الدستور الجديد يقسم أحزاب تركيا إلى جبهات

الاستقطاب يلقي بظلاله السلبية مجددًا

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (إ.ب.أ)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (إ.ب.أ)
TT

الدستور الجديد يقسم أحزاب تركيا إلى جبهات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (إ.ب.أ)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (إ.ب.أ)

أشعل مشروع الدستور الجديد في تركيا الذي يتضمن انتقالا من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي، مناقشات حادة بين حزب العدالة والتنمية الحاكم، وحزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية الذي يرفض تغيير النظام الذي وضعه مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك، عادًا أن النظام المطروح الآن يكرس لنوع من الديكتاتورية.
وأصبح حزب الشعب الجمهوري، يقف في جبهة، وحزبا العدالة والتنمية الحاكم ومعه حزب الحركة القومية اليميني المعارض في جبهة أخرى، بعد الاستبعاد المسبق لحزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد من مناقشات تعديل الدستور، وخضوعه الآن لعملية ملاحقة لنوابه لاتهامهم بدعم الإرهاب.
وانتقد رئيس الوزراء التركي رئيس حزب العدالة والتنمية بن علي يلدريم حزب الشعب الجمهوري ورئيسه كمال كليتشدار أوغلو واتهمه بأنه أصبح محاميا لمن يدعمون الإرهاب، في إشارة إلى موقفه الرافض لاعتقال النواب الأكراد بالبرلمان وكذلك موقفه من الدستور الجديد والنظام الرئاسي، ودعاه إلى الانضمام إلى المناقشات الجارية حول الدستور والإدلاء بوجهات نظر حزبه.
إلا أن كليتشدار أوغلو أكد أن النظام الرئاسي الذي يسعى إليه الرئيس رجب طيب إردوغان سيكرس الديكتاتورية في تركيا، لافتا في الوقت نفسه إلى أن المناخ السائد حاليا في تركيا لا يجعل أحدا آمنا على نفسه، وأنه بصفته زعيما سياسيا يمكن أن يتعرض للسجن كما حدث في فترات سابقة مع رئيس الوزراء الراحل بولنت أجاويد ورئيس حزب الشعب الجمهوري السابق دنيز بيكال.
على الجانب المقابل، أعلن رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي أمس أن حزب العدالة والتنمية الحاكم سيشكل معه لجنة لمناقشة مشروع للإصلاحات الدستورية في خطوة تهدف لمنح مزيد من الصلاحيات للرئيس رجب طيب إردوغان عبر إقرار النظام الرئاسي.
وتسلم بهشلي نسخة من التعديلات المقترحة على الدستور خلال مقابلة مع رئيس الوزراء بن علي يلدريم وقال إن حزبه قد يدعم الإصلاحات، وإن الأصوات الإضافية في البرلمان ستكون كافية لأن تسمح بالدعوة إلى إجراء استفتاء على الدستور الجديد.
ويملك حزب العدالة والتنمية الحاكم 317 مقعدا من مقاعد البرلمان وعددها 550 مقعدا، كما يملك «الحركة القومية» 40 مقعدا، ويحتاج مشروع الدستور لتأييد 330 نائبا من أجل طرحه للاستفتاء الشعبي.
ويطالب حزب الحركة القومية بإعادة العمل بعقوبة الإعدام ضمن حزمة التعديلات الدستورية الجديدة مع أنه كان ضمن الحكومة الائتلافية التي ألغت هذه العقوبة عام 2003.
وكان إردوغان قال إنه سيوافق على إعادة العمل بالعقوبة لتطبيقها ضد المشاركين في محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة في 15 يوليو (تموز) الماضي، إذا مرر البرلمان الإصلاحات، لكن الاتحاد الأوروبي أعلن أن إعادة العمل بالعقوبة في تركيا ستكون هي الخط الأحمر لاستمرار الاتحاد في مفاوضاته لضم تركيا إلى عضوية الاتحاد.
وقال بهشلي إن حزبه يجري تقييمات على نصوص الحزمة الجديدة للتعديلات الدستورية بعناية شديدة. وأضاف: «نهدف بعد ذلك إلى الإسراع في إحالة البنود التي نتفق عليها في اللجنة التي تم تشكيلها مع (العدالة والتنمية)، إلى البرلمان». وأضاف: «سنشارك في اللجنة ما دامت تدافع عن آراء حزب الحركة القومية».
ويعارض حزب الشعب الجمهوري، وحزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد، وهما أكبر حزبين معارضين في تركيا، النظام الرئاسي، لكن حزب الحركة القومية غير موقفه من الرفض إلى التأييد بعد محاولة الانقلاب الفاشلة.
