الفصائل السورية تستأنف عملياتها في ريف حلب وتستعيد 3 قرى من «داعش»

رمضان لـ«الشرق الأوسط»: انعطافة أميركية مهمة في سوريا مع نهاية ولاية أوباما

الفصائل السورية تستأنف عملياتها في ريف حلب وتستعيد 3 قرى من «داعش»
TT

الفصائل السورية تستأنف عملياتها في ريف حلب وتستعيد 3 قرى من «داعش»

الفصائل السورية تستأنف عملياتها في ريف حلب وتستعيد 3 قرى من «داعش»

استأنفت فصائل المعارضة السورية المدعومة من الجيش التركي وطيران التحالف الدولي، المنضوية ضمن قوات «درع الفرات»، عملياتها العسكرية ضدّ تنظيم «داعش» في ريف حلب الشرقي، وتمكنت من السيطرة على 3 قرى بعد مواجهات عنيفة مع مقاتلي التنظيم، أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى من الطرفين.
وفتحت هذه العمليات الطريق أمام تقدّم الفصائل باتجاه مدينة الباب، حيث تكون للسيطرة عليها دلالات مهمّة؛ أبرزها أنها تجعل الجيش الحر على تماس مع قوات النظام التي تحاصر مناطق حلب الشرقية، في وقت كشف فيه عضو الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة أحمد رمضان، عن «تفاهم تركي - أميركي يتعلق بالمنطقة الآمنة وأبعادها وطبيعة العمل فيها»، مؤكدًا أن «السياسية الأميركية تشهد انعطافة مهمة تجاه الوضع في سوريا مع نهاية ولاية الرئيس باراك أوباما».
ويأتي استئناف هذه العمليات، بعد ساعات من زيارة رئيس أركان الجيش الأميركي جوزيف دانفورد إلى أنقرة، ولقائه نظيره التركي خلوصي أكار، التي أعقبها صدور بيان مشترك أكد فيه الجانبان، أنهما «تبادلا وجهات النظر حول مواضيع تتعلّق بإخراج حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي (بي واي دي) من مدينة منبج شرق حلب، وآخر التطورات في مدينة الرقة شمال شرقي سوريا».
وأعلن إبراهيم الحمد، أحد المقاتلين في صفوف المعارضة، لـ«مكتب أخبار سوريا»، أن الفصائل «سيطرت على قرى البرج والأيوبية والعامرية شمال مدينة الباب بريف حلب الشرقي، وسط قصف مدفعي تركي استهدف مواقع للتنظيم بالمنطقة». وقال إن المواجهات «أسفرت عن مقتل 8 عناصر من التنظيم وجرح آخرين، وأسر عنصر تركي الجنسية على أطراف الأيوبية، في حين لقي مقاتل معارض مصرعه وأصيب 12 آخرون».
في هذا الوقت، أعلن زكريا ملاحفجي، مسؤول المكتب السياسي في تجمّع «فاستقم» التابع لـ«الجيش السوري الحرّ»، أن «قوات (درع الفرات) لم توقف عملياتها ضدّ (داعش) في شمال وشرق حلب، لكن هذه العمليات تراجعت، بسبب ظروف ميدانية وضغوط واجهتها». وذكّر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، بأن «قوات (بي واي دي)، حاولت التصدي للجيش الحر قرب بلدة أخترين، ووقف تقدمه باتجاه مدينة الباب، وفتح معركة معه قرب تل رفعت، عدا عن استهداف الروس للفصائل، لذلك حصل استعصاء، أما الآن، فقد بدأت العملية من جديد»، لافتًا إلى وجود «تقاطع مصالح بين النظام و(قوات الحماية الكردية) و(داعش) في شمال وشرق حلب».
وكانت فصائل المعارضة سيطرت ليل السبت - الأحد، على قرية شدود شمال مدينة الباب بريف حلب الشرقي بعد معارك عنيفة مع مقاتلي «داعش» في إطار معركة «درع الفرات» التي أطلقتها المعارضة بدعم من الجيش التركي وطيران التحالف الدولي أواخر أغسطس (آب) الماضي.
أما في البعد السياسي والعسكري لزيارة رئيس الأركان الأميركي لأنقرة، فرأى عضو الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة أحمد رمضان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الدور التركي أصبح أساسيًا في محاربة الإرهاب، خصوصا تنظيم داعش». وقال: «هناك استجابة أميركية فيما يتعلق بإبعاد الميليشيات الانفصالية عن محيط حلب، وعدم السماح لها بدخول المناطق العربية أو المختلطة في شرق سوريا، بالنظر إلى دور تلك الميليشيا في تهجير السكان الأصليين وارتكاب انتهاكات وجرائم حرب». وكشف رمضان عن «معلومات متوفرة حول تفاهم تركي - أميركي يتعلق بالمنطقة الآمنة وأبعادها وطبيعة العمل فيها، والجانب الروسي أيضا لن يقترب من تلك المنطقة»، مستطردًا: «نحن نقترب من انعطافة مهمة فيما يتعلق بالوضع في سوريا مع نهاية ولاية أوباما، والفريق الجديد يضع الآن بصماته حول السياسة الخارجية؛ ومنها الشرق الأوسط، وسوريا تحديدًا».
وبينما يتوجّس النظام من تداعيات وصول الجيش الحر إلى مدينة الباب والسيطرة عليها، لاحظ ملاحفجي أن «سيطرة الثوار على الباب ستجعلهم على خط تماس قوات النظام، وهذا ما يتحسّب له الأخير». وإذ لفت إلى أن «الهدف الأساسي للجيش الحرّ هو مدينة الباب، خصوصًا بعدما أصبح على بعد ثلاثة كيلومترات عنها». وشدد على أنه بعد الباب «ستكون الرقة هي الوجهة، التي سبقتنا إليها (قوات سوريا الديمقراطية)، التي تتخوف من إفشال مخططها لإقامة الفيدرالية». وأكد ملاحفجي أن «حدود الجيش الحرّ هي الحدود الدولية لسوريا، التي لا نقبل فيها التقسيم أو الكانتونات أو الفيدرالية».
في السياق، ذكرت وكالة «الأناضول» للأنباء، أن الجيش التركي أعلن في بيان له، عن «مقتل 24 عنصرا من تنظيم داعش، جراء غارات شنها طيران التحالف على 3 مواقع عسكرية بقرية شدود ونعمان شمال مدينة الباب، إضافة إلى تفكيك أكثر من 25 عبوة ناسفة في شدود».
بدورها، تمكنت عناصر من «جيش إدلب الحر» أمس، من التسلل والوصول إلى مواقع «لواء القدس الفلسطيني» المساند لقوات الأسد في حلب، وقتلوا عددًا من عناصره، ضمن عملية مباغتة على جبهة العويجة شمال حلب. وقال المكتب الإعلامي لـ«جيش إدلب الحر» لـ«شبكة شام الإخبارية»، إن «العملية تمت صباح اليوم (أمس)، حيث قام عناصر من الجيش بالانغماس داخل أحد المواقع التابعة لـ(لواء القدس الفلسطيني)، وقتل 8 عناصر وجرح آخرين، وقاموا بإنزال العلم السوري من على المبنى، والعودة لمواقعهم سالمين». وأشار المكتب الإعلامي لـ«جيش إدلب الحرّ»، إلى أن العملية «تم توثيقها بالصوت والصورة، وسيتم نشر الفيديوهات لاحقًا، وجرى التأكد من مقتل 8 عناصر جميعهم من (لواء القدس) المذكور». وتنتشر عشرات الميليشيات الإيرانية واللبنانية والأفغانية والفلسطينية؛ منها «لواء القدس الفلسطيني»، بشكل كبير في مدينة حلب وريفها، وتتولى بنفسها إدارة العمليات العسكرية هناك، في ظلّ التراجع الكبير في الأداء الميداني لقوات النظام.



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.