15 مليون أميركي من أصل لاتيني يشاركون في انتخابات اليوم

احتدام المنافسة في الانتخابات الرئاسية الأميركية وسط طرق المرشحين كافة الأبواب

15 مليون أميركي من أصل لاتيني  يشاركون في انتخابات اليوم
TT

15 مليون أميركي من أصل لاتيني يشاركون في انتخابات اليوم

15 مليون أميركي من أصل لاتيني  يشاركون في انتخابات اليوم

تتسم أصوات الأميركيين من أصول لاتينية بأهمية حيوية بالنسبة لانتخاب الرئيس الأميركي الجديد ـ الأمر الذي يدركه المرشحون جيدًا. وعليه، تأتي أفعالهم ورسائلهم ومقترحاتهم موجهة لكسب تأييد هذه الفئة من الأميركيين.
وتبقى الأوراق الرابحة لكلا المرشحين عموما ولترامب خصوصا في الولايات المتأرجحة كفلوريدا وبنسلفانيا ونورث كارولينا متمثلة بالأقليات العرقية فيها من الأميركيين من أصل أفريقي والأميركيين ذوي الأصول اللاتينية والذين يشكلون نسبة كبيرة في هذه الولايات بالإضافة إلى الآسيويين. ومثال ذلك هو ولاية فلوريدا والتي تمثل فيها نسبة الأقلية العرقية اللاتينية تقريبا ربع سكان الولاية بينما الأقلية السوداء فتقارب الـ18 في المائة.
وعند النظر إلى المشهد الانتخابي الأميركي لعام 2016. نجد أن الناخبين من أصول لاتينية تقدر أعدادهم بنحو 15 مليون ناخب. ويشكل ذلك زيادة بمقدار 3.5 مليون ناخب عن الانتخابات السابقة، تبعًا لما أفاده بيان صادر عن منظمة «لاتينو ديسيجينز».
بوجه عام، يتألف المجتمع اللاتيني داخل الولايات المتحدة من أفراد تضرب جذورهم العائلية في مناطق بأميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي. والملاحظ وجود تجمعات ضخمة من أصحاب الأصول اللاتينية داخل جميع المدن الأميركية الكبرى، لكنهم يتركزون على نحو خاص في لوس أنجليس وميامي ونيويورك. ويعتبر اللاتينيون المنتمون إلى المكسيك وبورتوريكو وكوبا على وجه التحديد من بين المجموعات الأكبر داخل الولايات المتحدة.
وتشير استطلاعات الرأي أن أصحاب الأصول الإسبانية لديهم حماسة أكبر للتصويت هذه السنة مقارنه بالانتخابات السابقة وخاصة في تلك الولايات المتأرجحة وذلك بسبب ارتفاع عدد المسجلين للتصويت المبكر من هذه الأقلية وأن كلينتون سوف تستحوذ على النسبة الأكبر منهم وذلك لكون هذه الأقلية تميل إلى التصويت للمرشح الديمقراطي بدلا عن الجمهوري.
وفي حديث له مع «الشرق الأوسط» من ميامي، شرح جورج دواني، مدير «معهد الأبحاث الكوبية» التابع لجامعة فلوريدا الدولية، أن أولويات العلاقات الخارجية أمام الرئيس الأميركي الجديد ستأتي على النحو التالي: العلاقات مع الشرق الأوسط وروسيا والصين، بجانب دول الجوار في أميركا اللاتينية. واستطرد دواني بأنه: «بالنسبة لترامب، تتمثل الأولوية في كبح جماح الهجرة غير الشرعية القادمة من المكسيك، بجانب القلق من قدوم إرهابيين مشتبه بهم من الشرق الأوسط. أما بالنسبة لكلينتون، فإن الأمر يتعلق أكثر بالحفاظ على إرث أوباما، مثل خطة التأمين الصحي أو إعادة العلاقات الدبلوماسية مع كوبا».
وأردف دواني أنه «فيما يخص العلاقات الأميركية مع أميركا اللاتينية، فإن هناك ثمة قضايا عالقة، خاصة فيما يتعلق بفنزويلا والأزمة المالية ومستقبل بورتوريكو السياسي وهي الجزيرة التي تعتمد على الولايات المتحدة بشكل أساسي».
من جانبه، أعرب فابيان أكونا، الخبير المعني بشؤون أميركا اللاتينية بجامعة خابريانا في بوغوتا، عن اعتقاده بأن العلاقات بين الولايات المتحدة وأميركا اللاتينية تحمل أهمية حيوية نظرًا «للتقارب بين دول اشتراكية القرن الـ21 في الأميركتين من جهة وروسيا والصين من جهة أخرى». وأضاف أكونا أنه «من المهم أن يعاود الرئيس الأميركي الجديد الاهتمام بأميركا اللاتينية لأن الولايات المتحدة تخسر حاليًا نفوذها بالمنطقة».
وفي الوقت الذي يبدو واضحًا أن أميركا اللاتينية ينبغي أن تشكل واحدة من الأولويات بالنسبة للرئيس الجديد للولايات المتحدة، فإن الوضع بالنسبة لكوبا يبدو مختلفًا، ذلك أنها تتمتع بمكانة خاصة على صعيد الشؤون الخارجية الأميركية، ويجري التعامل معها بحذر وخضعت لنمط مختلف من التعامل على امتداد سنوات عدة.
وخلال كل حملة انتخابية رئاسية، دائمًا ما يجري إفراد مساحة لمناقشة العلاقات مع كوبا على وجه التحديد. واتضح هذا الأمر بدرجة أكبر خلال الانتخابات الأخيرة التي تتزامن مع ذوبان الجليد على صعيد العلاقات بين البلدين. واللافت أن بعض أواصر الصداقة أقرت بالفعل في ظل رئاسة أوباما واستؤنفت العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين، الأمر الذي شكل دفعة للاقتصاد الكوبي ونجح في تنشيط السياحة في كوبا.
من جانبهما، أوضحت كل من هيلاري كلينتون ودونالد ترامب بالفعل موقفيهما إزاء كوبا والعلاقات مع كوبا حال انتخابهما للرئاسة. فيما يتعلق بكلينتون، فقد أعلنت أن إدارتها ستمضي قدمًا في استعادة العلاقات الدبلوماسية مع كوبا وستطلب من الكونغرس رفع الحظر الاقتصادي المفروض ضدها منذ ستينات القرن الماضي. في المقابل، وجه المرشح الجمهوري ترامب انتقادات حادة لسياسة أوباما الجديدة تجاه كوبا، وتعهد بوقف إجراءات التقارب في العلاقات بين الجانبين.
من جهته، أعرب الأكاديمي جورج دواني عن اعتقاده بأن العلاقات بين البلدين ستعتمد في جزء منها على موقف الكونغرس الأميركي وتركيبته الجديدة بعد الانتخابات. إضافة إلى ذلك، أكد أن «الرئيس ـ والجناح التنفيذي بوجه عام ـ سيضطلعان بدور جوهري في أي سيناريو مستقبلي للعلاقات مع كوبا. إلا أن الجناح التشريعي سيبقى له ثقل كبير على هذا الصعيد، خاصة أن الحظر المفروض ضد كوبا جرى تضمينه في قانون هيلمز ـ برتون عام 1966 الذي حدد الشروط المسبقة لرفع الحظر، بما في ذلك إقرار نظام تعدد الأحزاب في كوبا وانتخاب حكومة ديمقراطية واحترام حقوق الإنسان». ويكاد يكون من المؤكد أن كوبا ليست في طريقها لإنجاز أي من هذه المتطلبات على مدار المستقبل المنظور.
والمؤكد أن كولومبيا وفنزويلا ستشغلان كذلك مكانًا مهمًا في قائمة أولويات الرئيس الأميركي الجديد. داخل كولومبيا، التي تعد حليفًا محوريًا للولايات المتحدة في المنطقة، تحاول الحكومة وضع نهاية لأطول صراع مسلح في النصف الغربي من الكرة الأرضية. وفي فنزويلا، التي تتمتع باحتياطيات نفطية هائلة، تواجه البلاد أزمة سياسية وإنسانية خطيرة.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.