انقلابيو اليمن يشنون قصفًا عنيفًا على تعز غداة إعلان وقف النار

قائد عسكري: ملتزمون بالهدنة رغم خروقات الميليشيات

مقاتلو الجيش اليمني في إحدى جبهات تعز (المركز الإعلامي للقوات المسلحة اليمنية)
مقاتلو الجيش اليمني في إحدى جبهات تعز (المركز الإعلامي للقوات المسلحة اليمنية)
TT

انقلابيو اليمن يشنون قصفًا عنيفًا على تعز غداة إعلان وقف النار

مقاتلو الجيش اليمني في إحدى جبهات تعز (المركز الإعلامي للقوات المسلحة اليمنية)
مقاتلو الجيش اليمني في إحدى جبهات تعز (المركز الإعلامي للقوات المسلحة اليمنية)

لم تلتزم ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية بهدنة وقف إطلاق النار وبالسماح بدخول المساعدات الإنسانية للمناطق المحاصرة، وفي مقدمتها مدينة تعز، المحاصرة منذ نحو عامين، ورفع الحصار عنها.
وشددت الميليشيات الانقلابية حصارها المطبق على جميع مداخل مدينة تعز، لتمنع بذلك دخول المواد الغذائية والطبية والإغاثية وجميع المستلزمات، وكذلك منعت دخول المواطنين الذين قدموا لمدينة تعز مستغلين الهدنة لقضاء حاجياتهم وزيارة منازلهم التي هُجروا منها قسرا جراء القصف المستمر عليهم، وكذا تهجيرهم من قراهم ومنازلهم، لتجعل منها الميليشيات الانقلابية مخازن وثكنات عسكرية.
وتعرضت تعز للقصف من الساعة الأولى لبدء سريان الهدنة، ما يشير إلى عدم وجود أي أثر فيها للهدنة المتفق عليها، وعدم التزام الميليشيات الانقلابية بها، حيث يواصلون القصف بمختلف أنواع الأسلحة المتوسطة والثقيلة على الأحياء السكنية في مدينة تعز ومواقع الجيش اليمني والقوات الموالية له، الأمر الذي يشير إلى أن الميليشيات تريد فقط تحقيق مكاسب لها على الأرض من خلال هذه الهدنة.
وبحسب شهود عيان لـ«الشرق الأوسط»، فقد «سقط قتلى وجرحى من المدنيين، بينهم نساء وأطفال، جراء قصف الميليشيات الانقلابية على أحياء تعز وقرى وأرياف المحافظة»، حيث لم يتسنَّ رصد إحصائية دقيقة حتى كتابة الخبر.
وقال مواطنون من تعز لـ«الشرق الأوسط» إنهم «لا يؤيدون هذه الهدنة الجديدة وبخاصة في ظل تقدم قوات الجيش اليمني والقوات الموالية لها في جميع جبهات القتال وتحقيق انتصارات كبيرة وتكبيد الميليشيات الانقلابية خسائر كبيرة، وهناك قناعة كبيرة بأنهم لن يلتزموا بهذه الهدنة وستكون لصالحهم لترتيب مواقعهم».
وطالبوا القوات الحكومية وقوات التحالف العربي، التي تقودها السعودية، «بسرعة دعم قوات الجيش اليمني في جميع جبهات القتال وسرعة الحسم العسكري، لتطهير المحافظة من الميليشيات الانقلابية وفك الحصار عنها»، لافتين إلى أن هذه الميليشيات «لا تعرف سوى لغة السلاح منذ انقلابها على الشرعية، وهو ما يجب القيام به على كل وجه وبأسرع وقت؛ لأنها تريد فقط وقف إطلاق النار من قبل الجيش اليمني والقوات الموالية له، وإيقاف تحليق طيران التحالف».
وبدوره، أكد اللواء الركن خالد فاضل، قائد محور تعز، أن «ميليشيات الحوثي وصالح، لم تلتزم بأي هدنة أو اتفاقيات، وتستمر في قصفها الأحياء السكنية في المدينة».
وقال إن «قوات الجيش ملتزمة بالهدنة المعلنة وفقا لتوجيهات الرئيس عبد ربه منصور هادي وقيادة التحالف العربي، رغم خرقها من قبل الميليشيات الانقلابية منذ اللحظة الأولى».
وتعهد قائد المحور، أثناء تفقده المواقع المحررة ولقائه بقوات من الجيش اليمني، بـ«استمرار العمليات العسكرية وتوسيع نطاقها حتى يتم تحرير كامل المحافظة من ميليشيات الانقلاب»، مثمنا «دعم دول التحالف العربي للجيش الوطني في محافظة تعز، وبخاصة صقور الجو، والتي كان لضرباتهم الموفقة دور كبير في تفتيت ترسانة الميليشيات وأسلحتهم».
ولم تكتف الميليشيات الانقلابية بخرق هدنة وقف إطلاق النار في مدينة تعز وحسب، بل شنت قصفها العنيف على مواقع الجيش اليمني والقوات الموالية له في قرى حيفان والصلو الريفية، جنوب المدينة، بالتزامن مع الاشتباكات بالأسلحة المتوسطة، في حين حققت قوات الجيش اليمني تقدمها في قرية الشرق بمديرية الصلو.
وقال حيفان سهيل الخرباش، القيادي في الجيش اليمني، لـ«الشرق الأوسط» إن «جبهة الأحكوم في مديرية حيفان، شهدت تبادلاً لقصف مدفعي عنيف، على إثر شن ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية هجومها على مواقع الجيش اليمني في الأحكوم، مع تكثيف قصفها المدفعي باتجاه طريق هيجة العبد، الشريان الرئيسي بين تعز وعدن ولحج، إضافة إلى قصفها المدفعي على مواقع الجيش اليمني في جبهة الصلو. وتمكنت الميليشيات من تحقيق تقدم في جبهة الأحكوم مستغلة بذلك الهدنة المتفق عليها».
وأضاف أن «قوات الجيش اليمني ردت على قصف الميليشيات الانقلابية بقصف مواقعها في الصلو وحيفان، مع اشتداد المواجهات، وسقط قتلى وجرحى في صفوف المدنيين جراء القصف المستمر على قراهم من قبل الميليشيات الانقلابية».
وتحدث عن «تمكن قوات الجيش اليمني من السيطرة على منزل الشيخ عبد الرقيب الصلوي، أحد قيادات المؤتمر الشعبي العام التابع لصالح، في قرية الشرف بمديرية الصلو، وهو من سهَّل دخول ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية إلى القرية».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.