الجيش اليمني يحرر ما تبقى من «خب» و«الشعف» في الجوف

مستشفى الثورة بتعز يعلن وقف خدماته * اعتراض صاروخ باليستي استهدف مأرب

قادة وجنود المنطقة العسكرية السادسة في الجوف (المركز الإعلامي للقوات المسلحة اليمنية)
قادة وجنود المنطقة العسكرية السادسة في الجوف (المركز الإعلامي للقوات المسلحة اليمنية)
TT

الجيش اليمني يحرر ما تبقى من «خب» و«الشعف» في الجوف

قادة وجنود المنطقة العسكرية السادسة في الجوف (المركز الإعلامي للقوات المسلحة اليمنية)
قادة وجنود المنطقة العسكرية السادسة في الجوف (المركز الإعلامي للقوات المسلحة اليمنية)

بينما حققت قوات الجيش اليمني في محافظة تعز تقدما في مختلف الجبهات القتالية، المدينة والريف، واستعادت مواقع استراتيجية كانت خاضعة لميليشيات الحوثي والمخلوع صالح الانقلابية، استعادت قوات الجيش الوطني بإسناد قوات التحالف العربي، مواقع استراتيجية في مديرية خب والشعف في شمال محافظة الجوف، الواقعة في الجزء الشمالي الشرقي من صنعاء.
في غضون ذلك، أعلنت القوات المسلحة اليمنية اعتراض منظومة الدفاع الجوية (باتريوت) صاروخا باليستيا في سماء مأرب أطلقته ميليشيات الانقلاب أمس.
وبعد يوم واحد من إعلان الجيش اليمني عن انطلاق عملية عسكرية لتحرير ما تبقى من مديرية خب والشعف، شمال غربي محافظة الجوف، تمكنت وحدات الجيش اليمني، من تحقيق تقدم متسارع في الجبهات، وحررت ما تبقى من مديرية خب والشغف، لتمهد بذلك لمعركة صعدة.
وبعد الإعداد والتحضير، نفذ الجيش اليمني خطته العسكرية بالتنسيق مع التحالف العربي، وأثبتت نجاحها ما جعل ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح تتراجع في الجبهات وتعيش حالة انهيار أمام تقدم الجيش اليمني والخسائر الكبيرة التي لحقتها على أيدي الجيش وطيران التحالف.
ويأتي ذلك في الوقت الذي تتواصل فيه الاشتباكات العنيفة بين الجيش اليمني والميليشيات الانقلابية في مديرية نِهم، شرق صنعاء، علاوة على استمرارها في محافظة الجوف.
كما يواصل طيران التحالف العربي شن غاراته على مواقع وتجمعات الميليشيات الانقلابية في نهم والجوف، وكبد الميلشيات الخسائر البشرية والمادية الكبيرة.
وقالت مصادر ميدانية عسكرية في الجوف لـ«الشرق الأوسط» إن «قوات الجيش تمكنت من استعادة وتطهير ما تبقى من مديرية خب والشغف: منطقة كتنه، وادي الغمير، منطقة الضعة، جبل الكحيل، موقع الجرشة، مواقع سنبلة وجبال المجرب المطلة على سوق التلوث، التي كانت خاضعة لسيطرة الميليشيات الانقلابية بعد مواجهات عنيفة، تكبدت فيها الميليشيات الخسائر البشرية والمادية».
وأضافت المصادر أن «الميليشيات الانقلابية كانت تستميت وبقوة للحفاظ على هذه المناطق لما لها من أهمية كبيرة لقربها من الخط الدولي الذي يربط محافظة الجوف بمنفذ البقع بمحافظة صعدة، معقل الميليشيات الحوثية، ما يسهل الوصول إلى الميليشيات».
