العالول لـ «الشرق الأوسط» : انتخابات فتح والمنظمة تهدف إلى إيجاد قيادة مؤهلة

المؤتمر السابع للحركة سيكون أكثر إثارة.. وسيمهد لخليفة عباس

العالول
العالول
TT

العالول لـ «الشرق الأوسط» : انتخابات فتح والمنظمة تهدف إلى إيجاد قيادة مؤهلة

العالول
العالول

قبل أسبوعين على موعد انعقاد المؤتمر السابع لحركة فتح الذي يفترض أن يأتي بقيادة جديدة للحركة، بدا مكتب التعبئة والتنظيم في رام الله الذي يمكن وصفه بـ«مركز التنظيم»، مثل خلية نحل حقيقية، لكن مع كثير من الفوضى التي تفرضها حمى المؤتمر.
وبدا محمود العالول، عضو اللجنة المركزية للحركة مفوض التعبئة والتنظيم، مختلفًا عن غيره، وغير قلق من مدخلات أو مخرجات «المؤتمر» الذي يكتسب أهميته هذه المرة من كونه أحد أكثر المؤتمرات المثيرة للجدل والخلاف، وأنه يرسم ملامح شخصية «الرئيس الجديد»، وفق منطق «فتحاوي خالص»، أي أنه يجب أن يكون عضوًا في مركزية فتح، ومن ثم في اللجنة التنفيذية لمنظمة لتحرير التي ستشهد كذلك انتخابات جديدة لاحقة لانتخابات فتح المقررة في 29 من هذا الشهر.
ومع تعالي أصوات كثيرة داخل «فتح» رافضة أو متشككة أو غاضبة من المؤتمر، أو طريقة اختيار أعضائه، أكد العالول على الأمل المبني على انعقاد المؤتمر في هذا الوقت، وهو أمل مرتبط أساسًا بترتيب البيت الفلسطيني لطي صفحة صعبة، وبدء مرحلة جديدة قد تكون أكثر تعقيدًا.
وقال العالول، في حديث مطول مع «الشرق الأوسط»: «لقد أصبح لزامًا علينا عقد مجموعة من المؤتمرات، وليس مؤتمر فتح فقط (المؤتمر السابع)، ويليه المجلس الوطني (منظمة التحرير)، من أجل تجديد الشرعيات، وخلق قوة دفع جديدة من أجل استمرار النضال في ظل هذه الظروف الصعبة. وإضافة إلى ذلك، نحن أيضًا بحاجة للتأكيد على أن التدخلات ومحاولات الإملاء مرفوضة، وأن الضغوط علينا لن تأتي بنتيجة. نريد أن نؤكد على استقلال القرار الوطني الفلسطيني الذي صنعته (فتح) عبر مسيرتها، ودفعت دماءً لأجله. ونحن بحاجة للتأكيد كذلك على أننا متمسكون بالثوابت، ولن نتنازل عنها. ونحن في (فتح) سنؤكد على أن هذه الحركة هي حركة تحرر وطني مستمرة بالنضال من أجل نيل الحرية والاستقلال لشعبها، ولم تسقط أي من خيارتها».
وتمثل نقطة رفض الضغوط «العربية» التي أشار إليها العالول القضية الأكثر حساسية بالنسبة للسلطة الفلسطينية الآن، وربما للدول العربية نفسها، بعد أن أصرت جهات عربية على المصالحة بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس والقيادي المفصول من فتح محمد دحلان، لكن عباس رفض الأمر، وأعلن عن المؤتمر الذي ينتظر أن يتخلص من دحلان وأتباعه كذلك.
وبخلاف آخرين بثوا مرارًا أن لا شيء في أفق العلاقات الفلسطينية - العربية، لم يخف العالول استغرابه من تدخلات عربية، قائلاً: «نحن استغربنا الضغوط العربية. هذا كان أمرًا قاسيًا بالنسبة لنا، ويتم الإصرار على ذلك».
وطلب العالول من الدول العربية أن تدرس الواقع بشكل جيد، موضحًا أن «هناك حساسية غير مسبوقة، وهناك حساسية من أي تدخلات خارجية ومحاولات إملاء».
وفي رسالة أخرى أكثر حدة، أوضح العالول: «موضوع دحلان (وصفه بالمتبنى من قبل الولايات المتحدة) أصبح خلفنا، وسيبقى كذلك»، مستدركا بدبلوماسية: «لكن أيضًا يجب أن يكون واضحًا أن (فتح) ستبقى حريصة إلى أبعد الدرجات على علاقات إيجابية مع كل العرب».
وجاء حديث العالول عن إبقاء دحلان خارجًا في وقت اتخذت فيه «فتح» قرارات إضافية بحق عدد من أتباع دحلان، بعضها لم يرى النور بعد، لكن أهمها على الإطلاق هو شطب كل من له الحق بالمشاركة في مؤتمر «فتح» وهو محسوب على دحلان. كانت اللجنة المركزية قد فصلت أعضاء بارزين في «فتح» محسوبين على دحلان، وذلك بعدما أظهروا له الولاء، وهو ما أثار قلقًا من تنامي عدد وقوة هؤلاء. ويمكن متابعة آخرين ليسوا «دحلانيين» في هذا الوقت صبوا جام غضبهم على المؤتمر السابع بسبب ما يعتقدون أنها «اختيارات شخصية» و«توريث» في اختيار أعضاء المؤتمر السابع، البالغ عددهم نحو 1400.
ويعني الرقم المذكور بالضرورة أن آلافًا آخرين سيكونون غاضبين بسبب عدم اختيارهم، وقد حاول مساعدو العالول تهدئة البعض من هؤلاء بقولهم إن المؤتمر ليس آخر المطاف. كما قال العالول نفسه: «نحن نعرف أن مؤتمر من 20 ألف شخص لن يكفي حركة واسعة وكبيرة مثل (فتح)، لكننا حرصنا على تمثيل كل القطاعات. إنه في نهاية الأمر مؤتمر تمثيلي».
ورفض العالول إطلاق بعض الغاضبين من أتباع دحلان مصطلح «إقصائي» على المؤتمر المرتقب، وأكد أن لا أحد ضمن بعد مقعده في مركزية أو ثوري فتح، مستبعدًا كذلك حدوث مفاجآت: «كلهم (الفائزون) من عجينة هذه الحركة»، وعقب: «أبو جهاد فقد ابنه البكر جهاد، بعد أن قتلته إسرائيل في مظاهرات في الضفة الغربية خلال الانتفاضة الثانية، وهو ما أكسبه احترامًا أوسع داخل حركة فتح».
ولم يحسم العالول إجابته في أسئلة حول ملف وفاة الرئيس ياسر عرفات، لكنه ألمح إلى شيء قريب، وقال إن «اللجنة المركزية تنتظر في هذا الوقت تسلميها تقريرًا من لجنة التحقيق التي شكلتها بشأن ظروف وفاة أبو عمار»، مضيفًا: «نحن نعرف القاتل الرئيسي، إنه المستفيد من غيابه، وهي إسرائيل. والمنتظر الآن كشف الأدوات»، ومؤكدًا أن كشف هذه الأدوات بات قريبًا.
وعرج العالول على العلاقة مع «حماس»، قائلاً إن ثمة تطورات لا يمكن الكشف عنها الآن ستأتي بنتائج مختلفة، معربًا عن أمله في أن يتمكن الفلسطينيون من ترتيب أوراقهم، بما يشمل مصالحة مع «حماس». وربط العالول بين ذلك كله وعقد مؤتمر «فتح» الذي يفترض أن يأتي بلجنة مركزية جديدة، وكذلك عقد المجلس الوطني الذي يفترض أن يأتي بلجنة تنفيذية جديدة للمنظمة، وقال بهذا الخصوص: «نريد قيادة مؤهلة، قيادة قادرة على مواجهة تحديات المرحلة الحالية والمقبلة». لكن هناك من يرى أن هذه الانتخابات المتلاحقة تهدف إلى تجهيز الرئيس الجديد، وضمان انتقال سلس للسلطة. وقد عقب العالول على ذلك بقوله: «أنا ضد المسألة.. لا نريد الاستقراء في هذا الأمر، لكن أقول إننا نبذل كل الجهود لترتيب البيت».
وفي الوقت نفسه، كشف العالول عن أن تعيين نائب لرئيس السلطة سيكون على طاولة المجلس الوطني، وقد يتخذ بشأنه قرارًا، مثلما سيعلن مؤتمر فتح عن نائب لرئيس الحركة.
فهل يكون هذا النائب «مشتركًا»، وهو الرئيس القادم؟
وحدها مخرجات الانتخابات الأهم في فتح والمنظمة ستجيب عن ذلك.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».