لتجريم استهداف مكة المكرمة.. 6 دول إسلامية تصوغ خطابًا للأمم المتحدة

سيطالب باتخاذ تدابير عاجلة لوقف اعتداءات الحوثي ـ صالح على المقدسات

لتجريم استهداف مكة المكرمة.. 6 دول إسلامية تصوغ خطابًا للأمم المتحدة
TT

لتجريم استهداف مكة المكرمة.. 6 دول إسلامية تصوغ خطابًا للأمم المتحدة

لتجريم استهداف مكة المكرمة.. 6 دول إسلامية تصوغ خطابًا للأمم المتحدة

تعمل 6 دول إسلامية على صياغة الخطاب الذي سترسله منظمة التعاون الإسلامي إلى الأمم المتحدة؛ للمطالبة باتخاذ خطوات عملية ضد ميليشيا الحوثي – صالح، التي استهدفت بصاروخ باليستي مكة المكرمة نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن القوات السعودية نجحت في إسقاطه قبل وصوله إلى هدفه.
وأكد مصدر دبلوماسي مطلع لـ«الشرق الأوسط»، أن منظمة التعاون الإسلامي ستقدم خطابًا إلى الأمم المتحدة نهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، توضح فيه موقف نحو 50 دولة إسلامية من اعتداء ميليشيا الحوثي والمخلوع علي صالح على مكة المكرمة، ومطالبتها باتخاذ تدابير عاجلة لوقف هذه الأعمال الإجرامية ضد الأماكن المقدسة.
وأضاف أن الرسالة ستتضمن الكثير من النقاط التي تدعو المنظمة من خلالها المجتمع الدولي إلى مراعاتها وتنفيذ ما ورد فيها، ومن ذلك الوقوف مع السعودية في محاربتها للإرهاب وجميع الأعمال التي تستهدف أراضيها، بما في ذلك مكة المكرمة، والوقوف ضد ما يعرف بـ«أنصار الله» وحليفهم المخلوع علي صالح.
ولفت المصدر إلى أن الرسالة ستشمل توضيح أهمية مكة المكرمة التي استهدفها الحوثيون بصاروخ باليستي، للمجتمع الدولي، الذي عليه تجريم هذه العملية ومحاسبة المتورطين فيها، ومزودي الميليشيا بمثل هذه الأسلحة، والتعامل معهم وفقًا لأنظمة الأمم المتحدة التي تجرّم وتعاقب الأعمال التي تقوم بها ميليشيا الحوثي، وتسعى من خلالها إلى زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة والأماكن المقدسة.
وتطرق إلى أن الخطاب الذي ستبعثه منظمة التعاون الإسلامي إلى الأمم المتحدة في مدة أقصاها أسبوع، سيكون من قبل «اللجنة التنفيذية» التي تتكون من «ترويكا القمة» وهي دول: مصر، وتركيا، وغامبيا، بالتنسيق مع الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي، إضافة إلى ترويكا وزراء الخارجية للدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي وهي: أوزبكستان، والكويت، وساحل العاج.
ولفت المصدر، إلى أن الخطاب متوافق مع الإجماع الإسلامي، وما ورد في الاجتماع الطارئ لوزراء خارجية الدول الأعضاء، الذي عقد في مكة المكرمة نهاية الأسبوع الماضي، وطالب في حينه بوقفة جماعية ضد الاعتداء الآثم على مكة المكرمة ومن يقف وراءه ويدعم مرتكبيه بالسلاح، وهي النقاط الأبرز في مضمون الرسالة الموجهة للأمم المتحدة، والتي ستكون محورًا رئيسًا لوقف الاعتداءات المستقبلية على أرض الحرمين.
وستنتظر منظمة التعاون الإسلامي، وفقًا للمصدر، ما سيصدر بعد تقديم الرسالة للأمم المتحدة، والتي سيعقبها تحركات عاجلة وسريعة، وستعمل مع الأعضاء كافة خلال هذه الفترة، لتوضيح الصورة الكاملة للمجتمع الدولي، حول ما تسعى إليه ميليشيا الحوثي من استهداف الأماكن المقدسة داخل الأراضي السعودية.
وتطرق إلى أن المنظمة ستعمل في كل الاتجاهات لتجريم عملية استهداف مكة المكرمة، موضحًا أن من الصعب تحديد موقف منظمة التعاون الإسلامي الآن قبل أن تحصل على رد رسمي من الأمم المتحدة، وعلى ما ستتلقاه ستقوم المنظمة بخطواتها وإجراءاتها في هذا السياق.
وقال إن «منظمة التعاون الإسلامي، حريصة على المقدسات الإسلامية وفي مقدمتها الحرم المكي، وأخذت تفويضًا من الدول الأعضاء لمواجهة هذه الانتهاكات بالشكل القانوني وبالتنسيق مع المنظمات الدولية».
وفي حين لم يفصح المصدر الدبلوماسي، عمّا إذا كانت منظمة التعاون الإسلامي، ستطلب من الأمين العام للأمم المتحدة عقد جلسة لبحث تداعيات استهداف مكة وما يخلفه من آثار تمس أكثر من مليار مسلم حول العالم، أكد مختصون في الشأن السياسي أن المنظمة ستتبع هذه الخطوة خطوات أخرى، ومنها الدعوة لطلب عقد جلسة للنظر في استهداف مكة المكرمة، خصوصًا أن المنظمة حصلت على موافقة 50 دولة، وهو إجماع من الأعضاء وتفويض للمنظمة بالتحرك الدولي.
وكان الاجتماع الطارئ لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، وافق بالإجماع على ما ورد في البيان الختامي، فيما تحفظت العراق عن التصويت، ضد هذا الاعتداء ومن يقف وراءه، وهي إشارة إلى إيران التي تمد ميليشيا الحوثي وصالح بأحدث الأسلحة.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم