المغرب: خارطة طريق لتمويل «خفض انبعاثات الكربون» بـ50 مليار دولار

منها 35 مليار دولار مشروطة بتمويلات خارجية

المغرب: خارطة طريق لتمويل  «خفض انبعاثات الكربون» بـ50 مليار دولار
TT

المغرب: خارطة طريق لتمويل «خفض انبعاثات الكربون» بـ50 مليار دولار

المغرب: خارطة طريق لتمويل  «خفض انبعاثات الكربون» بـ50 مليار دولار

أعلنت السلطات المالية المغربية أمس عن إطلاق خارطة طريق لتمويل التزامات المغرب في إطار مؤتمر المناخ. وقال عبد اللطيف الجواهري محافظ البنك المركزي المغربي: «التزم المغرب بتخفيض انبعاثاته من غاز الكربون بنسبة 42 في المائة في أفق 2030، وتنفيذ هذا الالتزام يحتاج إلى 50 مليار دولار، منها 35 مليار دولار مشروطة بتمويلات خارجية».
وأضاف الجواهري أن السلطات المالية المغربية، بما فيها البنك المركزي ووزارة المالية والاقتصاد والهيئة المغربية لسوق الرساميل والهيئة المغربية لمراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي، بالإضافة إلى اتحادات البنوك وشركات التأمين وصندوق الإيداع والتدبير، شاركت في إعداد خارطة الطريق المالية وملتزمة بتنفيذها.
وأشار إلى أن القطاع المالي المغربي حاضر منذ سنوات في تمويل المناخ، مشيرا إلى دور المصارف المغربية في تمويل مشاريع الطاقة الشمسية الضخمة ومشاريع حقول الرياح الكبيرة التي تستهدف تأمين حصة 52 في المائة من احتياجات المغرب من الكهرباء عبر موارد الطاقة النظيفة. مشيرًا إلى مساهمة شركات التأمين عبر تأمين نحو مليون هكتار من الأراضي الزراعية ضد التقلبات المناخية.
وأضاف الجواهري أن خارطة الطريق التي ساهمت في إعدادها كل مكونات القطاع المالي تهدف إلى تكثيف كل الجهود من أجل المناخ؛ ومن أبرز التدابير التي تضمنتها خارطة الطريق: إطلاق منتجات مالية خضراء كالسندات الخضراء والصناديق الخضراء وهيئات الاستثمار المشترك في الأسهم والمشاريع الخضراء والادخار الأخضر. موضحًا «علينا أن نعمل على تحديد كل الموارد المتاحة من أجل تمويل المناخ وتعبئتها، مع وضع آليات للتتبع والرقابة لضمان توجيه التمويلات للأهداف المسطرة لها».
وأعلن الجواهري عن مبادرة جديدة اتخذها المركزي المغربي، تتمثل في إصدار قطعة نقدية فضية بمناسبة انعقاد مؤتمر المناخ في مراكش. وقال «إن مداخيل هذه القطعة التي ستعرض للبيع بثمن 1000 درهم (100 دولار) ستوجه لتمويل الجمعيات البيئية في المغرب». من جانبه، أشار محمد بوسعيد وزير المالية والاقتصاد إلى أن الفضل في قدرة المغرب على التوجه لتمويل المناخ راجع للمكتسبات التي حققتها البلاد في مجال ضبط التوازنات الاقتصادية وتحقيق الاستقلال المالي.
وقال بوسعيد إن المغرب أحدث نقلة نوعية في بنياته المالية بفضل هذه الإصلاحات التي أكسبته المناعة والقدرة على الصمود أمام الصدمات الخارجية، وأهلته لرفع تحديات التنمية المستدامة. مشيرًا إلى أن هدف خارطة الطريق هو توطيد التزامات القطاع المالي وتحفيز القطاع الخاص، وإدخال الاعتبارات البيئية في إعداد ميزانية الحكومة وميزانيات الشركات التابعة لها.
من جانبه أشار نزار بركة، رئيس اللجنة العلمية لمؤتمر المناخ بمراكش ورئيس لجنة إعداد خارطة الطريق المغربية لتمويل المناخ، إلى أن الرئاسة المغربية لمؤتمر المناخ وضعت على رأس أولوياتها قضايا التمويل وتعزيز القدرات، مع إيلاء اهتمام خاص للبلدان الأفريقية والجزر. موضحًا أن من بين أولويات القمة تنفيذ التزام الدول المتقدمة بتوفير 100 مليار دولار سنويًا لصالح الدول النامية، ووضع جدول زمني واضح لتوفير هذا المبلغ.
غير أنه أشار إلى أن الدول المتقدمة تتذرع بغياب مشاريع وبرامج ملموسة وجاهزة للتمويل لدى الدول الأفريقية. من هنا، يقول بركة إن الرئاسة المغربية تركز على قضية تعزيز قدرات الدول الأفريقية ومساعدتها على تقديم مشاريع قابلة للتمويل. وأضاف: «لدينا في المغرب تجربة وخبرة كبيرة في هذا المجال، والتي يمكن تصديرها إلى أشقائنا الأفارقة».



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.