إردوغان: بعد محاصرة «درع الفرات» الباب.. الوجهة القادمة منبج

جاويش أوغلو يبحث مع كيري الوضع في حلب

إردوغان: بعد محاصرة «درع الفرات» الباب.. الوجهة القادمة منبج
TT

إردوغان: بعد محاصرة «درع الفرات» الباب.. الوجهة القادمة منبج

إردوغان: بعد محاصرة «درع الفرات» الباب.. الوجهة القادمة منبج

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن قوات الجيش السوري الحر المدعومة من تركيا في إطار عملية درع الفرات، فرضت حصارا من جهة الغرب على مدينة الباب السورية الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش الإرهابي، مجددا التأكيد على اعتزامها التوجه بعد ذلك إلى مدينة منبج التي يوجد بها عناصر من وحدات حماية الشعب الكردية تريد تركيا إبعادهم إلى شرق الفرات.
وشدد إردوغان في كلمة بالعاصمة أنقرة، أمس، على أن وحدات حماية الشعب الكردية يجب أن تغادر منبج تماما، قائلا: «لقد اقتربنا من الباب (في ريف حلب) حاليا وحاصرناها من الغرب أيضا، وهذا لا يكفي، إذ إننا سنمضي من هناك إلى منبج. لماذا؟ ليس لأننا متشوقون لذلك، بل لأن هناك (تنظيمي) الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب الكردية (ذراعه العسكرية)».
ووعدت واشنطن بإخراج نحو مائتين من القوات الكردية موجودين في منبج إلى شرق الفرات، لكنها تقول إنها لم تنفذ وعودها حتى الآن، إما لأنها لا تريد إخراجهم أو لأنها لا تملك تأثيرا عليهم. وقال إردوغان، إنه «لا يحق للحكومات التي لم تستطع بسط سيادتها على أراضي دولها (في إشارة إلى سوريا والعراق)، انتقاد تركيا، خصوصا أنها تتجاهل قيام المنظمات الإرهابية المتمركزة في أراضيها بإيذائنا».
وعلى صعيد عملية درع الفرات، أعلن الجيش التركي في بيان أمس، أن وحدات الجيش استهدفت 93 موقعًا لتنظيم داعش شمال سوريا، ما أدى إلى تدمير مخابئ، ومواقع دفاعية، ومراكز قيادة، وأسلحة وعربات تابعة للتنظيم. وذكر البيان أن مجموعات وحدة المهام الخاصة المشكلة من عناصر المعارضة السورية، واصلت أول من أمس (الاثنين) استعداداتها لمحاصرة مدينة الباب بريف محافظة حلب، من الجهتين الشمالية والغربية.
ولفت البيان إلى أن عنصرًا من المعارضة أصيب، خلال الاشتباكات التي اندلعت مع عناصر التنظيم. لافتا إلى عدم تنفيذ قوات التحالف الدولي ضد «داعش» أي طلعات جوية، في وقت واصلت فيه طائرات بلا طيار تركية أنشطتها في مراقبة المنطقة.
في الوقت نفسه، قالت مصادر دبلوماسية تركية إن وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو بحث مع نظيره الأميركي جون كيري، في اتصال هاتفي ليل الاثنين - الثلاثاء آخر المستجدات الميدانية والسياسية في سوريا عامة ومحافظة حلب على وجه الخصوص.
وأضافت المصادر، أن جاويش أوغلو ناقش مع كيري الغارات التي تتعرض لها المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية في حلب، وكيفية إنهاء معاناة الأهالي المحاصرين في عموم سوريا وشرق محافظة حلب على وجه التحديد. وأوضحت مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط»، أن الاتصال الهاتفي وهو الثاني من نوعه بين جاويش أوغلو وكيري، خلال الفترة الأخيرة، إضافة إلى اتصالات أخرى تجري مع موسكو، تستهدف التوصل إلى موقف مشترك بشأن الوضع في حلب وتخفيف معاناة سكانها المحاصرين.
وبلغت حصيلة ضحايا القصف الجوي والمدفعي للنظام، المدعوم بالطائرات الروسية، على الأحياء الشرقية في حلب الخاضعة لسيطرة المعارضة، خلال آخر 6 أيام، 322 قتيلا من المدنيين، فيما أصيب ألف و150 آخرون بجروح، بحسب مصادر محلية.
وقالت المصادر الدبلوماسية التركية، إن أنقرة لا تزال تحاول مع الأطراف الفاعلة في سوريا وفي مقدمتها واشنطن وموسكو تنفيذ الخطة التي طرحتها في اجتماع لوزان الشهر الماضي لإيجاد حل للأزمة السورية، وأنها لا تريد الانتظار حتى تغيير الإدارة الأميركية في يناير (كانون الثاني) المقبل.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.