدم لعناصر العدو، ولا توجد إمكانية له لتطوير إمكانياته نظرا للحصار المفروض عليه، وقدرة القوات على المواجهة.
الخوبة اسم حاضر في تعرضها المستمر للقصف العشوائي، الذي يجابه بطائرات التحالف العربي، والتطور التقني الدفاعي، الذي أسقط مئات الحوثيين على جنبات الحدود السعودية، يؤكد المقدم المطيري، أن وقوع الخوبة على الحدود هو ما جعل العدو حريصا على احتلالها، فهي تعتبر استراتيجية، وهو إلى الآن عاجز عن الوصول إليها، بفضل القوة الدفاعية السعودية.
بعد هدوء نسبي في العمليات الهجومية الحوثية على أطراف الحدود السعودية، كان الانتقال نحو أحد المراكز المتقدمة على الحدود، في مسار الطريق، يتضح أن الوضع طبيعي، الحياة مستمرة في كل مناحي الحياة، ولا يوجد لدى المدنيين في القرى أو المدن أي إشكالية، بالتعاون بين أبناء المدن والعسكريين، وهو أمر تمتدحه القيادات العسكرية خلال حديثها.
مركز تجاوزته رحلة صعبة التضاريس والوقت، نحو المنطقة الحمراء، وأودية عميقة الوصول، منها وادي «ليَه» المنحدرة روافده من جبال اليمن، وبعد دخوله الأراضي السعودية يفصل بين جبلي جحفان والرميح، وهما من الجبال ذات التمركز العالي من قبل العسكريين، وتقع عليه داخل الأراضي السعودية مجموعة من البلدات.
منطقة يفصلها السياج الأمني الذي تم إنجازه قبل أربعة أعوام للحد من عمليات التسلل من قبل عناصر ميليشيا الحوثي، تنتشر على جنبات الطريق داخل النطاق الأحمر مراكز مراقبة تابعة لحرس الحدود، على أعالي الجبال السعودية، مواقع سيطرة ومراقبة تابعة للقوات البرية الملكية.
يشير المقدم المطيري، إلى المواقع ذات الحساسية العالية، وجميعها تحت إشراف القوات السعودية ضمن نطاق حدود البلاد، مشتتا كثيرا من الادعاءات الحوثية التي تنقل صورا غير صحيحة عبر إعلامها بالسيطرة على جبال سعودية، تنتصب عليها القوات المسلحة للمراقبة والتدخل السريع إن لزم الأمر حال التعدي، مدعومين بكثير من الأجهزة المتطورة، وأجهزة الرؤية الليلية، والاستشعار عن بعد، والمئات من الجنود الذين يجوبون المناطق الحدودية على مدار الساعة، بإسناد تموين وأسلحة ووسائل أخرى.
امتلاك القوة المتنامي، وروح تجلت في أعين وحضور العسكريين، أبرزت أشياء من التحقيق المكاني والزماني لزمام القوة على الحدود التي أضعفت كيان الحوثي والرئيس المخلوع صالح، معززة بالقدرات القتالية في الحروب المتنوعة، والقيام بعمليات استطلاع والحد من التسلل الهجومي وتطهير المباني من الأعداء.
نجاحات الدفاع والأمن في قطاع الخوبة، تعززان لدى المجتمع المحلي نجاح أدوارها في الحفاظ على أمن البلاد الوطني، والإقليمي، بضمان القضاء على كل ما يهدد أمنها واستقرارها، مع صعود الإنجاز وفق خطط القيادات العسكرية، مما شكل أمام الميليشيا صعوبات عدة، لم تكن أمامها على الحدود السعودية سوى رمي قذائف الكاتيوشا بشكل عشوائي تجاه بعض المواقع.



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.