«كيميت».. أول إذاعة مصرية مخصصة لمحطات «مترو الأنفاق»

استعادوا بها زمن الأغاني الوطنية الحماسية.. واتجاه لبثها داخل القاطرات

أحد برامج المذيعات التي تذاع بشكل يومي على «كيميت»
أحد برامج المذيعات التي تذاع بشكل يومي على «كيميت»
TT

«كيميت».. أول إذاعة مصرية مخصصة لمحطات «مترو الأنفاق»

أحد برامج المذيعات التي تذاع بشكل يومي على «كيميت»
أحد برامج المذيعات التي تذاع بشكل يومي على «كيميت»

«راديو كيميت» هي أول إذاعة مصرية مخصصة لمحطات «مترو الأنفاق»، تواصل بث إرسالها من وسط العاصمة القاهرة، تحت شعار «محطة ع المحطة» بإطلالة شبابية، حيث تبث ما يقرب من 40 برنامجًا بشكل يومي.
وبصوت عالٍ قال أحمد عبد الحميد الأربعيني: «الله.. من زمان لم نسمع هذه الأغاني، وذلك عندما سمع أغنية الفنان الراحل عمر الجيزاوى (اتفضل قهوة)». أغانٍ من التراث وأغانٍ أخرى عاطفية لنجوم من الزمن الجديد، فضلاً عن أغانٍ حماسية تلهب مشاعر الركاب الذين يتفاعلون معها ويرددوها مثل «المصريين أهم»، و«وطني حبيبي الوطن الأكبر». ذلك هو المشهد الآن داخل محطات «مترو أنفاق القاهرة» وسيلة التنقل الشعبية الأولى في البلاد.
القائمون على الإذاعة قالوا إن «فكرة إنشاء محطة راديو داخل المترو الهدف منها هو إعادة تأهيل وتثقيف المجتمع المصري بالعودة لتراثه القديم التاريخي.. والبرامج تتنوع ما بين المحتوى الفني والثقافي وبرامج التنمية البشرية».
داخل إحدى الشقق الصغيرة في منطقة وسط القاهرة، يجلس ما يقرب من 20 مذيعًا، بالإضافة إلى المخرجين والفنيين، ومن يعملون وراء الكاميرا، يواصلون الليل بالنهار لتقديم برامج ذات محتوى مختلف. ومن أبرز هذه البرامج «صباحين وحتة»، و«بلدنا»، و«معلومة مش معلومة»، و«كلمتين في العضم»، و«محطتك في خدمتك»، و«هنروح فين النهاردة»، و«بلغوا عني ولو آية»، و«مصر التي لا تعرفونها»، و«خمسة أدب»، و«بنت كيميت»، و«مسرحية من الأدب العالمي»، و«القصة».. فضلاً عن «تحقيق صحافي»، و«تأملات في الإبداع»، و«فضفضة».
تامر شعلان، مؤسس راديو «كيميت»، قال إن الإذاعة الجديدة هي مشروع قومي وليس مجرد إذاعة أغانٍ، نظرًا لضخامة عدد الركاب الذين يركبون المترو يوميًا ويقدرون بالملايين، وهو ما جعلنا نطلق عليها اسم «كيميت»، التي تعنى عند المصري القديم «تربة الأرض»، لافتًا إلى أن محتوى الإذاعة يبتعد نهائيًا عن الحديث في الأحداث السياسية أو الأديان أو الجنس والغرائز.
شعلان لديه أمل خلال الفترة المقبلة أن يتم بث الإذاعة داخل قاطرات المترو وليس على المحطات فقط، وكذلك عبر موقع خاص بالإذاعة على شبكة الإنترنت، حتى يستطيع المواطن الاستفادة من المحتوى الإذاعي، والتواصل مع المحطة حتى عقب خروجه من محطات المترو نهائيًا. وقال شعلان إن «شباب إذاعته ينظرون إلى الواقع الاجتماعي من زاوية مختلفة، يدركون جوهر المصريين ويؤمنون بقدرتهم على استعادة روح الحضارة، وتغيير الواقع إلى الأفضل»، مضيفًا: «نحترم الأفكار والعادات والتقاليد رغم اختلافها، ونؤمن بأن التنوع مصدر ثراء ضخم، وننادي بالقيم الإنسانية النبيلة».
برامج «راديو المترو» يغلب عليها الترفية والتسلية، وتهدف إلى الارتقاء بالذوق العام وثقافة الشعب المصري، من خلال برامج كوميدية واجتماعية وثقافية وتاريخية قصيرة تحتفي بالهوية المصرية وتراثها الفلكلوري المتنوع، وتخاطب فئات الشعب المصري على اختلاف أعمارها وتوجهاتها، حيث تخاطب الشباب والكبار وأيضًا الأطفال الصغار.
ومن البرامج التي تبث عبر الإذاعة برنامج «كيميت حول العالم»؛ يتناول أغرب وأطرف العادات والتقاليد الاجتماعية في كل دول العالم بطريقة ساخرة، و«سيما مترو»؛ يقدم آخر الأخبار الفنية والسينمائية وبورصة إيرادات السينمات والنجوم وكل ما يقدم على الساحة الفنية بزاوية نقدية، وبرنامج «نوستالجيا»؛ يتطرق إلى أهم فناني الزمن الجميل من مطربين وفنانين وملحنين ومخرجين.
بينما قال أحمد راضي، المدير الفني لـ«راديو كيميت»، إن الإذاعة هي الأولى من نوعها في البلاد، والقائمين على إدارتها هم مجموعة من الشباب.. وشعارنا «محطة ع المحطة».. أي «إذاعة على محطة المترو».
فترة بث الإذاعة تبدأ من الساعة 7 صباحًا وحتى الواحدة من صباح اليوم التالي بعد منتصف الليل، وهي فترة تشغيل مترو الأنفاق بالقاهرة.
ويشير أيمن مسعود مدير البرامج بـ«كيميت» إلى أن الإذاعة تبث 40 برنامجًا في اليوم، ومدة كل برنامج 5 دقائق أو أكثر بقليل، مضيفًا: «نراعي هذه المدة القصيرة نظرًا لكونها متوسط فترة انتظار الراكب للمترو على أي محطة»، لافتًا إلى أن البرامج والأغاني موزعة حسب ساعات الذهاب والإياب لأي مواطن أو شاب.



«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
TT

«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)

«المعارضة الحقيقية هي وسائل الإعلام، ومواجهتها تقتضي إغراقها بالمعلومات المفبركة والمضللة».

هذا ما قاله ستيف بانون، كبير منظّري اليمين المتطرف في الولايات المتحدة عندما كان مشرفاً على استراتيجية البيت الأبيض في بداية ولاية دونالد ترمب الأولى عام 2018.

يومذاك حدّد بانون المسار الذي سلكه ترمب للعودة إلى الرئاسة بعد حملة قادها المشرف الجديد على استراتيجيته، الملياردير إيلون ماسك، صاحب أكبر ثروة في العالم، الذي يقول لأتباعه على منصة «إكس» «X» (تويتر سابقاً): «أنتم اليوم الصحافة».

رصد نشاط بانون

في أوروبا ترصد مؤسسات الاتحاد وأجهزته منذ سنوات نشاط بانون ومراكز «البحوث» التي أنشأها في إيطاليا وبلجيكا والمجر، ودورها في صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في غالبية الدول الأعضاء، والذي بلغ ذروته في انتخابات البرلمان الأوروبي مطلع الصيف الماضي.

وتفيد تقارير متداولة بين المسؤولين الأوروبيين بأن هذه المراكز تنشط بشكل خاص على منصات التواصل الاجتماعي، وأن إيلون ماسك دخل أخيراً على خط تمويلها وتوجيه أنشطتها، وأن ثمة مخاوف من وجود صلات لهذه المراكز مع السلطات الروسية.

درع ضد التضليل

أمام هذه المخاوف تنشط المفوضية الأوروبية منذ أسابيع لوضع اللمسات الأخيرة على ما أسمته «الدرع ضد التضليل الإعلامي» الذي يضمّ حزمة من الأدوات، أبرزها شبكة من أجهزة التدقيق والتحقق الإلكترونية التي تعمل بجميع لغات الدول الأعضاء في الاتحاد، إلى جانب وحدات الإعلام والأجهزة الرقمية الاستراتيجية الموجودة، ومنها منصة «إي يو فس ديسانفو» EUvsDisinfo المتخصّصة التي انطلقت في أعقاب الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم وضمّها عام 2014. و«هي باتت عاجزة عن مواجهة الطوفان التضليلي» في أوروبا... على حد قول مسؤول رفيع في المفوضية.

الخبراء، في بروكسل، يقولون إن الاتحاد الأوروبي يواجه اليوم «موجة غير مسبوقة من التضليل الإعلامي» بلغت ذروتها إبان جائحة «كوفيد 19» عام 2020، ثم مع نشوب الحرب الروسية الواسعة النطاق ضد أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

وإلى جانب الحملات الإعلامية المُضلِّلة، التي تشّنها منذ سنوات بعض الأحزاب والقوى السياسية داخلياً، تعرّضت الساحة الأوروبية لحملة شرسة ومتطورة جداً من أطراف خارجية، في طليعتها روسيا.

ومع أن استخدام التضليل الإعلامي سلاحاً في الحرب الهجينة ليس مُستجدّاً، فإن التطوّر المذهل الذي شهدته المنصّات الرقمية خلال السنوات الأخيرة وسّع دائرة نشاطه، وضاعف تداعياته على الصعيدين: الاجتماعي والسياسي.

الهدف تعميق الاستقطاب

وراهناً، تحذّر تقارير عدة وضعتها مؤسسات أوروبية من ازدياد الأنشطة التضليلية بهدف تعميق الاستقطاب وزعزعة الاستقرار في مجتمعات البلدان الأعضاء. وتركّز هذه الأنشطة، بشكل خاص، على إنكار وجود أزمة مناخية، والتحريض ضد المهاجرين والأقليات العرقية أو الدينية، وتحميلها زوراً العديد من المشاكل الأمنية.

وتلاحظ هذه التقارير أيضاً ارتفاعاً في كمية المعلومات المُضخَّمة بشأن أوكرانيا وعضويتها في حلف شمال الأطلسي «ناتو» أو انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن معلومات مضخمة حول مولدافيا والاستفتاء الذي أجري فيها حول الانضمام إلى الاتحاد، وشهد تدخلاً واسعاً من جانب روسيا والقوى الموالية لها.

ستيف بانون (آ ب)

التوسّع عالمياً

كذلك، تفيد مصادر الخبراء الأوروبيين بأن المعلومات المُضلِّلة لا تنتشر فحسب عبر وسائط التواصل الاجتماعي داخل الدول الأعضاء، بل باتت تصل إلى دائرة أوسع بكثير، وتشمل أميركا اللاتينية وأفريقيا، حيث تنفق الصين وروسيا موارد ضخمة خدمة لمصالحها وترسيخ نفوذها.

كلام فون دير لاين

وفي الكلمة التي ألقتها أخيراً أورسولا فون در لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، بمناسبة الإعلان عن مشروع «الدرع» الذي ينتظر أن يستلهم نموذج وكالة «فيجينوم» الفرنسية ورديفتها السويدية «وكالة الدفاع النفسي»، قالت فون دير لاين: «إن النظام الديمقراطي الأوروبي ومؤسساته يتعرّضون لهجوم غير مسبوق يقتضي منّا حشد الموارد اللازمة لتحصينه ودرء المخاطر التي تهدّده».

وكانت الوكالتان الفرنسية والسويدية قد رصدتا، في العام الماضي، حملات تضليلية شنتها روسيا بهدف تضخيم ظهور علامات مناهضة للسامية أو حرق نسخ من القرآن الكريم. ويقول مسؤول أوروبي يشرف على قسم مكافحة التضليل الإعلامي إن ثمة وعياً متزايداً حول خطورة هذا التضليل على الاستقرار الاجتماعي والسياسي، «لكنه ليس كافياً توفير أدوات الدفاع السيبراني لمواجهته، بل يجب أن تضمن الأجهزة والمؤسسات وجود إطار موثوق ودقيق لنشر المعلومات والتحقق من صحتها».

إيلون ماسك (رويترز)

حصيلة استطلاعات مقلقة

في هذه الأثناء، تفيد الاستطلاعات بأن ثلث السكان الأوروبيين «غالباً» ما يتعرضون لحملات تضليلية، خاصة في بلدان مثل اليونان والمجر وبلغاريا وإسبانيا وبولندا ورومانيا، عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتلفزيون. لكن المفوضية تركّز نشاطها حالياً على الحملات والتهديدات الخارجية، على اعتبار أن أجهزة الدول الأعضاء هي المعنية بمكافحة الأخطار الداخلية والسهر على ضمان استقلالية وسائل الإعلام، والكشف عن الجهات المالكة لها، منعاً لاستخدامها من أجل تحقيق أغراض سياسية.

وللعلم، كانت المفوضية الأوروبية قد نجحت، العام الماضي، في إقرار قانون يلزم المنصات الرقمية بسحب المضامين التي تشكّل تهديداً للأمن الوطني، مثل الإرهاب أو الابتزاز عن طريق نشر معلومات مضلِّلة. لكن المسؤولين في المفوضية الأوروبية يعترفون بأنهم يواجهون صعوبات في هذا المضمار؛ إذ يصعب وضع حدودٍ واضحة بين الرأي والمعلومات وحرية التعبير، وبالتالي، يضطرون للاتجاه نحو تشكيل لجان من الخبراء أو وضع برامج تتيح للجمهور والمستخدمين تبيان المعلومات المزوَّرة أو المضلِّلة.