من هي كلينتون الحقيقية.. ولماذا لم تنجح في تحقيق طموحاتها؟

كانت قد حثت الناخبين على أن يحددوا «ما الذي يريدونه لبلادهم»

هيلاري كلينتون مع زوجها بعد خسارتها في المنافسة الرئاسية (أ.ف.ب)
هيلاري كلينتون مع زوجها بعد خسارتها في المنافسة الرئاسية (أ.ف.ب)
TT

من هي كلينتون الحقيقية.. ولماذا لم تنجح في تحقيق طموحاتها؟

هيلاري كلينتون مع زوجها بعد خسارتها في المنافسة الرئاسية (أ.ف.ب)
هيلاري كلينتون مع زوجها بعد خسارتها في المنافسة الرئاسية (أ.ف.ب)

في فبراير (شباط) سأل أحد الصحافيين هيلاري كلينتون إن كانت دائما تقول الحق للشعب الأميركي، فردت قائلة: «لقد حاولت دائما ذلك». في محاولة تلفزيونية أخيرة قبل الانتخابات بأيام حثت المرشحة الديمقراطية لانتخابات الرئاسة الناخبين الأميركيين على أن يحددوا ما الذي يريدونه لبلادهم. وقالت كلينتون في إعلان تلفزيوني لمدة دقيقتين: «إنه ليس مجرد اسمي واسم خصمي على ورقة الاقتراع».
وتابعت: «إنه نوع الدولة التي نريدها لأبنائنا وأحفادنا: هل نريد أميركا مظلمة ومنقسمة، أم نريدها متفائلة وجامعة؟ سيتم اختبار قيمنا الأساسية في هذه الانتخابات». وتحدثت كلينتون متعهدة بالعمل بكل ما في وسعها كرئيسة «لجعل الأمور أفضل بالنسبة لك ولعائلتك».
وأضافت كلينتون، التي لو حالفها الحظ لكانت أول امرأة تتولى رئاسة الولايات المتحدة حال فوزها على منافسها الجمهوري دونالد ترامب: «أنا أطلب الحصول على أصواتكم وغدا دعونا نصنع التاريخ معا».
لكن بعد هزيمتها أمام باراك أوباما في 2008، وإحباطها اليوم إثر خسارتها المذلة أمام مرشح لا خبرة له في المعترك السياسي، ستبقى هيلاري كلينتون المرأة التي لم تتمكن من تحقيق طموحاتها كافة.
ولو كان السؤال الذي وجه لها سابقا من قبل الصحافي وجه إلى شخصية سياسية أقل حذرا لكان رد فورا بـ«نعم». لكن كلينتون، المحامية ذات الخبرة الواسعة، تزن كل كلمة تتفوه بها خشية وقوعها في فخ.
وهذا السلوك رغم جهودها المتكررة لتغييره ورغم دعم كل المعسكر الديمقراطي والرئيس باراك أوباما لها، أدى الثلاثاء إلى خسارة الديمقراطيين البيت الأبيض في هزيمة تاريخية هزت العالم أجمع.
وهذا هو العبء الذي لا تزال كلينتون تناضل من أجل التخلص منه الآن بعد ثلاثة عقود من الحياة العامة.
وفي سبعينات القرن الماضي لم يمنح سكان أركنسو ثقتهم للزوجين عندما كان زوجها بيل حاكما للولاية وكانت هيلاري مصرة على الحفاظ على اسمها قبل الزواج ومواصلة مسيرتها المهنية. فهل كانت تحب فعلا زوجها؟ ماذا كانت تخفي هذه المرأة في الواقع؟ كانت هذه هي التساؤلات.
وفي النهاية اعتمدت اسم كلينتون لكن هذه المرأة الحديثة جدا والطموحة جدا كانت تتناقض مع المجتمع المحافظ في المناطق الجنوبية من الولايات المتحدة. وقالت: «أعتقد أن هذه من مخاطر الحياة العامة.. لا يمكن أن يعيش الإنسان حياته بناء على ما يتخيله الآخرون».
ثم خاض زوجها السباق إلى البيت الأبيض وهنا أيضا كانت زوجته التي كان يفتخر بها كثيرا «سيفا ذا حدين». فكانت ورقة رابحة عندما دافعت عن زوجها المتهم بالخيانة الزوجية في 1992 وورقة خاسرة عندما كانت تسخر من ربات المنازل معلنة أنها تفضل العمل على البقاء في المنزل وطهو الحلوى.
ولدى وصولها إلى واشنطن كانت السيدة الأولى لا تزال تثير الانزعاج. كانت أكثر المستشارين نفوذا لبيل كلينتون وانتقلت إلى الجناح المخصص للرئيس وأقرب معاونيه. وكانت السيدات الأول السابقات يقمن في الجناح الشرقي.
وتمكنت هيلاري كلينتون من إبهار محاوريها عندما هاجمت إصلاح نظام الرعاية الصحي فهي تعرف ملفاته وتعمل بكد حتى أنها نالت إعجاب الجمهوريين في الكونغرس. وعلى مر الأشهر فشلت هذه العملية وبدأ خصوم أسرة كلينتون بالتحدث عن تعنت شخصية هيلاري كلينتون. وهذا الفشل شكل أول صدمة سياسية لها.
والعدد الكبير من القضايا التي تزعم كلينتون أنها مفبركة في إطار «مؤامرة كبرى حاكها اليمين» سمم أيضا علاقاتها مع الصحافة.
ودافعت كلينتون بشراسة عن حياتها الخاصة وهو تصرف اعتبره الصحافيون مثيرا للشكوك.
وفي كل مرة تتحدث فيها كلينتون عن معنى العمل السياسي إما يسخر الناس منها وإما لا يصغون إليها. ويقر الأميركيون بذكائها ومثابرتها لكن الصفحات الأولى للمجلات تتساءل دائما «من هي كلينتون الحقيقية؟». ومنذ ذلك الحين مرت علاقتها مع الأميركيين في سلسلة من التقلبات. فقد تعاطف معها الأميركيون خلال أسوأ لحظات الإهانة التي تعرضت لها أثناء فضيحة زوجها مع مونيكا لوينسكي في 1998، انتخبها سكان نيويورك ممثلتهم في مجلس الشيوخ في 2000. ولطالما أرادت هيلاري كلينتون دخول المعترك السياسي باسمها. ففي 1990 طلبت زوجة حاكم أركنسو إجراء استطلاعات للرأي لمعرفة الآراء لاحتمال خلافته في هذا المنصب، ونتائجها غير المرضية أثرت فيها.
كما شهدت علاقتها مع الأميركيين تراجعا عندما صوتت لصالح خوض حرب العراق في 2002. وعندما هزمت في الانتخابات التمهيدية للرئاسة في 2008 أمام الشاب باراك أوباما. والآن وبعد أن أصبحت في التاسعة والستين من عمرها، ومرت بكثير من التجارب والمشكلات والمتاعب السياسية، باتت كلينتون جزءا من المؤسسة السياسية.
وقالت في كلمة قبول ترشيحها في مؤتمر الحزب الديمقراطي في فيلادلفيا في يوليو (تموز): «أعرف أن بعض الناس لا يعرفون شخصيتي تحديدا». لكن وضعها تحسن عندما اختارها أوباما وزيرة للخارجية.
إلا أن استخدامها لخادم خاص لإرسال بريدها الإلكتروني بدلا من استخدام خادم وزارة الخارجية سعيا للخصوصية، شاب عودتها إلى السياسة في 2015. وعادت هذه الفضيحة لتظهر من جديد خلال حملة الانتخابات.
ويقول معارضوها في استعراضهم لآلاف الرسائل الإلكترونية إنهم وجدوا دليلا على هوسها بالخصوصية والسرية. إلا أن بيل ماير، الكوميدي الليبرالي الساخر، قال إنه اكتشف امرأة جديدة «امرأة ذكية لا تتوقف عن العمل مطلقا».
ولدت هيلاري ديان رودهام كلينتون في 26 أكتوبر (تشرين الأول) 1947 في شيكاغو، ونشأت في ضاحية يسكنها أبناء الطبقة الوسطى من البيض، لعائلة من ثلاثة أطفال هي أكبرهم.
ووالدها هيو رودهام من عائلة من الطبقة العاملة من سكرانتون في بنسلفانيا. وعمل ضابطا في البحرية خلال الحرب العالمية الثانية، حيث درب البحارة على الخدمة في مياه المحيط الهادي. وبعد الحرب، فتح رودهام، الجمهوري، متجرا صغيرا، ولكنه ناجح، لبيع الألبسة الجاهزة في شيكاغو. أما والدتها دوروثي هول فقد كرست نفسها لتربية أبنائها وكانت ناشطة في كنيسة الحي. تابعت هيلاري، التي كانت دائما طالبة مجتهدة، دراستها في كلية ويلسلي، كلية البنات المرموقة قرب بوسطن. وكانت هذه أول مرة تعيش فيها خارج منزلها، وسرعان ما وجدت نفسها منغمسة في النقاش حول الحقوق المدنية وحرب فيتنام. وبعد ذلك تركت حزب والدها الجمهوري لتعتنق مبادئ الحزب الديمقراطي. ولكن حتى وسط الاضطرابات والطعون القضائية في الستينات، لم تكن هيلاري ثورية. وعندما انتخبت رئيسة للطلاب في ويلسلي لم تشعل كلينتون نيران الصراعات. واتضحت نزعاتها الوسطية والبراغماتية المتجذرة التي استهدفها التيار اليساري الديمقراطي، خلال حملتها الانتخابية. كما اتضح كذلك التزامها بقضية المرأة والأطفال. وكان أول عمل حقيقي لها بعد تخرجها من كلية الحقوق المتميزة في ييل، حيث التقت بيل كلينتون، في صندوق الدفاع عن الطفل. وأكد أصدقاء هيلاري أنها مخلصة ونزيهة ونشر فريق حملتها أشرطة فيديو مؤثرة ومضحكة عنها. لكن كل ذلك لم يؤثر في تغيير رأي الأميركيين الذين قاموا الثلاثاء بطي صفحة أسرة كلينتون.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.