حميد الشاعري: فترتا الثمانينات والتسعينات الأفضل فنيًا

الفنان الليبي قال لـ «الشرق الأوسط» إن بليغ حمدي نصحه بأن لا ينظر إلى أحد وبأن يجتهد ويمثل نفسه

حميد الشاعري
حميد الشاعري
TT

حميد الشاعري: فترتا الثمانينات والتسعينات الأفضل فنيًا

حميد الشاعري
حميد الشاعري

يُؤرَّخ لتاريخ الموسيقى العربية بثلاث نقلات؛ النقلة الأولى للشيخ سيد درويش، والثانية للموسيقار بليغ حمدي، والثالثة للفنان حميد الشاعري، الذي حقق طفرة في فترة الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، وأسهم في اكتشاف كثير من المواهب الموجودة على الساحة. «الشرق الأوسط» التقت الشاعري داخل الاستوديو الخاص به بالقاهرة، للحديث عن كثير من الأمور الفنية، في مقدمتها رأيه في صناعة الموسيقى حاليًا في ظل التطور التكنولوجي الهائل، وأيضًا تحدث عن مسؤولية اكتشاف المواهب الآن. كما تحدث الشاعري عن مشروعاته الفنية المقبلة، وحقيقة تقديمه برنامجًا يتحدث فيه عن حياته الفنية، إلى جانب رؤيته للوضع الراهن في بلده (ليبيا). وإليكم نص الحوار:
* هل لدينا أزمة في صناعة الموسيقى؟
- ليست هناك أزمة في صناعة الموسيقى، لأنها واحدة في العالم كله، ولكننا لدينا أزمة في المنتجين لهذه الصناعة وأيضًا في تناول الموسيقى لاختلافه عن الماضي، وأصبحت صناعتها أسهل بكثير من الماضي، حيث يوجد كثير من الفنانين لديهم استوديوهات داخل منازلهم، فقد أصبح الأمر غير مكلف، وجعل ذلك تجهيز الأغنية سريعا نظرا لانتشار وسائل كثيرة تسهل التواصل بين فريق العمل من ملحنين وموزعين، على سبيل المثال يمكن إرسال اللحن لأي ملحن في العالم عبر أي وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي ويتم تلحينه ويرسل بالطريقة ذاتها دون حضوره إلى الاستوديو، لذلك تناول «المزيكا» هو الذي اختلف لوجود الديجيتال، وهذا يعتبر شيئًا جيدًا، وأي تطور يكون في صالح الموسيقى ولكن الأمر يتعلق بكيفية استخدامه، فإذا جرى تناوله بشكل جيد، وصحيح، يكون في صالح الأغنية.
* هل هذا التطور أضر بالمواهب الحقيقة؟
- هذا يصنع نجمًا بالنسبة لهذه الوسيلة التي يظهر من خلالها المواهب، وإذا أحبه الناس وتأثروا بأصواتهم وبالأغنيات الذي يقدمونها، فإن هذا يخلق نجمًا على مواقع التواصل الاجتماعي، ويتوقف ذلك على «الترافيك» أي عدد الزوار الذين يشاهدون الأغنية، أصبحت سهلة وكل مطرب يستطيع أن يقوم بتسجيل أغنية وطرحها على «يوتيوب»، ويصبح مطربًا عن طريق عمل «فيديو كليب»، وهذا هو الذي يحتاج إليه لكي يقوم بإشهار نفسه، وهذا يعتبر إعلانًا خاصًا للمستمعين، فقد أصبحوا مشاهدين لهؤلاء المطربين وبعضهم يعجب الجمهور المتابع عبر هذه الوسائل، وهذه التكنولوجيا لم تكن موجودة في الماضي. ولكن الفرق بين الجيل القديم والحالي هو متعة التعب التي كنا نشعر بها أثناء عمل الأغاني القديمة، الآن «المزيكا» أصبحت أسهل وليس عندهم متعة المعاناة التي كنا نشعر بها، أصبح «الديجيتال» مسيطرًا، ويجب أن نحترم الجيل الجديد وأغانيه و«المزيكا» التي يقدمها، لأنها تمثله وتعبر عنه و«المزيكا الحديثة بتجيب فلوس» عن طريق الإنترنت، والتكلفة بالنسبة لهم أصبحت أقل كثيرًا من التكاليف التي كانت تنفق في الماضي على الأغاني، فصناعة الأغنية في الماضي كانت مكلفة جدًا، وأعتبر نفسي سعيد الحظ لأنني عاصرت كل أنواع «المزيكا» بداية من الكاسيت حتى «الديجيتال».
* ولكن هذا التطور عمل على اختفاء مكتشف النجوم؟
- بالفعل.. ولكن التقدم في التكنولوجيا أحل محل ذلك لا نريد أن نحجر على الجيل الجديد، فهو له مميزاته وجمهوره. الفرق بين هذا الزمن القديم والجيل الحالي هو التطور، جيلي كان جيل الاستوديو أو الحنين، أما الآن فالتطور هو الفارق بين الجيلين، على سبيل المثال ابني حياته هي الإنترنت، والتلفزيون أصبح بالنسبة له «حاجة قديمة»، وبالنسبة لي أعتبره نبض الشارع وأقيس نبض الشارع من خلال جيل ابني، وغيره من الشباب، ودائمًا مع التطور، ولكني كنت وما زالت أخاطب جيلي والجيل الحالي له مطربوه وأغانيه والموسيقى المعبرة عنه، وأيضًا أحاول أن أكسب هذا الجيل الجديد كما فعلت بتقديم «ديو» مع شاب، كالمطرب المتميز محمد قماح بعنوان «ويلي» و«كَسَّر الدنيا»، لأنه قُدِّم مع فنان موهوب كقماح؛ فهو نجم وله جمهوره منذ أن كان في «ستار أكاديمي» ولكن حدث له مرض قاتل، واختفى ثماني سنوات بسبب هذا المرض، وهو صاحب فكرة «الديو» ولم أتردد في الموافقة.
* ولكن هذه الوسائل لا تقدم نجمًا على أرض الواقع.
توجد وسائل أخرى تعمل على ذلك، كبرامج المسابقات الغنائية التي تُقدَّم على بعض المحطات الفضائية، وأفرزت كثيرًا من المواهب المتميزة، مثل محمد عساف وأحمد جمال وغيرهما من المواهب التي ظهرت في هذه البرامج، التناول الآن اختلف، ونحن في عصر الصورة وليس الصوت فقط، وهذا شيء جيد، حتى لو كان قليلاً، وهذا منطقي من بين عشرين موهبة تظهر موهبة أو اثنتان.
* مَن مكتشف حميد الشاعري فنيًا؟
- مدرس الموسيقى في المدرسة هو الذي اكتشفني، وطلب من عائلتي أن يلحقوني بمعهد الكونسرفتوار بالإسكندرية، ثم بدأتُ مشواري في التلحين والغناء، وصادفني الحظ، وتقابلت مع الموسيقار العملاق بليغ حمدي في لندن، وكنتُ أعشقه، وتعلمت منه الكثير، وقد أعطاني نصيحة وهي «أن لا أنظر إلى أحد، وأن اجتهد وأمثل نفسي وأبدع»، كما أعشق الفنان سيد مكاوي وغيرهما من العمالقة.
* مَن مِن المطربين في الجيل القديم كنتَ تتمنى التعامل معه؟
- الفنانة «وردة» تمنيتُ التعاون معها في عمل فني وكنت أوشكت على ذلك، ولكن مشكلة التعاقدات والعقود التي كانت سائدة في ذلك الوقت وقفت أمام العمل بيننا، وتقابلنا كثيرًا وكنا أصدقاء، وكانت فنانة رائعة.
* هل من الممكن أن تقدم أغاني على طريقة «المهرجانات»؟
- لست ضد أغاني المهرجانات، وأراها أغاني ناجحة جدًا ومعبِّرة عن هذا الجيل، الموضوع أولاً وأخيرًا أغنية و«مزيكا» وليس اختراع «ذرة»، الأزمة تأتي من القِلة في تناول الأغاني؛ فإذا كانت الأذواق تُمثَّل في الموسيقى وتُتَناول بشكل جديد فهذا جيد، ولكن الأزمة بالنسبة لي تتوقف على التناول أو مضمون الأغنية، ومن الممكن أن أقوم بعمل أغاني مهرجانات، ولكن بشرط جودة الكلمة واللحن، هذا هو الأساس الجيد لأي أغنية، ومن الأغاني التي أعجبتني من أغاني المهرجانات أغنية «مفيش صاحب بيتصاحب»، ولستُ ناقدًا للأغاني، وأسمع ما يعجبني، ونحن نقع في خطأ أننا لا نؤمن بالأغاني التي لا تعجبنا، ولكنها تعجب أشخاصًا آخرين، وهذا شيء يجب أن يُحترم.
* ولكن هناك كلمات تقدم في هذه الأغنيات لا تناسب تقاليدنا ومجتمعنا؟
- إذا جلسنا مع الجيل الجديد فسنجد ألفاظًا لم نعتَدْ عليها، ولكنها أصبحت عادية بالنسبة لهم، وتوجد ألفاظ يتناولها الشباب ويعتبرونها «عادية»، بل مناسبة لجيلهم وتعبِّر عنهم.
* لماذا لم تفكر في تقديم أوبريت على طريقة أوبريت «الحلم العربي» الذي قُدِّم منذ سنوات؟
- الأوبريت لم يختفِ، والأغاني الوطنية موجودة، والذي يريد أن يسمعها من الممكن أن يرجع لها عبر كثير من الوسائل، ولا نحتاج إلى عمل أوبريت جديد الآن، وما زلنا نسمع أوبريت «وطني حبيبي»، الذي قدم في فترة الستينات، فهو يحمل آمال وطموحات الوطن العربي الآن، ولو فكرنا في تقديم أي أوبريت أعتبره متاجرة بالوطنية و«سبوبة»، وعلى وتيرتها الدعوة إلى إقامة الحفلات لدعم السياحة بمناطق سياحية، وفي الأساس السياحة غائبة، وأتساءل كيف ونقيم حفلات، ونحن نحتاج إلى سيّاح في البداية، لكن من الممكن أن تتم دعوة نجم عالمية إلى هذه المناطق ويقام له حفل، مثل شاكيرا أو غيرها، ومن هنا نستطيع عمل جذب للسائحين، ونعمل على التنشيط بشكل تدريجي، وهذا هو تحقيق الهدف، وهو عودة السياحة، وليس تقديم الحفلات فقط.
* لماذا اكتفيت بتقديم تجربتين في التمثيل؟
- السينما عرض وطلب.. ولدي كثير من العروض السينمائية ولكني لم أجد الجديد فيها ولا أريد تكرار نفسي، وبالتأكيد لو جاءني عمل جيد فسوف أوفق عليه فورًا، وذلك لاشتياقي للسينما، وقد قدمت أفلاما مثل «أيظن»، وقد كانت تجربة ممتعة ومختلفة عن فيلم «قشر البندق» وراضٍ عن هذه التجارب، وقد استمتعت بهاتين التجربتين المختلفتين، السينما مختلفة ويجب أن تكون متنوعة، وبها الروايات السطحية وكذلك الجادة.
* هل من الممكن أن تقدم سيرتك الذاتية؟
- بالفعل أعمل منذ شهرين على برنامج سأقدم فيه تاريخي الفني خلال الـ36 عامًا بعنوان «أنا وأصدقائي»، وسوف أستضيف كل مَن تعاونت معهم خلال رحلتي الفنية حتى وقتنا هذا، وسنتحدث عن كواليس أعمالنا مع بعض، خصوصًا فترات الثمانينات والتسعينات، التي تُعدّ أحلى فترة في المجالات الفنية في العالم كله، وذلك قبل أن تظهر التكنولوجيا الحديثة، وهذه تعتبر سيرة ذاتية أكاديمية وليست شخصية، ومن المحتمل أن أفكر في المستقبل بتقديم سيرتي الشخصية، ولكن بعد فترة طويلة لكي أكون قد خضت أعمالاً أكثر وتجارب أعمق وتكون السيرة أقوى.
* ماذا عن ألبومك المقبل؟
- انتهى عصر الألبومات وأصبحنا في عصر تقديم الأغاني «السنجل» التي تُطرَح على مواقع الإنترنت، وأعمل على مجموعة من الأغنيات لعدد من المطربين تحت اسم «ميوزيك Now»، وقد قمت بطرح خمسة ألبومات على موقع «يوتيوب» من قبل، ومنها ألبوم «ويلي»، وآيديولوجية التناول والإنتاج اختلفت تمامًا وأصبحت الأغنية تأتي للمستمع وهو يتصفح على جواله، ومع هذا الاختلاف والتطور يحدث انتشار للمنتج، ويستطيع أن ينجح المطرب أو يفشل بسرعة نتيجة النتائج السريعة، ولدي قناة خاصة على موقع «يوتيوب» قدمت فيها نحو عشرين أغنية لي، ولكني لا أجيد عمل الدعاية، ولستُ من هواة الدعاية.
* ماذا عن الوضع في الأراضي الليبية؟
- أرى أن خليفة حفتر يريد أن يبني جيشًا قويًا وموحدًا لليبيا، ولكن لا يساعده على ذلك أحد من الداخل، ولست معه أو ضده، ولكني أقول: «وطن من غير جيش كالمرأة المستباحة من الجميع»، ولكن المنطقة الشرقية أصبح بها نظام إلى حد ما، وهناك نواة، جيش «حفتر»، ونظام، ومرور، وأمن يستطيع التحكم في هذه المنطقة، ونحن مطمع لكثير من الدول الغربية، ولأننا نُعتبر خامس دولة منتجة للبترول في العالم فإن كل ذلك كان يجب أن يعود على المواطن الليبي، ولكن للأسف ضاع الحلم في ليبيا، ومع أني ضد «نظرية المؤامرة» ولكن «المال السائب يعلم السرقة»، وليبيا مستباحة الآن من الجميع، وكمواطن ليبي أشعر بالمرارة والحسرة على ما أراه الآن في بلدي، الثورة بالمعطيات التي نراها قد فشلت، ومن يحمي المال هو الجيش، والثورة لا بد أن يكون لها قائد يقودها، وهذا سبب فشل كل ثورات الربيع العربي باستثناء 30 يونيو طبعًا، التي كان لها قائد وهو الرئيس عبد الفتاح السيسي.
* معنى ذلك أن الثورة في ليبيا فشلت؟
- نعم، الثورة فشلت، وفشل الحلم الذي كنا نحلم به، ليبيا دائمًا مطمع لكل الأعداء، وهذا على مر التاريخ، وكنت متحمسًا في بداية الثورات العربية، ولكن الحلم قد انتهى بالنسبة لجميع الثورات، وما حدث في ليبيا ليس الذي كان متوقعًا، وعشنا في نظام ديكتاتوري منغلق، ولكن كان هناك نظام قائم يُطلق عليه نظامًا ودولة، والنظام هو الذي ينظم البلد أيًا كان هذا النظام ديكتاتوريًا رأسماليًا ظالمًا فاسدًا، ولكن في النهاية هناك نظام، وبعد الثورة عمت الفوضى في ليبيا ولم تعد هناك دولة أو نظام واحد يحكم البلاد، وأي نظام يقود البلد ويحكمها بطريقة قوية فهو نظام قائم وقوي ومثلاً القذافي كان له نظام قوي واستطاع أن يحكم البلد وكان مانعًا عن ليبيا الفوضى والتقسيم، وفي النهاية لا أحب الحديث في السياسة، ولكني أعبر عن رأيي الشخصي من خلال المعطيات التي أمامي، والتي تذهب كلها إلى الفشل.