وقال رئيس الوزراء بن علي يلدريم إن الحكومة قد تدعو لاستفتاء على النظام الرئاسي مهما كان مدى الدعم الذي ستحظى به في البرلمان، بمعنى أنه حتى لو حصل مشروع الدستور على أغلبية الثلثين (367 صوتا)، وهي الأغلبية التي يمر بها المشروع من البرلمان مباشرة، دون الحاجة للاستفتاء. وقال بعض مسؤولي الحزب الحاكم إن الاستفتاء قد يجرى في ربيع 2017.
وكانت مصادر بحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا كشفت عن احتمال أن يتضمن مشروع الدستور الجديد ما بين 50 و100 مادة تتضمن نظاما رئاسيا كاملا وإلغاء وزارة الدفاع والقضاء العسكري ومجلس التعليم العالي.
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إنه بحسب مشروع الدستور الذي تداول رئيس الوزراء بن علي يلدريم حوله مع رئيس حزب الحركة القومية المعارض دولت بهشلي خلال لقائهما بمقر رئاسة الوزراء في أنقرة، الخميس الماضي، فإنه ينص على نظام رئاسي كامل يكون فيه رئيس الجمهورية هو «رأس الدولة والإدارة» ويدير السياسة الداخلية والخارجية ويكون هو «القائد الأعلى للقوات المسلحة».
وبحسب مشروع الدستور، فإن الرئيس سيتمتع أيضا بسلطة التصديق على قرارات البرلمان وحق استخدام الفيتو على القرارات، كما سيعلن اسم نائب الرئيس قبل إجراء الانتخابات الرئاسية كما هو معمول به في النظام الأميركي.
كما سيكون من بين صلاحيات الرئيس حل البرلمان وإقالة رئيسه، لكن المصادر قالت إن بهشلي اعترض على هذه المادة. ويمنح مشروع الدستور الرئيس صلاحية إصدار المراسيم بقرارات.
ويتيح المشروع الجديد إمكانية التحقيق مع رئيس الجمهورية في حال وجود اتهامات بارتكابه جريمة شخصية أو تتعلق بمنصبه شرط أن يحظى المقترح بموافقة ثلثي أعضاء البرلمان على الأقل (367 نائبا من بين 550).
وإلى جانب النظام الرئاسي، تتضمن المسودة أيضا إلغاء القضاء العسكري على أن يتولى كل من مجلس الدولة والمحكمة العليا النظر في القضايا التي كان يعنى بها القضاء العسكري، كما سيتولى المجلس الأعلى للقضاة ومدعي العموم تحصين المحكمة العليا ومجلس الدولة، على أن يعين الرئيس نصف أعضاء الهيئات القضائية ويختار البرلمان النصف الثاني.
ويتضمن مشروع الدستور أيضا إلغاء وزارة الدفاع وهيئة التعليم العالي. أما في ما يتعلق بعقوبة الإعدام التي تشغل الشارع التركي منذ محاولة الانقلاب الفاشلة في منتصف يوليو الماضي، فيقترح مشروع الدستور أن تقتصر عقوبة الإعدام على تهم هتك العرض وتغيير النظام والدستور بقوة السلاح. ولمحت المصادر إلى أنه قد يجري تقليص مواد المشروع إلى ما بين 50 و60 مادة بعد استكمال المداولات حوله.
وكان حزب العدالة والتنمية الحاكم، وحزبا الشعب الجمهوري والحركة القومية المعارضان، عقدوا اجتماعات بمقر البرلمان التركي لبحث حزمة تعديلات دستورية مصغرة عقب محاولة الانقلاب الفاشلة.
وجاءت هذه الاجتماعات بعد لقاء عقده الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع رؤساء أحزاب العدالة والتنمية الحاكم، والشعب الجمهوري، والحركة القومية، رئيس الوزراء بن علي يلدريم، وكمال كليتشدار أوغلو، ودولت بهشلي، لكن حزب الشعب الجمهوري عارض فيما بعد التوسع في حملات الاعتقالات والوقف عن العمل والفصل التي طالت أكثر من 110 آلاف شخص من مختلف القطاعات. واستثنى إردوغان من الدعوة إلى اجتماعات دراسة تعديل الدستور حزب الشعوب الديمقراطي الكردي، الذي يتهمه بدعم حزب العمال الكردستاني. ثم تصاعد التوتر بين حزب الشعب الجمهوري والعدالة والتنمية على خلفية توقيف رئيسي حزب الشعوب الديمقراطي و10 من نوابه، عادًا أن ذلك عمل مخالف للدستور التركي.
وقادت التباينات في المواقف إلى حالة استقطاب جديدة تلقي بظلال سلبية على المشهد السياسي في تركيا، في الوقت الذي تواجه فيه انتقادات حادة وضغوطا من جانب حلفائها في الغرب والاتحاد الأوروبي على خلفية حملات الاعتقالات الموسعة واستهداف النواب الأكراد واعتقالات الصحافيين.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.