تونس: مشاورات لتشكيل تكتل يكسر استقطاب «ثنائي النداء ـ النهضة»

«الاتحاد الوطني الحر» يسعى لجبهة معارضة بعيدًا عن حلفاء الأمس

تونس: مشاورات لتشكيل تكتل يكسر استقطاب «ثنائي النداء ـ النهضة»
TT

تونس: مشاورات لتشكيل تكتل يكسر استقطاب «ثنائي النداء ـ النهضة»

تونس: مشاورات لتشكيل تكتل يكسر استقطاب «ثنائي النداء ـ النهضة»

كشف قيادي حزبي وجود مشاورات بين مجموعة من الأحزاب السياسية المعارضة لتشكيل جبهة مفتوحة لكل الأحزاب بعيدًا عن حزبَي «نداء تونس» و«حركة النهضة» رمزَي الاستقطاب السياسي في البلاد.
وذكر محسن حسن القيادي بحزب «الاتحاد الوطني الحر» أن الحزب الذي ينتمي إليه يقود هذه المشاورات التي بلغت مستوى «متقدما»، وهي تشمل مجموعة من الأحزاب السياسية المعارضة على رأسها «حركة مشروع تونس». وأكد حسن تقدم المشاورات مع حركة «مشروع تونس» (28 مقعدا برلمانيا) التي يتزعمها محسن مرزوق، الأمين العام المستقيل من حزب النداء، و«الاتحاد الوطني الحر» (14 مقعدا برلمانيا) بزعامة سليم الرياحي. وبشأن هذه الجبهة السياسية الجديدة، قال حسن لـ«الشرق الأوسط»، إن كل التيارات السياسية مُرحب بها في «جبهة سياسية ديمقراطية» تحمل اسم «جبهة الإصلاح». وأضاف أن الاجتماعات التحضيرية ضمت رئيسي الحزبين ورئيسي الكتلة في البرلمان التونسي، ورئيسي المكتب السياسي، إضافة إلى مشاركة قياديين من الحزبين، ومن المنتظر أن تفضي، على حد قوله، إلى تشكيل جبهة سياسية تُعدّ محطة أولى وجبهة انتخابية لاحقا في إطار التحضير للانتخابات البلدية المزمع إجراؤها خلال السنة المقبلة.
وفي السياق ذاته، يجري حزب «الاتحاد الوطني الحر» اتصالات مع أحزاب سياسية وسطية تشترك معه على المستوى الأيديولوجي (توجه ليبرالي) وتتفق مع خياراته وتوجهاته، وذلك لتوسيع مجال التشاور وجمع عدد أكبر من الأحزاب التي قد تشكل جبهة سياسية موحدة قادرة على تغيير الخريطة السياسية في تونس.
وكان محسن مرزوق المنسق العام لحركة مشروع تونس (الحزب الذي أسسه بعد استقالته من حزب النداء)، قد أكد تقدم مفاوضات مع حزب «الاتحاد الوطني الحر» بهدف بناء جبهة سياسية جديدة من المتوقع أن يعلن عنها بصفة رسمية بداية السنة المقبلة. وشارك حزب الاتحاد الوطني الحر إلى جانب حزبي النداء (67 مقعدا برلمانيا) والنهضة (69 مقعدا برلمانيا) وحزب آفاق تونس (8 مقاعد برلمانية) في الائتلاف السياسي الذي قاده الحبيب الصيد وحكم تونس إثر الإعلان عن نتائج الانتخابات البرلمانية سنة 2014. وحصل على أربع حقائب وزارية في حكومة الحبيب الصيد، إلا أن حظوظه تقلصت إثر تشكيل حكومة الوحدة الوطنية التي يرأسها يوسف الشاهد، مما جعله يمتنع عن المشاركة في الحكومة ويكتفي بدعمها.
وبشأن التحالفات السياسية الجديدة، قال جمال العرفاوي المحلل السياسي التونسي لـ«الشرق الأوسط»، إن ظاهرة التحالفات السياسية في تونس ليست جديدة على الساحة، ولكن قليلا منها ينجح في العمل السياسي المشترك نتيجة المنافسة الحادة على الزعامة وعدم الاتفاق على الأولويات السياسية. وأشار العرفاوي إلى وجود جبهات سياسية في الوقت الراهن، من بينها جبهة الوحدة الوطنية التي يدور حولها حديث كثير، وهي جبهة اقترحها بصفة غير رسمية الرئيس التونسي الحالي الباجي قائد السبسي، في محاولة لتعويض الفشل السياسي الذي يعاني منه حزب النداء.
كما أن المهدي جمعة رئيس الحكومة التونسية السابق، يقود بدوره جبهة سياسية تحت اسم «البدائل»، ونفس التوجه كذلك موجود لدى السياسي أحمد نجيب الشابي الذي دعا إلى جبهة سياسية معارضة لحركة النهضة وتضم أحزاب النداء والجمهوري وآفاق تونس. وأكد أن معظم الأحزاب السياسية التي تقف في صفوف المعارضة تسعى إلى كسر التحالف السياسي القوي بين حركة نداء تونس وحركة النهضة، إلا أنها فشلت في تحييد النهضة عن المشهد السياسي ولم تنجح في شق هذا الاستقطاب الثنائي الذي برز إثر انتخابات 2014.
على صعيد غير متصل، عثرت وحدات الأمن الوطني بجزيرة جربة (وسط شرقي تونس)، على جثة مواطن بريطاني يبلغ من العمر 66 سنة بمنزله، حيث كان يقيم بالجهة. وأفادت وزارة الداخلية التونسية في بيان بأنها ألقت القبض على شخصين اعترفا باقترافهما جريمة القتل وارتباطهما بعلاقات مشبوهة بالمجني عليه.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.