«داعش» استخدم الأسلحة الكيماوية 52 مرة على الأقل في العراق وسوريا

منذ صعوده للسلطة في عام 2014 وفقًا لتقديرات مؤسسة بريطانية مستقلة

مقبرة خارج مدينة غازي عنتاب التركية تضم رفات طفلة سورية تبلغ من العمر 4 سنوات ماتت متأثرة بالهجمات الكيماوية (نيويورك تايمز)
مقبرة خارج مدينة غازي عنتاب التركية تضم رفات طفلة سورية تبلغ من العمر 4 سنوات ماتت متأثرة بالهجمات الكيماوية (نيويورك تايمز)
TT

«داعش» استخدم الأسلحة الكيماوية 52 مرة على الأقل في العراق وسوريا

مقبرة خارج مدينة غازي عنتاب التركية تضم رفات طفلة سورية تبلغ من العمر 4 سنوات ماتت متأثرة بالهجمات الكيماوية (نيويورك تايمز)
مقبرة خارج مدينة غازي عنتاب التركية تضم رفات طفلة سورية تبلغ من العمر 4 سنوات ماتت متأثرة بالهجمات الكيماوية (نيويورك تايمز)

استخدم تنظيم داعش الإرهابي الأسلحة الكيماوية، بما في ذلك الكلور والكبريت والخردل، 52 مرة على الأقل في ميدان المعارك في سوريا والعراق منذ ظهوره في عام 2014، وفقا لتقرير مستقل حديث.
ووقع أكثر من ثلث تلك الهجمات الكيماوية في الموصل وضواحيها، وهي معقل التنظيم في شمال العراق، وفقا لمرصد الصراع التابع لمؤسسة «آي إتش إس»، المعنية بجمع المعلومات الاستخبارية والخدمات التحليلية ومقرها في لندن.
وتميز استنتاجات مؤسسة «آي إتش إس»، التي تستند فيها إلى التقارير الإخبارية المحلية، ووسائل التواصل الاجتماعي، ودعاية تنظيم داعش، المجموعة الأوسع من التقارير بشأن الهجمات الكيماوية للتنظيم الإرهابي. ولقد أعرب المسؤولون العسكريون الأميركيون والعراقيون عن تزايد القلق والتحذير بشأن وقوع هجمات كيماوية أخرى مع الضغوط التي تمارسها قوات التحالف لاستعادة الموصل والرقة، عاصمة التنظيم الإرهابي في سوريا.
يقول العقيد جون دوريان، المتحدث العسكري الأميركي في العراق، في رسالة وصلت بالبريد الإلكتروني يوم الاثنين (أول من أمس): «يشعر التحالف بالقلق إزاء استخدام (داعش) للأسلحة الكيماوية. ولقد استخدم التنظيم الإرهابي تلك الأسلحة في العراق ثم في سوريا في الماضي، وإننا نتوقع منه أن يستمر في استخدام هذه الأنواع من الأسلحة في المستقبل».
وقال العقيد دوريان، إن مقدرة التنظيم الإرهابي على استخدام الأسلحة الكيماوية «بدائية»، وإن القوات الأميركية والعراقية وغيرها من قوات التحالف الدولي مجهزة للتعامل مع الآثار الناجمة عن مثل تلك الهجمات الكيماوية، وهي في المعتاد تكون هجمات بالصواريخ، أو قذائف الهاون، أو القذائف المدفعية المليئة بالمواد الكيماوية. والآثار الناجمة عن الذخائر الكيماوية اقتصرت حتى الآن على المناطق التي سقطت عليها.
وكان من المتوقع نشر تقديرات مؤسسة «آي إتش إس» البريطانية في المجال العام أمس الثلاثاء. ولقد حصلت صحيفة «نيويورك تايمز» على نسخة مسبقة من التقديرات وموقع الـ52 هجمة بالأسلحة الكيماوية. ولم يتطرق التحليل إلى الحالات وفق نوع الهجوم الكيماوي.
وفي محاولة للحد من قدرات تنظيم داعش على تصنيع تلك الأسلحة، تمكنت حملة جوية تقودها الولايات المتحدة من قصف المسلحين المعنيين بالإشراف على إنتاج هذه الأسلحة إلى جانب المنشآت التي يجري فيها تصنيع الذخائر الكيماوية. وفي سبتمبر (أيلول)، على سبيل المثال، هاجمت مقاتلات الحلفاء مصنع للأدوية في شمال العراق يعتقد أن التنظيم الإرهابي كان يستخدمه في إنتاج الأسلحة الكيماوية.
ومع تقدم القوات العراقية في مدينة الموصل، يحذر المحللون من أن «داعش» قد يطلق العنان لمزيد من الهجمات الكيماوية مع فقدانه السيطرة على الأراضي. ولقد نجحت القوات العراقية في استعادة السيطرة على ثلث مساحة مدينة الموصل ثاني أكبر المدن العراقية.
يقول كولمب ستراك، كبير المحللين ورئيس مرصد الصراع في مؤسسة «آي إتش إس»: «مع فقدان (داعش) الأراضي حول الموصل، هناك خطر كبير لأن يستخدم التنظيم الأسلحة الكيماوية لإبطاء وتيرة الهجمات وإضعاف معنويات قوات العدو. ولأن يجعل منهم مثالا وينتقم من المعارضين المدنيين داخل المدينة».
ووقع ما لا يقل عن 19 هجوما من أصل 52 هجوما كيماويا في الموصل وضواحيها، وفقا للبيانات الصادرة عن مؤسسة «آي إتش إس»، ولكن التقديرات أشارت إلى انخفاض في عدد الهجمات قبل بدء هجوم القوات العراقية على المدينة.
وأردف السيد ستراك يقول: «كانت الموصل هي مركز إنتاج الأسلحة الكيماوية لدى التنظيم الإرهابي. ولكن تم إخلاء أغلب المعدات والخبراء إلى سوريا في الأسابيع والشهور السابقة على هجوم الموصل، إلى جانب القوافل التي تضم كبار أعضاء التنظيم وعائلاتهم».
وليس تنظيم داعش هو اللاعب الوحيد في الصراع السوري الذي يستخدم الأسلحة الكيماوية، فلقد نفذت الحكومة السورية أيضا عدة هجمات بالأسلحة الكيماوية من قبل.
وذكر في تحقيق مشترك أجرته الأمم المتحدة ومركز دولي لرصد الأسلحة الكيماوية في أغسطس (آب) الماضي، أن المروحيات العسكرية السورية ألقت بقنابل تحتوي على غاز الكلورين على المدنيين في هجمتين على الأقل خلال العامين الماضيين.
وبدءا من العام الماضي، أكد مسؤولون أميركيون الحالات الأولى لاستخدام خردل الكبريت من قبل تنظيم داعش، وهو الغاز المستخدم في الحرب الكيماوية، والعثور على بقايا غاز الخردل في شظايا القذائف المنفجرة والمستخدمة في شن هجمات للتنظيم في سوريا والعراق. وأظهرت الاختبارات المعملية، التي أجريت أيضا على قصاصات من ملابس الضحايا، وجود آثار لنوع متدهور جزئيا من كبريت الخردل المقطر، وهي المادة المحظور استخدامها دوليا وتعمل على حرق جلود الضحايا، وتغلق ممرات التنفس، وتصيب بالعمى.
*خدمة: «نيويورك تايمز»



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).