مجلس الأمن يناقش المشروع الثلاثي بشأن هدنة حلب.. ويستمع لدي ميستورا

يطالب المشروع بوقف فوري وكامل للهجمات ولا سيما عن طريق الجو

مجلس الأمن يناقش المشروع الثلاثي بشأن هدنة حلب.. ويستمع لدي ميستورا
TT

مجلس الأمن يناقش المشروع الثلاثي بشأن هدنة حلب.. ويستمع لدي ميستورا

مجلس الأمن يناقش المشروع الثلاثي بشأن هدنة حلب.. ويستمع لدي ميستورا

يعقد مجلس الأمن الدولي، غدا، جلسة بشأن سوريا يستمع خلالها إلى إحاطة من المبعوث الخاص لسوريا ستيفان دي ميستورا حول آخر المستجدات، فيما يستأنف المجلس أيضا مناقشة المشروع الثلاثي الذي تقدمت به نيوزيلندا ومصر وإسبانيا، والداعي إلى هدنة في حلب لمدة 10 أيام ووقف الأعمال العدائية في كافة أرجاء البلاد بشكل دائم.
والمشروع، رغم أنه لم يشر إلى الفصل السابع المرتبط بعقوبات، فإنه أشار إلى المادة 25 من الفصل الخامس والتي تنص على: «يتعهد أعضاء الأمم المتحدة بقبول قرارات مجلس الأمن وتنفيذها وفق هذا الميثاق».
ويطالب المشروع بوقف فوري وكامل لجميع الهجمات التي قد تؤدي إلى وفاة أو إصابة المدنيين أو الإضرار بالأهداف المدنية ولا سيما عن طريق الجو، ويطالب أيضا بالبدء الفوري في اتخاذ الخطوات نحو تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2268 ووقف الأعمال العدائية الواردة فيه.
كما يطالب المشروع من جميع الأطراف إتاحة وتيسير الوصول الفوري ودون عوائق وبشكل متواصل، للمساعدات الإنسانية إلى كافة المناطق المحاصرة وتلك التي يصعب الوصول إليها، على أساس الاحتياجات التي تحددها الأمم المتحدة.
ويدعو أيضا الأمم المتحدة إلى العمل مع الأطراف المعنية للاتفاق على الطرائق التشغيلية لتشمل الضمانات الأمنية اللازمة لتقديم المساعدة الإنسانية. وفي ديباجة المشروع، أعرب المجلس عن الأسى بسبب تكثيف الهجمات ضد المنشآت الطبية، والتي تعتبر مخالفة للقانون الإنساني الدولي ولقراره رقم 2286.
إلى ذلك، من المقرر أن يمدد المجلس ولاية آلية التحقيق المشتركة (الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية) وهي الهيئة الموكول إليها تحديد المسؤولية عن استخدام الأسلحة الكيميائية خلال الحرب في سوريا، والتي تنتهي يوم الجمعة الموافق 18 نوفمبر (تشرين الثاني).
ولم يعرف بعد الموقف الروسي من عملية التمديد «لآلية التحقيق»ن وخاصة بعد الخلاف الذي حصل نهاية الأسبوع في لاهاي، عندما تقدمت إسبانيا بمشروع قرار أمام لمكتب التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية يدين الحكومة السورية والإرهابيين على استخدامهما أسلحة محظورة في الحرب.
وأدى هذا الخلاف إلى طرح المشروع الإسباني للتصويت رسميا، وهو في العادة لا يطرح وإنما يتم إصدار القرارات بتوافق الآراء، حيث أجازته 28 دولة من أصل 41 مجموع الدول الأعضاء أعضاء في المكتب. ومن بين الدول التي عارضته روسيا والصين، اللتان لا تتمتعان بحق الفيتو داخل المكتب التنفيذي لكن لهما حق النقض في مجلس الأمن.
واتهم المكتب التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية السلطات السورية بانتهاك معاهدة المنظمة من خلال اللجوء إلى استخدام أسلحة محظورة وأدان المكتب بأشد التعابير «استخدام أسلحة كيماوية في سوريا» ويدعو «كل الأطراف المحددين» في تقرير الخبراء إلى «التوقف فورا عن أي استخدام» لهذا النوع من السلاح. وأعرب عن «القلق البالغ» إزاء نتائج تحقيق أجراه خبراء للأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية.
وطلب القرار من سوريا «التقيد بشكل كامل بالتزاماتها الواردة في الاتفاقية»، وطلب من منظمة حظر الأسلحة الكيماوية القيام بأسرع ما يمكن بعمليات تفتيش في المواقع التي شهدت الهجمات الكيماوية.
يذكر أنه، وقبل أسبوعين، قرر مجلس الأمن الدولي تمديد ولاية آلية التحقيق لمدة 14 يوما بهدف التصويت من جديد على تجديد الآلية في نهاية فترة التمديد هذه، أي قبل يوم الجمعة.
وجاء التمديد باقتراح من الولايات المتحدة التي طالبت بتمديد ولاية الفريق لمدة سنة أخرى، إلا أن روسيا والصين رفضتا التمديد بموجب الولاية الحالية وطالبتا بإجراء تعديلات على الولاية لتشمل التحقيق بقيام المنظمات الإرهابية في العراق أيضا بالتحضير وتصنيع المواد الكيماوية كأسلحة.
وأكدت رئيسة الفريق الأرجنتينية فيرجينيا جامبا أن نتائج التحقيق تشير إلى أن «الفرقة العسكرية 63 التابعة لـ(قوات الأسد)، قامت باستخدام أسلحة كيماوية في الحرب السورية في 3 حالات من الحالات التسع التي تم التحقيق فيها، فيما اتهم الفريق تنظيم داعش باستخدام غاز الخردل في مارع بمحافظة حلب».



2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