على خطى العراق.. الطائفية قنبلة قيد التجهيز في اليمن

الحوثيون استحدثوا حسينيات وحوزات وحاولوا إعطاء صبغة دينية مذهبية للانقلاب

على خطى العراق.. الطائفية قنبلة قيد التجهيز في اليمن
TT

على خطى العراق.. الطائفية قنبلة قيد التجهيز في اليمن

على خطى العراق.. الطائفية قنبلة قيد التجهيز في اليمن

يواجه اليمن تحديًا جديدًا يتمثل في تغذية الطائفية التي قد تنتهي بـ«اليمن السعيد» إلى بؤس الحرب الأهلية، نتيجة محاولة التمرد الحوثي استحداث منهج جديد يقوم على مبدأ إقصاء الآخر، وهو أمر لم تعرفه اليمن من قبل.
وبحسب معلومات مؤكدة، باشر التمرد الحوثي استحداث حسينيات وحوزات دينية إقصائية، ومحاولة وضع صبغة دينية على الانقلاب والزعم أنه حصل بتكليف شرعي ينسجم مع تعاليم السماء وفق المذهب الذي يكرّس منطق ولاية الفقيه، لتغدو الدولة دينية - طائفية بامتياز، وهو ما يعني أن الطائفية باتت قنبلة قيد التجهيز للانفجار في اليمن، وذلك على النحو الذي يعاني منه العراق حاليًا.
ذكر مستشار محافظ الجوف اليمنية، أحمد البحيح في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن ظهور الحوزات بدأ في اليمن بشكل علني ما بين عامي 2004 و2006. وذلك أيام حروب صعدة في مديرية «المطمة». وبيّن أن بعض الحوزات كانت في مباني طينية كغرف للتدريس، وكانت هناك حسينيات لإقامة طقوس دينية في مناسبات متعددة أبرزها مناسبة عاشوراء وإقامة مجالس العزاء الحسيني التي ترفع فيها الرايات السود الدالة على الحزن، والبكاء، وضرب الصدور (اللطم)، وتوزيع الرايات والغذاء والكساء على الموالين.
وأوضح البحيح أن الحوزات كانت تحظى بدعم مالي كبير وتنفق عليها مبالغ طائلة أدت إلى التنازع بين مؤسسيها الذين ينتمي غالبيتهم لآل درمان ومبخوت كرشان، وتابع: «كان عدد الحوزات أربع، منها واحدة عند آل درمان والثانية عند آل عبد الله مرعي والثالثة بحصن آل كرشان والرابعة كانت في القصبة». ولفت إلى أن عدد الطلاب في حوزات اليمن وصل إلى نحو مائتي طالب، ويتم فيها تدريس مجموعة من الكتب أبرزها أصول الكافي، كما تشهد الحوزات إقامة اللقاءات الفكرية على مستويات مختلفة ويدّرس فيها علماء دين يمنيون ممن سبق لهم الدراسة في سوريا والعراق وإيران، فضلاً عن أن الحوزات تشهد تنظيم زيارات للشخصيات الحوثية في صنعاء حيث يتزعمهم مبخوت كرشان وصالح درمان، في حين يعتبر ظافر درمان قياديا كبيرا لهم.

تأثير «عاصفة الحزم»
وأردف البحيح شارحًا أن القائمين على تلك الحوزات «كانوا يحصلون على دعم مالي من إيران وسوريا، ويقسم بعض من هذه المبالغ للحوثيين بطريقة سرية، إلا أن (عاصفة الحزم) أدت إلى اختفاء الأنشطة التي كانت تقوم بها الميليشيات، من خلال الحوزات والحسينيات التي يقيم فيها الشيعة طقوسهم المعتادة». واستطرد أن «من الحسينيات التي فقدت نشاطها بفعل ضربات التحالف العربي لتحرير اليمن الحسينية التي تقام في سوق الاثنين عند محمد محسن بن نسعه أو ابنه صالح والتي يرفع عليها رايات مكتوب عليها يا حسين وغيرها».

أول حسينية في 2008
كذلك أشار مستشار محافظ الجوف إلى أن أول حسينية تم إنشاؤها بعد حرب 2008 استدعى فيها الحوثيون بعضا من مشايخ القبائل وأرسلوهم إلى إيران، وعادوا منها لتأسيس كثير من الحسينيات. وأردف أن «مبخوت كرشان، الذي درس في قُم، يعتبر أقدم مرجعية اثنى عشرية في اليمن منذ منتصف التسعينات، كما كانت توجد قيادات من الغيل والزاهر هاجرت إلى إيران وما زالت تقيم هناك بصفتها مرجعيات». وتابع سرده: «فيما يتعلق بالغيل، تم إرسال عدد من الحوثيين إلى إيران مع زوجاتهم، وكان يتزعمهم يحيى عزّان الشريف، وهو شخص يعتقد أنه ساحر لديه كتاب شمس المعارف، وكان التمرد الحوثي بنى له بيتًا في الغيل، وهو البيت الذي زُعم أنه أفضل من الكعبة، وأن زيارته أفضل من الحج والعمرة». ثم قال إن «أناسًا انخدعوا فعلاً، خصوصًا أن غالبية أهالي الجوف والغيل من أتباع الطائفة الزيدية، وهي طائفة شيعية تم التأثير على كثير من أتباعها باستمالة مشاعرهم باسم (مظلومية آل البيت)».. وذكر أنه عندما مات زعيمهم في الغيل يحيى عزّان جعلوا قبره مزارا لأنهم وجدوا في الغيل حاضنة شعبية قوية.

التمهيد لتمزيق اليمن
البحيح، أفاد أيضًا خلال اللقاء مع «الشرق الأوسط» بأن النظام الإيراني «يجر أتباعه في اليمن إلى وحل الطائفية تمهيدًا لتمزيق اليمن الذي يمثل مهد العروبة». وذهب إلى «أن النظام الإيراني، الذي أوعز لأتباعه في اليمن لبناء الحسينيات والحوزات الشيعية، لا يفكر في تقديم خدمات دينية بقدر ما يخطط لكارثة سيصنعها التناحر الداخلي لأنه على يقين تام أن التمرد والانقلاب على السلطة، وإن نجح في بداية الأمر، لن يستمر إلى الأبد فـ(عاصفة الحزم) ستقصي المتمردين عن السلطة، ما يجعله يخطط لما بعد التحرير من خراب وتدمير لليمن».

الحوزة.. والحسينية
وعن الفرق بين الحسينية والحوزة، أوضح المتخصص في العلوم الشرعية، الدكتور عبد الله الفراج، أن «الحسينية مركز للعبادة والوعظ كما تقام فيها المناسبات الدينية والاجتماعية، أما الحوزة فهي مؤسسة تعليمية شرعية، ويدرس فيها طالب العلم الفقه على ثلاث مراحل أساسية».
وأضاف الفراج أن «المرحلة الأولى، تشمل المقدمات، ويتم فيها التدريس على أربعة مستويات، المرحلة الأولى تركز على كتب النحو والصرف والبلاغة والمعاني والبيان والمنطق إضافة إلى الفقه. أما المرحلة الثانية، وهي دراسة السطوح، ويدرس فيها الفقه بتوسع شديد والفلسفة. ثم تأتي المرحلة الثالثة الأخيرة، وهي مخصصة للبحث ويتخرج فيها طالب العلم فقيهًا يجيز فقهيته واحد من الفقهاء الكبار في الحوزات الموجودة في العراق وإيران، مثل النجف أو كربلاء أو قُم».
وأشار الفراج إلى عدم وجود نظام للاختبار ومنح الشهادة العلمية، وعدم وجود وقت محدد لكل مرحلة، أو «مستوى» كما تسمى «بل يترك للطالب حرية اختيار الكتاب، والمعلم الذي يتلقى على يديه تعليمه، والوقت المستغرق للانتهاء منه. وقد تطول مدة الدراسة عشر سنين، أو عشرين سنة، وبعضهم تكون غايته التكسب والمعاش، فهو يريد للمدة أن تطول حيث يحصل الدارس على مبالغ نقدية طوال دراسته». وذكر أنه «ما كان مسموحًا في اليمن بإقامة حوزات، أو حتى حسينيات، قبل وجود الجماعة الحوثية الاثني عشرية. ولكن بعد تواجدهم، قاموا بإنشاء الحوزات والحسينيات»، لافتا إلى «أنهم ليسوا من الزيدية، كما يدّعون، بل من الاثني عشرية الذين لديهم خلاف كبير مع أهل السنة بعكس أتباع الطائفة الزيدية، وأن إنشاءهم الحوزات والحسينيات جاء بغرض إدخال مؤثرات سياسية في الشأن العلمي، بهدف التحريض وإحداث اضطرابات مجتمعية تبعد عن الهدف العلمي المعمول به في الحوزات العلمية التي تبعد كل البعد عن النظام السياسي».

تصدير طائفية إيران
أما نجيب غلاب، مستشار رئيس الوزراء اليمني، فقال لـ«الشرق الأوسط» خلال لقاء معه إن «إيران اعتمدت سياسة ثابتة وممنهجة لإضعاف الدول العربية عبر تصدير الطائفية بأشكالها المثيرة للنزاعات والصراعات الدموية، وإحداث انقسامات حادة عبر المذهبية لتفكيك الهوية الوطنية وتدمير الحواضر العربية». وأضاف غلاب: «إن الصراع الطائفي لم يكن موجودًا في اليمن بعدما تشكل وعي اليمني على أساس التواصل والاتصال.. كل صراعاتنا لم تأخذ بعدًا طائفيًا بل كانت صراعات على السلطة والثروة، وتتلبس أحيانا بالقناع الديني، لكنها لم تكن أبدا طائفية. لكن مع بروز الحوثية بوصفها حركة طائفية خمينية بدأت ملامح فرز قائمة على أساس مذهبي، واعتمدت الخلية الأمنية الإيرانية على بناء العصبية المذهبية الصلبة أساسا في تنمية قوة الحوثية». وأوضح أن إيران «لم تكتف بذلك، بل عملت أيضًا عبر أجهزتها المخابراتية وحوزاتها وجمعيات (زكاة الخُمس) على تبني مخطط متكامل لتشجيع أكبر قدر ممكن من الناس ليشكلوا حلقات دعوية لنشر الخمينية المذهبية والثورية، وكان للمنح الدراسية والأموال دور بارز في ذلك».

تكريس الخمينية
وركّز غلاب خلال اللقاء على أن «تنمية الخمينية تعتمد على نزعتين مذهبية وسياسية آيديولوجية في اليمن. وما قاد إلى حالة من الشتات والانقسام في الهوية الوطنية، رغم أن التأثير في بداية الأمر كان ضعيفًا، ولا يزال في حالة الضعف، إلا أن الانقلاب الحوثي يوسع من نطاقها ويجعلها أساسًا مركزيًا في إدارة الصراع.
وبحسب مستشار رئيس الحكومة اليمنية، فإن إيران «تهدف إلى بناء عصبية مذهبية خمينية وحاضن اجتماعي لها لتكون خنجرًا مسمومًا في جسد الدولة والمجتمع، بحيث تصبح الحوثية وشبكات إيران المذهبية الأخرى أشبه بقنبلة دائمة معيقة لبناء الدولة ومعيقة لأي انسجام وسلام اجتماعي».

تقليل أثر الطائفية
وتطرّق غلاب إلى وجود «محاولة رسمية للتقليل من تأثير الطائفية أمام الرأي العام، لكن الحركة الحوثية تعمل ومرشديها الخمينيين على تغيير ذهنية قطاعات شعبية مستغلة انقلابها والصراع لتهيئة اليمن للصراع الطائفي، بينما تواجه الحركة الوطنية اليمنية هذا التحدي والخطر بالرهان على الدولة ومواجهة الانقلاب وإنهاء دور الميليشيا». وتحدّث عن «وجود تيار وطني ينمو يوميًا، ولديه قناعة تامة بضرورة تجريم الكهنوتية الحوثية بنص دستوري، وهو ما يراه ضرورة وطنية، وبخاصة أن الأمر يتعلق بالأمن الوطني ومستقبل اليمن». ثم وصف الحوثية بأنها «آيديولوجيا كهنوتية طارئة»، لافتًا إلى أن القوى الوطنية تمكنت من مواجهة حلقات وحسينيات الاثني عشرية في أكثر من محافظة فاختفت في الفترة الأخيرة من الساحة، وهناك من يؤكد أن من كان يديرها جماعات من المرتزقة والأفاكين، في حين أن عَصب المخابرات الإيرانية ورجالها الباطنيين انتقلوا تحت الأرض».

قنبلة موقوتة
أما المفكّر اليمني علي البخيتي، الذي عمل في وقت سابق متحدثا رسميا باسم التمرّد الحوثي قبل أن ينشق ويغادر صفوف الانقلاب، فقال لـ«الشرق الأوسط» إن الطائفية «قنبلة موقوتة تهدد بنية أي دولة، ولذلك فإن استدعاءها في الصراع السياسي من قبل أي طرف، سواء كان سلطة أو معارضة، تهديد حقيقي للدولة وللمجتمع وتماسك نسيجه».
وأردف البخيتي أنه «بالإمكان إيجاد تسويات للصراع السياسي، لأنه قائم على المصالح، ومتى ما تم تلبية الحد الأدنى من متطلبات ومصالح أطراف الصراع أمكن الخروج منه، لكن الصراعات الطائفية يصعب الخروج منها، لصعوبة تسوية الخلاف العقائدي. لذا من الخطورة إلباس أي صراع سياسي صبغة طائفية لأنه سيعقّد التوصل إلى تسوية».

مطالب غير مشروعة
وفي السياق ذاته، رأى قاسم المحبشي، وهو كاتب يمني، أن «التمرد الحوثي الذي لم ينجح في تقديم نفسه للمجتمع اليمني بوصفه صاحب مطلب مشروع في العدالة الاجتماعية، والإنماء المتوازن، والشراكة في السلطة والثروة، كما ادعى طويلاً، يجد نفسه مضطرًا حاليًا لرعاية الطائفية، بعدما كانت الصورة الوحيدة التي قدّمها الحوثيون عن أنفسهم هي أنهم طلاب سلطة يبحثون حاليًا عن غطاء ديني زائف».
وأشار المحبشي إلى أن «الاندفاع الحوثي غير المحسوب نحو الاستيلاء على السلطة، أضاع عليهم فرصة نادرة للتمتع بثمرات الشراكة الوطنية في إدارة البلاد». وقال إن «الشروع في بناء الحوزات والحسينيات استمرار للأخطاء الحوثية القاتلة التي قد يدفع الشعب اليمني ثمنها أكثر مما يتوقع أكثر المتشائمين تشاؤمًا، وذلك في حال نشوب حرب أهلية بين المتطرفين من أتباع تنظيم القاعدة وأتباع الولي الفقيه».

إنهاء وحدة اليمن
وركّز المحبشي على أن الحوثيين «يندفعون بشكل مخيف نحو ارتكاب كمية هائلة من الأخطاء التي تهدد بإنهاء وحدة اليمن والعصف باستقراره»، واصفًا اعتماد المناهج الإيرانية في الحوزات الجاري استيرادها إلى اليمن «ثالثة الأثافي» التي ستفجّر في نهاية الأمر التناحر الطائفي بعد أن يسقط حكم التمرد الحوثي تحت وطأة ضربات الجيش الوطني اليمني المدعوم من قبل قوات التحالف التي تقودها المملكة العربية السعودية منذ مارس (آذار) 2015.

دعوة لقبول الآخر
وعن هذه النقطة قال علي البخيتي: «أنا لست من دعاة حوار الأديان ولا المذاهب للتقريب بينها، بل أنا مع أن يقبل كل مذهب ودين الآخر كما هو، سواءً قرب من أفكاره أم بعد. ذلك أن الأديان والعقائد المذهبية ثابتة عند أصحابها ولا مجال للحوار من أجل التقريب بينها». وأضاف أن الأديان والمذاهب «ليست أحزابًا ومكونات سياسية لتتحاور من أجل التقريب بين وجهات نظرها المختلفة، فالأديان قائمة على معتقدات لا تقبل الحوار أو التنازل عن بعضها، لكن يمكن إجراء حوار من أجل تخفيف الاحتقان بين أتباعها، أو لبعث رسائل سلام ووئام داخل المجتمع». وشدد على أن المشكلة ليست في التكفير بحد ذاته «فكل طرف حر في الاعتقاد بكفر الآخر لأنه لا يؤمن بمعتقد ما أو يرى غير معتقده، لكن المشكلة في حد الرد عندما يفتي به البعض ويسعون إلى تطبيقه بأنفسهم، وبالتالي، أنا مع حرية الاعتقاد لكن بشرط ألا يبنى عليها فتوى بإهدار دم أحد».

تكريس الإقصاء
وأمام كل هذه المعطيات حذّر الشيخ باسم العطّاس، من مغبة المنهج الحوثي «القائم على تكريس إقصاء الآخر وفق ما يتم تدريسه في الحوزات التي تلقى فقهائها تعليمهم على أيدي أرباب طائفية الفرس». وقال العطاس: «عندما تغيب عن الدولة المدنية قيمها الأساسية ويصبح الولاء للطائفة أو المذهب دون الوطن، فإن ذلك مدعاة لتقسيم الشعب وتفتيت المجتمع حتى يصل الأمر إلى الحروب الأهلية بين أبناء الوطن والدين الواحد، أو حتى بين أبناء الطائفة الواحدة أو حتى بين أبناء البيت الواحد حين ينتمي كل فرد من أفراد الأسرة الواحدة إلى طائفة معينة، وكم رأينا دماء تسيل في حرب انتماءات طائفية يقتتل فيها الشقيق مع الشقيق».
وتحدث العطّاس بالتفصيل عن «خطورة تغذية الفكر المذهبي على حساب الدولة»، مشيرًا إلى أنه «لطالما عاشت كثرة من الطوائف والمذاهب في تعايش سلمي وقبول لبعضها بعضا في العالم الإسلامي، بل كان هذا التعايش السلمي حتى مع أصحاب الديانات المختلفة، ولما كانت إحدى أدوات الصراعات السياسية قائمة على تفريق المجتمعات وبث روح العداء بين مكوّناتها العرقية أو المذهبية أو الطائفية عهدت بعض الأنظمة لتبني طوائف بعينها لتقضي بها أوطارها السياسية».

اختطاف التشيّع
ووفق العطاس: «من هنا تأتي إشكاليات الطائفية والمذهبية، فلا يلبث أن يقترن المذهب أو تقترن الطائفة بنظام سياسي إلا وسترى بعده كيف تنشأ الأحقاد والخلافات التي تؤدي في النهاية إلى تفتيت أي مجتمع نتيجة شعور باقي المكونات من تهميش أو سطوة من الطائفة المدعومة. ولو أخذنا اليمن نموذجًا لوجدنا أنه كان هناك قدر عالٍ من التعايش السلمي بين مكونات المجتمع الذي يعيش فيه الشافعي السنّي إلى جانب أخيه الزيدي الشيعي، بل حتى إلى جانب الأقلية اليهودية، في انسجام وتعايش نموذجي، إلى أن قرّرت إيران تصدير مشروعها التوسعي واختطاف التشيّع وجعلته وسيلة وأداة من أدوات حرب النفوذ التي تخوضها».

رسالة إلى وزارتين
ثم خاطب وزارتي التعليم والأوقاف في اليمن، متسائلا: «لا أظن أن ثمة أرضًا تعج بالأديان والطوائف والمذاهب مثل الهند.. فكيف استطاع أهل تلك البلاد تجاوز كل فوارقهم ونهضوا ببلادهم إلى مصاف أهم الدول اقتصاديا وعلميًا». وأضاف أن «القواسم المشتركة لمكوّنات أي مجتمع من المجتمعات كثيرة ولا حصر لها. ولأن التعليم هو الذي يضع بذرة الوعي في عقول الناشئة كان لزامًا على القائمين عليه تعزيز تلك القيم المشتركة بين أبناء المجتمع الواحد وإبرازها للطلبة كي تكون هي الأساس في حياتهم، وحينئذٍ ستتضاءل كل رموز الدعوات الطائفية والحزبية». وتابع: «أما المساجد والمنابر فأمانة الكلمة فيها أشد من غيرها، فالرحمة التي بعث بها رب العالمين نبيّه، عليه أفضل الصلاة والسلام، المفترض أن تكون هي المادة التي تغذي بها الأفكار والعقول والقلوب لأن الإسلام يتسع للجميع. ولقد ابتليت الأمة الإسلامية في زماننا بأقوام جعلوا من المنبر معوَل هدم للأمة وتفريقا وتشتيتا لها بدعوى التكفير والتبديع والتفسيق».
واختتم العطّاس بالإشارة إلى أن «بعض الدول تقدّمت علميًا ولم تغفل عن فتح آفاق للحوار بين الحضارات والثقافات لتكامل الإنسانية في مسيرتها، في حين أن اقتران السياسة بمشاريع طائفية أو مذهبية أو حركية يجعل عاقبتها وخيمة».



شرق السودان... نار تحت الرماد

الشرق السودان دخل دوامة الحروب السودانية المتمددة (رويترز)
الشرق السودان دخل دوامة الحروب السودانية المتمددة (رويترز)
TT

شرق السودان... نار تحت الرماد

الشرق السودان دخل دوامة الحروب السودانية المتمددة (رويترز)
الشرق السودان دخل دوامة الحروب السودانية المتمددة (رويترز)

لا يبعد إقليم شرق السودان كثيراً عن تماسّات صراع إقليمي معلن، فالجارة الشرقية إريتريا، عينها على خصمها «اللدود» إثيوبيا، وتتربص كل منهما بالأخرى. كذلك، شرق السودان هو «الجسر» الذي يمكن أن تعبره قوات أي منهما نحو أرض الجانب الآخر. ومع تأثر الإقليم أيضاً بالصراعات الداخلية الإثيوبية، وبأطماع الدولتين بموارد السودان، يظل الصراع على «مثلث حلايب» هو الآخر لغماً قد ينفجر يوماً ما.

حدود ملتهبة

تحدّ إقليم «شرق السودان» ثلاث دول، هي مصر شمالاً، وإريتريا شرقاً، وإثيوبيا في الجنوب الشرقي، ويفصله البحر الأحمر عن المملكة العربية السعودية. وهو يتمتع بشاطئ طوله أكثر من 700 كيلومتر؛ ما يجعل منه جزءاً مهماً من ممر التجارة الدولية المهم، البحر الأحمر، وساحة تنافس أجندات إقليمية ودولية.

وفئوياً، تتساكن في الإقليم مجموعات ثقافية وإثنية «أصيلة» وأخرى وافدة من نواحي البلاد الأخرى، وبينها تناقضات وصراعات تاريخية، وارتباطات وقبائل مشتركة مع دول الجوار الثلاث. كذلك يتأثر الإقليم بالصراعات المحتدمة في الإقليم، وبخاصة بين إريتريا وإثيوبيا، وهو إلى جانب سكانه يعج باللاجئين من الدولتين المتشاكستين على الدوام؛ ما يجعل منه ساحة خلفية لأي حرب قد تنشأ بينهما.

وحقاً، ظل شرق السودان لفترة طويلة ساحة حروب داخلية وخارجية. وظلت إريتريا وإثيوبيا تستضيفان الحركات المسلحة السودانية، وتنطلق منهما عملياتها الحربية، ومنها حركات مسلحة من الإقليم وحركات مسلحة معارضة منذ أيام الحرب بين جنوب السودان وجنوب السودان، وقوات حزبية التي كانت تقاتل حكومة الخرطوم من شرق السودان.

لكن بعد توقيع السودان و«الحركة الشعبية لتحرير السودان» بقيادة الراحل جون قرنق ما عُرف بـ«اتفاقية نيفاشا»، وقّعت الحركات المسلحة في شرق السودان هي الأخرى ما عُرف بـ«اتفاقية سلام شرق السودان» في أسمرا عاصمة إريتريا، وبرعاية الرئيس الإريتري أسياس أفورقي، يوم 14 أكتوبر (تشرين الأول) 2006. ونصّت تلك الاتفاقية على تقاسم السلطة والثروة وإدماج الحركات المسلحة في القوات النظامية وفقاً لترتيبات «أمنية»، لكن الحكومة «الإسلامية» في الخرطوم لم تف بتعهداتها.

عبدالفتاح البرهان (رويترز)

12 ميليشيا مسلحة

من جهة ثانية، اندلعت الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في منتصف أبريل (نيسان) 2023، فانتقلت الحكومة السودانية إلى بورتسودان «حاضرة الشرق» وميناء السودان على البحر الأحمر، واتخذت منها عاصمة مؤقتة، ووظّفت الحركات المسلحة التي أعلنت انحيازها للجيش، في حربها ضد «الدعم السريع».

وإبّان هذه الحرب، على امتداد 18 شهراً، تناسلت الحركات المسلحة في شرق السودان ليصل عددها إلى 8 ميليشيات مسلحة، كلها أعلنت الانحياز إلى الجيش رغم انتماءاتها «الإثنية» المتنافرة. وسعت كل واحدة منها للاستئثار بأكبر «قسمة حربية» والحصول على التمويل والتسليح من الجيش والحركة الإسلامية التي تخوض الحرب بجانب الجيش من أجل العودة للسلطة.

ميليشيات بثياب قبلية

«الحركة الوطنية للعدالة والتنمية» بقيادة محمد سليمان بيتاي، وهو من أعضاء حزب «المؤتمر الوطني» المحلول البارزين - وترأس المجلس التشريعي لولاية كَسَلا إبان حكم الرئيس عمر البشير -، دشّنت عملها المسلح في يونيو (حزيران) 2024، وغالبية قاعدتها تنتمي إلى فرع الجميلاب من قبيلة الهدندوة، وهو مناوئ لفرع الهدندوة الذي يتزعمه الناظر محمد الأمين ترك.

أما قوات «الأورطة الشرقية» التابعة لـ«الجبهة الشعبية للتحرير والعدالة» بقيادة الأمين داؤود، فتكوّنت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، وسمّت «اتفاقية سلام السودان»، في جوبا، داؤود المحسوب على قبيلة البني عامر رئيساً لـ«مسار شرق السودان». لكن بسبب التنافس بين البني عامر والهدندوة على السيادة في شرق السودان، واجه تنصيب داؤود رئيساً لـ«تيار الشرق» رفضاً كبيراً من ناظر قبائل الهدندوة محمد الأمين ترك.

بالتوازي، عقدت «حركة تحرير شرق السودان» بقيادة إبراهيم دنيا، أول مؤتمر لها في مايو (أيار) 2024 برعاية إريترية كاملة فوق التراب الإريتري، بعد أيام من اشتعال الحرب في السودان. وتدرّبت عناصرها في معسكر قريب من قرية تمرات الحدودية الإريترية، ويقدّر عدد مقاتليها اليوم بنحو ألفي مقاتل من قبيلتي البني عامر والحباب، تحت ذريعة «حماية» شرق السودان.

كذلك، نشطت قوات «تجمّع أحزاب وقوات شرق السودان» بقيادة شيبة ضرار، وهو محسوب على قبيلة الأمرار (من قبائل البجا) بعد الحرب. وقاد شيبة، الذي نصّب نفسه ضابطاً برتبة «فريق»، ومقرّه مدينة بورتسودان - العاصمة المؤقتة - وهو ويتجوّل بحريّة محاطاً بعدد من المسلحين.

ثم، على الرغم من أن صوت فصيل «الأسود الحرة»، الذي يقوده مبروك مبارك سليم المنتمي إلى قبيلة الرشايدة العربية، قد خفت أثناء الحرب (وهو يصنَّف موالياً لـ«الدعم السريع»)، يظل هذا الفصيل قوة كامنة قد تكون طرفاً في الصراعات المستقبلية داخل الإقليم.

وفي أغسطس (آب) الماضي، أسّست قوات «درع شرق السودان»، ويقودها مبارك حميد بركي، نجل ناظر قبيلة الرشايدة، وهو رجل معروف بعلاقته بالحركة الإسلامية وحزب «المؤتمر الوطني» المحلول، بل كان قيادياً في الحزب قبل سقوط نظام البشير.

أما أقدم أحزاب شرق السودان، «حزب مؤتمر البجا»، بقيادة مساعد الرئيس البشير السابق موسى محمد أحمد، فهو حزب تاريخي أُسّس في خمسينات القرن الماضي. وبعيد انقلاب 30 يونيو 1989 بقيادة عمر البشير، شارك الحزب في تأسيس ما عُرف بـ«التجمع الوطني الديمقراطي»، الذي كان يقود العمل المسلح ضد حكومة البشير من داخل إريتريا، وقاتل إلى جانب قوات «الحركة الشعبية لتحرير السودان» بقيادة الراحل جون قرنق على طول الحدود بين البلدين، وفي 2006 وقّع مع بقية قوى شرق السودان اتفاقية سلام قضت بتنصيب رئيسه مساعداً للبشير.

ونصل إلى تنظيم «المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة» بقيادة الناظر محمد الأمين ترك. لهذا التنظيم دور رئيس في إسقاط الحكومة المدنية بقيادة رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك، بإغلاقه الميناء وشرق البلاد. ورغم زعمه أنه تنظيم «سياسي»، فإنه موجود في الميليشيات المسلحة بشكل أو بآخر.

وهكذا، باستثناء «مؤتمر البجا» و«المجلس الأعلى للعموديات المستقلة»، فإن تاريخ تأسيس هذه الميليشيات القبلية وجغرافيا تأسيسها في إريتريا، ونشرها في الإقليم تحت راية الجيش وتحت مزاعم إسناده – على رغم «تبعيتها» لدولة أجنبية مرتبطة بالحرب - يعتبر مراقبون أن وجودها يهدّد استقرار الإقليم ويعزّز الدور الإريتري في شرق السودان، وبخاصة أن البناء الاجتماعي للإقليم في «غاية الهشاشة» وتتفشى وسط تباينات المجموعات القبلية والثقافية المكوّنة له.

أسياس أفورقي (رويترز)

مقاتلون من الغرب يحاربون في الشرق

إلى جانب الميليشيات المحلية، تقاتل اليوم أكثر من أربع حركات مسلحة دارفورية بجانب الجيش ضد «الدعم السريع»، ناقلةً عملياتها العسكرية إلى شرق السودان. الأكبر والأبرز هي: «حركة تحرير السودان» بقيادة مني أركو مناوي (حاكم إقليم دارفور)، و«حركة العدل والمساواة السودانية» بقيادة (وزير المالية) جبريل إبراهيم، و«حركة تحرير السودان - فصيل مصطفى طمبور»، ومعها حركات أخرى صغيرة كلها وقّعت «اتفاقية سلام السودان» في جوبا، وبعد سبعة أشهر من بدء الحرب انحازت إلى الجيش في قتاله ضد «الدعم السريع».

الحركات المسلحة الدارفورية التي تتخذ من الشرق نقطة انطلاق لها، أسسها بعد اندلاع الحرب مواطنون سودانيون ترجع أصولهم إلى إقليم دارفور، إلا أنهم يقيمون في شرق السودان. أما قادتها فهم قادة الحركات المسلحة الدارفورية التي كانت تقاتل الجيش السوداني في إقليم دارفور منذ عام 2003، وحين اشتعلت حرب 15 أبريل، اختارت الانحياز للجيش ضد «الدعم السريع». ولأن الأخير سيطر على معظم دارفور؛ فإنها نقلت عملياتها الحربية إلى شرق السودان أسوة بالجيش والحكومة، فجندت ذوي الأصول الدارفورية في الإقليم، ودرّبتهم في إريتريا.

استقطاب قبلي

حسام حيدر، الصحافي المتخصّص بشؤون شرق السودان، يرى أن الحركات المسلحة في الإقليم، «نشأت على أسس قبلية متنافرة ومتنافسة على السلطة واقتسام الثروة والموارد، وبرزت أول مرة عقب اتفاق سلام شرق السودان في أسمرا 2006، ثم اتفاق جوبا لسلام السودان».

ويرجع حيدر التنافس بين الميليشيات المسلحة القبلية في الإقليم إلى «غياب المجتمع المدني»، مضيفاً: «زعماء القبائل يتحكّمون في الحياة العامة هناك، وهذا هو تفسير وجود هذه الميليشيات... ثم أن الإقليم تأثر بالنزاعات والحروب بين إريتريا وإثيوبيا؛ ما أثمر حالة استقطاب وتصفية حسابات إقليمية أو ساحة خلفية تنعكس فيها هذه الصراعات».

تتساكن في الإقليم مجموعات ثقافية وإثنية «أصيلة» وأخرى وافدة

من نواحي البلاد الأخرى وبينها تناقضات وصراعات تاريخية

الدكتورعبدالله حمدوك (رويترز)

المسؤولية على «العسكر»

حيدر يحمّل «العسكر» المسؤولية عن نشاط الحركات المسلحة في الشرق، ويتهمهم بخلق حالة استقطاب قبلي واستخدامها لتحقيق مكاسب سياسية، ازدادت حدتها بعد حرب 15 أبريل. ويشرح: «الحركات المسلحة لا تهدد الشرق وحده، بل تهدد السودان كله؛ لأن انخراطها في الحرب خلق انقسامات ونزاعات وصراعات بين مكوّنات الإقليم، تفاقمت مع نزوح ملايين الباحثين عن الأمان من مناطق الحرب».

وفقاً لحيدر، فإن نشاط أربع حركات دارفورية في شرق السودان، وسّع دائرة التنافس على الموارد وعلى السلطة مع أبناء الإقليم؛ ما أنتج المزيد من الحركات القبلية، ويوضح: «شاهدنا في فترات سابقة احتكاكات بين المجموعات المسلحة في شرق السودان مع مجموعات مسلحة في دارفور، وهي مع انتشار المسلحين والسلاح، قضايا تضع الإقليم على حافة الانفجار... وإذا انفجر الشرق ستمتد تأثيراته هذا الانفجار لآجال طويلة».

ويرجع حيدر جذور الحركات التي تدرّبت وتسلحت في إريتريا إلى نظام الرئيس السابق عمر البشير، قائلاً: «معظمها نشأت نتيجة ارتباطها بالنظام السابق، فمحمد سليمان بيتاي، قائد (الحركة الوطنية للبناء والتنمية)، كان رئيس المجلس التشريعي في زمن الإنقاذ، ومعسكراته داخل إريتريا، وكلها تتلقى التمويل والتسليح من إريتريا».

وهنا يبدي حيدر دهشته لصمت الاستخبارات العسكرية وقيادة الجيش السوداني، على تمويل هذه الحركات وتدريبها وتسليحها من قِبل إريتريا على مرأى ومسمع منها، بل وتحت إشرافها، ويتابع: «الفوضى الشاملة وانهيار الدولة، يجعلان من السودان مطمعاً لأي دولة، وبالتأكيد لإريتريا أهداف ومصالح في السودان». ويعتبر أن تهديد الرئيس (الإريتري) أفورقي بالتدخل في الحرب، نقل الحرب من حرب داخلية إلى صراع إقليمي ودولي، مضيفاً: «هناك دول عينها على موارد السودان، وفي سبيل ذلك تستغل الجماعات والمشتركة للتمدد داخله لتحقق مصالحها الاقتصادية».

الدور الإقليمي

في أي حال، خلال أكتوبر الماضي، نقل صحافيون سودانيون التقوا الرئيس أفورقي بدعوة منه، أنه سيتدخّل إذا دخلت الحرب ولايات الشرق الثلاث، إضافة إلى ولاية النيل الأزرق. وهو تصريح دشّن بزيارة مفاجئة قام بها رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان لإريتريا 26 نوفمبر الماضي، بحثت بشكل أساسي - وفقاً لتقارير صحافية - قضية الحركات المسلحة التي تستضيفها إريتريا داخل حدودها ومشاركتها في الحرب إلى جانب الجيش، إلى جانب إبرام اتفاقات أمنية وعسكرية.

للعلم، الحركات الشرقية الثماني تدرّبت داخل إريتريا وتحت إشراف الجيش الإريتري وداخل معسكراته، وبعضها عاد إلى السودان للقتال مع جانب الجيش، وبعضها لا يزال في إريتريا. وعلى الرغم من النفي الإريتري الرسمي المتكرر، فإن كثيرين، وبخاصة من شرق السودان، يرون أن لإريتريا أطماعاً في الإقليم.

أما إثيوبيا، فهي الأخرى تخوض صراعاً حدودياً مع السودان وترفض ترسيم الحدود عند منطقة «الفشقة» السودانية الخصيبة بولاية القضارف. وإلى جانب تأثر الإقليم بالصراعات الداخلية الإثيوبية، فهو يضم الآلاف من مقاتلي «جبهة تحرير التيغراي» لجأوا إلى السودان فراراً من القتال مع الجيش الفيدرالي الإثيوبي في عام 2020، ولم يعودوا إلى بلادهم رغم نهاية الحرب هناك. ويتردد على نطاق واسع أنهم يقاتلون مع الجيش السوداني، أما «الدعم السريع» فتتبنى التهمة صراحةً.

أخيراً، عند الحدود الشمالية حيث مثلث «حلايب» السوداني، الذي تتنازع عليه مصر مع السودان ويسيطر عليه الجيش المصري، فإن قبائل البشارية والعبابدة القاطنة على جانبي الحدود بين البلدين، تتحرك داخل الإقليم. وهي جزء من التوترات الكامنة التي يمكن أن تتفجر في أي وقت.

وبالتالي، ليس مبالغة القول إن شرق السودان يعيش على شفا حفرة من نار. وتحت الرماد جمرات قد تحرق الإقليم ولا تنطفئ أبداً.