مشروع قرار فرنسي لإحالة «جرائم سوريا» للجنائية الدولية رغم «فيتو» روسيا

أعلن السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة جيرار آرو، أن بلاده ستطرح على مجلس الأمن الدولي مشروع قرار يطلب إحالة «جميع جرائم» الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وكان آرو يتحدث في مؤتمر صحافي بعد ما عرض على أعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر تقريرا يتضمن آلاف الصور عن معتقلين يبدو أنهم قضوا جوعا أو من شدة التعذيب داخل سجون النظام السوري، ويبدو أن الصور التي أوردت التقارير قيام أحد المنشقين عن القوات النظامية بتهريبها، تحمل دليلا على حدوث بعض الانتهاكات الإنسانية، بما في ذلك تعرض المعتقلين للضرب والخنق والتجويع لفترات طويلة.
وقال السفير الفرنسي: «سنحاول الحصول على إعلان يفيد بأهلية المحكمة الجنائية الدولية» للنظر في هذا الملف، مضيفا: «الآن لدينا هذه الأدلة»، مشيرا إلى أن اطلاع أعضاء المجلس على صور التقرير في حضور المندوب الروسي «أعقبه صمت مؤثر استمر دقائق عدة».
ويعتمد التقرير الذي قدمه ثلاثة ممثلين سابقين للادعاء في قضايا جرائم الحرب، على وقائع سجلها ضابط شرطة عسكري منشق، يطلق عليه اسم «قيصر»، حيث تردد عنه أنه قام مع آخرين بتسريب ما يقرب من 55 ألف صورة رقمية تصور ما يقارب الأحد عشر ألف جثة لسجناء سوريين، تمكن من التقاط تلك الصور وطبع نسخا منها قبل أن يغادر سوريا سرا. ويتحدث التقرير عن 11 ألف معتقل قضوا في زنازين النظام السوري، مستندا إلى 55 ألف صورة التقطت بين نهاية 2011 وصيف 2013.
وحضر المؤتمر الصحافي خبيران قاما بتحليل الصور وكررا اقتناعهما بأن التقرير يتمتع بالصدقية وبأن صوره أصلية ويمكن أن تشكل أدلة أمام محكمة دولية.
وقال البروفسور ديفيد كراين، المدعي العام السابق الرئيس في المحكمة الخاصة لسيراليون التي أدانت تشارلز تايلور: «بصفتنا مدعين عامين، نادرا ما نحظى بأدلة مباشرة ودقيقة على جرائم ضد الإنسانية».
وعد كراين أن التقرير «ليس سوى الجزء الظاهر من جبل الجليد لأنه يتناول ثلاثة سجون، علما بأن هناك خمسين سجنا في كل أنحاء سوريا».
وأكد الدكتور ستيوارت هاميلتون، الخبير الطبي البريطاني، أن الضحايا الذين عرض بعض صورهم أمام الصحافيين «جرى تجويعهم طوال أسابيع أو أشهر».
وشدد آرو على أن باريس لا تستخدم هذا التقرير لأغراض سياسية، مؤكدا أن الهدف هو مخاطبة «الضمير الإنساني» وأن على المحكمة الجنائية الدولية «أن تحقق في كل الجرائم التي ارتكبت في سوريا» بما فيها ما ارتكبته المعارضة.
ومن أصل 15 دولة عضوا في مجلس الأمن ثمة 11 انضمت إلى المحكمة الجنائية الدولية، وسبق أن أيدت الكثير منها إحالة الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية هي فرنسا وبريطانيا والأرجنتين وأستراليا وتشيلي وليتوانيا ولوكسمبورغ ونيجيريا وكوريا الجنوبية.
ورغم أن الولايات المتحدة لم تنضم إلى المحكمة فقد التزمت تسهيل عملها، في حين ستمتنع رواندا في حال التصويت.
وكون دمشق لم توقع معاهدة المحكمة الجنائية فإن صدور قرار من مجلس الأمن هو أمر ملزم، الأمر غير المرجح في شكل كبير بالنظر إلى الحماية التي يحظى بها النظام السوري من روسيا والصين. وتعد موسكو أن طلب تدخل المحكمة الجنائية سيأتي بنتائج مضادة في وقت تدمر فيه دمشق ترسانتها الكيماوية تدريجيا.
ورأى دبلوماسيون غربيون أنه رغم أن الفيتو الروسي شبه مؤكد، فإن هذه المبادرة ستتيح تعزيز الضغط على النظام السوري وعزل موسكو داخل المجلس.