الزلزال الترامبي يهز أميركا.. كيف ولماذا؟

TT

الزلزال الترامبي يهز أميركا.. كيف ولماذا؟

ما الذي جري في الولايات المتحدة في الساعات القليلة الماضية؟ وكيف فاز المرشح الجمهوري دونالد ترامب بأغلبية ساحقة على منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون، على العكس من غالبية - إن لم يكن كل - التوقعات واستطلاعات الرأي، لا سيما أنها كانت مدعومة جهرًا وسرًا من المؤسسة السياسية الأميركية العريقة Establishment، وفي المقدمة منها البيت الأبيض وساكنه باراك أوباما، بينما منافسها دونالد ترامب رجل عقارات لا دالة له على العمل السياسي أو الحزبي، ولم يشغل يومًا ما منصبًا رسميًا حكوميًا في الدولة؟!
قد يكون من المبكر بالفعل بلورة رؤية موضوعية عميقة للزلزال السياسي الذي أصاب الولايات المتحدة، غير أن هذا لا يمنعنا من إبداء بضع ملاحظات حول مجمل العملية التي جرت.
الذين صوتوا لترامب غالبيتهم لم يكونوا ظاهرين لمؤسسات استطلاع الرأي التي أخفقت في سبر أغوار خبايا الصدور مرة جديدة، لا سيما وقد كان هناك أكثر من أربعين مليون ناخب أبيض Wasp (البيض الأنجلو - ساكسون البروتستانت) الذين لم يصوتوا عام 2012 للديمقراطيين عامة، ولباراك أوباما خاصة، ولم يلتفت إليهم أحد، وبات من الواضح تاليًا أن هؤلاء تحركوا، وقالوا كلمتهم.
الجموع التي دعمت ترامب غالبيتها من الذين سئموا من حالة سيطرة الأوليجاركية الأميركية على البيت الأبيض، والتلاعب بمقدرات الأمور هناك لعقود؛ لقد ملوا حالة التحالف الفاسد بين السلطة والمال، وقد كانت هيلاري مثالاً واضحًا على هذا الارتباط، من خلال تداخل دوائرها مع جماعات الـ«وول ستريت» المالية المعروفة.
ما جرى كان «بريكست» أميركي، أي أنه مشابه لنتائج الاستفتاء الذي جرى في بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي، حيث الملايين التي لم تعلن عن نيتها علنًا، والذين صوتوا لترامب بهذه النسبة الهائلة، واستعانوا على قضاء اختياراتهم بالكتمان حتى اللحظة الأخيرة.
حالة الرفض للفساد السياسي التي تعيشها واشنطن، والديمقراطيات التي يتم شراؤها بالأموال الملوثة عبر التبرعات غير النزيهة، هي التي دفعت الطبقات العاملة والكادحة من الأميركيين، لا سيما البيض كبار السن، وسكان الجنوب والريف، وجميع من سحقتهم ومحقتهم العولمة والرأسمالية الأميركية، لرفض وصول هيلاري إلى البيت الأبيض، إذ اعتبروا أن فوزها يعني ولاية ثالثة لزوجها بيل كلينتون في أسوأ الأوضاع، وفي أحسنها ولاية إضافية لباراك أوباما.
ضمن الأسئلة المثيرة التي تحتاج إلى تحليلات معمقة لاحقًا: هل عملت أجهزة إنفاذ القانون، على إسقاط هيلاري؟ ومن جانب أكثر خفاء وسرية، وربما فاعلية: هل ساند ما يعرف بالمجمع الصناعي العسكري الأميركي دونالد ترامب، ولو من طرف خفي؟
ليس سرًا أن هناك حالة غضب وفورة، وخلاف طفا على السطح بين المؤسسة العسكرية الأميركية والبيت الأبيض في زمن أوباما، وقد بلغ الأمر حد استقالة الجنرال مايكل فلاين، مدير وكالة استخبارات الدفاع الأميركية، الذي انضم إلى حملة ترامب؛ وقد شكره الرجل بالاسم في خطاب الفوز.
الأطراف التي رتبت ودبرت الصراع الانتخابي الأميركي الأخير تجاوزت هيلاري وترامب؛ إنها الدولة الأميركية العميقة والسرية، ناهيك بالشعبوية الأميركية اليمينية المتصاعدة دون أدني شك.
هناك من عمل على تحويل هيلاري كلينتون إلى «بطة عرجاء»، قبل أن يقدر لها أن تدخل البيت الأبيض، وهنالك كذلك من صور ترامب للأميركيين بأنه الإنسان المتوحش غير الأخلاقي، المدفع الفالت على حد تعبير هيلاري.
على أن الناخبين الأميركيين هم الذين حسموا المشهد بالفعل، وهذا أمر يستوجب القراءة بعين مدققة ومحققة، فقد غفروا لترامب خطاياه الأخلاقية الشخصية، وقد تغاضوا عن مسألة سجلاته الضريبية، لكن يبدو أنهم لم يغفروا لهيلاري عدم مصداقيتها في كثير من المواقف، وتلاعبها بالحقائق، فقد كان يتكشف كل يوم الجديد الذي يتعارض مع مرتكزات ومنطلقات الصدق الذي هو رأس المال للسياسي الأميركي الذي يحلم بأن يكتب اسمه في سجل القياصرة الأميركيين.
لا يمكننا أن نوفر دور التيارات الدينية الأميركية، لا سيما الكاثوليك الأميركيين، وخصوصًا بعد أن سربت «ويكيليكس» وثائق عن خطط للديمقراطيين لمهاجمة المؤسسة الرومانية الكاثوليكية التي ترفض الإباحية والإجهاض، والتي تقول التسريبات إن هيلاري وصحبها كانوا يديرون بليل بهيم «ربيعًا كاثوليكيًا»، وبذلك تضافرت الجهود الكاثوليكية والبروتستانتية لمواجهة هيلاري بطول البلاد وعرضها، وهي بلاد علمانية الهوية، غارقة حتى أذنيها في الهوى الديني.
الصدع التاريخي الذي جرى في جسد الحزب الديمقراطي الأميركي، حكمًا ليس مصدره نقاء ترامب أو معاييره وأنساقه الأخلاقية، ناهيك بعدم تجربته السياسية بالمرة، مرجعه الرئيسي يعود إلى اختيار الأميركيين ربما أسوأ الخيارين، وأقلهما تكلفة على الحياة السياسية الأميركية، في وقت فقدت فيه بريقها بعد انعطافة كبيرة على القوة، لا الفضيلة.
السؤال المطروح الآن على طاولات النقاش العربية: «هل ترامب إلى هذا الحد عدو وضار للعرب والمسلمين؟».
السؤال والجواب يستدعيان حالة تنادٍ سريعة، ورؤية استشرافية عاجلة للتعاطي مع المخاوف التي ستطفو على سطح الأحداث قريبًا، ومحاولة قراءة ترامب الرئيس وتوجهاته الرئاسية، لا ترامب المرشح. والذين استمعوا لخطاب فوزه يدركون كيف أن الآلة الإعلامية والمستشارية له غيرت من ملامح خطابه، حيث مال إلى المسامحة والتصالح في الداخل. وعليه، فقد يكون الرجل في حاجة إلى من يمد له جسور التواصل من الخارج توفيرًا للوقت ودرءًا للمخاطر.. والقصة في مبتدئها اليوم، وخبرها لناظره قريب.



علماء يستخرجون نواة جليدية عمرها أكثر من مليون سنة

أشخاص يعملون في كهف تخزين في موقع يُدعى «ليتل دوم سي» في القارة القطبية الجنوبية (أ.ب)
أشخاص يعملون في كهف تخزين في موقع يُدعى «ليتل دوم سي» في القارة القطبية الجنوبية (أ.ب)
TT

علماء يستخرجون نواة جليدية عمرها أكثر من مليون سنة

أشخاص يعملون في كهف تخزين في موقع يُدعى «ليتل دوم سي» في القارة القطبية الجنوبية (أ.ب)
أشخاص يعملون في كهف تخزين في موقع يُدعى «ليتل دوم سي» في القارة القطبية الجنوبية (أ.ب)

أعلن فريق دولي من العلماء، اليوم الخميس، أنهم نجحوا في حفر واحدة من أعمق الحفر الجليدية حتى الآن، بعمق ميلين (2.8 كيلومتر) للوصول لطبقة جليدية في القارة القطبية الجنوبية يرجح أن يبلغ عمرها على الأقل 1.2 مليون سنة.

ويقول العلماء، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، إنهم بتحليل القطعة الجليدية من المتوقع أن يظهر كيف تطور الغلاف الجوي والمناخ على كوكب الأرض، وكذلك توفير رؤى حول كيفية تغير دورات العصور الجليدية، والمساعدة في فهم كيف أثر الكربون في الغلاف الجوي على المناخ.

قال كارلو باربانتي، عالم الجليد الإيطالي ومنسق مشروع «بيوند إيبيكا» للحصول على النواة الجليدية: «بفضل نواة الجليد، سنفهم ما الذي تغير من حيث غازات الدفيئة والمواد الكيميائية والغبار في الغلاف الجوي».

نواة جليدية استخرجت من موقع يُدعى «ليتل دوم سي» في القارة القطبية الجنوبية (أ.ب)

سبق واستخرج الفريق نفسه نواة جليدية عمرها نحو 800 ألف سنة. وقد وصلت عملية الحفر الأخيرة إلى عمق 2.8 كيلومتر (نحو 1.7 ميل)، حيث عمل فريق مكون من 16 عالماً وموظفي دعم، كل صيف على مدى أربع سنوات في درجات حرارة تبلغ نحو 35 درجة مئوية تحت الصفر.

وشارك الباحث الإيطالي فيديريكو سكوتو في إكمال عمليات الحفر في بداية يناير (كانون الثاني) في موقع يُدعى «ليتل دوم سي»، بالقرب من محطة أبحاث كونكورديا.

وقال سكوتو: «كانت لحظة رائعة بالنسبة لنا عندما وصلنا إلى الصخور الأساسية». وأشار إلى أن تحليل النظائر أظهر أن عمر النواة الجليدية لا يقل عن 1.2 مليون سنة.

الموقع «ليتل دوم سي» في القارة القطبية الجنوبية (أ.ب)

وأضاف كل من باربانتي وسكوتو أنه بفضل تحليل نواة الجليد من حملة «إيبيكا» السابقة، ظهر أن تركيزات غازات الدفيئة، مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان، حتى خلال أدفأ الفترات في الـ800 ألف سنة الماضية، لم تتجاوز المستويات التي تم رصدها منذ بدء الثورة الصناعية في العصر الحديث.

وأوضح باربانتي: «اليوم نشهد مستويات من ثاني أكسيد الكربون تزيد بنسبة 50% عن أعلى المستويات التي شهدناها خلال الـ800 ألف سنة الماضية».

تم تمويل مشروع «بيوند إيبيكا»، وهو اختصار لعبارة: المشروع الأوروبي لحفر الجليد في القارة القطبية الجنوبية، من قبل الاتحاد الأوروبي بدعم من دول عبر القارة، وتقوم إيطاليا بتنسيق المشروع.

أشخاص يعملون في كهف تخزين في موقع يُدعى «ليتل دوم سي» في القارة القطبية الجنوبية (أ.ب)

وأعرب ريتشارد ألي، عالم المناخ في جامعة ولاية بنسلفانيا، الذي لم يكن منخرطاً في المشروع والذي حصل مؤخراً على ميدالية العلوم الوطنية تقديراً لمسيرته في دراسة الصفائح الجليدية، عن سعادته بالاكتشاف الجديد، وقال: «التقدم في دراسة أنوية الجليد مهم لأنه يساعد العلماء على فهم أفضل لظروف المناخ في الماضي ويعزز فهمهم لمساهمات البشر في تغير المناخ في الحاضر».