مخيم «خان الشيح» الفلسطيني على طريق المصالحات بريف دمشق

بات التركيز على حل الخلافات المتعلقة بآلية المغادرة بعد رفض النظام إخراج الأسلحة

أطفال من بلدة دوما بريف دمشق، متوجهون إلى مدارسهم، أمس، عبر مباني هدمها القصف العنيف في الأيام الأخيرة على البلدة التي تسيطر عليها المعارضة (إ.ب.أ)
أطفال من بلدة دوما بريف دمشق، متوجهون إلى مدارسهم، أمس، عبر مباني هدمها القصف العنيف في الأيام الأخيرة على البلدة التي تسيطر عليها المعارضة (إ.ب.أ)
TT

مخيم «خان الشيح» الفلسطيني على طريق المصالحات بريف دمشق

أطفال من بلدة دوما بريف دمشق، متوجهون إلى مدارسهم، أمس، عبر مباني هدمها القصف العنيف في الأيام الأخيرة على البلدة التي تسيطر عليها المعارضة (إ.ب.أ)
أطفال من بلدة دوما بريف دمشق، متوجهون إلى مدارسهم، أمس، عبر مباني هدمها القصف العنيف في الأيام الأخيرة على البلدة التي تسيطر عليها المعارضة (إ.ب.أ)

وصلت المفاوضات في خان الشيح بريف دمشق بين المعارضة والنظام إلى مرحلة مفصلية، من شأنها تحديد مصير الهدنة التي أعيد العمل بها في المخيم الفلسطيني قبل يومين، على أن تستمر اللقاءات بين ممثلي الطرفين لتنفيذ «اتفاق المصالحة» الذي ينص على خروج المقاتلين وعائلاتهم إلى محافظة إدلب على غرار ما حصل في معضمية الشام وداريا، وبالتالي تسليم المنطقة إلى النظام.
ويلفت يوسف شام الناشط في خان الشيح، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنّ المفاوضات مستمرة بين الطرفين منذ يومين، وباتت ترتكز في هذه المرحلة على حل الخلافات العالقة لا سيما تلك المتعلقة بآلية مغادرة المقاتلين بعد رفض النظام خروجهم مع أسلحتهم، وهو الأمر الذي رفضته الفصائل التي يقدّر عدد مقاتليها بأكثر من ألف عنصر.
من جهتها، نقلت «شبكة شام» عن مصادر قولها «إن الخلاف القائم بين لجنة المفاوضات الخاصة بالنظام وقادة الفصائل العسكرية الموجودة داخل مخيم خان الشيح كان على آلية خروج الثوار، وعلى نوعية السلاح المسموح باصطحابه معهم باتجاه الشمال، حيث طلب النظام تسليم أكثر من 600 بندقية ورفض السماح للمقاتلين الذين يودون الخروج من المخيم بنقل أي نوع من السلاح، الأمر الذي أعاق عملية التفاوض، وأودى بها إلى طريق مسدود ليغادر وفد النظام المخيم، أول من أمس، وتمدد الهدنة بعد مغادرته بساعات ليعلن بذلك عن جولة مفاوضات جديدة في الساعات المقبلة».
وأكد مصدر محلي معارض من خان الشيح، لـ«مكتب أخبار سوريا»، أن الطرفين لم يتوصلا إلى اتفاق نهائي بعد، «رغم موافقتهما على خروج من يشاء من المقاتلين وتسليم المنطقة للنظام»، مبينا أن الخلاف يتمثل بطلب النظام تسليم جميع الأسلحة وإصرار المعارضة على الخروج بالسلاح الفردي الخفيف.
ولفت الناشط شام إلى أنها المرة الأولى التي يدخل فيها وفد النظام الذي يضم الإعلامية السورية كنانة حويجة، وعدد من الضباط إلى المخيم، بعدما جرت العادة أن يذهب أعضاء المكتب السياسي للمخيم المؤلف من ثلاثة أشخاص إلى مقر الفرقة الأولى ليفاوضوا النظام باسم الأهالي والفصائل العسكرية، لكن في جولة المفاوضات الأخيرة حضر قياديون من الفصائل وممثلون عن المدنيين، لافتا إلى أن النظام هو من كان قد طلب العودة إلى المفاوضات بعدما كانت قد توقفت قبل فترة، وذلك إثر الهجوم الذي شنّته الفصائل قبل يومين.
وكانت قوات النظام والمجموعات الموالية لها بدأت قبل نحو شهرين حملة عسكرية للتقدم بمحيط خان الشيح، تزامنا مع قصف جوي ومدفعي مكثف على مواقع المعارضة ومتقطع على الأحياء السكنية وأطراف البلدة التي يسكنها لاجئون فلسطينيون منذ عشرات السنين، الذين يبلغ عددهم اليوم نحو 12 ألفا، نحو ثلثهم من الأطفال.
وفي الأسبوعين الأخيرين تمكن النظام من السيطرة على «دير خبية» وقطع طريق «زاكية - خان الشيخ»، بالإضافة إلى عقد مصالحة في المقيلبية، وبحسب نشطاء موجودين في المخيم تم توثيق سقوط أكثر من 150 قتيلا خلال هذا الشهر، لا سيما بعد خروج المسشفى الميداني الوحيد في خان الشيح عن الخدمة.
وفي وقت من المفترض أن تنتهي الهدنة الممدد لها للمرة الثانية 24 ساعة تنتهي مساء اليوم الأربعاء، بعدما كان يفترض أن تنتهي مساء أمس، وبالتالي استمرار الهدوء أو العودة إلى التصعيد العسكري وقصف النظام للمنطقة، يرجّح يوسف شام أن تنتهي المفاوضات بالتوصل إلى اتفاق لخروج المقاتلين الذين رفضوا الخضوع لشروط النظام التي تفرض على من يريدون البقاء في المخيم تسليم أنفسهم وأسلحتهم. ويلفت هنا إلى أن «جبهة فتح الشام» من أبرز الفصائل المعارضة لهذا الاتفاق، وهي كانت قد طلبت خروج عناصرها إلى درعا وليس إدلب، الأمر الذي رفضه النظام ولا يزال يخضع للبحث، متوقعا في الوقت عينه أن أي اتفاق سيتوصل إليه المفاوضون ستضطر كل الفصائل الموجودة في خان الشيح الالتزام به، وأهمها إضافة إلى «فتح الشام» «أحرار الشام» و«أجناد الشام»، وهي تضم مقاتلين من مختلف المناطق بريف دمشق لا سيما من الغوطة الغربية، كما يقاتل أيضا إلى جانبها فصيل فلسطيني هو «سرايا العز».
وبات النظام يلجأ في الفترة الأخيرة إلى ما يطلق عليه تسمية «المصالحات» التي تنتهي إلى خروج مقاتلي المعارضة من المناطق وإخضاعها لسيطرته مقابل وقف القصف، وهو ما حصل مدينة داريا، حيث أجبرت الفصائل على تسليمها والخروج بسلاحها الخفيف إلى مدينة إدلب وريفها برعاية الأمم المتحدة، الأمر الذي حصل أيضا في أحياء حمص القديمة ومدينة قدسيا وبلدة الهامة بريف دمشق الغربي، ويجري التفاوض على اتفاق مشابه في عدة مناطق أبرزها حي الوعر غرب مدينة حمص.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.