الحوثيون صادروا مساعدات الحديدة.. ويعرقلون عمل المنظمات الدولية

مركز الملك سلمان للإغاثة قدم نصف مليار دولار لأكثر من 19 دولة منذ إنشائه قبل سنة ونصف

الحوثيون صادروا مساعدات الحديدة.. ويعرقلون عمل المنظمات الدولية
TT

الحوثيون صادروا مساعدات الحديدة.. ويعرقلون عمل المنظمات الدولية

الحوثيون صادروا مساعدات الحديدة.. ويعرقلون عمل المنظمات الدولية

أعلن مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية أنه قدم مساعدات إنسانية لليمن بقيمة تقارب نصف مليار دولار منذ إنشاء المركز قبل عام ونصف تقريبًا، مبينًا أنه أصدر 376 تصريحًا لمنظمات الأمم المتحدة للحركة ونقل الإغاثة لمحافظة الحديدة المنكوبة خلال نفس الفترة.
وتساءل ماهر الحضراوي المدير التنفيذي لمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، خلال مؤتمر صحافي عقد أمس بالرياض، ما هي مصلحة الميليشيات الحوثية والقوات الموالية لها في حرمان أهالي محافظة الحديدة من وصول المساعدات التي تؤكدها أرقام التصاريح الممنوحة لمنظمات الأمم المتحدة.
وأكد الحضراوي قيام الميليشيات بعرقلة ومنع وصول المساعدات لسكان محافظة الحديدة التي صنفت منطقة منكوبة ويعاني أهلها المجاعة، وقال: «دخل الحديدة الكثير من المساعدات والسفن الراسية في موانئها، لكن ليس هناك أثر واضح على السكان لعدم وصولها إليهم، حيث تقوم الميليشيات بعرقلة أعمال المنظمات الدولية والمحلية وتصادر المواد الإغاثية».
وبحسب أرقام المساعدات الإنسانية المقدمة للحديدة والتصاريح التي قدمت من مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية من أبريل (نيسان) 2015 وحتى أكتوبر (تشرين الأول) 2016، تلقت المحافظة نحو 1.358 مليون طن متري من المواد الغذائية، ولفت المدير التنفيذي للمركز إلى أن عدد الأطنان أكبر بكثير من العدد المذكور، لأن هناك بعض المواد التي صرح لها في العام الماضي وحتى منتصف هذا العام، ولكن لم تسجل بصورة دقيقة في بيانات الأمم المتحدة.
وبلغ عدد المراكز الصحية والتعليمية والمحمية في الحديدة 1319 مبنى، وهي مواقع صادق التحالف عليها كمناطق محمية، وهي مدارس ومنشآت صحية ومكاتب منظمات الأمم المتحدة ومرافق أثرية.
بينما بلغ عدد التصاريح الممنوحة لمنظمات الأمم المتحدة للحركة ونقل الإغاثة للحديدة 367 تصريحا، وتفصيلها على النحو التالي: 10 تصاريح لبرنامج الغذاء العالمي، 82 لمنظمة اليونيسيف، 61 لمفوضية اللاجئين، 38 لمنظمة الهجرة الدولية، 22 أوتشا، 12 لمنظمات غير حكومية، 11 للفاو، والباقي موزع على منظمات الأمم المتحدة المختلفة.
كما قام مركز الملك سلمان للإغاثة بالكثير من الأنشطة الإنسانية والدعم المقدم للحديدة في مجال الصحة والمياه والتغذية العلاجية والإصحاح البيئي بتمويل ومتابعة من المركز من خلال منظمة اليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية من أغسطس (آب) 2015 وحتى سبتمبر (أيلول) 2016، من أبرزها، تدريب العاملين في مجال التغذية، حيث تم تدريب 480 من العاملين الصحيين والمتطوعين المجتمعيين ومراقبي التغذية والعاملين في مجال سوء التغذية الحاد وسوء التغذية والإدارة المجتمعية، ودعم 397 مركزًا للتغذية ونشر 13 فريقا متنقلا لتقديم خدمات التطعيم والرعاية الصحية والتغذية ورعاية الصحة الإنجابية، كما تم تقديم خدمات حماية الأطفال من خلال المتابعة ورصد الانتهاكات لحقوق الأطفال وتقديم الخدمات اللازمة لهم، حيث استفاد نحو 85176 طفلا.
وحذر المركز من أن الاحتياجات الإنسانية في الحديدة تتفاقم بشكل كبير وبشكل يومي وفي مختلف المجالات الغذائية والإيوائية والتأهيلية، فهي محافظة منكوبة وتزداد معاناتها بشكل مستمر، وقال الحضراوي إنه «رغم حجم المساعدات الكبير الذي قدمه مركز الملك سلمان لليمن فإن الحاجة كبيرة جدًا وهناك مسؤولية على المجتمع الدولي للتدخل والمساعدة».
وذكر الحضراوي بأن من مشاريع المركز تحت التنفيذ في محافظة الحديدة حاليًا المتعلقة بالأمن الغذائي تنفيذ مشروع بالتعاون مع برنامج الغذاء العالمي عبارة عن 150 ألف سلة غذائية بتكلفة 10 ملايين دولار، وتنفيذ مشروع عن طريق الدعم المباشر لمنظمات المجتمع المدني عبارة عن 150 ألف سلة غذائية، كذلك تنفيذ 5000 سلة غذائية و145 ألف سلة غذائية تحت التنسيق لتحديد الشريك والمورد.
من جانبه، أفاد فالح السبيعي مدير إدارة المعلومات والتحليل بمركز الملك سلمان للإغاثة أن المركز قدم مساعدات إغاثية لأكثر من 19 دولة حول العالم في كل من آسيا، أفريقيا، أوروبا، وأميركا الجنوبية خلال عام ونصف تقريبًا من إنشائه. وأضاف: «صرف المركز 562 مليون دولار على برامج الأمن الغذائي والإيواء والتعليم والحماية والصحة والتغذية، والاتصالات في هذه الدول».
ولفت السبيعي إلى أن جل مشاريع المركز كانت في اليمن الذي صرف فيه نحو 456 مليون دولار خلال نفس الفترة، مشيرًا إلى أن المركز واجه حالات إنسانية صعبة، خصوصًا في محافظة تعز التي تعرضت ولا تزال للحصار والتجويع الجماعي، وقال: «قمنا بكسر هذه الحصار عبر الإسقاط المظلي، حيث قدمنا 85 طنا من المساعدات الطبية والغذائية للسكان، كما استخدمنا الجمال بالتعاون مع الأهالي لنقل أنابيب الأكسجين للمستشفيات التي نفدت منها بسبب حصار الميليشيات الحوثية».
بدوره، أوضح عبد الله الرويلي مدير البرامج الإنسانية بمركز الملك سلمان أنهم يعكفون حاليًا على تدريب مجموعة من الشباب والشابات السعوديين للعمل في المجال الإغاثي بشكل احترافي، إلا أنه بيّن أن المركز يعد من الجهات المانحة أكثر منه منفذا على الأرض.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.