تانيا قسيس لـ«الشرق الأوسط»: أحمل معي روح لبنان ووجهه الثقافي المتوهّج

تتشارك قسيس الغناء مع عدد من زملائها على المسرح (حسابها على {إنستغرام})
تتشارك قسيس الغناء مع عدد من زملائها على المسرح (حسابها على {إنستغرام})
TT

تانيا قسيس لـ«الشرق الأوسط»: أحمل معي روح لبنان ووجهه الثقافي المتوهّج

تتشارك قسيس الغناء مع عدد من زملائها على المسرح (حسابها على {إنستغرام})
تتشارك قسيس الغناء مع عدد من زملائها على المسرح (حسابها على {إنستغرام})

تتمسك الفنانة تانيا قسيس بحمل لبنان الجمال والثقافة في حفلاتها الغنائية، وتصرّ على نشر رسالة فنية مفعمة بالسلام والوحدة. فهي دأبت منذ سنوات متتالية على تقديم حفل غنائي سنوي في بيروت بعنوان «لبنان واحد».

قائدة كورال للأطفال ومعلمة موسيقى، غنّت السوبرانو تانيا قسيس في حفلات تدعو إلى السلام في لبنان وخارجه. كانت أول فنانة لبنانية تغني لرئيس أميركي (دونالد ترمب) في السفارة الكويتية في أميركا. وأحيت يوم السلام العالمي لقوات الأمم المتحدة في جنوب لبنان. كما افتتحت الألعاب الفرنكوفونية السادسة في بيروت.

تنوي قسيس إقامة حفل في لبنان عند انتهاء الحرب (حسابها على {إنستغرام})

اليوم تحمل تانيا كل حبّها للبنان لتترجمه في حفل يجمعها مع عدد من زملائها بعنوان «رسالة حب». ويجري الحفل في 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري على مسرح «زعبيل» في دبي. وتعدّ قسيس هذا الحفل فرصة تتيح للبنانيين خارج وطنهم للالتقاء تحت سقف واحد. «لقد نفدت البطاقات منذ الأيام الأولى لإعلاننا عنه. وسعدت كون اللبنانيين متحمسين للاجتماع حول حبّ لبنان».

يشارك قسيس في هذا الحفل 5 نجوم موسيقى وفن وإعلام، وهم جوزيف عطية وأنطوني توما وميشال فاضل والـ«دي جي» رودج والإعلامي وسام بريدي. وتتابع لـ«الشرق الأوسط»: «نحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى مساندة بعضنا كلبنانيين. من هنا ولدت فكرة الحفل، وغالبية الفنانين المشاركين فيه يقيمون في دبي».

أغنية {معك يا لبنان} تعاونت فيها قسيس مع الـ{دي جي} رودج (حسابها على {إنستغرام})

خيارات تانيا لنجوم الحفل تعود لعلاقة مهنية متينة تربطها بهم. «الموسيقي ميشال فاضل أتفاءل بحضوره في حفلاتي. وهو يرافقني دائماً، وقد تعاونت معه في أكثر من أغنية. وكذلك الأمر بالنسبة لجوزيف عطية الذي ينتظر اللبنانيون المغتربون أداءه أغنية (لبنان رح يرجع) بحماس كبير. أما أنطوني توما فهو خير من يمثل لبنان الثقافة بأغانيه الغربية».

تؤكد تانيا أن حفل «رسالة حب» هو وطني بامتياز، ولكن تتخلله أغانٍ كلاسيكية أخرى. وتضيف: «لن يحمل مزاج الرقص والهيصة، ولن يطبعه الحزن. فالجالية اللبنانية متعاطفة مع أهلها في لبنان، وترى في هذا الحفل محطة فنية يحتاجونها للتعبير عن دعمهم لوطنهم، فقلقهم على بلادهم يسكن قلوبهم ويفضلون هذا النوع من الترفيه على غيره». لا يشبه برنامج الحفل غيره من الحفلات الوطنية العادية. وتوضح قسيس لـ«الشرق الأوسط»: «هناك تنسيق ومشاركة من قبل نجوم الحفل أجمعين. كما أن اللوحات الموسيقية يتشارك فيها الحضور مع الفنانين على المسرح. بين لوحة وأخرى يطل وسام بريدي في مداخلة تحفّز التفاعل مع الجمهور. وهناك خلطة فنية جديدة اعتدنا مشاهدتها مع الموسيقيين رودج وميشال فاضل. وسيستمتع الناس بسماع أغانٍ تربينا عليها، ومن بينها ما هو لزكي ناصيف ووديع الصافي وصباح وماجدة الرومي. وكذلك أخرى نحيي فيها مطربات اليوم مثل نانسي عجرم. فالبرنامج برمّته سيكون بمثابة علاج يشفي جروحنا وحالتنا النفسية المتعبة».

كتبت تانيا رسالة تعبّر فيها عن حبّها للبنان في فيديو مصور (حسابها على {إنستغرام})

تتشارك تانيا قسيس غناءً مع أنطوني توما، وكذلك مع جوزيف عطية والموسيقي رودج. «سأؤدي جملة أغانٍ معهما وبينها الأحدث (معك يا لبنان) التي تعاونت فيها بالصوت والصورة مع رودج. وهي من إنتاجه ومن تأليف الشاعر نبيل بو عبدو».

لماذا ترتبط مسيرة تانيا قسيس ارتباطاً وثيقاً بلبنان الوطن؟ ترد لـ«الشرق الأوسط»: «لا أستطيع الانفصال عنه بتاتاً، فهو يسكنني دائماً وينبض في قلبي. والموسيقى برأيي هي أفضل طريقة للتعبير عن حبي له. في الفترة السابقة مع بداية الحرب شعرت بشلل تام يصيبني. لم أستطع حتى التفكير بكيفية التعبير عن مشاعري الحزينة تجاهه. كتبت رسالة توجهت بها إلى لبنان واستندت فيها إلى أغنيتي (وطني)، دوّنتها كأني أحدّث نفسي وأكتبها على دفتر مذكراتي. كنت بحاجة في تلك اللحظات للتعبير عن حبي للبنان كلاماً وليس غناء».

في تلك الفترة التي انقطعت تانيا عن الغناء التحقت بمراكز إيواء النازحين. «شعرت بأني أرغب في مساعدة أولادهم والوقوف على كيفية الترفيه عنهم بالموسيقى. فجلت على المراكز أقدم لهم جلسات تعليم موسيقى وعزف.

وتتضمن حصص مغنى ووطنيات وبالوقت نفسه تمارين تستند إلى الإيقاع والتعبير. استعنت بألعاب موسيقية شاركتها معهم، فراحوا يتماهون مع تلك الحصص والألعاب بلغة أجسادهم وأصواتهم، فكانت بمثابة علاج نفسي لهم بصورة غير مباشرة».

لا تستبعد تانيا قسيس فكرة إقامة حفل غنائي جامع في لبنان عند انتهاء الحرب. وتختم لـ«الشرق الأوسط»: «لن يكون الأمر سهلاً بل سيتطلّب التفكير والتنظيم بدقة. فما يحتاجه اللبنانيون بعد الحرب جرعات حب ودفء وبلسمة جراح. ومن هذه الأفكار سننطلق في مشوارنا، فيما لو تسنى لنا القيام بهذا الحفل لاحقاً».