لبنان: المسؤولون المعنيون بالتسوية السياسية يعلنون التزامهم بمحاربة الفساد في العهد الجديد

الحريري: يجب القضاء على الظاهرة.. وجعجع أعلن «حربًا بلا هوادة» عليه

لبنان: المسؤولون المعنيون بالتسوية السياسية يعلنون التزامهم بمحاربة الفساد في العهد الجديد
TT

لبنان: المسؤولون المعنيون بالتسوية السياسية يعلنون التزامهم بمحاربة الفساد في العهد الجديد

لبنان: المسؤولون المعنيون بالتسوية السياسية يعلنون التزامهم بمحاربة الفساد في العهد الجديد

رفع المسؤولون المعنيون بملف التسوية السياسية الجديدة، سقف الآمال بتعهدهم بمحاربة الفساد في لبنان، الذي يشكل أبلغ معضلة تعتري النظام السياسي اللبناني منذ اتفاق الطائف، بالنظر إلى نظام المحاصصة الذي يتحدث عنه السياسيون والناشطون ضد الفساد، والذي يطال قسمًا كبيرًا من الملفات الحياتية.
ومن شأن تلك الالتزامات التي أخذها رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ووزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، على عاتقهم، أن تبدل الصورة اللبنانية القائمة في العهد الرئاسي الجديد، رغم أن التعهد لم يدخل في التفاصيل، وبقي عامًّا لمحاربة الفساد.
ويأتي ذلك بعد دراسة أشارت إلى أن 92 في المائة من اللبنانيين، يعتقدون أن الفساد في لبنان ازداد العام الماضي، بحسب مسح أجرته منظمة الشفافية الدولية في منطقة الشرق الأوسط، وشمال أفريقيا.
وقال وزير العدل الأسبق إبراهيم نجار، إن «كلمة الفساد بالمطلق عامة جدًا، وتتضمن قدرًا كبيرًا من الضبابية»، وأضاف في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «لا أعرف أين يكمن الفساد بالتحديد، رغم وجوده في كل مكان في لبنان»، معتبرًا أن التزام الحريري وباسيل وجعجع بالأمر «مهمًا جدًا»، وأنه «لا يكتمل إلا بالاستعانة بأشخاص يتسمون بنظافة الكف، وحازمين في فرض العقوبات على الفاسدين، عندها يمكن أن تصحح الأوضاع».
وبحسب ما يقول ناشطون يتهمون العهود السابقة بالفساد، فإن هذه المعضلة تبدأ من الرشوة في الإدارات الحكومية، ولا تنتهي بالتسويات والصفقات الحكومية، والتلزيمات لمعالجة ملفات تحتمل هدرًا، مثل ملفات الأشغال ومعالجة النفايات والكهرباء، وغيرها كثير من الملفات التي تتضمن إنفاقًا حكوميًا، إضافة إلى ما بات يُعرف بـ«المحسوبيات» في الوظائف الحكومية.
وكان رئيس حزب «الكتائب» قد أشار خلال تعليقه على إطلاق «المرصد اللبناني للفساد» العام الماضي، إلى أن «ثمة مجموعة من اللبنانيين تغتني كل يوم، وهذا يتم بطريقة غير شرعية، ومن دون محاسبة من أحد»، لافتا إلى أن «ملف الفساد في لبنان أساسي إذا أردنا أن نعطي المواطن حقه في الخدمات والمحاسبة وعدم الاستفادة من السلطة والمواقع على حساب اللبنانيين».
وإضافة إلى نظام المحاصصة الشائع، فإن اليوم «تبدو هناك مصطلحات جديدة مثل فيدرالية المحاصصة وحقوق المكونات و(الأحجام)، هي بدعة جديدة بالقاموس السياسي اللبناني»، بحسب ما قال نجار. وأضاف: «أنا أؤمن بإمكانية تصحيح الأوضاع والخروج من مستنقع الفساد؛ لأن الفساد وليد عدم وجود عقوبات زجرية، ولا قيادة عازمة على تطبيق إجراءات متشددة ضد الفاسدين، ولا حكم بكل معنى الكلمة». وأضاف: «لا أحد وحده يتحمل المسؤولية، فكل ذلك ناتج عن تراكمات في أعوام من المحاصصات»، معربًا عن أمنيته أن «يستعين العهد الجديد في الحكم برجالات مشهود لهم بنظافة كفهم وجرأتهم في تنفيذ التدابير الرادعة ليكونوا مثلاً أعلى في محاربة الفساد»، مضيفًا أن الأمر يتحقق «بتنفيذ القوانين المرعية الإجراء».
وفي خضم المناقشات حول التسوية الرئاسية التي أفضت إلى انتخاب عون رئيسًا، وتكليف الحريري بتشكيل الحكومة، أشاع البعض فكرة أن الحريري وافق على التسوية بسبب أزماته المالية، علما بأن مقربين من الحريري كانوا قد أكدوا أن القبول بتسوية مشابهة، يهدف إلى وضع حد للشغور الرئاسي، وتكريس اتفاق الطائف وتفعيله، ومنع أي محاولات لطرح تعديلات دستورية.
في هذا الصدد، أعلن الوزير اللبناني الأسبق شربل نحاس أنه «لا يجوز السكوت عن الإهانة التي يتم توجيهها للحريري من خلال القول أو الإيحاء بأنه وافق على التسوية التي ستأتي به رئيسًا للحكومة، بدعوى أن أوضاعه المالية متعثرة»، معتبرًا أن ذلك «إهانة له، وينفي كل طموح لدى الناس بأنه ستكون هناك دولة لا تقوم على الفساد».
وقال نحاس لـ«الشرق الأوسط»: «هكذا كلام كالذي يُقال، يدل على أن الفساد متجذر بأذهان الناس، وأن الفساد لعبة مستمرة»، مشددًا على أن شيوع هذا الجو «هو إهانة للحريري، ويجب ألا يُسمح به، وإقرار بأن الرأي العام راضٍ ويتقبل حالة مشابهة». وأضاف: «إذا كان هذا الأمر مقبولاً لدى الناس، فهو بحد ذاته فاجعة».
وخلافًا لما حاول بعض خصوم الحريري التسويق له، قبل التسوية الرئاسية، بأنه يأتي بسبب أزماته المالية، الذي يحمل مضمونًا بأن العهد الجديد سيكون عهد محاصصة، فإن الحريري تعهد أمس بمحاربة الفساد، قائلاً: «نحن في الحكومة سنتعاون مع رئاسة الجمهورية، ويجب محاربة الفساد الموجود في البلد، وهذا ما يجب أن نقوم به لمصلحة اللبنانيين».
كلام الحريري التقى مع كلام رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، القريب من رئيس الجمهورية، حين أكد: «إننا قادمون إلى مرحلة تخرجنا من دوامة الفساد الموجودة أينما كان، ويتم خلالها تثبيت مفاهيم جديدة بين الدولة والمواطنين».
وعلى المنوال نفسه، أكد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن «لبنان هو دولة في طور الوجود يتآكلها الفساد، وحزب القوات سيعلنها حربًا بلا هوادة على الفساد، وسنستمر في سعينا من أجل بناء الدولة القوية والمؤسسات». واحتل لبنان في عام 2014 مرتبة متأخرة هي الـ136 بين 177 دولة في مؤشر الفساد في العالم، وفق المؤشر التابع لمنظمة الشفافية الدولية لعام 2014، متراجعا 9 درجات بعد أن كان في المركز 127 في عام 2013.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.