وأكدت المصادر ذاتها أن «العملية العسكرية في الجوف واستعادة هذه المواقع كونها البوابة الشرقية لمعركة صعدة وتهدف إلى اختراق الحدود الشرقية لمحافظة صعدة، معقل الميليشيات الحوثية، كونها البوابة الشرقية وإطباق الحصار عليها من اتجاه البقع بمحافظة صعدة التي سيطر عليها الجيش الوطني مؤخرا، ومن الجهة الشرقية لصعدة من قبل قوات الجيش التي تواصل التقدم من شمال غربي محافظة الجوف، وبإشراف مباشر من محافظ المحافظة اللواء أمين علي العكيمي وقيادة المنطقة العسكرية السادسة ممثلة باللواء أمين الوائلي قائد المنطقة».
من جهته، أكد رئيس أركان المنطقة العسكرية السادسة، العميد محمد الصلاحي، أن «قوات الجيش الوطني باتت على مشارف العاصمة صنعاء، وأن الميليشيات الانقلابية أصبحت في النفس الأخير»، وأن الجيش الوطني «قادر على تحرير صنعاء وكافة المدن والمحافظات من ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية، وأصبح قويًا خلال فترة قصيرة ويمتلك قضية عادلة».
وعلى الصعيد ذاته، أكد قادة ومنتسبو المنطقة العسكرية السادسة «جهوزيتهم الكاملة لتطهير بقية مناطق محافظة الجوف من الميليشيات الانقلابية والاستعداد التام لخوض معركة التحرير وصولاً إلى العاصمة صنعاء وصعدة واستعادة كافة مؤسسات الدولة وترسيخ الأمن والاستقرار في مختلف ربوع الوطن، وتقديم التضحيات حتى دحر ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية».
وفي تعز، تستمر المواجهات في جبهات القتال وسط استمرار نزوح الأهالي من بعض قرى الحُجرية، أكبر قضاء في تعز، جراء استمرار الميليشيات الانقلابية القصف العشوائي على قراها ومنازلها.
ويرافق المواجهات القصف المستمر على مواقع المقاومة والجيش والأحياء السكنية في مدينة تعز وقرى حيفان والصلو الريفية، جنوب المدينة،
وأعلن الجيش الوطني تصديه لهجمات الميليشيات الانقلابية على مواقعه في أحياء ثعبات والمداور، شرق المدينة، والزنوج وعصيفرة، شمالا، وتبة الخلوة والصياحي في الربيعي ومحبط جبل هان في الضباب، غرب المدينة.
كما شهدت منطقة مجاورة للبنك المركزي، المبنى الجديد، في محيط القصر الجمهوري، مواجهات عنيفة قتل فيها عنصران من الميليشيات الانقلابية وجرح آخرون.
صحيا، أعلنت هيئة مستشفى الثورة العام في تعز، أكبر مستشفيات المحافظة، توقف الكثير من الخدمات الخاصة بالعيادات الخاردية والأشعة والمختبرات، واستمرارها فقط في تقديم الخدمات الإسعافية، وذلك بسبب نقص الدعم المالي للمستشفى.
وقال رئيس الهيئة الدكتور أحمد أنعم، خلال مؤتمر صحافي عرض فيه الوضع الذي تعاني منه المستشفى بعد توقف الدعم عنها ما جعلها مهددة بالإغلاق، إن «الهيئة اعتمدت بشكل كبير على موازنتها بدرجه أولى لتقديم الخدمات الطبية المجانية، وذلك بمساعدة المنظمات والجهات الداعمة الأخرى، مع أن إجمالي الدعومات المقدمة من الجهات الداعمة للكادر وفي توفير بعض الاحتياجات تقريبا لا تقارب ما لم يتم صرفه حتى الآن من موازنة الهيئة للفترة المقدرة بسنة ونصف تقريبا. ولدينا كل التفاصيل وسنعرضها بشفافية في الوقت المناسب».
وأضاف أن «الهيئة ما زالت رغم وضعها الحالي تستقبل عشرات الجرحى والمرضى يوميا، وتواجه مشكلة كبيرة في التعامل مع بعض الحالات نتيجة لنفاد بعض الأدوية والمستلزمات الطبية اللازمة للعمل الطبي».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم