صراع في اليونان بين الحكومة والمعارضة حول قانون تراخيص البث التلفزيوني

بعد قرار المحكمة العليا بعدم دستوريته

اهتمام بالبرامج  الحوارية في اليونان
اهتمام بالبرامج الحوارية في اليونان
TT

صراع في اليونان بين الحكومة والمعارضة حول قانون تراخيص البث التلفزيوني

اهتمام بالبرامج  الحوارية في اليونان
اهتمام بالبرامج الحوارية في اليونان

جاء قرار مجلس الدولة اليوناني بإبطال قانون إصلاح القطاع السمعي البصري (البث التلفزيوني والإذاعي) الذي أكده رئيس الوزراء ألكسيس تسيبراس بناء على مشروع وزير الدولة لشؤون الإعلام، وأثار جدلاً حادًا، مما يشكل انتكاسة كبيرة للحكومة التي رأت أنه قرار «غير عادل»، لكنها أكدت أنها سوف تلتزم به.. جاء هذا القرار ليصبح الموقف أكثر اشتعالا وصراعا بين الحكومة والمعارضة، حيث تريد الحكومة تأجيل المشروع وإدخال تعديلات علية ومناقشته مرة أخرى، أما المعارضة فتريد عدم الرجوع إليه مرة أخرى.
وأصدر المجلس الدولي اليوناني بأغلبية 14 قاضيًا من أصل 25 قراره في الملف الذي رفعه عدد من مالكي وسائل الإعلام وقنوات التلفزيون. ورأى مجلس الدولة أن القانون الذي صدر في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في هذا الشأن مخالف للدستور.
ويثير هذا القانون جدلاً حادًا بين الأغلبية اليسارية المتشددة من جهة، والمعارضة والقضاء والجهاز الإعلامي من جهة أخرى. وقد أفادت المعارضة ومسؤولون في عدد من شبكات التلفزيون التي كانت ستغلق بموجبه، أن القانون يشكل مساسًا بالتعددية. فيما كان يفترض أن يغذي هذا الإصلاح خزينة الدولة بـ246 مليون يورو.
وقال مصدر قضائي إن أغلبية القضاة رأوا أن مجلس الإذاعة والتلفزيون، الهيئة المستقلة المشرفة على هذا القطاع بموجب الدستور، هو الجهة المخوّلة لإجراء الإصلاحات وليس المجلس التشريعي، فيما قال وزير الدولة نيكوس باباس مهندس هذا الإصلاح: «إنه قرار ملزم لكنه ليس عادلاً». ويهدف الإصلاح إلى منح تراخيص للبث على الأراضي الوطنية اليونانية للمرة الأولى. ولم تكن وسائل الإعلام اليونانية تملك منذ ظهورها في ثمانينات القرن الماضي سوى تراخيص مؤقتة.
واتهم حزب الديمقراطية الجديدة المحافظ، الحكومة اليسارية بالسعي إلى فرض السلطة المطلقة على الإعلام، كما واتهم الحزب الاشتراكي «باسوك» بأن حزب سيريزا لا يحترم الديمقراطــــية وحرية الكلام.
وأبدى حزب الديمقراطية الجديدة رفضه التام لهذا القانون والذي يسحب رخص البث من عدد من القنوات التلفزيونية اليونانية المعروفة التي تبث منذ عشرات السنين، واصفا أن التحرك الحكومي في هذا الأمر هو إسكات للأصوات المعارضة، وقال جورج كومتساكوس المتحدث الرسمي باسم الحزب المعارض أن القانون الجديد هو لاستغلال وسائل الإعلام والسيطرة عليها من قبل الحكومة، مشيرا إلى الوضع السيئ في سوق التلفزيون عموما في اليونان. وكانت من القنوات التلفزيونية التي لم تحصل على تراخيص قناتا «سكاي» و«ميجا»، وهاتان القناتان من أشد المنتقدين للحكومة ورئيس الوزراء ألكسيس تسيبراس، وتشن حربا من المعلومات العملية ضد الحكومة، وقد تم اتهام قناة «سكاي» من قبل الحكومة أنها ترعى «الإرهاب في وسائل الإعلام» وذلك قبيل الاستفتاء الذي شهدته اليونان في يوليو (تموز) 2015.
فيما قال نيكولاس كارافونوبولوس الممثل البرلماني للحزب الشيوعي اليوناني إن المنافسة «لا توفر أي حق للشعب على الحصول على المعلومات، ولا حق للعاملين في وسائل الإعلام، لأن القنوات ستبقى ملكا لمجموعات رجال الأعمال»، وإن ما تقوم به الحكومة في هذا الأمر يختلف تماما عن حديثها حول محاربة الفساد والمصالح الخاصة وخرافية إعادة توزيع الكعكة، وإرغام رجال الأعمال والمستثمرين على مساعدة الدولة وليس الاستيلاء على كل شيء. وزاد على ذلك، بأن حذرت المفوضية الأوروبية بأن حرية الإعلام في خطر رغم عدم اعتراضها على المزاد، الذي سيحد من عدد التراخيص لتصل إلى أربعة تراخيص فقط مما يعني إلى وصول عدد المحطات إلى النصف وستغلق محطات اليونان الأخرى.
وعبرت هيئة المفوضية عن حيادها بشأن تنظيم اليونان للمزاد، وعن مدى تحكم الحكومة بمالكي الإعلام، حيث إن الآخرين يعتقدون بأنهم مستهدفون بشكل غير عادل، كما أنهم ينكرون استعمال أي مؤثرات غير عادلة أو مصالح سياسية. وقد أخبر أحد مالكي القناة ديمتريوس كونتامينوس، مالك قناة ألفا وأيضا يمتلك شركة تأمين، في رد له على لجنة برلمانية تبحث في التمويل المعطى إلى البنوك اليونانية إلى مؤسسات إعلامية «بأنه غير فاسد وبأن علاقته الوحيدة مع الحكومة عند شراء الطوابع على الرسائل لديه».
أما بالنسبة إلى مالك قناة «سكاي» يبانياس الأفوزوس، فإنه يدعي أن الاهتمام الرئيسي لديه هو عدم معالجة المصالح المتشابكة، وإنما في إنشاء أعضاء جدد و«تأسيس قاعدة في اليونان» وقد وصف وضع الحكومة بالتكاملي الشمولي وبأن الحكومة أرجعت اليونان 15 - 20 عاما إلى الوراء.
وكانت قد فتحت اليونان المجال للبث الإعلامي الخـاص في عام 1980 وبدأت بإعطاء التراخيص بشكل غير منظم ومدروس، مما أدى إلى ازدياد عدد المنافذ الإعلامية والتسبب في فوضى عارمة وديون تصل إلى الملايين وأيضا أدت إلى زيادة النفوذ المفرط لكل من البنوك وشخصيات الإعلام والحكومات المتلاحقة.
ووفقا للمراقبين الأجانب فإن الحزب الحكومي اليساري «سيريزا» والذي يقوده رئيس الوزراء ألكسيس تسيبراس يعتزم تضييق الخناق على ما وصفوه بـ«مثلث الفساد» وذلك عن طريق إنهاء المزادات لعدد محدود من تراخيص البث التلفزيوني، ونتج عن هذا القرار نقاشات ومشاحنات حادة حول ما إذا كانت نية الحكومة هو صياغة الإعلام لمصلحتها أم فعلا لتنظيم هذا القطاع.
وترى الحكومة أن عدد 8 محطات تلفزيونية هو عدد كبيـر لـبلد صغير مثل اليونان، مشيرة إلى أن سوق الإعلانات التلفزيوني تمتاز بحجم ضئيل وبسيط، وبينت الحكومة أن العائد السنوي انخفض بمقدار الثلثين منذ انـدلاع الأزمة في عام 2009 ليصل إلى مائتي مليون يورو. وأفاد الوزير المسؤول عن المزاد نيكوس باباس وهو مساعد مقرب إلى تسيبراس بأن الحكومة تحاول تنظيم قطاع فوضوي للغاية ولقد أوضح برسالة مكتوبة بأن الحكومة اليونانية وافقت مع شركائها الأوروبيين على عقد المزاد، وأضاف أنه «على مالكي قنوات الإعلام دفع حصصهم مثل جميع اليونانيين. لافتا إلى أن القنوات التلفزيونية «عملت ولمدة 27 عاما من دون تراخيص وكانت النتيجة احتكار القلة إضافة إلى عدم دفعها الضرائب وازدياد معدل الاقتراض حتى وصل الدين الاقتراضي إلى ما يقارب 1.5 مليون يورو، وأن القطاع تنقصه الشفافية أيضا». ورغم الخلاف الشديد حول قانون البث المشار إليه والانتقادات المستمرة ضد الوزير المسؤول نيكوس باباس، فإن تسيبراس قد أبقى عليه في الحكومة الجديدة كوزير للسياسة الرقمية والإعلام على الرغم من أن القضاء ألغى خطته لإصلاح قطاع الإعلام المرئي والمسموع، وأدى باباس اليمين الدستورية مجددا بعد ظهر السبت الماضي الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) مع أعضاء الحكومة الجديدة.



تساؤلات بشأن سياسات «ميتا» لحماية المستخدمين بعد حذف مليوني حساب

شعار «ميتا» مطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد على لوحة مفاتيح كومبيوتر جوال (رويترز)
شعار «ميتا» مطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد على لوحة مفاتيح كومبيوتر جوال (رويترز)
TT

تساؤلات بشأن سياسات «ميتا» لحماية المستخدمين بعد حذف مليوني حساب

شعار «ميتا» مطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد على لوحة مفاتيح كومبيوتر جوال (رويترز)
شعار «ميتا» مطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد على لوحة مفاتيح كومبيوتر جوال (رويترز)

أثار قرار شركة «ميتا» بحذف أكثر من مليونَي حساب على منصات «فيسبوك»، و«إنستغرام»، و«واتساب»، خلال الأشهر الماضية، تساؤلات بشأن سياسات الشركة حول حماية بيانات المستخدمين، لا سيما أن القائمين على القرار برّروا الخطوة بأنها جاءت بهدف «مواجهة عمليات الاحتيال الرقمي». ووفق خبراء تحدَّثوا مع «الشرق الأوسط» فإن «الخطوة تعد تطوراً في سياسات (ميتا) لحماية البيانات».

«ميتا» ذكرت، في تقرير صدر نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أن السبب وراء حذف الحسابات هو «رصد عمليات احتيال رقمي كانت قد قامت بها تلك الحسابات». ويُعدّ هذا التقرير الأول الذي تكشف من خلاله «ميتا» عن تفاصيل استراتيجيتها للتصدي للأنشطة الاحتيالية العابرة للحدود. وعدّ مراقبون هذه الخطوة تعزيزاً لاتباع سياسة واضحة تجاه أي اختراق لحماية المستخدمين. وكتبت الشركة عبر مدونتها «لا مكان على (فيسبوك) أو (إنستغرام) أو (واتساب) للمجموعات أو الأفراد الذين يروّجون للعنف، والإرهاب، أو الجريمة المنظمة، أو الكراهية».

هيفاء البنا، الصحافية اللبنانية والمدرّبة في الإعلام ومواقع التواصل، رأت في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن «ميتا» تعمل على تحديث أدواتها لحماية المستخدمين. وأضافت: «تركز سياسات (ميتا) على الحدِّ من الجريمة المنظمة عبر استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI) المتطورة، وتعمل هذه التقنيات على تحليل النشاطات المُريبة على المنصات واكتشاف المحتويات المرتبطة بالجريمة المنظمة».

ووفق البنا فإن «(ميتا) تُراجع وتحدّث سياساتها بشكل دوري، كي تتفادى أي تهديدات تلاحق المستخدمين، وكانت الشركة قد أوضحت أن خوادمها الـ(Servers) المنتشرة في الدول يتم تحديثها بشكل دوري؛ لضمان مواكبة أي تغييرات، ولضمان بيئة أكثر أماناً لمستخدمي منصاتها حول العالم».

وأردفت: «التزاماً بلائحة حماية البيانات العامة، تتعامل (ميتا) مع الأشخاص الذين تُحلّل بياناتهم عبر رموز مشفّرة، وليس عبر أسمائهم الحقيقية، ما يضمن الحفاظ على خصوصياتهم»، مشيرة إلى أن حماية بيانات المستخدمين لا تتوقف على «ميتا» فقط.

إذ شدّدت الإعلامية والمدرّبة اللبنانية على تدابير يجب أن يتخذها المستخدم نفسه لحماية بياناته، إذ توصي مثلاً «بتفعيل خاصية (التحقق بخطوتين/ Two-Factor Authentication)؛ لضمان أمان الحسابات، ويمكن أيضاً استخدام تطبيقات مثل (Google Authentication)، التي تولّد رموزاً سرية تُستخدم للدخول والتحقق من هوية المستخدم، وكذا يمكن استخدام خاصية الإبلاغ التي توفّرها (ميتا) بسرية تامة، حيث يصار إلى التعامل مع هذه البلاغات من خلال فرق مختصة أو تقنيات الذكاء الاصطناعي؛ لضمان بيئة آمنة للجميع».

معتز نادي، المدرّب المتخصص في الإعلام الرقمي، عدّ خلال حوار مع «الشرق الأوسط» تحرّكات «ميتا» الأخيرة انعكاساً لـ«تفاقم مشكلة الاحتيال عبر الإنترنت وزيادة التهديدات السيبرانية التي تواجه المستخدمين». ورأى أن «تحديات (ميتا)» تصطدم بتطور الاحتيال، وازدياد عدد المستخدمين بما يتجاوز نحو مليارَي مستخدم، وتشديد الرقابة الرقمية التي تضعها في مرمى نيران الانتقادات، خصوصاً مع انتقاد خوارزمياتها الكثير من الأحداث السياسية التي شهدها العالم أخيراً.

وحول جدية «ميتا» في حماية بيانات المستخدمين، قال معتز نادي: «بنظرة إلى المستقبل، سيكون الأمان الرقمي بحاجة إلى مجاراة التطور من حيث تقنيات الذكاء الاصطناعي، والعمل على تثقيف المستخدمين عبر وسائل الإعلام والمنصات الرقمية لمنع أي اختراق لخصوصياتهم».