الانقلابيون يواصلون اعتقالاتهم لمناوئيهم في مناطق سيطرتهم

حملة «إلا الراتب» تتجاوز صنعاء إلى ذمار وإب وعمران

مسلحون تابعون للحوثي وصالح يحملون أسلحتهم الأسبوع الماضي في استعراض بصنعاء التي تقع تحت سيطرة الانقلاب (إ.ب.أ)
مسلحون تابعون للحوثي وصالح يحملون أسلحتهم الأسبوع الماضي في استعراض بصنعاء التي تقع تحت سيطرة الانقلاب (إ.ب.أ)
TT

الانقلابيون يواصلون اعتقالاتهم لمناوئيهم في مناطق سيطرتهم

مسلحون تابعون للحوثي وصالح يحملون أسلحتهم الأسبوع الماضي في استعراض بصنعاء التي تقع تحت سيطرة الانقلاب (إ.ب.أ)
مسلحون تابعون للحوثي وصالح يحملون أسلحتهم الأسبوع الماضي في استعراض بصنعاء التي تقع تحت سيطرة الانقلاب (إ.ب.أ)

تصاعدت حدة الغليان الشعبي والاحتجاجات الكبيرة التي سميت بـ«إلا الراتب» في المحافظات اليمنية الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، وسببها عدم تسلم الموظفين مرتباتهم للأشهر الثلاثة الماضية من الميليشيات، لتنتقل من العاصمة صنعاء بعد يوم واحد إلى محافظة ذمار، المعقل الثاني لميليشيات الحوثي بعد محافظة صعدة، إضافة إلى محافظتي عمران وإب.
ولم يقتصر الغليان الشعبي عند المواطنين اليمنيين في مختلف المؤسسات الحكومية، بل إن الأمر انتقل ليصل إلى العسكريين الموالين لصالح.
وخرج كثير من أهالي المحافظات الواقعة تحت سيطرة الانقلاب عن صمتهم ليعلنوا رفضهم ما تقوم به الميليشيات الحوثية من نهب مرتباتهم وعدم صرفها؛ وذلك بعدما اتهمت الحكومة اليمنية الميليشيات الانقلابية بنهب مليارات الريالات من البنك المركزي في صنعاء، قبل نقله رسميا إلى العاصمة المؤقتة عدن.
ودشنت نقابات أعضاء هيئة التدريس في 9 جامعات يمنية حكومية، حملة «إلا الراتب.. فالراتب حياة»، وتم إقرارها في اجتماع مجلس التنسيق الأعلى لنقابات أعضاء هيئة التدريس ومساعديهم، بدءا توزيع وتعليق الشارات التي تحمل شعار الاحتجاج والمستمر طوال حتى نهاية الأسبوع الحالي، ومن ثم التشاور للتصعيد والقيام بخطوات مقبلة.
كما شهدت مدينة ذمار موجة عنف عارمة لدى موظفي الدولة من جميع المؤسسات الحكومية أمام مبنى البريد العام بمحافظة ذمار على خلفية عدم صرف الميليشيات الحوثية لرواتبهم التي وعدتهم بها بنصف راتب قبل أيام.
وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن طوابير طويلة ارتصت أمام مبنى البريد تنتظر دورها وبدء صرف نصف راتب، لكنهم تفاجأوا أنه لم يتم صرف أي مبلغ لهم ما جعلهم يشتاطون غضبا ويقومون بتحطيم الحافلة الخاصة بالبريد ويرشقون حراسة البريد بالحجارة».
وأضاف الشهود «بدلا من قيام حراسة الميليشيات بتهدئة المواطنين وإبلاغهم بوقت آخر، قامت بإطلاق النار على المحتجين وشنت حملة اعتقالات واسعة».
من جهته، قال رئيس نقابة أعضاء هيئة التدريس ومساعديهم بجامعة ذمار، الدكتور أحمد يفاعة لـ«الشرق الأوسط» «مستمرون في التصعيد حتى يتم صرف الرواتب كاملة وغير منقوصة، فالكثير أيضا من زملائنا مغتاظون من مسألة صرف نصف راتب؛ لأن هذا الأمر لن يحل مشكلة، بل بالعكس سيخلق مشكلات جديدة مع مؤجري المنازل والتزامات أخرى».
وأضاف يفاعة أن «تدشين الإجراءات الاحتجاجية السلمية لأعضاء هيئة التدريس بالجامعات اليمنية لا يمثل أي طرف سياسي، ولا يستند إلى أي مرجعيات غير الواقع المرير الذي يعيشه منتسبو الجامعات بسبب قطع رواتبهم للشهر الثالث على التوالي».
وتابع أنه «يأمل أن يتم حل هذا الموضوع في أسرع وقت ممكن»، محذرا من «الاضطرار إلى التصعيد والانتقال إلى المراحل التالية من الاحتجاجات، التي قد لا تكون مرضية لبعض المترقبين للوضع عن كثب غير مبالين بما يعانيه منتسبو الجامعات وأهم شريحة في المجتمع».
وتواصل ميليشيات الحوثي بالتواطؤ مع قوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح الانقلابية، انتهاكاتها لرافضي وجودهم وسياستهم ونهب المال العام، في العاصمة صنعاء وبقية المحافظات اليمنية التي لا تزال خاضعة لسيطرتها، وتقوم بعمليات اعتقال وملاحقات لجميع المناوئين لها والمطالبين لرواتبهم المتأخرة، سواء أكاديميون أو عسكريون أو مواطنون مدنيون وأطباء.
وقامت ميليشيات الحوثي الانقلابية، أول من أمس، بحملة بعمليات ملاحقة واعتقال لعسكريين موالين للمخلوع صالح طالبوا الميليشيات الحوثية بصرف رواتبهم، إضافة إلى الاعتداء على قيادات في نقابة هيئة تدريس جامعة صنعاء، وقد أشهر المسلحون الحوثيون السلاح الأبيض في وجوه القيادات الأكاديمية لجامعة صنعاء، فيما قام أكاديمي مؤيد للانقلابيين بمحاولة الاعتداء على أستاذة جامعية؛ في محاولة منه لإسكاتها، وعلى مرأى قيادات حوثية كانت متواجدة، ومن بينهم رئيس الجامعة المعين من قبل الميليشيات الحوثية.
وسبق هذا الاعتداء اعتداء سابق يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين 7 و8 نوفمبر (تشرين الثاني) من الشهر الحالي، من خلال الاعتداء على الدكتورة ابتسام المتوكل، وكذلك الدكتورة ابتسام شمسان، وعدد من الأكاديميين من قبل طالبات ينتمين إلى الملتقى الطلابي التابع لميليشيات الحوثي، ما يؤكد انتهاجهم سلسة تحريض جديد وكبير يطال الأكاديميين الجامعيين، علاوة على تساهل رجال الأمن في الحرم الجامعي مع مرتكبي الاعتداءات وفي حضور رئيس الجامعة الذي لم يحرك ساكنًا حيال كل ذلك.
وعلى ذلك، كشفت نقابة التدريس في جامعة صنعاء تفاصيل حادثة الاعتداء التي تعرض له أساتذة الجامعة يوم السبت، في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، وقالت: «فوجئ الحاضرون في اللقاء بعملية جلب لمجاميع من الطلبة والموظفين وعناصر أخرى غير منتمية إلى الجامعة، محسوبة على ما يسمى بـ«الملتقى» التابع لـ(أنصار الله). ومن ثم إثارة الفوضى داخل القاعة وانتهت بهجوم أحد هؤلاء على المنصة ومحاولة الاعتداء بالسلاح الأبيض على رئيس النقابة الدكتور محمد الظاهري. وتواصلت سلسلة الاعتداءات بالضرب للأخت الدكتورة فاتن عبده محمد من قبل رئيس ما يسمى بالملتقى الأكاديمي، الدكتور محمد الماخذي، الذي لديه سوابق عدة مع عدد من أعضاء هيئة التدريس».
وأكدت النقابة «على مضيها في فعالياتها النقابية، وأنه لن تثنيها هذه الممارسات عن ذلك»، داعية جميع أعضائها إلى «الاستمرار في الخطة التصعيدية التي وضعتها للمطالبة بصرف المرتبات كافة كاملة غير منقوصة».
وطالبت الجهات المعنية بضبط الجناة، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحقهم بأسرع وقتٍ ممكن، ومنع تكرار مثل هذه الحوادث التي تزيد من تعقيد المشهد بدلاً من حل المشكلة الراهنة.
وتحت مبرر المجهود الحربي للميليشيات الانقلابية، تواصل هذه الأخيرة عمليات النهب الواسعة في جميع مؤسسات الدولة، المدنية والعسكرية، الواقعة تحت سيطرتها بما نهب إيرادات ميناء الحديدة، ثاني أكبر ميناء في اليمن بعد ميناء عدن، وشركات النفط وآخرها الكشف عن عمليات فساد كبيرة في فرع شركة النفط اليمنية بمحافظة ذمار.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.