مجازر للطيران الروسي على أحياء حلب الشرقية.. والمعارضة تهدد بـ{حرب استنزاف}

الفصائل المسلّحة تأسف للصمت الدولي وتتوعّد موسكو بـ«فيتنام جديدة»

سكان حي الشعار بحلب يتفحصون الدمار الذي لحق بالمنطقة أمس في أعقاب أعنف ضربات جوية على القسم الشرقي من حلب منذ ثلاثة أيام (رويترز)
سكان حي الشعار بحلب يتفحصون الدمار الذي لحق بالمنطقة أمس في أعقاب أعنف ضربات جوية على القسم الشرقي من حلب منذ ثلاثة أيام (رويترز)
TT

مجازر للطيران الروسي على أحياء حلب الشرقية.. والمعارضة تهدد بـ{حرب استنزاف}

سكان حي الشعار بحلب يتفحصون الدمار الذي لحق بالمنطقة أمس في أعقاب أعنف ضربات جوية على القسم الشرقي من حلب منذ ثلاثة أيام (رويترز)
سكان حي الشعار بحلب يتفحصون الدمار الذي لحق بالمنطقة أمس في أعقاب أعنف ضربات جوية على القسم الشرقي من حلب منذ ثلاثة أيام (رويترز)

كثّف الطيران الروسي والسوري قصفه لأحياء حلب الشرقية، مترافقًا مع قصف صاروخي غير مسبوق. واتهمت المعارضة السورية الطيران الحربي الروسي بـ«ارتكاب مجازر جديدة مروعة بحق المدنيين العزل في أحياء حلب وريفها، جراء استهداف المباني السكنية بالصواريخ الفراغية والارتجاجية، ذهب ضحيتها عشرات المدنيين». وتوعّدت المعارضة المسلّحة الروس والنظام وحلفاءهم بـ«حرب استنزاف طويلة». وأكدت أن «الأساطيل التي أرسلتها موسكو إلى سوريا لن تربح الحرب، إنما دخلت إلى فيتنام جديدة».
وأفادت «شبكة شام» الإخبارية المعارضة، أن الطيران الحربي «استهدف بالصواريخ حي الفردوس، ما أدى لاستشهاد خمسة مدنيين كحصيلة أولية، وجرح العشرات، كما تعرض حي الأنصاري لقصف جوي مماثل خلف ثلاثة شهداء وعدد من الجرحى، بالإضافة إلى شهيدين في حي المعادي». وأعلن ناشطون أمس، أن المدينة «عاشت يومًا جديدًا من القصف لم يختلف عن سابقه، حيث شن الطيران الحربي أكثر 50 غارة جوية و300 قذيفة مدفعية وصاروخية، وتوزع القصف على أحياء «الصاخور، الشعار، ضهرة عواد، هنانو، طريق الباب، القاطرجي، الأنصاري، الهلك، الشيخ خضر، الفردوس، الصالحين، المعادي، أرض الحمرا وجبل بدرو» وأكدوا أن «هذه الغارات أدت إلى سقوط أكثر من 35 شهيدًا ومئات الجرحى».
هذا التصعيد، قرأت فيه المعارضة السورية المسلّحة، مؤشرات تدلّ على أن المرحلة القادمة «هي مرحلة الخيارات العسكرية، لأن الخيارات السياسية فقدت جدواها». ورأى عضو المجلس العسكري في الجيش السوري الحرّ أبو أحمد العاصمي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن هناك «توافقًا دوليًا على الحسم العسكري، بدليل انسحاب روسيا من اتفاق روما المتعلق بإنشاء المحكمة الجنائية الدولية، ما يعفيها من مسؤولية المجازر التي ترتكبها في سوريا، وكذلك الاستعراض العسكري لحزب الله في القصير، ورسالة رئيس الحشد الشعبي العراقي إلى بشار الأسد».
وأكد العاصمي أن «ردّ المعارضة على هذا التصعيد، سيكون عسكريًا أيضًا وفي كل الميادين»، كاشفًا عن «هجوم معاكس تعدّ له الفصائل، بتكتيك مختلف عن النمط السابق، بعدما تكيّف النظام مع التكتيك المعتمد حاليًا». وقال: «نحن أمام خطط جديدة للحرب، لأن الوضع في حلب بات خطيرًا للغاية، والأخطر أنه يترافق مع صمت دولي مطبق»، مشددًا على أن «خروج روسيا من ميثاق «الجنائية الدولية» يشكل سابقة خطيرة، لأنه يؤسس لفوضى عارمة في المنطقة والعالم».
أما الناطق العسكري باسم تجمع «فاستقم» عمّار سقّار، فاعتبر «الصمت الدولي هو الذي أطلق الإجرام في سوريا، وسمح لعصابات الأسد وحلفائه الإمعان في القتل والتدمير». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أنه «ليس أمام الثوار سوى المواجهة». وقال: «نحن لسنا في موقع المتفرج أو في موقع ردّة الفعل، بل نمتلك إرادة الصمود، وهدفنا لا يقتصر على إفشال مخططات زمر الإجرام الروسي والنظامي ومرتزقتهم، بل كسر الحصار وتحرير حلب كاملة، وهذا الخيار الوحيد لا تراجع عنه».
ولا يجد سقّار في القصف التدميري سببا للتراجع أو الانسحاب من المعركة، مذكرًا بأن «النظام لا يزال منذ عامين غارقًا في وحول معركة حلب، وخسر فيها الكثير الكثير في الأرواح العدة والعتاد، حتى استطاع أطباق الحصار على مدينة حلب، بينما استطاع الثوار خلال أيام قليلة كسر الحصار في المرتين الأولى والثانية».
إلى ذلك، أعلنت وكالة الصحافة الفرنسية أن «أكثر من 25 شخصًا قتلوا الخميس (أمس) في انفجار سيارة مفخخة، استهدف مقرًا لحركة نور الدين زنكي، المعارضة في مدينة أعزاز، قرب الحدود التركية في محافظة حلب في شمال سوريا».
وإذ عبّر القيادي في الجيش الحرّ أبو أحمد العاصمي عن أسفه لـ«صمت العالم لا سيما من الدول التي تسمي نفسها صديقة للشعب السوري، على المجازر التي ترتكب في سوريا، وخصوصًا في حلب»، أكد أن «الحرب ستكون طويلة، ونحن دخلنا مرحلة استنزاف، وهذه الحرب تستهوي الثوار في مواجهة الجيوش الكبيرة، والروس يعرفون ذلك أكثر من سواهم». وقال: «الثوار قادرون على الصمود لسنوات، وإذا كان الروس يستخدمون صواريخ بملايين الدولارات، نحن نواجههم بأسلحة بدائية وغير مكلفة، وسنرى من يصمد أكثر»، مضيفا: «الروس قادرون على السيطرة في الجو، لكن كل طائراتهم وأساطيلهم لن تنفعهم على الأرض».
وأمام انحسار فرص الدعم الخارجي، وقطع معظم طرق الإمداد للفصائل المسلّحة، أوضح العاصمي أن المعارضة «بات لديها مصانع أسلحة قادرة على إنتاج الحدّ الأدنى من حاجاتها، وهي تصنّع ما بين 700 إلى 1000 قذيفة هاون يوميا». وشدد على أن «السوريين هم أصحاب الأرض، والروس دخلوا فيتنام جديدة لن يخرجوا منها بسلام».
من جهة أخرى، قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن تحليل صور الأقمار الصناعية «وفر دليلا إضافيا على أن الأضرار، التي لحقت بمجمع مدارس في قرية هاس في إدلب، شمال غربي سوريا، في 26 أكتوبر (تشرين الأول) 2016، كان بسبب الضربات الجوية خلال العملية العسكرية الروسية السورية المشتركة».
وإذ نفت وزارة الدفاع الروسية الاتهامات بأن الطائرات الروسية نفذت الغارة الجوية، التي قتلت 35 شخصا، بينهم 22 طفلا، قال بيل فان كبير الباحثين بشأن حقوق الطفل في منظمة هيومن رايتس ووتش، إن «آخر نفي للحكومة الروسية يتعارض مع إفادات الشهود وأشرطة الفيديو وصور الأقمار الصناعية، وحتى لقطات لطائراتها من دون طيار». وأضاف: «يتعين على وزارة الدفاع الروسية التوقف عن محاولة نفي دليل واضح على الضربات الجوية على المدارس، وعن التأكيد أن القوات الروسية والسورية لا تهاجم المدارس».



إسرائيل تستقبل خامس هجوم حوثي خلال أسبوع

الحوثيون مستنفرون في مناطق سيطرتهم مع ترقب هجمات إسرائيلية أكثر قسوة (إ.ب.أ)
الحوثيون مستنفرون في مناطق سيطرتهم مع ترقب هجمات إسرائيلية أكثر قسوة (إ.ب.أ)
TT

إسرائيل تستقبل خامس هجوم حوثي خلال أسبوع

الحوثيون مستنفرون في مناطق سيطرتهم مع ترقب هجمات إسرائيلية أكثر قسوة (إ.ب.أ)
الحوثيون مستنفرون في مناطق سيطرتهم مع ترقب هجمات إسرائيلية أكثر قسوة (إ.ب.أ)

كثّف الحوثيون المدعومون من إيران هجماتهم، هذا الأسبوع، باتجاه إسرائيل على الرغم من الردود الانتقامية المتوقعة من جانب تل أبيب والمخاوف التي تسيطر على الشارع اليمني في مناطق سيطرة الجماعة لجهة هشاشة الأوضاع المعيشية والخدمية وعدم القدرة على تحمل المزيد من الأزمات.

وتشنّ الجماعة هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى جانب هجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مساندة الفلسطينيين في غزة، وهي السردية التي تصفها الحكومة اليمنية بالمضللة.

وتبنى المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع، الأربعاء، هجوماً باتجاه إسرائيل هو الخامس خلال أسبوع، إذ أعلن إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» باتجاه تل أبيب زاعماً أنه حقق هدفه، مع وعيده باستمرار الهجمات.

من جهته، أكد الجيش الإسرائيلي في بيان اعتراض صاروخ أطلق من اليمن وعبر إلى الأراضي الإسرائيلية في ساعة مبكرة من صباح الأربعاء، مشيراً إلى تفعيل صفارات الإنذار بسبب احتمال سقوط شظايا من عملية الاعتراض.

وأوضح، في منشور على منصة «إكس»، أنه «للمرة الخامسة في أسبوع، سارع ملايين الإسرائيليين إلى الملاجئ مع شن الإرهابيين الحوثيين في اليمن هجوماً صاروخياً».

إلى ذلك، قالت خدمة الإسعاف الإسرائيلية (نجمة داود الحمراء)، في بيان، إنها تلقت تقارير عن إصابة نحو 9 أشخاص أثناء توجههم إلى الملاجئ.

تصاعد الهجمات

كانت الجماعة الحوثية قد تبنت، السبت الماضي، إطلاق صاروخ باليستي على وسط إسرائيل، ولم تتمكن الدفاعات الجوية من اعتراضه فسقط في ساحة وسط مبانٍ سكنية، وأدى إلى إصابات طفيفة طالت نحو 23 إسرائيلياً، وفق وسائل إعلام عبرية.

وفي وقت مبكر، الثلاثاء، أفاد الجيش الإسرائيلي بأن صفارات الإنذار دوت في مناطق عدة بوسط إسرائيل بعد إطلاق صاروخ من اليمن، مؤكداً اعتراضه قبل أن يعبر إلى الأراضي الإسرائيلية.

عناصر حوثيون يحملون مجسما لصاروخ وهمي خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)

ويوم الاثنين الماضي، قالت تل أبيب إن سلاح الجو اعترض طائرة مسيّرة، أُطلقت من اليمن قبل أن تخترق الأجواء الإسرائيلية، وفقاً لصحيفة «يديعوت أحرنوت».

وفي حين لم تسجل أي إصابة مباشرة خلال عمليتي الاعتراض، تحدثت خدمة الإسعاف الإسرائيلي عن إصابة أكثر من 20 شخصاً أثناء توجههم إلى الملاجئ، بعضهم أصيب بحالة هلع، بعد دوي صفارات الإنذار.

وعلى امتداد أكثر من عام، تبنى الحوثيون إطلاق نحو 370 صاروخاً وطائرة مسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي، وكذا تضررت مدرسة بشكل كبير جراء انفجار رأس صاروخ في 19 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر السبت الماضي 21 ديسمبر.

حفرة أحدثها صاروخ حوثي في منطقة يافا جنوب تل أبيب (رويترز)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات في 19 ديسمبر الحالي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص وإصابة 3 آخرين.

صورة جوية وزعها الجيش الإسرائيلي لاستهداف أحد المواقع الخاضعة للحوثيين (رويترز)

ومع تجاهل الحوثيين تهديدات نتنياهو المتكررة، كان الأخير قد أبلغ أعضاء الكنيست بأنه طلب من الجيش تدمير البنى التحتية التابعة للحوثيين. وبحسب «وكالة الصحافة الفرنسية»، قال نتنياهو: «وجّهت قواتنا المسلحة بتدمير البنى التحتية للحوثيين لأننا سنضرب بكامل قوتنا أي طرف يحاول إلحاق الضرر بنا. سنواصل سحق قوى الشر بقوة ومهارة، حتى وإن استغرق الأمر وقتاً».

وعلى وقع التصعيد المستمر يترقب اليمنيون بخوف عمليات الرد الإسرائيلية الانتقامية، خاصة أن ضربات تل أبيب لا تفرق بين ما هو هدف عسكري، وبين الأهداف الأخرى المتصلة بحياة السكان الخاضعين للجماعة بالقوة.