كانت هذه الحملة الانتخابية الرئاسية ربما الأطول في تاريخ الولايات المتحدة. بدأت تقريبًا قبل عامين عندما أكدت هيلاري كلينتون أنها ستترشح. وبدأت قبل عام ونصف العام عندما أعلن دونالد ترامب ترشيح نفسه. كانت التغطية الإخبارية، في ذلك الوقت، متفرقة.
لكنها صارت مركزة مع بداية هذا العام، وبداية الانتخابات التمهيدية (في ولاية آيوا).
في ذلك الوقت جاء ترامب الثاني (وجاءت كلينتون الأولى)، وكانت تلك بداية اهتمام، وليس تركيز، الإعلام على ترامب. خصوصًا بعد أن قال السيناتور تيد كروز، الذي تفوق على ترامب، أن ترامب «متطرف»، وهو «معتدل»، وقال صحافيون إن ولاية آيوا «ريفية محافظة»، ومفهومة شعبية ترامب.
لكن، فاز ترامب في الانتخابات التمهيدية في ولاية نيويورك (حيث ولد ترامب، وحيث تعيش كلينتون). وقال صحافيون إن فوز ترامب في عاصمة الليبرالية (الديمقراطية)، وعاصمة الاعتدال (الجمهوري) ليست صدفة.
في ذلك الوقت، عكست صحف أميركية رئيسية مواضيع محلية، لكن لها صلة بالانتخابات. مثل استعدادات الحزب الديمقراطي للانتخابات. وأيدت افتتاحية صحيفة «واشنطن بوست» إلى قرار تيري ماكوليف (ديمقراطي)، حاكم ولاية فرجينيا، بالسماح بأن يصوت المجرمون السابقون في الانتخابات. في ولايات كثيرة، يحرمون. لكن، قال الحاكم إنه ما دام المجرم قضى فترة العقوبة، وتحاشى مشكلات جديدة مع القانون، يجب ألا يمنع من التصويت. لكن، انتقد الجمهوريون القرار، وقالوا إنه سيزيد عدد السود الذين سيصوتون. وذلك لأن أغلبية المجرمين السابقين سود، ولأن أغلبية السود تصوت للحزب الديمقراطي (في وقت لاحق، توصل الحزبان إلى حل وسط).
في ذلك الوقت، كان أكثر التركيز على القضايا الوطنية، لا الشخصية (مثلما صار لاحقًا).
وقالت افتتاحية صحيفة «ميركوري»، في سان هوزي (ولاية كاليفورنيا): «يجب على تيد كروز ودونالد ترامب، وهيلاري كلينتون، وبيرني ساندرز الاستعداد ليقولوا لشعب كاليفورنيا كيف سيعالجون القضايا الأكثر إلحاحا في الولاية»، وقصدت، بصورة عامة، كل الشعب الأميركي.
ورشحت صحف كثيرة مرشحيها في افتتاحيات رئيسية:
أيدت افتتاحية «نيويورك تايمز» كلينتون الديمقراطية، وجون كاسيك الجمهوري. وأيدت افتتاحية صحيفة «بوسطن هيرالد» كريس كريستي، حاكم ولاية نيوجيرسي الجمهوري. وأيدت افتتاحية «بوسطن غلوب» كلينتون. وأيدت افتتاحية صحيفة «دي موين ريجستار» التي تصدر في دي موين (ولاية آيوا)، حيث جرت أول انتخابات تمهيدية، السيناتور ماركو روبيو باسم الحزب الجمهوري. وأيدت افتتاحية صحيفة «كونكورد مونيتور» (في ولاية نيوهامبشير) كاسيك الجمهوري، وكلينتون الديمقراطية.
لكن، في الصيف، بعد نهاية الانتخابات التمهيدية، ومجيء المؤتمرات الحزبية، ومع زيادة أسهم ترامب، وتوقع أن يكون مرشح الحزب، زاد قلق كثير من أجهزة الإعلام الرئيسية.
نشرت صحيفة «واشنطن بوست» حلقات طويلة ومفصلة عن أسباب زيادة أسهم ترامب. لم تقل الصحيفة إنها ركزت على الأغلبية البيضاء، لكن يبدو واضحًا أن قلق هذه الأغلبية البيضاء انعكس في زيادة أسهم ترامب.
وكتبت الصحيفة افتتاحية جاء فيها: «ليس سرا أن أغلبية الأميركيين قلقة لأربعة أسباب لها صلة بالأجانب: أولا: الخطر الأجنبي المتمثل في الإرهاب. ثانيا: فشل وقف هجرة الأجانب غير القانونية. ثالثا: تمرد على التعددية والتنوع (عن غير البيض). رابعا: تمرد على التأدب السياسي (الحذر في انتقاد الآخرين)».
وحذرت افتتاحية صحيفة «لوس أنجليس تايمز» ترامب عن زيادة معارضة ما تسمى «المؤسسة الجمهورية» (القادة التقليديين للحزب الجمهوري) له. وإنه، في نهاية المطاف، ربما لن يفوز بترشيح الحزب لرئاسة الجمهورية. وقالت: «تنبيه لدونالد ترامب: فوزك بفرق كبير في الانتخابات التمهيدية ليس مثل فوزك بترشيح الحزب. نعم، إنها المرة الأولى التي ترشح فيها نفسك لمنصب سياسي. لهذا، قد لا تعرف تعقيدات العملية السياسية. نعم، جئت على رأس القائمة في 30 انتخابات تمهيدية في 30 ولاية. لكن، يجب ألا تنسى حقيقة أنك لم تجتذب 50 في المائة من الأصوات في أي منها».
انعقد، بعد هذه الافتتاحية بشهر واحد، مؤتمر الحزب الجمهوري. وفاز ترامب.
وزادت حدة المواجهة. خصوصًا لأن ترامب ركز على «أخلاق» كلينتون. قالت، في ذلك الوقت، افتتاحية صحيفة «يو إس توداي»: «بعد عام من كشف تلاعب هيلاري كلينتون بوثائق وزارة الخارجية، ووضعها في البريد الإلكتروني الخاص بها (وبزوجها)، لم يختفِ الجدل حول مدى قانونية ما فعلت. ويمكن أن يقود الجدل إلى ما لا تحمد عقباه. وسريعًا، تحولت حملة المواضيع الوطنية والأمنية والاقتصادية، إلى حملة اتهامات شخصية، واتهامات مضادة شخصية».
مع نهاية الصيف، ظهرت صور نساء أميركيات جميلات في الصفحات الأولى من الصحف الأميركية الرئيسية، ونشرات الأخبار التلفزيونية. ليس فقط صور نساء اتهمن المرشح الجمهوري دونالد ترامب بمعاكستهن. ولكن، أيضًا، صور نساء اشتهرن قبل عشرين عاما تقريبا، هن عشيقات الرئيس السابق بيل كلينتون، الذي تترشح زوجته هيلاري ضد ترامب.
بادرت صحيفة «نيويورك بوست» اليمنية، ونشرت صور بعض عشيقات كلينتون، وقد جلسن (بدعوة من ترامب) في الصف الأمامي خلال أول مناظرة بين هيلاري كلينتون وترامب. وتعمدت الصحيفة ألا تركز على نساء ترامب. وركز تلفزيون «فوكس» اليميني على نساء كلينتون.
لكن، كان واضحا أن نسبة كبيرة من الإعلام الأميركي ركزت على نساء ترامب. وأغضب هذا ترامب كثيرًا. وغرد في صفحته في «تويتر»: «غريب، عاشر كلينتون عشيقات، وأنا، كما يقول بعض الناس عنى، غازلت نساء. لكن، يبدو وكأن العكس هو الذي حدث».
وزاد ترامب حملته الشخصية ضد هيلاري كلينتون وزوجها. وضد الصحافيين.
وفي بداية شهر أكتوبر (تشرين الأول)، ولأول مرة في تاريخها، أعلنت لجنة الدفاع عن الصحافيين (سى بي جي) أن سياسيا أميركيا كبيرا، ناهيك بأنه مرشح لرئاسة الجمهورية، وناهيك بأنه يمكن أن يفوز دونالد ترامب هو «خطر على حرية الصحافة».
وأضاف بيان أصدرته اللجنة: «يخلو كل تاريخ الصحافة الأميركية الحديث من مثل هذا الهجوم، من مثل هذا المرشح لرئاسة الجمهورية، على الصحف والصحافيين».
قبل بيان اللجنة، كان صحافيون وصحافيات تطوعوا، وبدأوا حملة لتنظيم صفوفهم في مواجهة هجمات وانتقادات ترامب. وأسسوا مواقع في الإنترنت للدفاع عن أنفسهم. وبعد بيان اللجنة، تمركز التنظيم في مواقع اللجنة نفسها. وطلبت اللجنة من الصحافيين «كشف» ما يعرفون ترامب. لكن، تسبب هذا في نقاش وسط الصحافيين:
أولاً: هل ينشرون كل ما قال لهم ترامب؟
ثانيا: ماذا عن حماية مصادر الأخبار؟
لكن، إنصافًا لترامب، لا يعتبر كثير من الصحافيين أن المرشحة الديمقراطية، هيلاري كلينتون، «صديقة» لهم. ربما «تتحاشى» كلينتون الصحافيين، لكن، «يهدد» ترامب الصحافيين».
وقالت جنيفر غريفين، صحافية مع تلفزيون «فوكس» عن كلينتون: «تظل، في نهاية المطاف، سياسية، بل سياسية عريقة. ظلت سياسية ربما كل حياتها وهي بالغة. ولا أعرف سياسيا، أو سياسية، يثق فينا نحن (الصحافيين)».
وأضافت: «إذا نظرتم إلى ما كشف موقع (ويكيليكس) من وثائق كلينتون في حملتها الانتخابية، سترون استراتيجية متعمدة لتحاشي الصحافيين. ثم جاءت مشكلة التلاعب بوثائق وزارة الخارجية. وصارت كلينتون تعرف جيدا أن هناك أسئلة صعبة جدا لن يكف الصحافيين عن إثارتها. يوجد، لهذا، في كل الحالات، ازدراء في معسكر كلينتون للصحافة، وللصحافيين».
وأخيرًا، مع اقتراب يوم التصويت، بدأ الإعلام الأميركي نفسه يحكم على تغطيته للحملة الانتخابية؛ قالت صحيفة «نيويورك تايمز»: «نعم، ركزنا على دونالد ترامب، لأنه مرشح من نوع نادر، أو غريب. لكن، لم نركز على بقية المرشحين الجمهوريين لانتخابات الكونغرس والولايات.. نقدر على أن نقول الشيء ذاته بالنسبة للديمقراطيين».
وقال موقع «ميديا اكيوراسي» (الصدق في الإعلام): «غطى الإعلام المواضيع الشخصية، خصوصًا فضائح السلوك الشخصي لكل من ترامب وكلينتون. لكنه انحاز إلى جانب كلينتون لأنه ركز على فضائح ترامب». وقالت صحيفة «بوليتيكو»: «خلال ربما عام كامل، منذ نهاية الصيف الماضي، اشتكت هيلاري كلينتون، مرارا وتكرارا، بأن الإعلام منحاز ضدها. وإن صخب وشغب ترامب بهره. لكن، في الوقت الحاضر، صار ترامب هو الذي يشتكى».
في الجانب الآخر، اشتكى مايك بينس، حاكم ولاية إنديانا، ومرشح نائب الرئيس مع ترامب، من تغطية الإعلام لخبر حرق مقر الحزب الجمهوري في ولاية نورث كارولينا. وقال: «إذا كان مقر الحزب الديمقراطي هو الذي احترق، لكان كبار مذيعي نشرات الأخبار في التلفزيون انتقلوا إلى هناك».
نهاية عامين من تغطية الحملة الانتخابية اليوم
الحملة الرئاسية الأطول في تاريخ أميركا.. شد وجذب في افتتاحيات الصحف واستطلاعات الرأي
الحملة الانتخابية الرئاسية ربما الأطول في تاريخ الولايات المتحدة بدأت تقريبا قبل عامين وتنتهي اليوم (غيتي)
نهاية عامين من تغطية الحملة الانتخابية اليوم
الحملة الانتخابية الرئاسية ربما الأطول في تاريخ الولايات المتحدة بدأت تقريبا قبل عامين وتنتهي اليوم (غيتي)
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة



