أحداث اليمن الدرامية في رواية «جوهرة التَّعْكَر»

همدان مطيع دماج ينطلق من عام 1450 وصولاً إلى الحاضر

جانب من وسط صنعاء القديمة - غلاف الرواية
جانب من وسط صنعاء القديمة - غلاف الرواية
TT

أحداث اليمن الدرامية في رواية «جوهرة التَّعْكَر»

جانب من وسط صنعاء القديمة - غلاف الرواية
جانب من وسط صنعاء القديمة - غلاف الرواية

لم يكن فوز الروائي اليمني همدان مطيع دمّاج بالمركز الثاني لجائزة الشارقة للإبداع العربي عام 2015 مفاجئًا للنقّاد والقرّاء المتابعين لهذا الكاتب الواعد الذي عرفناه من قبْل في حقلي القصة والشعر، ومنْ يقرأ «جوهرة التَّعْكَر»، وهي باكورة أعماله الروائية، فسيعرف من دون عناء أنه يقف في حضرة كاتب ناضج يمتلك تجربة روائية جديرة بالدراسة والاهتمام.
لا بد للقارئ أن يتساءل عن نوع هذه التجربة الروائية التي لفتت الانتباه ودفعت كثيرًا من النقّاد لتمثّلها والكتابة عنها بغية الإمساك بأسرار الصنعة أو ملامسة بعض جوانبها في الأقل. وعلى الرغم من النتائج المختلفة التي توصل إليها النقّاد والدارسون، فإنهم لم يلامسوا الشكل الفني للرواية، فقد انصبّ التركيز على اللغة الشعرية تارة، وعلى التلاقح ما بين الماضي والحاضر تارة أخرى، وعلى المزج ما بين الواقعي والتاريخي حينًا، وعلى الواقعي والمتخيَّل حينًا آخر. كل النتائج التي وردت أعلاه صحيحة لكن مفاتيحها جميعًا لن تفتح باب الرواية الذي ظل مغلقًا، ولن تنفرج بوابته دون معرفة «كلمة السرّ» التي تكمن في البناء المعماري للرواية أو بكلمات آخر، في شكلها الفني الذي يتداخل فيه المبنى بالمعنى، فالبناء هو الذي يأتي أولاً ثم تليه الثيمة، والأحداث، والشخصيات، والزمكان الروائي.
بنى همدان نصّه الروائي بثلاثة مستويات واقعية وتاريخية وأسطورية مُطعّمة بالخيال المجنّح للكاتب الذي استهل روايته بتنويه صريح مفاده أن «كل الشخصيات الحقيقية والأحداث الواقعية في هذه الرواية من نسج الخيال» دون أن ينسى الذاكرة ودورها الكبير في تفعيل أحداث هذه الرواية الدرامية النابضة بالحياة. وعلى الرغم من جنوح الخيال في هذه الرواية، فإن المتلقي يشعر بصدقها الفني، وخلوِّها من الافتعال، فالمعطى الأسطوري موظّف بأمانة، والحدث التاريخي يبدو منطقيًا ولا يطعن في الذاكرتين الشفهية والتدوينية، ولكنه يعزز الأنساق السردية ويمنحها فرصة التماهي بالأحداث الواقعية التي تسيّدت فيها شخصيات مثل العُمدة، وكريم، وريحانة، والشيخ راجح العارض، وكُرامة، و«زينب» وثُلّة مُحببة من ذوي الاحتياجات الخاصة الذين منحوا الفضاء الروائي نكهة كوميدية خاصة كسرت في كثير من الأحيان جديّة المُعطى السردي وما تخلله من مواقف مأساوية كثيرة حصدت أرواح بعض الشخصيات الرئيسية والثانوية.
قد تبدو شخصية العُمدة بسيطة، ساذجة، لكنها في واقع الحال فَطِنة، مُحنّكة، وكثيرة التبصّر بالماضي والحاضر، وهي العصب الرئيس الذي يشدُّ الرواية منذ جملتها الاستهلالية حتى نهاية النص تقريبًا ولكنها ليست الشخصية المحورية الوحيدة، فهناك كريم، الإنسان المثقف الذي ينطوي على شخصية غامضة تجمع بين العاشق المتيّم، والسياسي الجسور الذي يعمل بصمت مطبق، ولا يوازيه في السحر والجاذبية والغموض سوى شخصية «زينب» التي حضرت موته وصوّرت الأشكال الهندسية الغريبة التي طبعتها يداه المخضبتان بالدماء على جدران الغرفة. هذا الحضور الخاطف قد تكرر سابقًا في موت زوجته وحبيبته «ريحانة» التي وافتها المنيّة بعد خمسة أشهر وثمانية أيام من الزواج آخذة معها الجنين الذي كانت تنتظره الأسرة برمتها.
يمتزج البُعد الأسطوري بالتاريخي حيث يستحضر الكاتب شخصية الكاهن «سُطيح» إلى جانب الملكة «أروى»، فالأول يبرّئ هند بنت عتبة من الخيانة التي رماها بها زوجها ويخبرها بأنها ستكون امرأة ذات شأن يأتي من نسلها ملوك عِظام، وأن ابنها معاوية سوف يصبح أول خلفاء الدولة الأموية. أما الملكة «أروى» فسوف تدبِّر لقائد جيوشها «المفضّل بن أبي البركات» مكيدة تفضي به إلى الموت على الرغم من شغفه اللامحدود بها. أما الحاج مُحمّد الذي رأى رؤية في المنام ولم يعد إلى دياره إلاّ بعد ثلاث سنوات وهو يتأبط الجوهرة الحمراء التي قدّمها له النبي الكريم هدية لقومه، وحينما سقط من الإعياء تفجّرت بقربه عين ماء صافية بثّت الحياة في القرى المبثوثة على سفوج جبل التَّعْكَر. ربما صدّق الجميع هذه الحكاية باستثناء العُمدة الذي اختلق أسطورته الخاصة التي تتمحور على تاجر هاجمه اللصوص، وسرقوه بعد أن أوسعوه ضربًا أفضى به إلى الموت ثم قبروه على عجل لكن قبره تحول إلى مزار يبجِّله معظم الناس.
انتقى الروائي بعض الأحداث المهمة التي دمغت التاريخ اليمني المعاصر. ففي عام 2002 فُجعت البلاد بمقتل الطبيبة مارتا مايرز، والدكتور بيل كوهين، ومديرة المشتريات كاثلين جاريتي وكان القاتل متشددًا إسلاميًا لا غير يدّعي أن ضحاياه كانوا يقومون بأعمال تبشيرية لنشر الدين المسيحي! كما تمّ اغتيال جار الله عمر، الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني، وسوف يُعدم قاتله علي أحمد السعواني من دون أن يعرف أن ضحيته كان أول سياسي يمني ينادي علنًا بإلغاء عقوبة الإعدام في اليمن.
الرواية مُطعّمة بالأحداث الدرامية والمفاجآت الكثيرة التي تكسر رتابة السرد الأفقي ولعل حكاية عالِم النبات السويدي بيتر فورسكال الذي اكتشف نبتة القات وسوف تُعرف باسم «كاثا أيديولس فورسكاليس» مهمة من الناحية العلمية لكن الأهم منها هو صدور كتابه عام 1759 بعنوان «أفكار حول الحرية المدنية» الذي يؤكد فيه على أنّ «أعزّ وأغلى ما يملكه الإنسان بعد حياته هي حريته»، وأن الخطر الوحيد الذي يهدد هذه الحرية يتمثل بالوجهاء من أصحاب المناصب والأموال. كما يدعو المؤلف إلى حرية الرأي والصحافة، وسوف يُصدر البرلمان السويدي بعد ثلاث سنوات قرارًا برفع الرقابة عن الصحافة نهائيًا.
لا شك في أن هذه الرواية تنويرية، وأن الكاتب يهدف إلى حضّ القرّاء ولفت عنايتهم إلى أهم وأعظم شيء في الوجود وهو «حرية الفرد» وكرامته، وسوف تُصبح هذه الفكرة مُهيمنة سردية تتردد على مسار النص الروائي حتى وإن جاءت بأشكال وصياغات مختلفة.
يحضر الجانب الخرافي أو الأسطوري بقوة في هذه الرواية بدءًا بالجوهرة الحمراء، وعين الماء التي تفجرت، واختفاء قبر كريم، أو ظهور وجهه المبتسم فوق مياه السدّ، وما إلى ذلك من أحداث ووقائع فانتازية لا تنتمي إلى الواقع بشكل من الأشكال، لكنها تقفز عليه وتحيا في المساحة المشوّشة المحصورة بين الحقيقة والوهم البصري.
ومثلما يهيمن الأسوياء على الأنساق السردية المتعددة لهذه الرواية فإن «المجانين» لهم حصتهم أيضًا، ومن دونهم كانت الرواية ستخسر كثيرًا من نَفَسها الفكاهي، خصوصًا أن الأحداث تدور بمجملها في قرى صغيرة نائية، أما المدن فإنها تحضر في ذاكرة الرواة أو بعض الأبطال الحقيقيين الذين يمحضون قراهم حُبًا من نوع خاص.
يتمحور الجانب الفني كثيرًا في هذه الرواية حول مصائر بعض الشخصيات الأساسية وغموضها في الحياة والموت على حد سواء، وأول هذه الشخصيات «كريم» وزوجته «ريحانة»، أما الثالثة فهي «زينب» التي قيل إنها أميرة من «حِراز» جاءت لزيارة قبر الملكة «أروى». حلاوة هذه الشخصيات وغموضها يمتدان إلى «هند بنت عتبة» وإلى «المفضّل» الذي كبت قصة حبه في صدره، وإلى «سُطيح» الذي لا تستطيع أن تنساه بعد قراءة النص الروائي. أما جبل التَّعكر وجوهرته، فإنه ينفتح مثل كتاب ثمين يتضمن غالبية الأحداث المهمة التي وقعت في اليمن منذ عام 1450 وحتى الوقت الراهن، وعلينا أن نرتكن إلى قول الروائي همدان مطيع بأن الأحداث الواقعية والشخصيات الحقيقية هي من نسج الخيال حقًّا!



قصة «أيمن» الحقيقي بطل القصيدة والأغنية

قصة «أيمن» الحقيقي بطل القصيدة والأغنية
TT

قصة «أيمن» الحقيقي بطل القصيدة والأغنية

قصة «أيمن» الحقيقي بطل القصيدة والأغنية

لطالما كانت كلمات الأغاني محل اهتمام البشر بمختلف أجناسهم وأعمارهم وشرائحهم الاجتماعية والثقافية. وإذا كانت القلة القليلة من الباحثين وأهل الاختصاص تحصر تعاملها مع الأغاني في الإطار النقدي، فإن معظم الناس يبحثون في كلماتها، كما في اللحن والصوت عما يحرّك في دواخلهم أماكن الرغبة والحنين وترجيعات النفس والذاكرة. لا، بل إن بعض الأغاني التي تعجز عن لفت انتباه سامعيها بسبب سذاجتها أو مستواها الهابط سرعان ما تكتسب أبعاداً وتأثيرات لم تكن لها من قبل، حين يمرون في تجربة سفر أو فراق أو حب عاصف أو خيانة غير متوقعة.

وحيث لا يُظهر البعض أي اهتمام يُذكر بالدوافع التي أملت على الشعراء كتابة النصوص المغناة، فإن البعض الآخر يجدُّون بدافع الفضول أو المعرفة المجردة، في الوقوف على حكايات الأغاني ومناسباتها وظروف كتابتها. وهو فضول يتضاعف منسوبه إذا ما كانت الأغنية تدور حول حدث بعينه، أو اسم علم مبهم الملامح وغير مكتمل الهوية.

وإذا كان لموت الأبطال في الملاحم والأساطير وحركات المقاومة تأثيره البالغ في النفوس، فإن موت الأطفال في الحروب يكتسب تأثيره المضاعف لأنه ينتقل من الخاص إلى العام فيصيب البراءة في عمقها ويسدد طعنته القاتلة إلى نحر الأحلام ووعود المستقبل. وهو ما جسّدته بشكل جلي أعداد وافرة من الروايات واللوحات التشكيلية والقصائد والأغاني، بدءاً من قصيدة «الأسلحة والأطفال» لبدر شاكر السياب، وليس انتهاءً بشخصية «شادي» المتزلج فوق ثلوج الزمن الذي حولته الأغنية الفيروزية رمزاً أيقونياً لتراجيديا البراءة الطفولية التي قصفتها الحرب في ريعانها.

ولم تكن مأساة «أيمن» الذي قتلته الطائرات الإسرائيلية المغيرة على الجنوب اللبناني في نهاية عام 1977 والتي استوحيت من حادثة استشهاده القصيدة التي تحمل الاسم نفسه، سوى حلقة من حلقات التراجيديا الإنسانية التي تجدد نفسها مع كل صراع قومي وإثني، أو مواجهة قاسية مع الطغاة والمحتلين. تجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن الفارق بين شادي وأيمن هو أن الأول قد اخترعه الرحبانيان بخيالهما المحض، في حين أن أيمن كان طفلاً حقيقياً من لحم ودم، قضى في ظل الظروف نفسها والصراع إياه.

أما الفارق الآخر الذي لا ينبغي إغفاله، فيتمثل في كون النص الرحباني كُتب في الأساس ليكون جزءاً من مسرح الأخوين الغنائي، في حين أن قصيدة أيمن لم تُكتب بهدف الغناء، رغم أن جرسها الإيقاعي سهّل أمر تلحينها وغنائها في وقت لاحق. ومع ذلك، فإن ما يثير العجب في تجربة الرحبانيين هو أن كتابة النص أغنيةً لم تنقص بأي وجه من رشاقته وعوالمه الساحرة وأسلوبه التلقائي.

والواقع أنني ما كنت أعود لقصة أيمن بعد 47 عاماً من حدوثها، لو لم تكن هذه القصة محلّ أخذ ورد على مواقع التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة، فهوية الطفل القتيل قد حُملت من قِبل المتحدثين عنها على غير رواية ووجه. على أن تبيان وقائع الحدث المأساوي لا بد أن تسبقه الإشارة إلى أن الفنان مرسيل خليفة الذي كانت تربطني به ولا تزال صداقة وطيدة، كان قد فاتحني بشأن كتابة نص شعري يعكس مأساة لبنان الرازح تحت وطأة حربه الأهلية، أو معاناة الجنوبيين وصمودهم في وجه العدو الإسرائيلي. ومع أنني عبّرت لمرسيل عن حماسي الشديد للتعاون معه، وهو الذي اعتُبر أحد الرموز الأبرز لما عُرف بالأغنية الوطنية أو الملتزمة، أبديت في الآن ذاته توجسي من أن يقع النص المطلوب في مطب الحذق التأليفي والصنعة المفتعلة. وإذ أجاب خليفة الذي كان قد أنجز قبل ذلك أغنيات عدة مقتبسة من نصوص محمود درويش، بأن المسألة ليست شديدة الإلحاح وأنه ينتظر مني الاتصال به حالما ينجز الشيطان الذي يلهمني الشعر مهماته.

ولم يكد يمرّ أسبوعان اثنان على لقائي صاحب «وعود من العاصفة»، حتى كنت أتصل هاتفياً بمرسيل لأسمعه دون إبطاء النص الذي كتبته عن أيمن، والذي لم يتأخر خليفة في تلحينه وغنائه. لكن مَن هو أيمن؟ وفي أي قرية وُلد وقضى نَحْبَه؟ وما هي قصته الحقيقية وسبب معرفتي به وبمصيره الفاجع؟

في أوائل سبعينات القرن المنصرم وفي قرية «العزّية» الجنوبية القريبة من الطريق الساحلية الواقعة بين صور والبيّاضة وُلد أيمن علواني لأب فلسطيني وأم لبنانية من بلدة برجا اللبنانية الشوفيّة. وإذ كانت معظم أراضي القرية ملكاً لعائلة سلام البيروتية المعروفة، فقد قدُمت العائلة إلى المكان بهدف العمل في الزراعة شأنها في ذلك شأن عائلات قليلة أخرى، ليؤلف الجميع مجمعاً سكنياً صغيراً لا يتجاوز بيوته العشرين بيتاً، ولا يبلغ سكانه المائة نسمة. أما البساتين الممتدة هناك على مرمى البصر، فقد كان يتعهدها بالنمو والخصوبة والاخضرار نبع دائم الجريان يحمل اسم القرية، ويختتم سلسلة الينابيع المتقطعة الذي يتفتح أولها في كنف الجليل الفلسطيني دون أن يتمكن آخرها من بلوغ البحر.

شكَّل نبع العزية جزءاً حيوياً من مسرح طفولتي الأولى، حيث كان سكان قريتي زبقين الواقعة على هضبة قريبة من مكان النبع يقصدونه للسباحة والاستجمام ويلوذون بمياهه المنعشة من حر الصيف، كما أن معرفتي بأيمن وذويه تعود إلى عملي في التدريس في ثانوية صور الرسمية، حيث كان من بين تلامذتي خالة الطفل وبعض أقاربه الآخرين. وحين قصف الإسرائيليون بيوت القرية الوادعة بالطائرات، متسببين بتدمير بيوتها وقتل العشرات من سكانها الآمنين، ومتذرعين بوجود معسكر تدريب فلسطيني قريب من المكان، فقد بدا اغتيال أيمن ذي الوجه القمري والعينين الخرزيتين بمثابة اغتيال لطفولتي بالذات، ولكل ذلك العالم المصنوعة فراديسه من قصاصات البراءة ونثار الأحلام. وفي حين لم أجد ما أردّ به على موت أيمن سوى كتابة القصيدة التي تحمل اسمه، فإن ذوي الطفل القتيل قرروا الذهاب إلى أبعد من ذلك، فأنجبوا طفلاً آخر يحمل اسم ابنهم الراحل وملامحه، ويواصل حتى الساعة الحياة بالأصالة عن نفسه ونيابة عن أخيه.

بعد ذلك بات اسم أيمن بالنسبة لي محفوراً في مكان عميق من القلب والذاكرة إلى حد أنني كلما قرأته في جريدة أو كتاب، أو قابلت أحداً بهذا الاسم تناهت إلي أصداء ضحكات الطفل القديم وأطيافه المدماة على ضفاف نبع العزية. ومع ذلك، فإن السيناريو الذي ضجت به في الأسابيع الأخيرة مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان، ومفاده أن قصيدة أيمن قد استوحيتْ من مقتل الطفل أيمن رحال إثر غارة إسرائيلية على قرية طير حرفا الجنوبية عام 1978، لم يكن هو وحده ما أصابني بالذهول، بل معرفتي بأن الرقيب في الجيش اللبناني الذي استُشهد مؤخراً بفعل غارة مماثلة هو الشقيق البديل لأيمن الأول.

ومع أنه لم يسبق لي معرفة أيّ من «الأيمنين» الآخرين، إلا أن نسبة القصيدة إليهما لا تضير الحقيقة في شيء، بل تؤكد مرة أخرى على أن الشعر كما الأغنية والفن على نحو عام يتجاوز الحدث الباعث على كتابته ليلد نفسه في كل زمن، وليتجدد مع كل مواجهة غير عادلة بين الأطفال والطائرات. لكن كم من أيمن عليه أن يسقط، وكم من قصيدة ينبغي أن تُكتب لكي يرتوي القتلة من دم القتلى وتأخذ الحرية طريقها إلى التفتح؟