العالم حائر بين وعود ترامب الانتخابية وسياساته كرئيس

هل سيتراجع.. وكيف سيتعامل مع إيران والإرهاب وسوريا وروسيا؟

الرئيس أوباما في المكتب البيضاوي يوقع على قانون الصحة الذي وعد ترامب بإلغائه (رويترز)
الرئيس أوباما في المكتب البيضاوي يوقع على قانون الصحة الذي وعد ترامب بإلغائه (رويترز)
TT

العالم حائر بين وعود ترامب الانتخابية وسياساته كرئيس

الرئيس أوباما في المكتب البيضاوي يوقع على قانون الصحة الذي وعد ترامب بإلغائه (رويترز)
الرئيس أوباما في المكتب البيضاوي يوقع على قانون الصحة الذي وعد ترامب بإلغائه (رويترز)

بعد سبعين يومًا، سيتم تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترامب ليصبح الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة والقائد العام للقوات المسلحة، ويرث من إدارة أوباما حربًا في أفغانستان.. والحرب ضد داعش في العراق وسوريا.
وسيصبح مسؤولاaً عن تنفيذ وعوده الانتخابية «الكاسحة» فيما يتعلق بالقضاء على تنظيم داعش وحل الأزمة السورية، ورفض الاتفاق النووي مع إيران، ووعوده الانتخابية «الصادمة» فيما يتعلق بالتجارة وإعادة النظر في اتفاقات التجارة الحرة مع الدول الخارجية، وتحفيز الاقتصاد، وإبطال العمل ببرنامج أوباما للرعاية الصحية وبناء الجدار لمنع المهاجرين غير الشرعيين من أميركا اللاتينية للدخول إلى الولايات المتحدة.
وقد وعد الرئيس المنتخب، 70 عامًا، الذي لم يتولَّ منصبًا سياسيًا طوال حياته، بأن التغيير سيبدأ مع أول يوم له في البيت الأبيض، وأكد أنه خلال المائة يوم الأولى من ممارسه منصبه سيجعل الولايات المتحدة عظيمة مرة أخرى.
يجمع الخبراء على عدم القدرة على التنبؤ بشكل شامل وعميق بخطوات إدارة الرئيس القادم دونالد ترامب. وتتباين مواقف الخبراء فيما يتعلق بقدرته على تنفيذها، ما بين اتجاه قوي لتحقيق بعض القضايا، التي تتعلق بالاقتصاد وقضية الهجرة، وشكوك مع القضايا الخارجية مثل مكافحة «داعش» وقدرته على الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران والتفاهم مع روسيا والأزمة السورية.
وقد تعددت وعود قطب العقارات الملياردير دونالد ترامب خلال الحملة الانتخابية التي استمرت 17 شهرًا حول قضايا السياسة الخارجية، فقد تحدث بإعجاب عن الرئيس فلاديمير بوتين، ولمح إلى احتمالات تعاون وثيق مع روسيا في ظل إدارته، وأشار إلى ضرورة أن تدفع دول حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ودول منطقة الشرق الأوسط، أموالاً مقابل قيام الولايات المتحدة بحمايتها ودفع التكلفة العسكرية المرتبطة بها. تقول الإحصاءات إن حصة واشنطن في ميزانية حلف شمال الأطلسي تبلغ 22 في المائة، وهي النسبة الأكبر من حصص الدول الأوروبية الأخرى. وقد أعلن ترامب في أبريل (نيسان) الماضي خلال حملته الانتخابية أنه سيدعو «الحلفاء في (الناتو) لقمة لمناقشة إعادة التوازن في الالتزامات المالية».
وكانت مفاجأة فوز ترامب بالرئاسة قد صدمت العالم ووضعت حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا وآسيا والشرق الأوسط في حيرة وتساؤل حول ما إذا كانت إدارة الرئيس ترامب ستحافظ على الالتزامات الأمنية طويلة المدى التي التزمت بها الولايات المتحدة تجاه حلفائها، وما إذا كانت إدارته ستتجه إلى تنفيذ وعوده.
وتتحسب دول حول ما يمكن توقعه من تحركات لتلك الإدارة. فالروس يحاولون التخطيط للحصول على تنازلات حقيقية من إدارة ترامب فيما يتعلق بالنفوذ الروسي في منطقة الشرق الأوسط وفي شرق أوروبا.
في الشرق الأوسط، وعد الرئيس المنتخب دونالد ترامب خلال حملته الانتخابية بشن حملة قوية ضد التطرف والإرهاب في الداخل والخارج، وتشددت لهجته فيما يتعلق بمكافحة تنظيم داعش على وجه الخصوص، وعندما يصبح ترامب في منصب القائد العام للقوات المسلحة في يناير (كانون الثاني) 2017، فإن العمليات العسكرية في العراق وسوريا لمكافحة «داعش» ستكون في مقدمة أولويات السياسة الخارجية لإدارته، لا سيما في العراق.
ويقول المحللون إنه من المرجح أن يستمر دعم إدارة ترامب للميليشيات الكردية في العراق وسوريا، مما سيؤدي إلى تباعد في العلاقات مع تركيا. ويتوقع المحللون أن يحدث تحول كبير في ساحة المعركة ضد «داعش» إذا أقدمت إدارة ترامب على عقد مفاوضات مع روسيا والموافقة على الحد من المساعدات الأميركية للمعارضة السورية.
ترامب أعرب بالفعل خلال حملته الانتخابية عن الشكوك في سياسات دعم المعارضة السورية ووصف المعارضة بمجموعة من المتطرفين الإسلاميين.
ويرى الخبراء أن موقف ترامب المتشدد من المعارضة السورية من شأنه أن يعزز مواقف الرئيس السوري بشار الأسد، لكنه بالطبع سيغضب دول الكتلة السنية، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية وتركيا. ويتخوف الخبراء من أن تراجع دعم إدارة ترامب للمعارضة السورية قد يحفز الدول المساندة للمعارضة السورية إلى تكثيف مساندتهم السياسية والعسكرية بما يحمل معه شبح توتر أكبر في المنطقة.
ويقول جورج بنينيتز كبير الباحثين بـ«مركز برنت سكوكروفت أتلانتيك» إن «فوز ترامب يشكل تأثيرًا مباشرًا وسلبيًا حول مصداقية الولايات المتحدة لحليف (الناتو)، ويثير الشكوك حول التزامات أميركا لحلف شمال الأطلسي، وهذا سيكون اختبارًا مهمًا لإدارة ترامب وكيف يقوم الرئيس الجديد برأب الصدع مع قادة الحلف وتجديد التزام الولايات المتحدة بالعلاقات الأمنية».
وتحدث ترامب خلال حملته الانتخابية عن اتجاهه لاستخدام «أسلوب الإيهام بالغرق»، وأساليب أشد قسوة في التعامل مع الإرهابيين، لكن يبقى غامضًا كيف سيكون رد فعل وكالة الاستخبارات المركزية أو الجيش، إذا صدرت بالفعل أوامر من إدارة ترامب باستخدام هذه الأساليب في استجواب المعتقلين في جرائم الإرهاب.
ويبدو أيضًا الوضع غامضًا حول خطط إدارة ترامب في إلحاق هزيمة عسكرية حاسمة ضد «داعش» حيث تعهد ترامب بهزيمة «داعش» خلال 100 يوم من توليه الرئاسة، لكنه لم يوضح كيف سيفعل ذلك بطريقة مختلفة عما قامت به إدارة أوباما.
وحول الأزمة السورية يقول فريدريك هوف مدير مركز «رفيق الحريري للشرق الأوسط»: «لا يمكن التنبؤ بما سيقوم به ترامب في حل الأزمة السورية اعتمادًا على تصريحاته الانتخابية، حيث اعتمد في تصريحاته السابقة على دعوة موسكو والنظام السوري لمحاربة (داعش)، والتركيز على مكافحة الإرهاب، لذا فإن سياسة إدارته حول سوريا غير قابلة للتفسير، وأعتقد أن كثيرًا من القضايا السياسية الخارجية التي عبر عنها ترامب خلال حملته سواء فيما يتعلق بسوريا أو بناء جدار مع المكسيك، أو التعامل مع حلف شمال الأطلسي، واتفاقات التجارة الحرة سيتم تعديلها خلال الفترة الانتقالية الحالية، وسيتعاون مع فريق الخبراء في وضع خيارات معقولة. وربما سيكون تعهد ترامب على عكس سياسات أوباما في التعامل مع سوريا، بما يعني أن تقوم إدارة ترامب بأخذ خطوات مهمة لحماية المدنيين السوريين وتهيئة الظروف لعملية سياسية تؤدي إلى انتقال سياسي».
ويقول فيصل عيتاني الباحث المقيم بمركز رفيق الحريري للشرق الأوسط إن عدم اليقين هو العنصر الأبرز في التنبؤ بسياسيات ترامب وبصرف النظر عن التصريحات السطحية، خلال حملته الانتخابية في التعامل مع «داعش» أو الأزمة السورية، فإننا لا نعرف ببساطة ماذا سيكون الرئيس ترامب قادرًا على القيام به، خصوصًا مع شكوك حول اتجاهه لإبرام صفقة مع زعماء مستبدين مثل التوصل إلى اتفاق مع روسيا حول سوريا، وأعتقد أن ترامب لم يعطِ الأزمة السورية التفكير الجدي بعد». ويتوقع الخبراء ترتيب مفاوضات جادة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس دونالد ترامب، حيث ستسعى روسيا إلى تخفيف العقوبات الأميركية عليها، وإيجاد مسار لحل الأزمة السورية، بما يضمن لروسيا بعض المصالح والنفوذ. كما تتمسك روسيا بعدم تقديم أي تنازلات فيما يتعلق بأوكرانيا. والسؤال هنا حول مدى قدرة إدارة ترامب على التحرك في تعاملها مع روسيا، في مقابل المؤسسة العسكرية الأميركية ومجتمع الاستخبارات والكونغرس، الذين يرفضون ترسيخ روسيا لنفوذها في المنطقة ويجدون تكلفة استراتيجية عالية لذلك.
ويثير فوز ترامب بمنصب رئيس الولايات المتحدة تساؤلات حول توجه إدارته فيما يتعلق بالاتفاق النووي الذي أبرمته الولايات المتحدة ومجموعة الخمسة زائد واحد مع إيران. وخلال الحملة الانتخابية وصف المرشح الجمهوري الصفقة بأنها «كارثية» ووعد بإلقاء هذه الصفقة بعيدًا وتطبيق خطوات أكثر صرامة ضد إيران، لكن يستبعد المحللون أن يقدم الرئيس ترامب على خطوة صريحة وسريعة لرفض الصفقة النووية مع إيران، ورجحوا أنه سيوافق على تجنب تصعيد أي توترات بين الولايات المتحدة وأي دول خارجية لتنجب الانخراط في أي حرب بالوكالة في المنطقة، ومن أجل جلب مزيد من الاستثمارات الأجنبية. وفي المقابل، يتوقع المحللون أن تواصل طهران تأكيداتها بالتزامها بتنفيذ المبادئ التوجيهية للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأن تدفع الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق النووي إلى التأكد من أن إدارة ترامب لن تقدم على خطوة الانسحاب من الاتفاق أو تحاول إحياء العقوبات الاقتصادية ضد طهران.
ويشير كل من المؤيدين والمعارضين للاتفاق النووي مع إيران إلى أن الجمهوريين الذين يملكون الأغلبية في البيت الأبيض والكونغرس قادرون على اتخاذ خطوات فورية لتقويض الاتفاق.
ويقول البروفسور جيفري لويس المتخصص في صفقات حظر الانتشار النووي بمعهد ميدلبري إن إدارة ترامب أمامها كثير من الخيارات للتراجع عن الصفقة النووية مع إيران. ويشير الخبراء القانونيون إلى أن خيارات التراجع عن الصفقة لن تواجه عقبات قانونية لكن ستواجه عقبات دبلوماسية.
ويشير هؤلاء إلى أن إدارة ترامب ستتحسب لأي خرق تقدم عليه إيران لاستغلاله لتقويض الاتفاق، وسيكون ورقة رابحة لإدارة ترامب بأن تخطر مجلس الأمن بالأمم المتحدة بأن إيران تغش ولم تلتزم بالاتفاق بما سيؤدي إلى الإبقاء على العقوبات الاقتصادية ضد طهران.
وكانت تصريحات ترامب خلال حملته الانتخابية ضد تجارب إيران للصواريخ البالستية ومضايقة إيران للسفن الأميركية قوية، ولذا يتوقع بعض المحللين أن أي تحركات إيرانية خارج الاتفاق النووي الإيراني ستعطي إدارة ترامب الفرصة لفرض مزيد من العقوبات الاقتصادية. وفي المقابل فإنه من المتوقع أن يتحرك المستثمرون الأوروبيون بحذر شديد في التعامل والاستثمار مع النظام المالي الإيراني خوفًا من أن تقدم إدارة ترامب على خطوات محتملة ضد إيران.
وتحاول المكسيك والصين وعدد من الشركاء التجاريين الرئيسيين للولايات المتحدة في تجاوز عاصفة الشوك حول السياسات التجارية المستقبلية للولايات المتحدة في ظل إدارة ترامب. ويرجح الخبراء أن تتعامل الصين مع إدارة ترامب بمزيد من التفاؤل والحذر حيث يسيطر الغموض على مسار ترامب حول العلاقات الأميركية - الصينية، ويراهن الصينيون على برغماتية ترامب في عدم الاهتمام النسبي بقضايا حقوق الإنسان بالخارج، أو على الأقل ستكون تلك القضية في أدنى اهتمامات إدارة ترامب. وتتحسب بكين لأي جهد من قبل إدارة ترامب لفرض تدابير اقتصادية، مثل فرض رسوم جمركية على السلع الصينية الواردة إلى الأسواق الأميركية.
ويتوقع الخبراء أن يلتزم الرئيس ترامب بما أعلنه من وعود انتخابية حول قضية الهجرة، وأنه يعتزم تنفيذها بمجرد توليه منصبه في أواخر يناير حيث سيتجه ترامب إلى إلغاء الأوامر التنفيذية التي أصدرتها إدارة أوباما عام 2012 لحماية المهاجرين عير الشرعيين من الترحيل إلى خارج الولايات المتحدة وسيحتاج ترامب إلى موافقة الكونغرس على ذلك. وسيحتاج أيضًا إلى موافقة الكونغرس فيما يتعلق بخططه لبناء جدار على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك وتعليق منح تأشيرات من بعض البلدان الإسلامية. وقد صرح ميتش ماكونيل زعيم الأغلبية بمجلس الشيوخ عقب لقائه الرئيس المنتخب مساء الخميس إلى تطلعه لمناقشة قضية الهجرة باعتبارها واحدة من الأولويات الثلاث على أجندة الرئيس القادم.
وقال ماكونيل: «نتطلع بشدة لمناقشة قضية الهجرة وتأمين الحدود ونبحث بقوة في قضية الرعاية الصحية وفي خلق وظائف داخل الاقتصاد الأميركي».
ويقول كريس كوباش عضو الفريق الانتقالي بإدارة ترامب: «سيكون هناك الكثير للقيام به فيما يتعلق بإصلاح قوانين الهجرة وتأمين الحدود. وتشير التقارير الصحافية إلى أن بناء جدار على الحدود الجنوبية سيكلف 25 مليار دولار، وقد رفض المتحدث باسم ميتش كاكونيل زعيم الأغلبية بمجلس الشيوخ أو بول رايان رئيس مجلس النواب الإجابة عن كيفية توفير التمويل اللازم لبناء الجدار، فيما أشار عمدة نيويورك السابق رودي جولياني (المشارك في فريق ترامب الانتقالي) لشبكة «سي إن إن»، إلى أن «قضية بناء الجدار قد تأخذ بعض الوقت»، كما أشار إلى أن «إدارة ترامب قد تقدم على بناء الجدار بموجب أمر تنفيذي، وقد تسير في اتجاه إعادة توجيه الأموال المتعلقة بمكافحة الهجرة غير الشرعية».
أما داخليًا فقد كرر ترامب وعوده الانتخابية بوقف العمل في برنامج أوباما للرعاية الصحية وهو ما يدعمه الجمهوريون بشدة في مجلس النواب، لكن لم يتضح بعد ما يعتزم ترامب وإدارته القيام به لإلغاء البرنامج.
ويقول الخبراء إن أي جهد لإدارة ترامب لإلغاء برنامج أوباما للرعاية الصحية سيأتي متواكبًا مع جهد موازٍ في الكونغرس، لكنه قد يستغرق شهورًا، ولا يملك الجمهوريون 60 صوتًا في مجلس الشيوخ للحصول على الموافقة على إلغاء القانون.
وتنفيذًا لوعوده الانتخابية فيما يتعلق بتقوية أميركا وإصلاح الجيش يتوقع الخبراء أن تتجه إدارة ترامب إلى إقرار زيادة كبيرة في ميزانية وزارة الدفاع لبناء المزيد من السفن والطائرات وتوسيع الجيش والبحرية، وهو ما يلقى دعمًا من المقاولين وشركات السلاح الأميركية. وقد صرح ترامب خلال حملته الانتخابية بمضاعفة الأموال في تمويل أنظمة الأسلحة ضد الصواريخ المهاجمة وتسريع الإنتاج الأميركي للرؤوس الحربية النووية والقاذفات والغواصات والصواريخ البالستية، وهو ما يثير بعض المخاوف لدى المسؤولين عن الميزانية الأميركية من التكلفة العالية لهذه البنود العسكرية.
ووعد ترامب أيضًا بالعمل مع السياسيين لاتخاذ تدابير من شأنها خفض الضرائب وتبسيط قوانين الضرائب بما يؤدي إلى نمو سنوي بنسبة 4 في المائة للاقتصاد الأميركي، وخلق 25 مليون فرصة عمل خلال السنوات العشر المقبلة.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».