معارك كرّ وفرّ في ريف حماه الشمالي.. وفصائل المعارضة السورية تنتقل من الدفاع إلى الهجوم

استعادت السيطرة على حواجز للنظام وعززت حماية معقلها في طيبة الإمام

معارك كرّ وفرّ في ريف حماه الشمالي.. وفصائل المعارضة السورية تنتقل من الدفاع إلى الهجوم
TT

معارك كرّ وفرّ في ريف حماه الشمالي.. وفصائل المعارضة السورية تنتقل من الدفاع إلى الهجوم

معارك كرّ وفرّ في ريف حماه الشمالي.. وفصائل المعارضة السورية تنتقل من الدفاع إلى الهجوم

تضاربت المعلومات حول نتائج المعارك العسكرية في ريف محافظة حماه الشمالي، التي تشهد عمليات كرّ وفرّ بين قوات النظام السوري والميليشيات الموالية لها، وبين فصائل المعارضة المسلّحة، ففي حين أفاد ناشطون بأن قوات الأسد وحلفاءها سيطروا على مواقع وحواجز تقع تحت سيطرة الفصائل، أكدت مصادر في المعارضة أن مقاتلي الفصائل استعادوا مساء أمس أغلب النقاط التي خسروها ليل الجمعة، وتقدموا باتجاه مواقع أخرى واقعة تحت سيطرة النظام.
الوضع الميداني في ريف حماه الشمالي والشرقي شهد تبدلات سريعة بين ساعة وأخرى، إذ أفاد الناشط الإعلامي المعارض غيث الحموي بأن قوات النظام «سيطرت مساء أمس (الأول)، على حاجزي السيرياتل ومدرسة البشائر لتعليم قيادة السيارات سابقًا، جنوب شرقي مدينة مورك في ريف حماه الشمالي، وذلك بعد اشتباكات عنيفة مع مقاتلي المعارضة، أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى من الطرفين». وتابع أن المواجهات «أسفرت عن قتل وجرح أكثر من عشرة عناصر من الطرفين»، مشيرًا إلى أن الاشتباكات «تزامنت مع شن الطيران الحربي الروسي والنظامي أكثر من 90 غارة بالصواريخ الفراغية، إضافة إلى مئات القذائف الصاروخية والمدفعية، استهدفت مواقع المعارضة بالمنطقة، ما أدى إلى دمار واسع بالممتلكات».
هذه المعطيات انقلبت رأسًا على عقب مساء أمس، بحسب محمد رشيد، الناطق باسم «جيش النصر» في حماه، الذي أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «الثوار استعادوا السيطرة على حاجز السيرياتيل والحواجز القريبة منه التي استعادها النظام قبل ساعات». وأردف شارحًا: «بدأنا اليوم مرحلة جديدة، فبعد تحرير هذه الحواجز اتجهنا إلى مكاتب صوران الواقعة إلى الجهة الجنوبية لحاجز السيرياتيل... وكل هذه المعارك تهدف إلى تعزيز الحماية العسكرية لمدينة طيبة الإمام، الواقعة تحت سيطرة الثوار، باعتبار أن المدينة محاطة بثكنات وحواجز عسكرية للنظام، وذلك كي لا يفكّر بمهاجمتها».
وكانت قوات الأسد قد انتزعت خلال الشهر الماضي من المعارضة، السيطرة على معظم المناطق التي خسرتها في ريفي حماه الشمالي والشمالي الشرقي، ضمن معركة «تحرير حماه» التي أطلقتها الفصائل أواخر أغسطس (آب) الفائت، والتي كانت تهدف للوصول إلى مركز المحافظة ومطارها العسكري.
واعترف محمد رشيد، بأن النظام «كان تمكن خلال الشهر الماضي من استعادة نصف المناطق التي حرّرها الثوار خلال الشهرين الماضيين، وأبرزها صوران وكوكب وحاجز السيرياتيل وحاجز المعمل الأزرق». لكنه أوضح: «الآن بدأنا معركة استعادة ما خسرناه في الأيام الماضية». واستطرد أن «المرحلة الماضية كانت مرحلة تثبت خطوط الدفاع والآن انتقلنا من الدفاع إلى الهجوم».
من جهته، أعلن «مكتب أخبار سوريا» المعارض، أن قوات النظام «باتت تبعد أقل من كيلومترين عن مدينة مورك التي تسيطر عليها المعارضة»، مشيرًا إلى أن «المؤازرات التي أطلقها مقاتلو المعارضة والإعلاميون في المنطقة عبر المراصد اللاسلكية وعلى صفحاتهم في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، لم تصل حتى اللحظة». وبدوره، قال مصدر في المعارضة السورية لـ«الشرق الأوسط» موضحًا أن النظام «استعاد السيطرة على بلدة شليوط في ريف حماه الشمالي الغربي التي كان الثوار حرّروها أمس (الأول) من عصابات الأسد». وقال: «بعد أن تمكّن مقاتلو (جيش العزّة) و(أبناء الشام) من تحرير بلدة شليوط وحاجز أبو عبيدة الواقعين في ريف حماه الشمالي الغربي، ردّ النظام بصف صاروخي كثيف وغارات جوية للطيران الروسي وطائرات النظام، ما أدى إلى انسحاب الثوار من هاتين المنطقتين». وأكد المصدر أن «سيطرة الفصائل على بلدة شليوط، جعل بلدة محردة المسيحية وعددًا من القرى العلوية القريبة منها تحت مرمى نيران الفصائل، وهذا ما يخشاه النظام الذي سارع إلى استخدام كثافة نارية غير مسبوقة، أجبرت الثوار على الانسحاب التكتيكي منها».
المصدر المعارض، أكد أن «لا علاقة لمعركة شليوط بمعركة الريف الشمالي الشرقي لحماه». وذكر أن «هذه المعركة افتتحها الثوار لإشغال نظام الأسد وميليشياته عن المعركة الأساسية في طيبة الإمام ومحيطها، والسيطرة على شليوط لا تعني أن النظام عوّض عما خسره في الريف الشمالي الشرقي، بقدر ما يسعى إلى حماية بيئته العلوية في ريف حماه». وفي تفسيره لمسارعة النظام إلى إبعاد الفصائل المسلّحة عن بلدة شليوط، أشار الناطق باسم «جيش النصر» محمد رشيد، إلى أن «انسحاب الفصائل من بلدة شليوط تحت تأثير القصف الجوي هو انسحاب تكتيكي». وأوضح أن «السيطرة على شليوط تعني السيطرة ناريًا على بلدة شيزر وقطع خطوط إمداد النظام من مدينة حماه إلى السقيلبية وهي بلدة مسيحية».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم