كيف راجع «إف بي آي» 650 ألف رسالة إلكترونية في أسبوع؟!

تقنيات متطورة تسمح باختيار أهمها ومعظمها كانت نسخًا فحصت سابقًا

كيف راجع «إف بي آي» 650 ألف رسالة إلكترونية في أسبوع؟!
TT

كيف راجع «إف بي آي» 650 ألف رسالة إلكترونية في أسبوع؟!

كيف راجع «إف بي آي» 650 ألف رسالة إلكترونية في أسبوع؟!

من بين مئات الآلاف من رسائل البريد الإلكتروني التي تحفظ عليها مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) الشهر الماضي، عقب فضيحة تبادل الصور المخلة بالآداب عبر الهاتف المحمول التي تورط فيها عضو مجلس النواب السابق أنطوني وينر، اتضح أن عددًا كبيرًا منها كانت مجرد نسخ مكررة خضعت بالفعل للمراجعة من قبل عملاء المكتب، مما أتاح الانتهاء من المراجعة خلال أيام، رغم أن البعض توقع أن تستغرق أسابيع وربما أكثر.
اكتشف عملاء «إف بي آي» نحو 650.000 رسالة بريد إلكتروني في جهاز كومبيوتر كانوا قد تحفظوا عليه خلال استجواب العضو السابق بمجلس النواب ويينر، منها رسائل تخص هوما عابدين، زوجة ويينر السابقة وإحدى أكبر مساعدي هيلاري كلينتون.
أفادت جهات إنفاذ القانون لاحقًا بأنه لم تكن هناك حاجة لمراجعة جميع رسائل البريد، وكان يكفي مراجعة رسائل السيدة عابدين. وقدر عدد تلك الرسائل بالآلاف، غير أن بعضها كان نسخًا مكررة من رسائل خضعت للفحص في السابق، بحسب المسؤولين، مما سرع من عملية الفرز والمراجعة، على عكس ما توقعه الكثيرون.
وعلق ترامب خلال مؤتمر جماهيري عقد الأحد الماضي بقوله: «لا تستطيع مراجعة 650 ألف رسالة خلال ثمانية أيام».
قد يكون هذا صحيحا، لكن لم يكن هناك حاجة لقراءة جميع الرسائل، وبالفعل تمكن عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي من إنجاز مهمتهم بالإنكباب على فحص مستودع من الرسائل في مدة لم تتعد أسبوع، وتوصلوا في النهاية إلى أنه لا يوجد ما يستوجب توجيه اتهامات لكلينتون أو لأي من مساعديها بدعوى وجود معلومات سرية في بريدهم الإلكتروني الشخصي، وعليه فقد تقرر غلق التحقيق مرة ثانية.

* كيف فحص «إف بي آي» 650,000 رسالة بهذه السرعة؟
علق مايكل فلين، ضابط سابق بالجيش برتبة فريق وأحد كبار مستشاري ترامب، بأنه من المستحيل أن يقوم «إف بي آي» بقراءة كل هذا الكم في ثمانية أيام فقط.
فبحسب مسؤولو «إف بي آي»، هذا الرقم يعتبر مضللا، فعندما صادرت «إف بي آي» الكومبيوتر المحمول الخاص بوينر، اكتشفوا أن بريده الشخصي يحوي 650,000 رسالة، لكن لم يكن هناك سوى عدد بسيط منها يخص زوجته هوما عابدين. وفكر مسؤولو المكتب في أنه قد تكون هناك صلة بين رسائلها ورسائل هيلاري كلينتون التي خضعت بالفعل للفحص من قبل المكتب في قضية استخدامها لبريدها الشخصي في المراسلات السرية، وكانت رسائل عابدين لا تمثل سوى نسبة بسيطة من ذلك العدد الضخم.

* كم عدد الرسائل التي جرى مراجعتها إذا؟
لم يذكر «إف بي آي» العدد الدقيق لتلك الرسائل، لكن بحسب المسؤولين، فإن العدد يقدر بالآلاف.

* قراءة آلاف الرسائل خلال ثمانية أيام عمل شاق
تضاءل عدد الرسائل كثيرًا وبسرعة كبيرة، حيث كان الكثير منها مجرد نسخ جرى مراجعتها في السابق عند فحص بريد كلينتون ومساعديها. ومرة ثانية، لم يعلن بدقة عن عدد الرسائل المكررة، لكن مسؤولي إنفاذ القانون أفادوا بأن العدد كان ضخمًا، لكن هناك برامج قادرة على ترشيح ومقارنة الرسائل المكررة وسط بريد أضخم من ذلك الذي يملكه وينر. ربما كان هذا سببًا في تسريع عملية المراجعة؛ لأنه في هذه الحالة لن يكون هناك حاجة لمراجعة النماذج المكررة، وإن كان هذا لا يمنع أن رجال «إف بي آي» تحتم عليهم فحص الرسائل الجديدة وغير المكررة.

* هل كان الكومبيوتر يحوي معلومات سرية؟
يظل هذا غير واضح، ولكنه أكثر الأسئلة إلحاحا. فمنذ البداية، أفاد المسؤولون أن عليهم بذل الكثير من الجهد كي يصلوا في النهاية لنتيجة قاطعة بأنه ليس هناك ما يستلزم توجيه الاتهامات في هذا القضية. فقد علم المحققون وعملاء مكتب التحقيقات أن المعلومات السرية جرى الاحتفاظ بها بطريقة غير ملائمة في الخادم (سيرفر) الخاص بكلينتون، وهو ما اعتبره جيمس كومي، مدير مكتب التحقيقات، إهمالا لكنه لا يرقى لمستوى الجريمة، وبناء عليه فإن وجود المزيد من تلك الرسائل لن يغير من تلك الخلاصة شيئًا.
لم يفصح «إف بي آي» شيئا عن محتوى البريد المكتشف حديثًا، لكن السجلات التي أفرج عنها في السابق بمقتضي قانون «حرية الاطلاع على المعلومات» أظهر أن البريد الإلكتروني الخاص بهوما عابدين حوى أغلبه نقاشات مجدولة، ودردشة عادية عن العمل، وتعليمات تلقتها من كلينتون لطباعة شيء ما.
ولم يرغب «إف بي آي» في الإفصاح عن المدة التي ستستغرقها المراجعة، لأنهم لم يكونوا واثقين من أنهم سينجزون تلك المهمة قبل يوم الانتخابات. ورغم أن العدد بدا معقولا منذ بداية الأسبوع، فقد كان هناك احتمال أن يكتشف عملاء المكتب شيئا عارضا أثناء عملهم قد يتطلب المزيد من المتابعة.
كلف النائب العام لوريتا لينش وكومي عشرات من عملاء ومحللي المكتب للقيام بهذه المهمة، وشملت تلك المجموعة محققين عملوا في قضية كلينتون من بدايتها. عمل العشرات على مدار اليوم لأسبوع كامل، وأفاد مسؤولو إنفاذ القانون أن عملية المراجعة اكتملت صباح الأحد.
* ماذا بعد إغلاق التحقيق؟

رغم غلق تحقيقات «إف بي آي»، أفاد أعضاء الكونغرس عن الحزب الجمهوري بأنهم لن يتوقفوا عن مراقبة تصرفات كلينتون. ووعد جاسون شافيز، عضو الكونغرس عن ولاية أوتاوا ورئيس لجنة مراقبة المجلس وكذلك لجنة الإصلاح الحكومي، بالاستمرار في مراقبة كلينتون وقال إن ذلك قد يستمر لسنوات.
وفي حال مكنت الانتخابات الديمقراطيين من السيطرة على مجلس الشيوخ، فقد يفتحوا تحقيقاتهم الخاصة بشأن طريقة تناول كومي لتحقيقات قضية البريد الإلكتروني.

* ماذا يعني ذلك بالنسبة لكومي وللـ«إف بي آي»؟
أخبر كومي مساعديه بأنه لا يشعر بضغط يدعوه للاستقالة، وليس لديه نية لذلك، خصوصا أنه لا يزال أمامه سبع سنوات قبل أن يحال إلى التقاعد. غير أن بعض موظفي «إف بي آي» يخشون من أن ما حدث قد دمر سمعة مكتبهم المفترض أن يكون بعيدًا عن الحزبية، وأن يسمو فوق الخلافات السياسية.
*خدمة «نيويورك تايمز»



لماذا يثير الحلف النووي الروسي - الصيني المحتمل مخاوف أميركا وحلفائها؟

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)
TT

لماذا يثير الحلف النووي الروسي - الصيني المحتمل مخاوف أميركا وحلفائها؟

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)

يمثل الصعود العسكري للصين، وبخاصة برنامج تحديث ترسانتها النووية، هاجساً قوياً لدى دوائر صناعة القرار والتحليل السياسي والاستراتيجي في الولايات المتحدة، خصوصاً في ظل التقارب المزداد بين بكين، وموسكو التي تلوح بمواجهة عسكرية مباشرة مع الغرب على خلفية الحرب التي تخوضها حالياً في أوكرانيا.

وفي تحليل نشرته مجلة «ناشونال إنتريست» الأميركية، يتناول ستيفن سيمبالا أستاذ العلوم السياسية في جامعة براندواين العامة بولاية بنسلفانيا الأميركية، ولورانس كورب ضابط البحرية السابق والباحث في شؤون الأمن القومي في كثير من مراكز الأبحاث والجامعات الأميركية، مخاطر التحالف المحتمل للصين وروسيا على الولايات المتحدة وحلفائها.

ويرى الخبراء أن تنفيذ الصين لبرنامجها الطموح لتحديث الأسلحة النووية من شأنه أن يؤدي إلى ظهور عالم يضم 3 قوى نووية عظمى بحلول منتصف ثلاثينات القرن الحالي؛ وهي الولايات المتحدة وروسيا والصين. في الوقت نفسه، تعزز القوة النووية الصينية المحتملة حجج المعسكر الداعي إلى تحديث الترسانة النووية الأميركية بأكملها.

وأشار أحدث تقرير للجنة الكونغرس المعنية بتقييم الوضع الاستراتيجي للولايات المتحدة والصادر في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، إلى ضرورة تغيير استراتيجية الردع الأميركية للتعامل مع بيئة التهديدات النووية خلال الفترة من 2027 إلى 2035. وبحسب اللجنة، فإن النظام الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة والقيم التي يستند إليها يواجه خطر نظام الحكم المستبد في الصين وروسيا. كما أن خطر نشوب صراع عسكري بين الولايات المتحدة وكل من الصين وروسيا يزداد، وينطوي على احتمال نشوب حرب نووية.

ولمواجهة هذه التحديات الأمنية، أوصت اللجنة الأميركية ببرنامج طموح لتحديث الترسانة النووية والتقليدية الأميركية، مع قدرات فضائية أكثر مرونة للقيام بعمليات عسكرية دفاعية وهجومية، وتوسيع قاعدة الصناعات العسكرية الأميركية وتحسين البنية التحتية النووية. علاوة على ذلك، تحتاج الولايات المتحدة إلى تأمين تفوقها التكنولوجي، وبخاصة في التقنيات العسكرية والأمنية الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية وتحليل البيانات الكبيرة، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الألمانية.

ولم يقترح تقرير اللجنة أرقاماً دقيقة للأسلحة التي تحتاجها الولايات المتحدة ولا أنواعها، لمواجهة صعود الصين قوة نووية منافسة وتحديث الترسانة النووية الروسية. ورغم ذلك، فإن التكلفة المرتبطة بتحديث القوة النووية الأميركية وبنيتها التحتية، بما في ذلك القيادة النووية وأنظمة الاتصالات والسيطرة والدعم السيبراني والفضائي وأنظمة إطلاق الأسلحة النووية وتحسين الدفاع الجوي والصاروخي للولايات المتحدة، يمكن أن تسبب مشكلات كبيرة في الميزانية العامة للولايات المتحدة.

في الوقت نفسه، فالأمر الأكثر أهمية هو قضية الاستراتيجية الأميركية والفهم الأميركي للاستراتيجية العسكرية الصينية والروسية والعكس أيضاً، بما في ذلك الردع النووي أو احتمالات استخدامه الذي يظهر في الخلفية بصورة مثيرة للقلق.

في الوقت نفسه، يرى كل من سيمبالا صاحب كثير من الكتب والمقالات حول قضايا الأمن الدولي، وكورب الذي عمل مساعداً لوزير الدفاع في عهد الرئيس الأميركي الراحل رونالد ريغان، أنه من المهم تحديد مدى تنسيق التخطيط العسكري الاستراتيجي الروسي والصيني فيما يتعلق بالردع النووي والبدء باستخدام الأسلحة النووية أو القيام بالضربة الأولى. وقد أظهر الرئيسان الصيني شي جينبينغ والروسي فلاديمير بوتين، تقارباً واضحاً خلال السنوات الأخيرة، في حين تجري الدولتان تدريبات عسكرية مشتركة بصورة منتظمة. ومع ذلك فهذا لا يعني بالضرورة أن هناك شفافية كاملة بين موسكو وبكين بشأن قواتهما النووية أو خططهما الحربية. فالقيادة الروسية والصينية تتفقان على رفض ما تعدّانه هيمنة أميركية، لكن تأثير هذا الرفض المشترك على مستقبل التخطيط العسكري لهما ما زال غامضاً.

ويمكن أن يوفر الحد من التسلح منتدى لزيادة التشاور بين الصين وروسيا، بالإضافة إلى توقعاتهما بشأن الولايات المتحدة. على سبيل المثال، حتى لو زادت الصين ترسانتها النووية الاستراتيجية إلى 1500 رأس حربي موجودة على 700 أو أقل من منصات الإطلاق العابرة للقارات، سيظل الجيش الصيني ضمن حدود معاهدة «ستارت» الدولية للتسلح النووي التي تلتزم بها الولايات المتحدة وروسيا حالياً. في الوقت نفسه، يتشكك البعض في مدى استعداد الصين للمشاركة في محادثات الحد من الأسلحة الاستراتيجية، حيث كانت هذه المحادثات تجري في الماضي بين الولايات المتحدة وروسيا فقط. ولكي تنضم الصين إلى هذه المحادثات عليها القبول بدرجة معينة من الشفافية التي لم تسمح بها من قبل بشأن ترسانتها النووية.

وحاول الخبيران الاستراتيجيان سيمبالا وكورب في تحليلهما وضع معايير تشكيل نظام عالمي ذي 3 قوى عظمى نووية، من خلال وضع تصور مستقبلي لنشر القوات النووية الاستراتيجية الأميركية والروسية والصينية، مع نشر كل منها أسلحتها النووية عبر مجموعة متنوعة من منصات الإطلاق البرية والبحرية والجوية. ويظهر التباين الحتمي بين الدول الثلاث بسبب الاختلاف الشديد بين الإعدادات الجيوستراتيجية والأجندات السياسة للقوى الثلاث. كما أن خطط تحديث القوة النووية للدول الثلاث ما زالت رهن الإعداد. لكن من المؤكد أن الولايات المتحدة وروسيا ستواصلان خططهما لتحديث صواريخهما الباليستية العابرة للقارات والصواريخ الباليستية التي تطلق من الغواصات والقاذفات الثقيلة بأجيال أحدث من منصات الإطلاق في كل فئة، في حين يظل الغموض يحيط بخطط الصين للتحديث.

ورغم أن الولايات المتحدة تمتلك ترسانة نووية تتفوق بشدة على ترسانتي روسيا والصين، فإن هذا التفوق يتآكل بشدة عند جمع الترسانتين الروسية والصينية معاً. فالولايات المتحدة تمتلك حالياً 3708 رؤوس نووية استراتيجية، في حين تمتلك روسيا 2822 رأساً، والصين 440 رأساً. علاوة على ذلك، فالدول الثلاث تقوم بتحديث ترساناتها النووية، في حين يمكن أن يصل حجم ترسانة الأسلحة النووية الاستراتيجية الصينية إلى 1000 سلاح بحلول 2030.

ولكن السؤال الأكثر إلحاحاً هو: إلى أي مدى ستفقد الولايات المتحدة تفوقها إذا واجهت هجوماً مشتركاً محتملاً من جانب روسيا والصين مقارنة بتفوقها في حال التعامل مع كل دولة منهما على حدة؟ ولا توجد إجابة فورية واضحة عن هذا السؤال، ولكنه يثير قضايا سياسية واستراتيجية مهمة.

على سبيل المثال، ما الذي يدفع الصين للانضمام إلى الضربة النووية الروسية الأولى ضد الولايات المتحدة وحلفائها في حلف شمال الأطلسي (ناتو)؟ ولا بد أن نتخيل سيناريو متطرفاً، حيث تتحول الأزمات المتزامنة في أوروبا وآسيا إلى أزمات حادة، فتتحول الحرب الروسية - الأوكرانية إلى مواجهة بين روسيا وحلف «الناتو»، في الوقت الذي تتحرك فيه الصين للاستيلاء على تايوان، مع تصدي الولايات المتحدة لمثل هذه المحاولة.

وحتى في هذه الحالة المتطرفة، لا شك أن الصين تفضل تسوية الأمور مع تايوان بشروطها الخاصة وباستخدام القوات التقليدية. كما أنها لن تستفيد من الاشتراك في حرب بوتين النووية مع «الناتو». بل على العكس من ذلك، أشارت الصين حتى الآن بوضوح تام إلى روسيا بأن القيادة الصينية تعارض أي استخدام نووي أولاً في أوكرانيا أو ضد حلف شمال الأطلسي. والواقع أن العلاقات الاقتصادية الصينية مع الولايات المتحدة وأوروبا واسعة النطاق.

وليس لدى الصين أي خطة لتحويل الاقتصادات الغربية إلى أنقاض. فضلاً عن ذلك، فإن الرد النووي للولايات المتحدة و«الناتو» على الضربة الروسية الأولى يمكن أن يشكل مخاطر فورية على سلامة وأمن الصين.

وإذا كان مخططو الاستراتيجية الأميركية يستبعدون اشتراك روسيا والصين في توجيه ضربة نووية أولى إلى الولايات المتحدة، فإن حجم القوة المشتركة للدولتين قد يوفر قدراً من القوة التفاوضية في مواجهة حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة.

وربما تدعم الصين وروسيا صورة كل منهما للأخرى بوصفها دولة نووية آمنة في مواجهة الضغوط الأميركية أو حلفائها لصالح تايوان أو أوكرانيا. ولكن إذا كان الأمر كذلك، فمن المرجح أن توفر «الفجوة» بين أعداد الأسلحة النووية غير الاستراتيجية أو التكتيكية التي تحتفظ بها روسيا والصين والموجودة في المسرح المباشر للعمليات العسكرية، مقارنة بتلك المتاحة للولايات المتحدة أو حلف شمال الأطلسي، عنصر ردع ضد أي تصعيد تقليدي من جانب الولايات المتحدة ضد أي من الدولتين.

أخيراً، يضيف ظهور الصين قوة نووية عظمى تعقيداً إلى التحدي المتمثل في إدارة الاستقرار الاستراتيجي النووي. ومع ذلك، فإن هذا لا يمنع تطوير سياسات واستراتيجيات إبداعية لتحقيق استقرار الردع، والحد من الأسلحة النووية، ودعم نظام منع الانتشار، وتجنب الحرب النووية. ولا يمكن فهم الردع النووي للصين بمعزل عن تحديث قوتها التقليدية ورغبتها في التصدي للنظام الدولي القائم على القواعد التي تفضلها الولايات المتحدة وحلفاؤها في آسيا. في الوقت نفسه، فإن التحالف العسكري والأمني بين الصين وروسيا مؤقت، وليس وجودياً. فالتوافق بين الأهداف العالمية لكل من الصين وروسيا ليس كاملاً، لكن هذا التحالف يظل تهديداً خطيراً للهيمنة الأميركية والغربية على النظام العالمي.