مشاهير أميركا يكللون رحلة ترامب إلى البيت الأبيض بتغريدات غاضبة.. ودموع

البعض هدد بالهجرة إلى كندا وقارن آخرون السيناريو بـ«بريكسيت»

المغنية كيشا - ليدي غاغا
المغنية كيشا - ليدي غاغا
TT

مشاهير أميركا يكللون رحلة ترامب إلى البيت الأبيض بتغريدات غاضبة.. ودموع

المغنية كيشا - ليدي غاغا
المغنية كيشا - ليدي غاغا

حالة من الصدمة العارمة امتلكت مشاهير أميركا أمس كحال معظم الأميركيين والناس حول العالم جراء نتائج التصويت غير المتوقعة. وسرعان ما تحولت مفاجأة انتخاب دونالد ترامب إلى حقيقة ممزوجة بالذعر والضياع لكثير من مشاهير الولايات المتحدة الذين أيدوا هيلاري كلينتون، وبغضوا ترامب وتصريحاته المثيرة للجدل.
فمن جانبها، غردت المغنية الشهيرة شير على «تويتر»: «العالم سيتغير إلى الأبد». ولم تستطع المغنية الشابة إريانا غرادني كتم دموعها. ولكن المغنية مادونا حاولت الامتناع عن الحزن والتحلي بالتفاؤل وغردت: «لن نستسلم أبدا».
من جانبه، غرد الممثل ستيفان بالدوين المؤيد لترامب: «فخور كوني حضرت حدثا تاريخيا عظيما». وغرد الممثل ستيفن سيغال المؤيد لترامب أيضا: «أبارك لترامب على نجاحه الباهر وأتطلع لأميركا عظيمة». كما غردت الممثلة الأميركية السوداء البشرة والمؤيدة لترامب: «أميركا ستعود لمجدها وسنقف كلنا سويا».
ولكن مؤيدي ترامب من المشاهير كانوا هم الأقلية، فمعظمهم كانوا مساندين لمنافسته عن الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون، واستهلوا أمس للتعبير عن غضبهم وحزنهم إزاء نتيجة التصويت.
فمن جانبها، غردت الممثلة الأميركية كريستينا أبلغيت معبرة عن حزنها الشديد وقالت: «قلبي انفطر». ودونت المغنية الشهيرة ليدي غاغا بصورة وتعليق على «إنستغرام»: «في غرفة مليئة بالأمل، سيسمع العالم أصواتنا وسنتمسك بقيم التسامح والمساواة والمحبة، والنتيجة لن تقف في طريقنا». ونشرت المغنية كيشا صورة على «إنستغرام» مع تعليق: «شهيق وزفير، إنني مصابة بحالة فزع ولكننا كلنا معا وستصبح الأمور على ما يرام، انشروا المحبة والأمل».
أما المغنية كاتي بيري فغردت: «لن نصمت أبدا». وقال مغني الراب ماكلمور: «النتيجة أحبطتني، أنا في حالة صدمة جراء تداعيات الانتخابات». وغردت عارضة الأزياء ومقدمة البرامج الأميركية كريسي تيغن، زوجة المغني جون ليجند: «إن شعرتم بحرقة في آذانكم؛ هذا لأن العالم بأجمعه يضحك علينا».
وغرد الممثل كريس إيفانس: «هذه ليلة مخجلة لأميركا، وأنا في شدة الإحباط».
وأبدى المشاهير البريطانيون دعمهم لمشاهير أميركا المحبطين. فقال الكوميدي البريطاني داون فرينش: «معا لإيصال ميشال أوباما للرئاسة في الجولة المقبلة».
وغردت الروائية الشهيرة جي كي رولينغ، كاتبة سلسلة «هاري بوتر»: «نقف سويا ونحارب معا في سبيل حقوق المستضعفين». كما غردت المغنية البريطانية ليلي ألين: «العولمة تقضي على الديمقراطية، اختارت الولايات المتحدة رجلا شيد برجا من الذهب ليعيش به وحده بصفته رئيسها». وقال الكوميدي البريطاني ديفيد واليامز: «لكل الذين صوتوا لترامب.. ستندمون بشدة». وغرد الكوميدي البريطاني جيمس كوردين، المقيم في لوس أنجليس ولديه برنامج كوميدي على قناة أميركية: «شعور مماثل لشعور استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكسيت)». وكان قد هدد الكثير من المشاهير الأميركيين بمغادرة الولايات المتحدة والهجرة في حال فوز دونالد ترامب، وعلى رأسهم الممثلة والمغنية مايلي سايرس، والممثلة الشهيرة وبي غولدبرغ. وكانت قد نشرت المغنية شير تغريدة على حسابها بموقع «توتير»، تقول فيها: «إن فاز (ترامب)، سأنتقل إلى كوكب المشتري». كما كان قد قال نجم برنامج «بريكينغ باد»، برايان كرانستون: «(في حال فوز ترامب) سأنتقل بالتأكيد، لا يبدو الأمر حقيقيًا بالنسبة لي، وآمل من الله ألا يحدث ذلك». وصرحت الممثلة الكوميدية إيمي شومر بأنها ستسافر إلى إسبانيا إن فاز ترامب، مضيفة: «سيتغير عرضي (الكوميدي)؛ لأنني سأحتاج إلى تعلم اللغة الإسبانية لا أستطيع استيعاب (احتمال) فوز ترامب. إنه أمر جنوني للغاية».
قالت الممثلة الكوميدية لينا دونهام إنها ستذهب إلى مدينة فانكوفر الكندية في حال فوز ترامب، مؤكدة: «أعلم أن الكثير من الناس هددت بالقيام بذلك، ولكنني سأقوم بذلك فعلاً».
من جانبها، كتبت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية، موجهة حديثها إلى هؤلاء الفنانين: «احجزوا تذاكركم لكندا». وقالت الصحيفة إن صفحة كندا على موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي كتبت «في كندا نشجع المهاجرين لكي يأتوا للبلاد ويجلبوا تقاليدهم الثقافية ويتشاركوا فيها مع المواطنين الكنديين».
إلى ذلك، شهد الموقع الإلكتروني لإدارة الهجرة بكندا أمس إقبالا كثيفا أدى إلى تعطله مرات عدة، في ظل ورود تقارير عن اقتراب فوز ترامب بالرئاسة الأميركية.
وكتبت الممثلة جيسكا شاستين تعليقا على أنباء اقتراب فوز ترامب بمنصب رئيس أميركا على صفحتها على موقع «تويتر»: «الأمر الإيجابي هو أنه لم يعد بوسعنا أن نتظاهر بأنه ليست لدينا عنصرية»، وكتبت المغنية ماندي مور: «لا أستطيع أن أصدق ما آلت إليه الأمور، أحاول أن أبقى متفائلة».



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)