الحريري: نحن أمام فرصة لإعادة الزخم لعلاقات لبنان مع الخليج

خلال استقباله سفراء دول مجلس التعاون الخليجي

سعد الحريري
سعد الحريري
TT

الحريري: نحن أمام فرصة لإعادة الزخم لعلاقات لبنان مع الخليج

سعد الحريري
سعد الحريري

أكد سعد الحريري، المكلف بتشكيل رئاسة الحكومة اللبنانية، أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والحكومة الجاري تشكيلها «يمثلان فرصة لتجديد التأكيد على هوية لبنان العربية وإعادة الزخم والحرارة إلى علاقات لبنان بأشقائه في دول مجلس التعاون الخليجي».
وقال الحريري، خلال استقباله سفراء دول مجلس التعاون الخليجي في لبنان: «إن اللبنانيين أجمعوا على الترحيب بخطاب القسم لفخامة الرئيس عون بكل مندرجاته بما فيها تلك المتعلقة منها بعلاقات لبنان العربية القائمة على أساس احترام ميثاق الجامعة العربية، خصوصا مادته الثامنة القائلة بعدم تدخل الدول الأعضاء بشؤون بعضها بعضًا».
وأكد الحريري أن «دول مجلس التعاون الخليجي تشكل المدى الحيوي الاقتصادي للبنان، لما توفره من فرص عمل للبنانيين وأسواق لصادراتهم ومصادر للاستثمارات المباشرة في لبنان وروافد أساسية للسياحة فيه، إضافة إلى كون الحكومات الخليجية وصناديقها التنموية المصدر الأول تاريخيا للمساعدات والتمويلات الميسرة لمشاريع إعادة الأعمار والتنمية في لبنان». وقال إن «جميع اللبنانيين يعرفون هذه الحقيقة ويشعرون بالفخر والامتنان لوقوف إخوتهم الخليجيين إلى جانبهم ويعتمدون على استمرار هذه العلاقات الأخوية الصادقة في وقت يعود الأمل باكتمال نصاب المؤسسات الدستورية وتشكيل حكومة تبدأ بمعالجة الأزمات الملحة التي يعاني منها لبنان».
وأشار الحريري إلى «أن لبنان الذي يتطلع إلى مساعدة المجتمع الدولي عموما على مواجهة أعباء النزوح السوري وإعادة إطلاق عجلة التنمية في اقتصاده، يعلم أن المحرك الأول لهذه المساعدات كان وسيبقى مجلس التعاون الخليجي ودوله وحكوماته وقياداته»، لافتًا إلى أن «رهاني شخصيا هو أن سحب الصيف التي عبرت سابقا، قد ولت إلى غير رجعة في العلاقات الأخوية بيننا، والقائمة على الاحترام الكامل لسيادة دولنا ومصالحها ومصالح مواطنيها، ولأشقائنا في دول مجلس التعاون الخليجي».
واستقبل الحريري سفراء دول مجلس التعاون الخليجي، وهم القائم بأعمال سفارة المملكة العربية السعودية في لبنان وليد البخاري، وسفير الكويت عبد العال القناعي، وسفير الإمارات العربية المتحدة حمد سعيد الشامسي، وسفير قطر علي بن حمد المري، والقائم بأعمال سلطنة عمان خالد بن علي حردان.
وبعد الاجتماع، قال السفير القناعي: «تشرفنا بلقاء رئيس مجلس الوزراء المكلف سعد الحريري، ونقلنا إليه تهانينا وتمنياتنا لدولته بالتوفيق في تأليف الحكومة، وأكدنا وقوف دولنا قاطبة إلى جانب لبنان الشقيق في كل ما من شأنه أن يؤدي إلى ازدهاره وتقدمه وأمنه واستقراره». وأضاف: «من خلالكم نوجه أيضا رسالة تهنئة ودعم وتأييد إلى فخامة الرئيس ميشال عون وإلى دولة الرئيس المكلف الأخ سعد الحريري، متمنين بأن يتمكن في أقرب وقت من تشكيل حكومته والسير بهذا البلد إلى ما يتمناه كل مواطن لبناني شريف وهو الأمن والاستقرار والازدهار الاقتصادي».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم