«المركزي الأوروبي» يناقش أسعار الفائدة والنمو والتضخم

في جلسة نقاش برلمانية مع دراغي اليوم

رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي (أ ب)
رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي (أ ب)
TT

«المركزي الأوروبي» يناقش أسعار الفائدة والنمو والتضخم

رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي (أ ب)
رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي (أ ب)

يشارك ماريو دراغي، رئيس المصرف المركزي الأوروبي، اليوم الاثنين، في جلسة نقاش مع أعضاء البرلمان الأوروبي، حول أسعار الفائدة التي يطبقها المصرف، إلى جانب مناقشة موضوعات أخرى تتعلق بالنمو المنخفض وغير المتكافئ جغرافيا في منطقة اليورو، بالإضافة لملفات أخرى تتعلق بمعدلات التضخم وتراجع الاستثمار في الاقتصاد الحقيقي، بحسب ما صدر عن البرلمان الأوروبي في بروكسل أمس الأحد.
وقال البرلمان الأوروبي، إنه «سيكون هناك جلسة غدًا الثلاثاء للتصويت على مشروع قرار حول الموقف من التطورات في هذه الملفات التي كانت محور النقاش خلال جلسة الاثنين التي تنعقد ضمن جلسات البرلمان الأوروبي الأسبوع الجاري في ستراسبورغ».
وتأتي النقاشات بعد ساعات من تصريحات صدرت عن دراغي، قال فيها «يبدو أن القطاع المصرفي العالمي أصبح في حاجة إلى إدخال بعض التدابير بهدف تنظيم الأعمال ولضمان تكافؤ في الفرص على المستوى العالمي». رئيس البنك المركزي الأوروبي تحدث أثناء مؤتمر صحافي عُقد في فرانكفورت عن حاجة البنك إلى الاستقرار وليس لتغيير الأسس المتبعة حاليًا، كما لمح عن احتمالية تأثير الإدارة الأميركية الجديدة على الأسس البنكية العالمية.
وقال دراغي: «التركيز يجب أن يكون الآن على التنفيذ وليس على إضافة قوانين خارجية جديدة، كما ينبغي إدخال تدابير تنظيمية بطريقة متوازنة وفعاله لضمان نوع من التكافؤ في الفرص على المستوى العالمي، وعلى الرغم من التعديلات المتاحة فإنه لن يكون هناك تراجع على ما قد تم إقراره من قبل».
ومن وجهة نطر الكثير من المراقبين في بروكسل، فإن فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية زاد من آمال البعض في إعطاء البنوك صلاحيات أكبر، بينما رأى البعض الآخر أن إدخال أي تغيير في الأنظمة البنكية الحالية من الممكن أن يضر باقتصاد منطقة اليورو.
وفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول) عقد مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي اجتماعه الدوري، ليخرج بقرار الإبقاء على سعر الفائدة دون تغيير عند صفر في المائة. وقرر مجلس المحافظين المكون من 25 عضوًا، الإبقاء على سعر الفائدة في إطار الجهود الرامية إلى تحفيز اقتصاد منطقة اليورو الهش وتحسين معدل التضخم.
وكان مكتب الإحصاء الأوروبي «يوروستات» أكد مع مطلع الشهر الجاري، ارتفاع معدل التضخم في منطقة اليورو لأعلى معدل له منذ أكثر من عامين خلال شهر أكتوبر، في الوقت الذي حقق فيه اقتصاد المنطقة نموًا متوسطًا خلال الربع الثالث من العام. وأظهرت البيانات أن معدل التضخم السنوي ارتفع من 0.4 في المائة في سبتمبر (أيلول) الماضي إلى 0.5 في المائة أكتوبر، مسجلا أعلى مستوى له منذ يونيو (حزيران) لعام 2014.
واستقر معدل التضخم الأساسي، الذي يستبعد أسعار الأغذية غير المصنعة والطاقة الأكثر تقلبًا وفق تعريف المركزي الأوروبي عند 0.8 في المائة، ما توافق مع توقعات السوق. ويظل معدل التضخم الكلي بعيدًا عن المستوى الذي يستهدفه البنك المركزي الأوروبي عند أقل من اثنين في المائة. أما بالنسبة لاقتصاد المنطقة فقد سجل نموا بنسبة 0.3 في المائة خلال ثلاثة أشهر حتى نهاية سبتمبر الماضي، وهو نفس معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني من العام نفسه. وقد جاءت بيانات التضخم والنمو متوافقة مع توقعات المحللين.
وقبل أيام قليلة صدرت في بروكسل ما يعرف باسم «توقعات الخريف الاقتصادية» وقد توقعت المفوضية أن تتباطأ معدلات النمو الاقتصادي في أوروبا بوتيرة معتدلة رغم الظروف الصعبة وخاصة حالة عدم الاستقرار العالمي وتوقعت المفوضية أن يسجل نمو الناتج المحلي الإجمالي في منطقة اليورو 1.7 في المائة خلال العام الجاري و1.5 في المائة في 2017 و1.7 في المائة في 2018. أما بالنسبة لنمو الناتج المحلي في مجمل الاتحاد الأوروبي فسيسجل 1.8 في المائة عند نهاية العام الجاري و1.6 في المائة العام القادم و1.8 في المائة في العام 2018.
وأضافت المفوضية في توقعاتها أن سوق العمل تشهد مكاسب بفضل الإصلاحات المشجعة ومن المتوقع أن ينمو الاستثمار بنسبة 3.3 في المائة العام الجاري، ويواصل التحسن وسيسجل 3.1 في المائة العام القادم و3.5 في المائة العام 2018. وأوضحت المفوضية أن عدم اليقين السياسي وبطء نمو الاقتصاد خارج الاتحاد الأوروبي وضعف التجارة العالمية ستشكل جميعا عوامل مؤثرة على احتمالات النمو وربما يؤدي ضعف النمو الاقتصادي في السنوات الأخيرة إلى عرقلة عملية النمو وفي نفس الوقت أشارت المفوضية إلى أن الاقتصاد الأوروبي لم يعول على الدعم المتوقع من عوامل خارجية مثل انخفاض سعر النفط أو قيمة العملة والاستهلاك.



ترمب يدرس خصخصة خدمة البريد وسط خسائر مالية ضخمة

يقوم أحد عمال البريد الأميركي بتفريغ الطرود من شاحنته في مانهاتن أثناء تفشي فيروس كورونا (رويترز)
يقوم أحد عمال البريد الأميركي بتفريغ الطرود من شاحنته في مانهاتن أثناء تفشي فيروس كورونا (رويترز)
TT

ترمب يدرس خصخصة خدمة البريد وسط خسائر مالية ضخمة

يقوم أحد عمال البريد الأميركي بتفريغ الطرود من شاحنته في مانهاتن أثناء تفشي فيروس كورونا (رويترز)
يقوم أحد عمال البريد الأميركي بتفريغ الطرود من شاحنته في مانهاتن أثناء تفشي فيروس كورونا (رويترز)

يبدي الرئيس المنتخب دونالد ترمب اهتماماً بالغاً بخصخصة خدمة البريد الأميركية في الأسابيع الأخيرة، وهي خطوة قد تُحْدث تغييرات جذرية في سلاسل الشحن الاستهلاكي وتوريد الأعمال، وربما تؤدي إلى مغادرة مئات الآلاف من العمال الفيدراليين للحكومة.

ووفقاً لثلاثة مصادر مطلعة، ناقش ترمب رغبته في إصلاح الخدمة البريدية خلال اجتماعاته مع هاوارد لوتنيك، مرشحه لمنصب وزير التجارة والرئيس المشارك لفريق انتقاله الرئاسي. كما أشار أحد المصادر إلى أن ترمب جمع، في وقت سابق من هذا الشهر، مجموعة من مسؤولي الانتقال للاستماع إلى آرائهم بشأن خصخصة مكتب البريد، وفق ما ذكرت صحيفة «واشنطن بوست».

وأكد الأشخاص الذين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم نظراً للطبيعة الحساسة للمحادثات، أن ترمب أشار إلى الخسائر المالية السنوية لمكتب البريد، مشدداً على أن الحكومة لا ينبغي أن تتحمل عبء دعمه. ورغم أن خطط ترمب المحددة لإصلاح الخدمة البريدية لم تكن واضحة في البداية، فإن علاقته المتوترة مع وكالة البريد الوطنية تعود إلى عام 2019، حيث حاول حينها إجبار الوكالة على تسليم كثير من الوظائف الحيوية، بما في ذلك تحديد الأسعار، وقرارات الموظفين، والعلاقات العمالية، وإدارة العلاقات مع أكبر عملائها، إلى وزارة الخزانة.

وقال كيسي موليغان، الذي شغل منصب كبير الاقتصاديين في إدارة ترمب الأولى: «الحكومة بطيئة جداً في تبنِّي أساليب جديدة، حيث لا تزال الأمور مرتبطة بعقود من الزمن في تنفيذ المهام. هناك كثير من خدمات البريد الأخرى التي نشأت في السبعينات والتي تؤدي وظائفها بشكل أفضل بكثير مع زيادة الأحجام، وخفض التكاليف. لم نتمكن من إتمام المهمة في فترتنا الأولى، ولكن يجب أن نتممها الآن».

وتُعد خدمة البريد الأميركية واحدة من أقدم الوكالات الحكومية، حيث تأسست عام 1775 في عهد بنيامين فرنكلين، وتم تعزيزها من خلال التسليم المجاني للمناطق الريفية في أوائل القرن العشرين، ثم أصبحت وكالة مكتفية ذاتياً مالياً في عام 1970 بهدف «ربط الأمة معاً» عبر البريد. وعلى الرغم من التحديات المالية التي يفرضها صعود الإنترنت، فإن الخدمة البريدية تظل واحدة من أكثر الوكالات الفيدرالية شعبية لدى الأميركيين، وفقاً لدراسة أجراها مركز «بيو» للأبحاث عام 2024.

ومع مطالبات الجمهوريين في الكونغرس وآخرين في فلك ترمب بخفض التكاليف الفيدرالية، أصبحت الخدمة البريدية هدفاً رئيسياً. وأفاد شخصان آخران مطلعان على الأمر بأن أعضاء «وزارة كفاءة الحكومة»، وهي لجنة غير حكومية يقودها رواد الأعمال في مجال التكنولوجيا إيلون ماسك وفيفيك راماسوامي، أجروا أيضاً محادثات أولية بشأن تغييرات كبيرة في الخدمة البريدية.

وفي العام المالي المنتهي في 30 سبتمبر (أيلول)، تكبدت الخدمة البريدية خسائر بلغت 9.5 مليار دولار، بسبب انخفاض حجم البريد وتباطؤ أعمال شحن الطرود، على الرغم من الاستثمارات الكبيرة في المرافق والمعدات الحديثة. وتواجه الوكالة التزامات تقدّر بنحو 80 مليار دولار، وفقاً لتقريرها المالي السنوي.

من شأن تقليص الخدمات البريدية أن يغير بشكل جذري صناعة التجارة الإلكترونية التي تقدر قيمتها بتريليون دولار، ما يؤثر في الشركات الصغيرة والمستهلكين في المناطق الريفية الذين يعتمدون على الوكالة بشكل كبير. وتُعد «أمازون»، أكبر عميل للخدمة البريدية، من بين أكبر المستفيدين، حيث تستخدم الخدمة البريدية لتوصيل «الميل الأخير» بين مراكز التوزيع الضخمة والمنازل والشركات. كما أن «التزام الخدمة الشاملة» للوكالة، الذي يتطلب منها تسليم البريد أو الطرود بغض النظر عن المسافة أو الجوانب المالية، يجعلها غالباً الناقل الوحيد الذي يخدم المناطق النائية في البلاد.

وقد تؤدي محاولة خصخصة هذه الوكالة الفيدرالية البارزة إلى رد فعل سياسي عنيف، خصوصاً من قبل الجمهوريين الذين يمثلون المناطق الريفية التي تخدمها الوكالة بشكل غير متناسب. على سبيل المثال، غالباً ما يستدعي المسؤولون الفيدراليون من ولاية ألاسكا المسؤولين التنفيذيين في البريد للوقوف على أهمية الخدمة البريدية لاقتصاد الولاية.

وفي رده على الاستفسارات حول خصخصة الوكالة، قال متحدث باسم الخدمة البريدية إن خطة التحديث التي وضعتها الوكالة على مدى 10 سنوات أدت إلى خفض 45 مليون ساعة عمل في السنوات الثلاث الماضية، كما قللت من الإنفاق على النقل بمقدار 2 مليار دولار. وأضاف المتحدث في بيان أن الوكالة تسعى أيضاً للحصول على موافقة تنظيمية لتعديل جداول معالجة البريد، وتسليمه لتتوافق بشكل أكبر مع ممارسات القطاع الخاص.

كثيراً ما كانت علاقة ترمب مع وكالة البريد الأميركية متوترة، فقد سخر منها في مناسبات عدة، واصفاً إياها في المكتب البيضاوي بأنها «مزحة»، وفي منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، وصفها بأنها «صبي التوصيل» لشركة «أمازون».

وفي الأيام الأولى لجائحة فيروس «كورونا»، هدد ترمب بحرمان الخدمة البريدية من المساعدات الطارئة ما لم توافق على مضاعفة أسعار الطرود 4 مرات. كما أذن وزير خزانته، ستيفن منوشين، بمنح قرض للوكالة فقط مقابل الحصول على وصول إلى عقودها السرية مع كبار عملائها.

وقبيل انتخابات عام 2020، ادعى ترمب أن الخدمة البريدية غير قادرة على تسهيل التصويت بالبريد، في وقت كانت فيه الوكالة قد مُنعت من الوصول إلى التمويل الطارئ الذي كان يحظره. ومع ذلك، في النهاية، تمكنت الخدمة البريدية من تسليم 97.9 في المائة من بطاقات الاقتراع إلى مسؤولي الانتخابات في غضون 3 أيام فقط.

وعند عودته إلى منصبه، قد يكون لدى ترمب خيارات عدة لممارسة السيطرة على وكالة البريد، رغم أنه قد لا يمتلك السلطة لخصخصتها بشكل أحادي. حالياً، هناك 3 مقاعد شاغرة في مجلس إدارة الوكالة المكون من 9 أعضاء. ومن بين الأعضاء الحاليين، هناك 3 جمهوريين، اثنان منهم تم تعيينهما من قبل ترمب. ولدى بايدن 3 مرشحين معلقين، لكن من غير المرجح أن يتم تأكيدهم من قبل مجلس الشيوخ قبل تنصيب ترمب.

ومن المحتمل أن يتطلب تقليص «التزام الخدمة الشاملة» بشكل كبير - وهو التوجيه الذي أوصى به المسؤولون خلال فترة ولاية ترمب الأولى - قانوناً من الكونغرس. وإذا تم إقرار هذا التشريع، فإن الخدمة البريدية ستكون ملزمة على الفور تقريباً بتقليص خدمات التوصيل إلى المناطق غير المربحة وتقليص عدد موظفيها، الذين يقدَّر عددهم بنحو 650 ألف موظف.

وقد تؤدي محاولات قطع وصول الوكالة إلى القروض من وزارة الخزانة، كما حاولت إدارة ترمب في السابق، إلى خنق الخدمة البريدية بسرعة، ما يعوق قدرتها على دفع رواتب موظفيها بشكل دوري وتمويل صيانة مرافقها ومعداتها. وقال بول ستيدلر، الذي يدرس الخدمة البريدية وسلاسل التوريد في معهد ليكسينغتون اليميني الوسطي: «في النهاية، ستحتاج الخدمة البريدية إلى المال والمساعدة، أو ستضطر إلى اتخاذ تدابير قاسية وجذرية لتحقيق التوازن المالي في الأمد القريب. وهذا يمنح البيت الأبيض والكونغرس قوة هائلة وحرية كبيرة في هذا السياق».

وقد حذر الديمقراطيون بالفعل من التخفيضات المحتملة في خدمة البريد. وقال النائب جيري كونولي (ديمقراطي من فرجينيا)، أحد الداعمين الرئيسيين للوكالة: «مع مزيد من الفرص أمامهم، قد يركزون على خصخصة الوكالة، وأعتقد أن هذا هو الخوف الأكبر. قد يكون لذلك عواقب وخيمة، لأن القطاع الخاص يعتمد على الربحية في المقام الأول».

كما انتقدت النائبة مارغوري تايلور غرين (جمهورية من جورجيا)، رئيسة اللجنة الفرعية للرقابة في مجلس النواب، الخدمة البريدية في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، وكتبت: «هذا ما يحدث عندما تصبح الكيانات الحكومية ضخمة، وسوء الإدارة، وغير خاضعة للمساءلة».

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، تعرضت الوكالة لانتقادات شديدة، حيث خضع المدير العام للبريد، لويس ديغوي، لاستجواب حاد من الجمهوريين في جلسة استماع يوم الثلاثاء. وحذر رئيس لجنة الرقابة في مجلس النواب، جيمس كومر (جمهوري من كنتاكي)، ديغوي من أن الكونغرس في العام المقبل قد يسعى لإصلاح الخدمة البريدية.

وسأل الجمهوريون مراراً وتكراراً عن استعادة التمويل لأسطول الشاحنات الكهربائية الجديد للوكالة، والخسائر المالية المتزايدة، وعن الإجراءات التنفيذية التي قد يتخذها ترمب لإخضاع الخدمة.

وقال كومر: «انتهت أيام عمليات الإنقاذ والمساعدات. الشعب الأميركي تحدث بصوت عالٍ وواضح. أنا قلق بشأن الأموال التي تم تخصيصها للمركبات الكهربائية، والتي قد يجري استردادها. أعتقد أن هناك كثيراً من المجالات التي ستشهد إصلاحات كبيرة في السنوات الأربع المقبلة... هناك كثير من الأفكار التي قد تشهد تغييرات كبيرة، وإن لم تكن مفيدة بالضرورة لخدمة البريد».