حالة من الاستنفار الأمني تعيشها مصر اليوم (الجمعة)، بسبب دعوات مجهولة للتظاهر ضد السلطة الحالية، تعززها موجة من الغلاء الفاحش تعم البلاد، طالت أبسط السلع التي تشكل عصب الحياة للمواطنين.
فمن جهتها عممت وزارة الأوقاف المصرية خطبة موحدة على جميع المساجد، بعنوان «مكانة مصر في القرآن والسنة»، وأفتت وزارة الأوقاف، وهي المسؤولة عن المساجد، في الخطبة بأن «الخروج للمظاهرات إفساد في الأرض». في حين شددت وزارة الداخلية قبضتها لتأمين المقار الحكومية والميادين، وأعلنت عن نجاحها في إسقاط 20 خلية إرهابية كانت تجهز لمخططات عنف وتخريب في البلاد.
يأتي هذا وسط حالة من الجدل بسبب توقع مراقبين فشل تلك المظاهرات التي حملت اسم «ثورة الغلابة» اعتراضا على الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد، وارتفاع أسعار السلع والخدمات كافة.
وكانت قد انتشرت دعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وبين قطاعات من المصريين للتظاهر الجمعة 11 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، تحت عنوان «ثورة الغلابة» ضد الغلاء، غير أنه لم تتبنَّ أي جهة معارضة بارزة هذه الدعوة حتى الآن.
وسبق أن وصف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال حوار له مع رؤساء تحرير الصحف القومية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، دعوات الخروج لمظاهرات «11 نوفمبر»، بأنها ما هي إلا محاولة لأهل الشر للتشكيك والإساءة للجهود المبذولة، ومصيرها الفشل.
وأضاف السيسي وقتها أن «الشعب المصري واعٍ ومدرك للجهود التي تبذل نحو التنمية وحماية البلاد، وبالتالي لن يستجيب لمثل هذه الدعوات التي يطلقها ويتناولها أهل الشر وستفشل»؛ لأن المصريين يضعون مصر نصب أعينهم.
وقرر البنك المركزي المصري تحرير سعر صرف الجنيه، ما تسبب في ارتفاع سعر صرف الجنيه مقابل الدولار في السوق الرسمي من 8.88 جنيه للدولار الواحد ليتراوح بين 15 و16 جنيها في البنوك.
وبعد هذه الخطوة بساعات، قررت الحكومة زيادة أسعار المواد البترولية بنسب متفاوتة وصلت إلى 46.8 في المائة، ما تسبب في تصاعد الغضب بين المواطنين جراء موجة غلاء متوقعة نتيجة ذلك القرار.
وتشدد السلطات المصرية من إجراءاتها للتصدي لدعوات التظاهر. وعممت الأوقاف خطبة الجمعة في المساجد أمس للتحذير من المظاهرات. وأفتت الأوقاف في نص الخطبة التي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، بأن «مثل هذه الدعوات للتظاهر آثمة لكل من دعا إليها، ولا بد من العمل والإنتاج لدعم الاستقرار». وطالبت الخطبة المصريين بالحفاظ على أمن وأمان مصر من كل مخرب ومفسد، ومن أصحاب الدعوات الهدامة، وبخاصة في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، لتفويت الفرصة على دعوات الفوضى ورياح التخريب.
بينما طالبت الخطبة بنشر قيمة الأمن والاستقرار، وإخماد الفتن التي يشعلها أعداء الوطن؛ لأن إشعالها سوف يؤدي إلى زوال النعم، وحلول النقم، وقطع التواصل بين الشعوب والأمم، وبث روح العداوة والبغضاء، والقضاء على روح المودة والمحبة، مضيفة أن «الفتن نار تأكل اليابس والأخضر، موقظها ملعون وناشرها مفتون». وأفتت الخطبة بأن «من يسعون للتظاهر مفسدون في الأرض».
ويرى مراقبون أن «جماعة الإخوان الإرهابية تتحفظ حتى الآن في الإعلان عن علاقتها بالمظاهرات، وترفض نسب دعوات التظاهر إليها أو حتى الإفصاح عن دعمها خوفا من فشلها، ما يراكم من سلسلة فشل الجماعة». وقال المراقبون إن «الجماعة فضلت أن تراقب المشهد، وفي حال نزول متظاهرين فستصعد عليها وتقول إنها من خططت لها، أما إذ فشلت فستتجاهلها وتنفي أي علاقة لها بها».
وكان المتحدث الإعلامي باسم «الإخوان» طلعت فهمي، قد قال في تصريح له إن مشاركة جماعته في المظاهرات «مرهونة بخروج المصريين إلى الشوارع».
وبينما تُشدد السلطات المصرية على رفض إقحام الدين في السياسة، وبخاصة في المساجد منذ عزل محمد مرسي؛ إلا أن مراقبين انتقدوا استخدام الأوقاف المصرية أسلوب «الإخوان» واللعب بورقة الدين.
لكن قيادات في الأوقاف أكدت أن «الوزارة لا تزال عند موقفها بفصل الدين عن السياسة، وبخاصة على المنابر؛ لكن ما دعا الوزارة لهذه الخطبة الموحدة، هو تفويت الفرصة على أصحاب هذه الدعوات الهدامة التي تسعى للإضرار بمصر».
وسبق أن فشلت دعوات مماثلة لجماعة الإخوان، التي أعلنتها السلطات تنظيما إرهابيا، وتحملها جميع أعمال العنف التي تشهدها وشهدتها البلاد منذ عزل مرسي، الذي يطالب أنصاره بعودته للحكم مرة أخرى، في حين تحاكمه الجهات القضائية الآن هو وقيادات الجماعة.
في السياق ذاته، أعلنت أجهزة الأمن حالة الاستنفار الأمني القصوى تحسبا لدعوات التظاهر، وقالت الداخلية إن الضربات الاستباقية كانت بمثابة كلمة السر في إجهاض وإفشال تحركات وأنشطة الكيانات الإرهابية والعناصر المتطرفة، التي كانت تهدف تنفيذ سلسلة من العمليات الإرهابية التي تتسم بالعنف والدموية للنيل من الاستقرار الأمني بالبلاد، وتعريض حياة المواطنين الأبرياء للخطر.
وقال مصدر أمني إن «القوات مستعدة لمواجهة أي أحداث طارئة تحاول الإخلال بأمن واستقرار الوطن، ومواجهة أي شكل من أشكال الخروج على القانون بكل حزم وحسم في إطار القانون».
وتتمركز آليات شرطية وقوات الأمن في الشوارع المؤدية إلى ميدان التحرير وسط القاهرة بكثافة، وسط حالة من الاستنفار بشوارع منطقة وسط القاهرة. وتكرر مشهد الاستنفار الأمني في عدة مدن كبرى بالبلاد لتأمين المنشآت الحيوية والمصالح الحكومية والمناطق السياحية.
مساجد مصر توحد خطبتها اليوم رفضًا لدعوات التظاهر
«الأوقاف» تفتي بأنها «إفساد في الأرض».. و«الداخلية» تشدد قبضتها
مساجد مصر توحد خطبتها اليوم رفضًا لدعوات التظاهر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة