أنقرة تستأنف غاراتها الجوية في شمال سوريا.. بوساطة روسية

مصدر في «الجيش الحر» يؤكد وجود دور مؤجل لـ«درع الفرات» بمعركة حلب

رجل يجتاز ركام الدمار في حلب القديمة التي تخضع لسيطرة المعارضة وتعرضت لقصف وحشي من الطيران الروسي - الجهات الرئيسية التي تقتل المدنيين في سوريا
رجل يجتاز ركام الدمار في حلب القديمة التي تخضع لسيطرة المعارضة وتعرضت لقصف وحشي من الطيران الروسي - الجهات الرئيسية التي تقتل المدنيين في سوريا
TT

أنقرة تستأنف غاراتها الجوية في شمال سوريا.. بوساطة روسية

رجل يجتاز ركام الدمار في حلب القديمة التي تخضع لسيطرة المعارضة وتعرضت لقصف وحشي من الطيران الروسي - الجهات الرئيسية التي تقتل المدنيين في سوريا
رجل يجتاز ركام الدمار في حلب القديمة التي تخضع لسيطرة المعارضة وتعرضت لقصف وحشي من الطيران الروسي - الجهات الرئيسية التي تقتل المدنيين في سوريا

أعلنت تركيا استئناف غاراتها الجوية دعما للجيش السوري الحر في إطار عملية درع الفرات بعد الاتفاق مع «الأطراف المعنية»
وقال نائب رئيس الوزراء المتحدث باسم الحكومة نعمان كورتولموش في تصريحات عقب اجتماع مجلس الوزراء التركي أمس الاثنين إن بلاده استأنفت مجددا دعمها الجوي لـ«الجيش السوري الحر» في إطار عملية «درع الفرات». وإن الجيش الحر بات على مسافة قريبة من مدينة «الباب»، في الريف الشرقي لمحافظة حلب.
وأضاف كورتولموش أنه بات يمكن لتركيا مجددا أن توفر الدعم اللوجستي للجيش الحر من الجو، في ضوء المحادثات مع الأطراف المعنية بما فيها روسيا، وأن تركيا ستوقف عملية درع الفرات عند تحقيق كامل أهدافها.
كان النظام السوري والقوات الموالية له هددا باستهداف أي طائرة تركية تحلق في شمال سوريا بعد أن قصفت تركيا مواقع لوحدات حماية الشعب الكردية الشهر الماضي في إطار عملية درع الفرات كما أعربت موسكو عن تحفظها على القصف التركي.
وتنسق تركيا مع روسيا عبر آلية ثلاثية تضم ممثلين عن رئاسة الأركان والمخابرات ووزارتي الخارجية في البلدين بشأن سوريا، وتتولى موسكو القيام بحلقة الوصل بين أنقرة والنظام السوري إذا تطلب الأمر.
وتتحفظ موسكو على دخول الجيش الحر إلى الرقة حتى لا يؤدي ذلك إلى إضعاف دفاعات النظام السوري هناك.
وقالت المصادر إن تركيا حريصة على عدم تغيير البنية الديموغرافية في حلب وتركيبتها السكانية وإن هناك تنسيقا مع موسكو في هذا الصدد وبشأن سبل تقديم المساعدات الإنسانية لسكان حلب المحاصرين أيضا.
ميدانيا، واصلت فصائل المعارضة المسلّحة المنضوية ضمن قوات «درع الفرات» تقدمها باتجاه مدينة الباب، آخر معاقل تنظيم داعش في ريف حلب الشرقي، بدعم من الجيش التركي، وغطاء جوي من طيران التحالف الدولي، وتمكنت من الوصول إلى تخوم الباب إثر سيطرتها على ثماني قرى شرق المدينة، بعد مواجهات عنيفة مع مقاتلي التنظيم، بينما أعلن الجيش التركي أمس أن طائرات حربية تركية «قصفت 15 هدفا في منطقة الباب بشمال سوريا يوم الأحد، في عملية مع قوات المعارضة السورية لطرد مقاتلي تنظيم داعش من المنطقة». غير أن مصدرا في الجيش الحرّ، كشف عن «دور مؤجل لفصائل (درع الفرات) في معركة حلب»، داعيا إلى «انتظار انتهاء معركة الباب والمرحلة التي ستليها».
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، بأن فصائل المعارضة «تمكنت من الوصول إلى تخوم مدينة الباب، بعد أكثر من شهرين ونصف على بدء عملياتها في شمال سوريا». وأكد أن المعارك العنيفة أمس «أسفرت عن مقتل قائد عسكري في فرقة مقاتلة تابعة لـ(درع الفرات) مع عدد من المقاتلين». وقال: «لقد تمكن مقاتلو الفصائل من التقدم والسيطرة على مناطق جبل الدير، الحدث وقبة الشيح القريبة من مدينة الباب»، مشيرا إلى أن «المواجهات العنيفة مستمرة بين الجانبين، في محاولة من (داعش) لإبعاد الفصائل عن المدينة الاستراتيجية، المتبقية لها في مناطق ريف حلب».
ومع هذا التقدم الجديد تكون فصائل قوات «درع الفرات» سيطرت على 25 قرية بريف حلب الشمالي الشرقي منذ الثامن من الشهر الحالي وحتى يوم أمس، بعدما كانت الفصائل نفسها سيطرت على عشرات القرى في الأسابيع الفائتة، وتمكنت من إنهاء آخر النوافذ المتبقية لتنظيم داعش مع العالم الخارجي، عبر طرد التنظيم من المنطقة الواقعة بين جرابلس عند الضفاف الغربية لنهر الفرات، وصولا إلى منطقتي الراعي وأعزاز، كما تمكنت من السيطرة على دابق وعدة بلدات قريبة منها، بعد انسحاب التنظيم منها، على الرغم من أهمية دابق الدينية لدى التنظيم.
وفي غياب ملامح الدور الذي سيوكل إلى فصائل المعارضة بعد حسم معركة الباب وتنظيفها من «داعش»، رأى مصدر عسكري في الجيش الحرّ في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «قوات درع الفرات، سيكون لها دور مؤثر على معركة حلب، لكنه دور مؤجل»، مشيرا إلى أن «المناطق المحررة في ريف حلب الشمالي، باتت تشكل الفضاء الآخر للمعارضة، الذي سيتسع ويقوى وتكون له كلمته بالوقت المناسب».
وأكد المصدر العسكري الذي رفض ذكر اسمه، أن «معركة تحرير مناطق واسعة في شمال البلاد، بدءًا من جرابلس وصولا إلى الباب تحت الرعاية التركية، وبما فيها من أسلحة نوعية، ستشكل حماية استراتيجية كبيرة للثوار أهم من منطقة إدلب»، داعيا إلى «انتظار انتهاء معركة الباب، التي سترسم توجه قوات المعارضة، ودورها في المرحلة المقبلة».
في هذا الوقت، توقع الخبير العسكري السوري عبد الناصر العايد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «تتركز الاستراتيجية التركية بعد معركة الباب، على ممارسة الضغط عسكريا على الميليشيات الكردية شرق نهر الفرات»، لافتا إلى أن «قوات المعارضة المدعومة من تركيا، ستتجه إلى شرق حلب لإخراج (داعش) من المناطق التي تفصل بين مواقع النظام ونهر الفرات، مثل سنكة ودير حافر».
ودعا العايد إلى «انتظار عاملين أساسيين، الأول معركة الباب التي تحتاج إلى ما بين أسبوعين وشهر لحسمها، والثاني تبلور الدور الأميركي المقبل في سوريا، خصوصا وأن تصريحات مستشاري (الرئيس الأميركي المنتخب دونالد) ترامب، التي تؤكد أن المناطق التي يسيطر عليها التحالف الدولي لن يعيدها إلى النظام».
إلى ذلك، نقل «مكتب أخبار سوريا» المعارض عن المقاتل في صفوف المعارضة إبراهيم الحمد، أن «التقدم الذي حققته الفصائل، تزامن مع قصف مدفعي تركي مكثف وعشرات الغارات التي نفذها طيران التحالف الدولي على مواقع التنظيم داخل القرى التي تحررت في الساعات الماضية»، مؤكدا أن المعارضة «سيطرت ناريا على الطريق الواصل بين الباب وبلدة قباسين، بعد سيطرتها على تلة جبل الدير شرق المدينة». وأعلن المقاتل الحمد أن المواجهات «أسفرت عن مقتل 12 عنصرا من المعارضة وإصابة أكثر من 17 آخرين، بينهم ثمانية قضوا بانفجار عربة مفخخة على أطراف قرية حزوان، في حين لقي 11 مقاتلا من تنظيم داعش مصرعهم، معظمهم قتلوا بغارات طيران التحالف». كما أعلن مصدر مدني من داخل الباب أن التنظيم «أغلق جميع صالات الإنترنت في المدينة، ونشر عددا كبيرا من الحواجز داخلها وخارجها، إضافة إلى منع خروج المدنيين منها».
أما على صعيد معركة الرقة، فقد دارت اشتباكات عنيفة بين مقاتلي «داعش» من جهة، وقوات سوريا الديمقراطية من جهة أخرى، في بلدة سلوك الواقعة بريف الرقة الشمالي الشرقي، إثر هجوم مباغت نفذه عناصر التنظيم على البلدة، في محاولة لفتح جبهة قتال جديدة. ورأى ناشطون أن التنظيم «حاول تشتيت قوات سوريا الديمقراطية التي تدور اشتباكات بينها وبين (داعش) في محيط منطقة تل السمن، وتحاول منذ السادس من الشهر الحالي التقدم والسيطرة على بلدات وقرى ومزارع بريف الرقة الشمالي - الشرقي والشمالي - الغربي، في محاولة لعزل مدينة الرقة تمهيدا للسيطرة عليها»، مؤكدين أن الاشتباكات «ترافقت مع قصف عنيف ومكثف بين الطرفين، وتحليق لطائرات التحالف الدولي التي نفذت ضربات على مناطق الاشتباك».



«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
TT

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)

استهلت الجماعة الحوثية السنة الميلادية الجديدة بإطلاق حملات جباية استهدفت التجار وأصحاب ورؤوس الأموال في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، بغية إجبارهم على دفع الأموال لتمويل احتفالات الجماعة بما تسميه «جمعة رجب».

وتزعم الجماعة الحوثية أن دخول اليمنيين في الإسلام يصادف أول جمعة من شهر رجب الهجري، ويستغلون المناسبة لربطها بضرورة الولاء لزعيمهم عبد الملك الحوثي تحت ادعاء أن نسبه يمتد إلى علي بن أبي طالب الذي أدخل اليمنيين في الإسلام قبل أكثر من 14 قرناً هجرياً. وفق زعمهم.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مشرفين حوثيين برفقة عربات ومسلحين يتبعون عدة مكاتب تنفيذية تابعة للجماعة، نفذوا حملات واسعة ضد متاجر ومؤسسات تجارية في عدة مديريات في المدينة، وأجبروا ملاكها على دفع جبايات، بينما أغلقوا عدداً من المتاجر التي رفض ملاكها التبرع.

وأكدت المصادر أن الانقلابيين شرعوا في توسيع أنشطتهم الاستهدافية في تحصيل الإتاوات أكثر مما كان عليه قبل أشهر ماضية، حيث لم تستثنِ الجماعة حتى صغار التجار والباعة المتجولين والسكان الأشد فقراً.

الانقلابيون سيطروا بالقوة على مبنى الغرفة التجارية في صنعاء (إعلام محلي)

وفي ظل تجاهل الجماعة المستمر لفقر السكان في مناطق سيطرتها، أقرت ما تسمى اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات في اجتماع لها بصنعاء، إطلاق برنامج الفعاليات المصاحب لما يُسمى ذكرى «جمعة رجب»، بالتوازي مع بدء شنّ حملات جباية على التجار والسكان الذين يعانون من ظروف معيشية حرجة.

وهاجم بعض السكان في صنعاء كبار قادة الجماعة لجهة انشغالهم بابتكار مزيد من الفعاليات ذات المنحى الطائفي وتخصيص ميزانية ضخمة لأعمال الدعاية والإعلان، ومكافآت ونفقات لإقامة الندوات وتحركات مشرفيها أثناء حشد الجماهير إليها.

وكانت تقارير محلية اتهمت في وقت سابق قيادات حوثية بارزة في الجماعة يتصدرهم حمود عباد وخالد المداني بجباية مليارات الريالات اليمنية من موارد المؤسسات الحكومية الخاضعة لسلطات الجماعة في صنعاء، لافتة إلى أن معظم المبالغ لم يتم توريدها إلى حسابات بنكية.

تعميم صوري

في حين زعمت وسائل إعلام حوثية أن تعميماً أصدره القيادي في الجماعة حمود عباد المعين أميناً للعاصمة المختطفة، يقضي بمنع إغلاق أي محل أو منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ ما سماها «الإجراءات القانونية»، نفى تجار وأصحاب مؤسسات تجارية بصنعاء توقّف عناصر الجماعة عن مداهمة متاجرهم وإغلاقها بعد رفضهم دفع جبايات.

تجمع للمارة في صنعاء أثناء محاولة اعتقال مالك أحد المطاعم (الشرق الأوسط)

وفي مسعى لتلميع صورتها عقب حملات التعسف كانت الجماعة أصدرت تعميماً يُلزِم قادتها في عموم المديريات والمكاتب التنفيذية في صنعاء بعدم إغلاق أي منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ «الإجراءات اللازمة».

وحض التعميم الانقلابي كل الجهات على «عمل برامج شهرية» لتنفيذ حملات نزول ميداني لاستهداف المتاجر، مرة واحدة كل شهر عوضاً عن تنفيذ حملات نزول يومية أو أسبوعية.

واعترفت الجماعة الحوثية بوجود شكاوى لتجار وملاك منشآت تجارية من قيام مكاتب تنفيذية في صنعاء بتحصيل مبالغ مالية غير قانونية منهم بالقوة، وبإغلاق مصادر عيشهم دون أي مسوغ قانوني.

توسيع الاستهداف

اشتكى تُجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تصاعد كبير في حملات الاستهداف وفرض الإتاوات ضدهم عقب صدور تلك التعليمات التي يصفونها بـ«غير الإلزامية».

ويتهم عدد من التجار القياديَين حمود عباد وخالد المداني، والأخير هو مشرف الجماعة على المدينة، بتكثيف الأنشطة القمعية بحقهم وصغار الباعة وإرغامهم في كل حملة استهداف على دفع جبايات مالية مقابل السماح لهم بمزاولة أنشطتهم التجارية.

الحوثيون يستهدفون المتاجر والشركات لإجبارها على دفع الأموال (إعلام حوثي)

ويتحدث (أحمد.و)، مالك محل تجاري بصنعاء، عن استهداف متجره بسوق شعبي في حي السنينة بمديرية معين بصنعاء من قِبَل حملة حوثية فرضت عليه دفع مبلغ مالي بالقوة بحجة تمويل مناسبة «جمعة رجب».

وذكر أن عناصر الجماعة توعدته بالإغلاق والاعتقال في حال عدم تفاعله مع مطالبها غير القانونية.

وتحدث أحمد لـ«الشرق الأوسط»، عن إغلاق عدد من المتاجر في الحي الذي يعمل فيه من قِبَل مسلحي الجماعة الذين قال إنهم اعتقلوا بعض ملاك المحلات قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد أن رضخوا لدفع الجبايات.