الجيش اليمني يفشل تقدم الميليشيات شرق تعز وغربها.. ويتقدم صوب «التشريفات»

غارات التحالف تكبد الانقلابيين خسائر فادحة في ميدي

مقاتلون من قوات الجيش اليمني يستقلون عربة في طريقها إلى جبهة قتال في تعز أمس (رويترز)
مقاتلون من قوات الجيش اليمني يستقلون عربة في طريقها إلى جبهة قتال في تعز أمس (رويترز)
TT

الجيش اليمني يفشل تقدم الميليشيات شرق تعز وغربها.. ويتقدم صوب «التشريفات»

مقاتلون من قوات الجيش اليمني يستقلون عربة في طريقها إلى جبهة قتال في تعز أمس (رويترز)
مقاتلون من قوات الجيش اليمني يستقلون عربة في طريقها إلى جبهة قتال في تعز أمس (رويترز)

سيطرت قوات الجيش اليمني والقوات الموالية لها في محافظة تعز، ثالث كبرى المدن اليمنية جنوب العاصمة صنعاء، وبإسناد من طيران التحالف العربي، الذي تقوده السعودية، على حي الكمب، شرق مدينة تعز، بشكل كامل، إلى جانب عدد من المواقع الأخرى التي كانت خاضعة لسيطرة ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية.
وبينما حققت قوات الجيش تقدمها في الجبهات الشمالية والغربية والشمالية في مدينة تعز، اقتربت القوات من معسكر التشريفات في الحوبان، شرق المدينة، في حين قصفت غارات التحالف العربي مواقع الميليشيات في الستين، ما كبدهم الخسائر المادية والبشرية الكبيرة.
وأفشلت قوات الجيش اليمني في الجبهتين الشرقية والغربية، هجومًا للميليشيات الانقلابية في المكلل والعسكري شرق المدينة، في حين لا تزال تقوم القوات بتثبيت المواقع التي تمت السيطرة عليها وتعزيزها، إضافة إلى عملية تمشيط التبة السوداء، غرب المدينة، وترتيب الجانب الأمني في المناطق التي تحررت مؤخرًا.
وتشهد جبهات حيفان والصلو الريفية، جنوب تعز، مواجهات متقطعة مع القصف المستمر من قبل الميليشيات الانقلابية على القرى ومواقع الجيش اليمني والقوات الموالية لها.
وتصدت قوات الجيش في جبهة الأحكومة هجمات الميليشيات وأجبرتهم على الفرار، بعد تبادل إطلاق النار بين الميليشيات والجيش اليمني. وبحسب مصادر ميدانية في جبهة حيفان لـ«الشرق الأوسط»: «دفعت الميليشيات الانقلابية بتعزيزات عسكرية كبيرة إلى منطقة الخزجة بمديرية حيفان».
وقال القيادي الميداني في القوات الموالية للجيش اليمني، فارس المليكي، لـ«الشرق الأوسط» إن «الوضع الميداني في جبهات تعز يشهد تطورات وتقدمًا لقوات الجيش الوطني والمقاومة على كل الجبهات، وذلك في عامل تصعيد لدحر ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية من المواقع، وتحرير المدينة وفك الحصار عنها».
وأضاف أن «الميليشيات الانقلابية حاولت، أمس، إحداث تسلل وهجوم شنته على مواقعنا في غرب المدينة وجبل هان ومنطقة صالة، في محاولة لاستعادة ما تم تحريره، وتغطية هزائمها التي تجرعتها في مختلف الجبهات، وكان هناك تصدير كبير لهم ودحرهم من قبل القوات وبكل بسالة».
وذكر أنه في الوقت الراهن «تخوض القوات مواجهات على إطلالة معسكر التشريفات في الحوبان، شرق المدينة، وتوسيع نطاق المعارك والمواجهات سيستمر، والمعركة مستمرة حتى تطهير تعز من الميليشيات الانقلابية ودحرهم».
إنسانيًا، أعربت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، عن قلقها البالغ إزاء الوضع في محافظة تعز على إثر القتال المحتدم فيها، وقالت في بيان لها، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه: «تأتي موجة المعاناة التي تسبب فيها القتال الذي نشب مؤخرًا لتفاقم معاناة مستمرة منذ أشهر فرضت خلالها قيود خانقة على جوانب الحياة اليومية للناس، بما في ذلك حريتهم في التنقل والحصول على السلع الأساسية كالغذاء والمياه».
وأضافت أن «المستشفيات الرئيسية في تعز أفادت بأنها استقبلت نحو 200 جريح على مدار الـ72 ساعة الماضية، في حين يعاني الكثير من الجرحى إصابات ناجمة عن انفجارات، واستدعت حالات الكثيرين منهم لبتر أطرافهم».
وفي محافظة حجة، لا تزال المواجهات مستمرة في الوقت الذي سقط العشرات من الميليشيات الانقلابية بين قتيل وجريح في جبهة ميدي.
وبحسب مصادر ميدانية، فإن المعارك لا تزال مستمرة، لليوم السادس، على التوالي في جبهة ميدي، وسط تقدم لقوات الجيش اليمني التي تساندها قوات التحالف العربي.
وقالت المصادر إن طيران التحالف العربي شن غاراته على مواقع وتجمعات ميليشيات الحوثي وصالح، واستهدف عربة تموين تابعة للميليشيات الانقلابية على متنها قيادي في الميليشيات وعدد من مرافقيه، جنوب المدينة، كما استهدف الميليشيات في مثلث عاهم، ودمر طقمين عسكريين محملين بالعناصر المسلحة، ومدفع 23، ومقتل عدد من العناصر الانقلابية في الجهة الجنوبية من مدينة ميدي.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم