أنقرة تقرر توسيع «المنطقة الآمنة» شمال سوريا

شددت على عدم السماح للفصائل الكردية بدخول الرقة

أنقرة تقرر توسيع «المنطقة الآمنة» شمال سوريا
TT

أنقرة تقرر توسيع «المنطقة الآمنة» شمال سوريا

أنقرة تقرر توسيع «المنطقة الآمنة» شمال سوريا

أعطت أنقرة إشارات على احتمال توسيع «المنطقة الآمنة» التي بدأت تشكيلها علي حدودها الجنوبية داخل الأراضي السورية، لتشمل مدينة الرقة، المعقل الحالي لتنظيم داعش الإرهابي المتطرف، التي تدور حولها معارك حاليا بين ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية»، المدعومة من واشنطن، وتنظيم داعش. وجرى التأكيد، خلال اجتماع أمني برئاسة رئيس الوزراء التركي بن علي يدريم، عقد في أنقرة ليل الخميس - الجمعة، على «ضرورة مواصلة مكافحة الإرهاب، سواء في داخل تركيا أو خارج حدودها»، وتوسيع «المنطقة الآمنة» التي بدأ تشكيلها بشكل فعلي مع انطلاق عملية «درع الفرات» في الشمال السوري، في 24 أغسطس (آب) الماضي، التي لا تزال مستمرة. ومعلوم أن تركيا أعلنت أن هدفها من العملية هو تحرير منطقة 5 آلاف كيلومتر مربع، بعمق 45 كيلومترا، وامتداد 98 كيلومترا، بين جرابلس وأعزاز.
وحسب مصادر رئاسة الوزراء التركية، جرى التأكيد بشكل واضح على أن تركيا لن تسمح مطلقًا بسيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي الذي تصنفه أنقرة على أنه تنظيم إرهابي، على الرقة بعد تحريرها من «داعش»، وأنها ستعمل على إفشال فكرة إنشاء «حزام كردي» من قِبل عناصر ميليشيا «وحدات حماية الشعب» الكردية في الشمال السوري.
وطرحت أنقرة على واشنطن إشراك عناصر محلية من العرب في الرقة، في عملية تحريرها من يد «داعش»، على غرار ما يجري في عملية «درع الفرات»، وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن أنقرة حصلت على ضمانات بعدم دخول الميليشيات الكردية المشاركة التي تشكل العمود الفقري لميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية»، مدينة الرقّة بعد تحريرها. واستهدف الجيش التركي، أمس، 52 موقعًا لـ«داعش» و13 لتنظيم «ب.ي. د»، الذراع السوري لمنظمة «بي كا كا»، شمال حلب، في إطار عملية درع الفرات.
وعلى صعيد عملية «درع الفرات»، أعلن الجيش التركي، في بيان، أن قوات «الجيش السوري الحر» لم تتمكن من إحراز أي تقدم في عملياتها، الخميس، حيث كانت تسعى للسيطرة على 9 مناطق مأهولة في مدينة الراعي الصغيرة بسبب المقاومة التي أبداها مسلحو تنظيم داعش في المنطقة. كذلك أشار البيان، الصادر أمس، إلى أن الطيران التركي لم ينفذ أي غارات جوية في اليوم نفسه. أما طيران التحالف، فقد استهدف سيارة مدججة بالسلاح، وموقع رشاش دوشكا ونقطة دفاعية لتنظيم داعش.
في المقابل، أعلن الجيش التركي، أمس، أن «الجيش السوري الحر» نجح في تطهير مساحة تقدر بقرابة ألف و600 كيلومتر مربع في شمال سوريا منذ انطلاق عملية «درع الفرات» المدعومة من تركيا. وقال البيان إن قوات الجيش الحر تواصل توسعها باتجاه الجنوب الشرقي، انطلاقًا من المنطقة التي طهروها من الإرهابيين بين مدينتي أعزاز وجرابلس، بريف محافظة حلب، في إطار «درع الفرات» المتواصلة بدعم من القوات المسلحة التركية.
وتابع البيان أنه خلال الأيام الثلاثة الأخيرة، تقلصت المسافة التي تفصل قوات «الجيش السوري الحر» عن مدينة الباب (شمال شرقي حلب) إلى 8 كيلومترات، وذلك بعد سيطرة المعارضة على عدد من البلدات الواقعة في الخط الفاصل بين مدينتي مارع ومنبج. ومع تحرير هذه البلدات، تكون المعارضة قد تمكنت من تطهير مساحة تقارب ألف و600 كيلومتر مربع من الإرهابيين، ووصلت إلى عمق 27 كيلومترا نحو الجنوب، انطلاقًا من الحدود مع تركيا.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم