عباس: الاعتراف الفلسطيني بإسرائيل لا يمكن أن يكون مجانيًا

ليبرمان يطالب بطرد أيمن عودة من الكنيست بعد خطابه في ذكرى عرفات

فلسطينيون وإسراائيليون يشاركون في مظاهرة تدعو للسلام (أ.ف.ب)
فلسطينيون وإسراائيليون يشاركون في مظاهرة تدعو للسلام (أ.ف.ب)
TT

عباس: الاعتراف الفلسطيني بإسرائيل لا يمكن أن يكون مجانيًا

فلسطينيون وإسراائيليون يشاركون في مظاهرة تدعو للسلام (أ.ف.ب)
فلسطينيون وإسراائيليون يشاركون في مظاهرة تدعو للسلام (أ.ف.ب)

قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أمس، إن الاعتراف الفلسطيني بإسرائيل «لا يمكن أن يكون مجانيًا»، مطالبًا الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب بتطبيق حل الدولتين لتحقيق السلام.
وأكد عباس، في مؤتمر صحافي عقب اجتماعه مع رئيس الوزراء الروسي دميتري ميدفيديف في مدينة أريحا في الضفة الغربية، على أنه «لا بد أن تقوم إسرائيل بتطبيق الاتفاقيات الموقعة معنا، واعترافنا بدولة إسرائيل لا يمكن أن يكون مجانيًا، إذ لا بد أن يقابله اعتراف إسرائيلي بدولة فلسطين».
وأضاف الرئيس الفلسطيني: «نؤكد على استعدادنا الدائم لصنع السلام مع إسرائيل، وتطبيق حل الدولتين، وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، وتأييدنا لعقد مؤتمر دولي للسلام بمبادرة فرنسا الذي يجرى الترتيب لعقده قبل نهاية العام».
وأوضح عباس أن انتخاب ترامب شأن أميركي، موضحًا: «تابعنا العملية الانتخابية الأميركية منذ أكثر من عام، وما يهمنا هو ماذا سيقول الرئيس ترامب بعد وصوله إلى البيت الأبيض»، مضيفا: «ما نطلبه من الرئيس ترامب هو أن تقبل أميركا وتعمل على تطبيق حل الدولتين، حتى تقوم دولة فلسطين وتعيش بسلام بجوار دولة إسرائيل».
وفي حال تم توجيه دعوة له من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإجراء مفاوضات مباشرة، قال عباس: «نحن منذ زمن مستعدون للحوار المباشر مع الجانب الإسرائيلي، وعندما دعتنا روسيا لعقد لقاء لبينا الدعوة فورا»، لكنه أبرز أن «المهم هو على ماذا نتفاوض، ويجب أن يفهم نتنياهو أنه ما لم يؤمن بحل الدولتين، لن يكون هناك سلام، ونحن نريد منه أن يقول إنه مع حل الدولتين على حدود عام 1967، وهو الحل المدعوم من كل العالم وجزء كبير من الشعب الإسرائيلي».
من جهته، حذر ميدفيديف من حدوث «عواقب وخيمة» لاستمرار توقف عملية السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، مشيرا إلى أن دعوة موسكو التي أطلقتها قبل عدة أسابيع لاستضافة لقاء بينهما «لا تزال مطروحة، وبإمكان الطرفين أن يستغلوها في أي وقت»، وأكد على أن حل الدولتين هو الطريق الوحيد لتحقيق السلام الثابت والراسخ، وأن بلاده تدعو إلى إطلاق فوري لمفاوضات السلام الفلسطينية - الإسرائيلية، «لكن لا يمكن أن تستبدل جهود الوسطاء بالحوار المباشر، والأهم توفر الرغبة السياسية بين الطرفين، وهو ما نأمل فيه».
وقال ميدفيديف إن دور الولايات المتحدة في صراع الشرق الأوسط «كان معدوما في الفترة الأخيرة، وإنه من دون عملية سلام قد تكون هناك عواقب وخيمة وتوترات ومشكلات».
وعلى هامش اجتماعهما، حضر عباس ورئيس الوزراء الروسي مراسم توقيع ست اتفاقيات لتعزيز التعاون والعلاقات الثنائية، تشمل تعاونا اقتصاديا وتجاريا وثقافيا، كما حضر ميدفيديف مراسم افتتاح شارع في أريحا بتمويل من بلاده ويحمل اسمه، إلى جانب زيارته قصر هشام الأموي التاريخي في المدينة.
واعتبر وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان أنه لا يوجد مكان لنائب مثل أيمن عودة، رئيس القائمة المشتركة في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، إذ كتب في تغريدة له على الشبكات الاجتماعية أن عودة لا ينتمي لإسرائيل بل للسلطة الفلسطينية. إلا أن عودة رد عليه بالقول في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن ليبرمان هو «وزير العنصرية والترحيل الذي يزعجه وجود أي عربي هنا، وأنا أتعهد له بأن أواصل إزعاجه طالما بقي بهذه العقلية العنصرية المتحجرة».
وكان عودة قد ألقى كلمة أمام «فلسطينيي 48» في مهرجان ذكرى عرفات، ومما قاله وأغضب ليبرمان «نحن العرب الفلسطينيين الذين بقينا في وطننا، رغم النكبة ورغم سياسات التهجير، لنا خصوصيتنا وهي أننا مواطنون في إسرائيل... حكومة إسرائيل تريد أن تبني شخصية اسمها (العربي الإسرائيلي)، ‎وهذا (العربي الإسرائيلي) هو عربي بمفهوم أنه يعرف لغته والمعلقات السبع، ويعرف النقائض بين فرزدق وجرير، ولكنه ممنوعٌ عليه أن يعرف شيئا عن تاريخه الفلسطيني، أو يتماهى مع نضال شعبه. هو عربي وليس فلسطينيًا. وفي الوقت ذاته هو إسرائيلي منقوصٌ لأن فقط اليهودي هو إسرائيلي كاملٌ في دولة اليهود. وهذه هي معادلتهم. أما معادلتنا فهي أن نكون عربًا وفلسطينيين مكتملين، وفي الوقت ذاته أن نناضل من أجل المواطنة الكاملة. هذه هي معادلتنا نحن».
‎وأضاف عودة موضحا «لنا موقعنا وخصوصيتنا، ومن خلال هذه الخصوصية نريد أن نساند شعبنا. وخصوصيتنا هي أن نلقي بوزننا الفاعل في المعترك السياسي الإسرائيلي. وأفضل من يعي هذه القوة الكمية والنوعية هو رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، والكثير من وزرائه. لذلك يعمل على نزع الشرعية عنا كي لا نكون مؤثرين. وعندما أخطب هنا فهم يرصدون كل كلمة بهدف التحريض كي ينجح نتنياهو بتصويرنا كأعداء، كغير شرعيين بالعمل السياسي في إسرائيل. وأنا أقول لكم أيها الإخوة إن أحد العوامل المركزية لإنهاء أي احتلال هو الرأي العام في الدولة التي تمارس الاحتلال، وبدلاً من أن يبدأ الشعب الفلسطيني بـ1 في المائة يبدأ بـ20 في المائة هم نحن.. ولكننا لسنا وحدنا، فهناك شركاء يهود، نتظاهر معهم في تل أبيب كي نؤثّر على الرأي العام، ونتفاعل في البرلمان كي نضع وزننا كاملاً في المعادلة السياسية».
‎وتابع عودة مبرزا أن «الأسبوع القادم سيشهد ذكرى قتل إسحاق رابين على يد أعداء السلام، ونحن سنشارك في هذه الذكرى في الكنيست لأننا مصرّون على أن نكون جزءًا أساسيا وشرعيًا من المعسكر الذي يدفع باتجاه إنهاء الاحتلال البشع عن الشعب الفلسطيني».
وكما توقع عودة فقد هب قادة اليمين يهاجمونه، دون التطرق إلى مضمون كلمته، إذ قال ليبرمان إن عودة «اختار أن يلقي كلمة في ذكرى رئيس الإرهابيين عرفات، بينما تغيب عن جنازة الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريس. لذلك لا مكان له ولأمثاله في الكنيست.. وسأستمر في العمل حتى خروج عودة من الكنيست».
من جهة ثانية توجه مئير تورجمان، القائم بأعمال رئيس بلدية القدس الغربية، إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي طالبا تحرير المشاريع الاستيطانية المقررة للبناء في القدس الشرقية وطرحها للتنفيذ.
وقال تورجمان، الذي يرأس في إدارة البلدية لجنة التنظيم والبناء، إن «نتنياهو كان يعطي البلدية مشاريع استيطان بالقطارة، هنا عشرة بيوت وهناك مائة. والسبب في ذلك هو الضغوط التي مارسها الرئيس الأميركي باراك أوباما عليه. ولكن الآن وبعدما انتخب دونالد ترامب، الذي يؤيد صراحة البناء الاستيطاني ويعتبر القدس بشقيها الشرقي والغربي عاصمة موحدة لإسرائيل، ويرفض القول إن الاستيطان يعرقل السلام، لم تعد هناك حجة يتذرع بها أحد. الآن نستطيع البناء من دون ضغوط».
وكشف تورجمان أن هناك مشاريع تعتبر جاهزة تماما لبناء 10 آلاف وحدة سكن جديدة في الأحياء اليهودية من القدس الشرقية، بينها 1700 في «جي جيلو»، و2100 في «هار حوما»، و900 في «جبعات زئيف»، و1100 في «بسغات زئيف» وغيرها.
وينضم تورجمان بذلك إلى مجموعة أخرى من قادة حركات التهويد والاستيطان، الذين رأوا في انتخاب ترامب فرصة لتوسيع المشاريع الاستيطانية في القدس والضفة الغربية. وقد بدأوا ممارسة الضغوط الشعبية على نتنياهو كي يطلق أيديهم لتنفيذ هذه المشاريع، خصوصا تلك التي تستهدف ملء المناطق الشاغرة وقطع التواصل بين مناطق الضفة الغربية المختلفة على أمل جعل إقامة الدولة الفلسطينية أمرا مستحيلا.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم