انتهت معركة السباق الأكثر شراسة في تاريخ الانتخابات الرئاسية الأميركية، التي اندلعت بين الجمهوري دونالد ترامب والديمقراطية هيلاري كلينتون، وبعكس غالبية التوقعات فقد استطاع ترامب استمالة أكثرية الشعب الاميركي واقناعه التصويت له، ليصبح سيد البيت الأبيض ورئيس أكبر قوة سياسية فعالة عالميًا.
لفتت انتخابات الرئاسة الأميركية أنظار العرب وخصوصًا المسلمين منهم، لما للسياسة الأميركية من تأثير واهتمام في الساحة السياسية العربية والنزاعات التي اندلعت في الشرق الأوسط، فاتجه نحو 60 في المائة من المقترعين العرب للتصويت إلى هيلاري تخوفًا ممّا سيؤول إليه الوضع إن استلم ترامب منصب الرئاسة، خصوصًا وأنه لم يترك مناسبة إلا وتناول فيها قضية الهجرة والمهاجرين والمسلمين، على الرغم من جميع الانتقادات التي طالت تصريحاته المثيرة للجدل بشأن المسلمين، إلّا أنّه كان دومًا يردّدها في خطاباته وأنه سيمنع المسلمين من دخول الأراضي الأميركية في حال فوزه.
ليس عرب أميركا وحدهم من كانوا يخشون فوز ترامب، فمن الطبيعي أن تكون القضية الفلسطينية على رأس المسائل الشائكة لحل أزمة الشرق الاوسط، خصوصًا بعد تصريحات ترامب وتعهده بالاعتراف بمدينة القدس عاصمة موحدة لإسرائيل، وخلال اجتماعه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال إن "القدس عاصمة أبدية للشعب اليهودي منذ 3000 عام". وأنّه سينقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس.
قد تكون وعود ترامب الكبيرة لنتنياهو هي التي دفعت بالأخير اعتبار ترامب "صديقا حقيقيا لاسرائيل"، بعد الخلافات التي شهدتها العلاقات الاسرائيلية الأميركية خلال فترة حكم أوباما الأولى. وقال مكتبه إنّ رئيس الوزراء أكّد في برقية للرئيس المنتخب "أهنئ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب هو صديق حقيقي لإسرائيل"، مؤكدًا "سنعمل معًا من أجل دفع الأمن والاستقرار والسلام في منطقتنا قدما". مضيفًا أنّ "العلاقة المتينة بين الولايات المتحدة واسرائيل مبنية على قيم ومصالح مشتركة وعلى مصير مشترك". كما أكّد ثقته بأنّ "الرئيس المنتخب ترامب وأنا سنواصل تعزيز التحالف الفريد من نوعه القائم بين إسرائيل والولايات المتحدة وسنقوده إلى قمم جديدة".
وكان وزير التعليم الاسرائيلي نفتالي بينيت قد صرح اليوم، أنّ فكرة الدولة الفلسطينية انتهت بعد انتخاب ترامب رئيسا للولايات المتحدة، داعيا اسرائيل إلى التراجع عن فكرة اقامة هذه الدولة.
ورأى بينيت الذي يتزعم حزب "البيت اليهودي" المتشدد، أنّ "فوز ترامب يشكل فرصة لاسرائيل للتخلي فورًا عن فكرة اقامة دولة فلسطينية". وأضاف "هذا هو موقف الرئيس المنتخب (...) انتهى عهد الدولة الفلسطينية".
من جانبها، دعت وزيرة العدل ايليت شاكد وهي كذلك من حزب "البيت اليهودي" ترامب، إلى الوفاء بوعده بنقل السفارة الاميركية من تل أبيب إلى القدس، في خروج عن سياسة الادارات الاميركية المتعاقبة سواء كانت ديمقراطية أم جمهورية.
كما دعت تسيبي هوتوفلي نائبة وزير الخارجية وهي من حزب الليكود الذي يتزعمه رئيس الوزراء نتنياهو، ورئيس بلدية القدس نير بركات إلى نقل السفارة الاميركية إلى مدينة القدس.
وكان نتنياهو تسبب في جدل عندما استبعد اقامة دولة فلسطينية قبل الانتخابات العامة في 2015، إلّا أنّه عاد عن ذلك وأعرب عن تأييده لحل الدولتين.
ويعتبر وضع القدس من بين اعقد القضايا في النزاع الفلسطيني - الاسرائيلي، حيث يعتبر الفلسطينيون القدس الشرقية عاصمة دولتهم المستقبلية، بينما يدعو الاسرائيليون إلى أن تكون المدينة بأكملها عاصمتهم.
تجدر الإشارة إلى أن مرشحين رئاسيين أميركيين سابقين، ومن بينهم الرئيس الجمهوري الأسبق جورج بوش، كانوا تعهدوا بذات الأمر إلا أنه لم يُنفّذ.
من جهة ثانية، هنأ الرئيس الفلسطيني محمود عباس الرئيس ترامب لفوزه في الانتخابات، و"أعرب عن أمله بأن يتحقق السلام في عهده"، حسب بيان وزعه مكتبه عقب الإعلان عن نتائج الانتخابات.
وكان المتحدث باسم الرئاسة نبيل ابو ردينة قال في وقت سابق لوكالة الصحافة الفرنسية، "نحن جاهزون للتعامل مع الرئيس الاميركي المنتخب على قاعدة الالتزام بحل الدولتين وإقامة دولة فلسطين على حدود 1967". واضاف "سنتعامل مع الادارة الاميركية على أساس أنّه من دون حل القضية الفلسطينية، فإنّ حالة الاضطراب في المنطقة والعالم ستتواصل".
وذكر أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات بأن "الحزبين الجمهوري والديمقراطي أثناء رئاسة الرئيسين جورج بوش الابن، وباراك أوباما، أعلنا أن مبدأ حل الدولتين هو مصلحة وطنية عليا".
وقال عريقات في تصريحات لوكالة "وفا" الرسمية تعقيبا على فوز ترامب "نأمل من الإدارة الأميركية القادمة أن تحول الحديث عن مبدأ حل الدولتين إلى تحقيق هذا المبدأ على الأرض، لأن الأمن والسلام والاستقرار في هذه المنطقة لن يأتي إلا بهزيمة الاحتلال الاسرائيلي الذي بدأ عام 1967، (...) وإقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية لتعيش بأمن وسلام إلى جانب دولة إسرائيل".
وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد مجدلاني لوكالة الصحافة الفرنسية، "نأمل من الرئيس الاميركي الجديد ترامب أن يضع على سلم أولوياته الخارجية في الشرق الاوسط تطبيق قرارات الشرعية الدولية والعمل على حل الدولتين".
وحملت تصريحات ترامب خلال حملته الانتخابية نبرات وصفها كثيرون بـ"العدائية" للعرب، غير ان مجدلاني قال "الحملات الانتخابية تحمل الكثير من المواقف التي تستهدف جمهور الناخبين، لكن السياسة الاميركية تحكمها مؤسسات سياسية ومواقف تختلف عن الحملات الانتخابية".
مستقبل القدس بعد فوز ترامب.. ثقة إسرائيلية بالصديق وتمنيات فلسطينية
مستقبل القدس بعد فوز ترامب.. ثقة إسرائيلية بالصديق وتمنيات فلسطينية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة