هادي يجري تغييرات واسعة في قيادة الجيش اليمني طالت رئاسة الأركان

بن دغر: سندعو السفارات والبعثات الدبلوماسية للعمل من العاصمة المؤقتة عدن

هادي يجري تغييرات واسعة في قيادة الجيش اليمني طالت رئاسة الأركان
TT

هادي يجري تغييرات واسعة في قيادة الجيش اليمني طالت رئاسة الأركان

هادي يجري تغييرات واسعة في قيادة الجيش اليمني طالت رئاسة الأركان

أجرى الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، تغييرات واسعة في قيادة الجيش بالتزامن مع استئناف العمليات العسكرية في كافة جبهات القتال، عقب انتهاء هدنة وقف إطلاق النار. وقضت قرارات جمهورية أصدرها هادي بتعيين اللواء الركن أحمد سيف اليافعي، نائبا لرئيس هيئة الأركان، بدلا عن اللواء الركن عبد الرب الطاهري، الذي عين ملحقا عسكريا في السفارة اليمنية في موسكو.
وعين اللواء الركن فضل حسن محمد، قائد للمنطقة العسكرية الرابعة (مقرها عدن)، التي كان يقودها اللواء اليافعي. وفي خطوة غير متوقعة، عين هادي اللواء الركن صالح محمد طيمس، قائدًا للمنطقة العسكرية الأولى (مقرها سيئون في حضرموت)، وقائدًا للواء 37 مدرع، بدلا عن اللواء الركن عبد الرحمن الحليلي، الذي وجهت إليه انتقادات شديدة مؤخرا لعدم فعاليته في إطار الحرب ضد الميليشيات الحوثية والاحتفاظ بقواته في حضرموت من دون فعالية تذكر.
ونصت قرارات الرئيس اليمني على تعيين اللواء الركن، ثابت مثنى جواس قائدًا لمحور العند، قائدًا للواء 131 مشاه، وهذا المحور يقع في محافظة لحج وتقع في إطاره «قاعدة العند» العسكرية الجوية، أكبر القواعد العسكرية في البلاد، فيما يعد جواس واحدا من أشرس القادة العسكريين الذين خاضوا حروبا طوال السنوات الماضية ضد الميليشيات الانقلابية في محافظة صعدة، وتمكن خلال الحرب الأولى من قتل مؤسس الحركة الانقلابية، حسين بدر الدين الحوثي. وعين هادي، في قراراته، قائدا للواء 11 حرس حدود، هو العميد الركن فهمي حاج محروس الصيعري، إضافة إلى تعيين العميد الركن عبد الكريم قاسم الزومحي، نائبا لمدير دائرة العمليات الحربية في القوات المسلحة.
وفي حين تزامنت القرارات والتعيينات مع قرار قوات الجيش اليمني استئناف العمليات العسكرية في مختلف الجبهات، بعد فشل هدنة وقف إطلاق النار التي أعلنتها قوات التحالف لمدة 48 ساعة، جراء مئات الخروقات لميليشيات الحوثيين، فإن المراقبين يعتقدون أن القرارات تشير إلى التوجه إلى مرحلة الحسم العسكري، وفقا لباسم الشعبي، رئيس مركز مسارات للدراسات والاستراتيجية، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إنه يعتقد أن قرارات هادي «تصب في خدمة والجيش الوطني وتشكل دعما كبيرا للمعركة التي تشهدها مناطق مختلفة في اليمن مع الميليشيات الانقلابية».
وأضاف الشعبي أن «القرارات، أيضا، توحي بأن الشرعية اليمنية سئمت من الوعود الدولية وتنصلات الانقلابيين فيما يتعلق بإيجاد مخرج سياسي للصراع، لا سيما في ظل عدم الالتزام بالقرارات الدولية من قبل الانقلابيين ورفضهم تقديم أي تنازلات سياسية من أجل حل سياسي مرض»، وأن «القرارات جاءت لتكرس الحل العسكري لدى الشرعية في التعامل مع الوضع، لا سيما في تعز، وهذا واضح من خلال تعيين قائد جديد للمنطقة العسكرية الرابعة التي تقع في إطارها تعز، وهو من القادة الذين ساهموا بفاعلية في تحرير عدن ولحج وإسناد هذه المهمة للقائد فضل حسن مؤشر على قرب تحرير تعز، وهذا أيضا ينسحب علي تعيين العميد ثابت جواس في معسكر العند الذي من المؤكد أنه سيشكل إسنادا كبيرا لمعركة تحرير تعز».
ولا يستبعد رئيس مركز مسارات أن ضمن أهداف القرارات الرئاسية بالتعيينات العسكرية، «دعم وإعادة لملمة الوحدات العسكرية في عدن وحضرموت للبدء في تشكيل النواة الأولى لجيش الدولة اليمنية الاتحادية إلى جانب التشكيلات التي تشهدها محافظة مأرب»، وفيما يتعلق بتغيير قائد المنطقة العسكرية الأولى، اللواء الركن عبد الرحمن الحليلي، قال الشعبي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحليلي أمضى فترة طويلة في المنطقة الأولى في وادي حضرموت وكان له دور سلبي للغاية في محاربة الجماعات المتطرفة التي سيطرت وانتشرت في مناطق مختلفة في حضرموت، ناهيك عن افتعاله للكثير من المشكلات مع أبناء حضرموت المطالبين بالعدالة والمساواة والتوظيف في شركات النفط وغيرها من الحقوق المشروعة التي قمعت بقوة من قبل الحليلي، لذا فإن تغييره يأتي استجابة لمطالب أبناء حضرموت في المقام الأول في تقديري».
على صعيد آخر، قال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عبيد بن دغر إن الحرب في بلاده سوف تنتهي عن التزام ميليشيات الحوثيين وصالح بـ«تنفيذ المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني الشامل وتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216»، مؤكدا أن ما «دون ذلك سيعيق التوصل إلى السلام الشامل والعادل والذي يتطلع إليه كافة أبناء الشعب اليمني». وقال بن دغر، خلال لقائه أمس الأمين العام المساعد للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية رشيد خال كوف، إن «الحكومة تعمل جاهده مع المنظمات الدولية من أجل إيصال المساعدات الإغاثية إلى كافة المدنيين في ربوع الوطن دون استثناء، ونحن مسؤولون عن جميع المواطنين». وشدد رئيس الوزراء اليمني على أن فتح مكتب للأمم المتحدة في العاصمة المؤقتة عدن عمل إيجابي يساعد باقي المنظمات الدولية والإغاثية على فتح مكاتب لها في عدن.
وأشار بن دغر إلى أن «الحكومة ستدعو كل السفارات والبعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية للعمل من العاصمة المؤقتة عدن». داعيا، بحسب وكالة الأنباء اليمنية (سبأ)، الأمم المتحدة إلى «مضاعفة جهودها والعمل على إيصال المساعدات إلى جميع المحافظات وخاصة محافظات إقليم عدن (عدن - لحج - أبين - الضالع) وكذلك محافظتا شبوة وأرخبيل سقطرى باقي المحافظات والتنسيق مع اللجنة العليا للإغاثة من أجل وصول المساعدات».. مؤكدًا أن الحكومة ستقدم كافة أوجه الدعم لتسهيل عمل منظمة الأمم المتحدة ومكتبها في العاصمة المؤقتة عدن. وكان الأمين العام المساعد للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية أطلع رئيس الوزراء اليمني على نتائج زيارته لعدن وضمنها التأكيد على فتح مكتب في العاصمة المؤقتة عدن لإيصال المساعدات إلى المناطق المتضررة.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.