معارك عنيفة.. و«النجباء العراقية» تقود المعارك جنوب أحياء حلب الشرقية

منظمات دولية تعبّر عن غضبها من قصف المستشفيات والمدارس

أحد أبناء الأحياء الشرقية في حلب يساعد آخر على الخروج من ركام مبنى تعرض للانهيار نتيجة قصف الغارات الروسية والنظامية أول من أمس (أ.ف.ب)
أحد أبناء الأحياء الشرقية في حلب يساعد آخر على الخروج من ركام مبنى تعرض للانهيار نتيجة قصف الغارات الروسية والنظامية أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

معارك عنيفة.. و«النجباء العراقية» تقود المعارك جنوب أحياء حلب الشرقية

أحد أبناء الأحياء الشرقية في حلب يساعد آخر على الخروج من ركام مبنى تعرض للانهيار نتيجة قصف الغارات الروسية والنظامية أول من أمس (أ.ف.ب)
أحد أبناء الأحياء الشرقية في حلب يساعد آخر على الخروج من ركام مبنى تعرض للانهيار نتيجة قصف الغارات الروسية والنظامية أول من أمس (أ.ف.ب)

لا توحي مجريات المعركة في مدينة حلب شمال سوريا والتعزيزات العسكرية التي يأتي بها النظام وحلفاؤه إلى المنطقة بأن أي مسعى للتهدئة أو لحل الأزمة بالأطر السياسية والدبلوماسية قابل للتطبيق في المدى المنظور، خاصة في ظل المعلومات عن دور أكبر يلعبه حلفاء النظام السوري الذين يتسلمون قيادة المعارك وبالتحديد بالقسم الجنوبي من أحياء حلب الشرقية، حيث يتصدر مقاتلو حركة «النجباء العراقية» صفوف القوة المهاجمة.
وفيما أعلن النظام السوري وحلفاؤه، يوم أمس، استقدام «تعزيزات عسكرية كبيرة جدا وآليات محملة بالصواريخ إلى حلب»، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بتقدم حققه هؤلاء في محور مساكن هنانو. وأكّد معارضون «صد هجوم في منطقة الشيخ سعيد واستعادة جميع النقاط التي تقدمت إليها القوات النظامية والميليشيات الأجنبية المساندة لها».
وقال مصدر معارض لـ«الشرق الأوسط» إن «المعارك متواصلة بشكل عنيف في حي الشيخ سعيد بالقسم الجنوبي من أحياء حلب الشرقية بين فصائل المعارضة من جهة، ومقاتلي حركة النجباء العراقية مدعومة بقوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة أخرى، كما تستمر الاشتباكات في محور مساكن هنانو عقب سيطرة الأخيرة مساء الأحد على المساكن العشوائية والمقبرة الإسلامية الحديثة ومنطقة الشيخ نجار القديمة في القسم الشمالي من أحياء حلب الشرقية».
وبحسب رامي عبد الرحمن، مدير المرصد، تواصل الطائرات الحربية والمروحية وقوات النظام استهدافها لمناطق بعيدين والشيخ سعيد ومساكن هنانو وأحياء القاطرجي وكرم الطحان وطريق الباب والشعار والسكري ومحيط المغاير والفردوس وجب القبة والأنصاري وأرض الحمرا والمعادي وجسر الحج والشيخ سعيد ومناطق أخرى في القسم الشرقي من المدينة، ما خلّف 5 قتلى على الأقل وعددا من الجرحى، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن عدد القتلى مرشح للارتفاع لوجود جرحى بحالات خطرة. وأوضح عبد الرحمن في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية أن «قوات النظام وحلفاءها من روس وإيرانيين ومقاتلين من (حزب الله) اللبناني حققوا تقدما استراتيجيا ليل الأحد بالسيطرة على القسم الشرقي من مساكن هنانو»، مشيرا إلى استمرار «الاشتباكات العنيفة» بين الطرفين، أمس. ولفت إلى أن التقدم في مساكن هنانو «هو الأول من نوعه داخل الأحياء الشرقية منذ سيطرة الفصائل المعارضة عليها صيف عام 2012»، مؤكدا مشاركة «حلفاء النظام بفعالية في الهجوم على جبهات عدة في حلب». وأضاف: «لهذا الحي رمزية كبيرة أيضا باعتباره أول حي تمكنت الفصائل من السيطرة عليه في مدينة حلب قبل توسيع سيطرتها إلى بقية الأحياء». وقال ياسر اليوسف عضو المكتب السياسي في حركة نور الدين زنكي، أبرز الفصائل المقاتلة في حلب، إن قوات النظام سيطرت على «نقاط في أطراف الحي»، مشيرا إلى «معارك محتدمة تدور الآن» بين الطرفين. وأوضح أن قوات النظام «حاولت فجرا التقدم برا في حي الشيخ نجار في شرق المدينة وحي الشيخ سعيد» من دون أن تتمكن من إحراز تقدم.
ونقلت وكالة «آرا نيوز» عن الناشط الميداني، وائل محمد، من مدينة حلب قوله إن «المعارك لا تزال متواصلة بين قوات النظام من جهة، ومقاتلي غرفة عمليات فتح حلب وفصائل المعارضة من جهة أخرى عند محور حي مساكن هنانو في محاولة من قوات النظام للتقدم داخل الحي، لكن مقاتلي المعارضة والفصائل تمكنوا من صد الهجوم وإلحاق خسائر بشرية وعسكرية بها بعد وصول تعزيزات عسكرية كبيرة من قبل جبهة فتح الشام إلى جبهة مساكن هنانو». أما «مكتب أخبار سوريا» فأكّد استعادة فصائل المعارضة جميع النقاط التي تقدمت إليها القوات النظامية في حي الشيخ سعيد جنوب مدينة حلب.
ورفعت في الساعات الماضية أكثر من منظمة دولية الصوت عاليا معبّرة عن غضبها لقصف المستشفيات والمدارس في حلب وغيرها من المدن والمناطق السورية. وقالت منظمة الصحة العالمية في بيان إنه لم يعد هناك حاليا أي مستشفى قيد الخدمة في القسم المحاصر من المدينة، وذلك استنادا إلى تقارير من شركائها في المنطقة. وأضافت المنظمة أن «أكثر من 250 ألف رجل وامرأة وطفل يقيمون في شرق حلب أصبحوا الآن محرومين من إمكانية العناية الطبية».
وإذ أكدت المنظمة أن خدمات صحية «لا تزال متوافرة في عيادات صغيرة لكن معالجة الإصابات وإجراء عمليات جراحية كبرى وتقديم رعاية طبية طارئة لم تعد مؤمّنة»، قال الطبيب حمزة الخطيب الموجود داخل الأحياء الشرقية في حلب إن «مستشفيين فقط لا زالا يعملان بحدود دنيا أحدهما فقط توجد فيه غرفة عمليات»، ورفض الخطيب في تصريح لـ«الشرق الأوسط» الكشف عن اسمي المستشفيين خوفا من استهدافهما.
من جهته، أشار جيرت كابالاري، المدير الإقليمي لمنظمة «اليونيسيف» في الشّرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى أن الأسبوع الفائت «كان مروّعا بالنّسبة لأطفال سوريا الذين يعيشون ويموتون تحت رحمة قصف لا هوادة فيه تتعرّض له المدارس والبيوت والمستشفيات على حدّ سواء»، لافتا في بيان إلى أن المستشفيات في شرق حلب وإدلب استُهدفت، بينما أدت عمليّات القصف التي تعرّضت لها مدارس في حلب والغوطة إلى مقتل تسعة أطفال. وقال كابالاري: «لقد رأينا لقطات لأطفال يعالجون من حالات الاختناق في شرق حلب. وبعد لحظات قليلة تعرّض مستشفى البيان للقصف، ممّا دفع الأمهات المذعورات إلى حمل أطفالهنّ إلى القبو بينما أُخرج الرضع من الحضّانات في محاولة لنقلهم إلى مكان آمن». ولفت إلى أن «جميع المستشفيات في شرق حلب خرجت من الخدمة، حيث يعاني أكثر من مائة ألف طفل من حالة الحصار والقصف العنيف، مع تضاؤل مستمر في إمكانيّة الحصول على الغذاء والدّواء»، وأضاف: «يجب ألا يموت الأطفال في المستشفيات نتيجة القصف، كما يجب ألا يموت الأطفال في المدارس.. حيث تعرّضت مدرستان في غرب حلب للقصف، ممّا أدّى إلى مقتل ثمانية أطفال وجرح عدد أكبر من ذلك بكثير. وقد سقط صاروخ هاون على ساحة إحدى المدارس بينما كان تلاميذ الصّف الرّابع يتدرّبون على الرقص».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.