تعويم الجنيه المصري بين الترحيب الدولي والخوف من المخاطرة

تعويم الجنيه المصري بين الترحيب الدولي والخوف من المخاطرة
TT

تعويم الجنيه المصري بين الترحيب الدولي والخوف من المخاطرة

تعويم الجنيه المصري بين الترحيب الدولي والخوف من المخاطرة

أعلن البنك المركزي المصري أمس (الخميس) تعويم الجنيه المصري وترك حرية تسعيره للمصارف، بهدف القضاء على السوق السوداء التي انتعشت في مصر منذ عدة شهور بسبب الضغوط على الدولار، وهي الخطوة التي أثارت ردود أفعال متباينة من الخبراء والمواطنين، فبعضهم رأى أنها خطوة إيجابية لوقف المضاربات على سعر الدولار الذي تجاوزت قيمة تداوله في السوق السوداء 100 في المائة من السعر الرسمي المعلن، بينما أشار البعض إلى أن هذه الخطوة قد تحمل بعض المخاطر، من بينها ارتفاع معدل التضخم خلال الشهور المقبلة.
ورحب صندوق النقد الدولي بقرار تعويم الجنيه المصري، مؤكدًا أن هذه الخطوة ستعزز قدرة مصر التنافسية وتساعد على جذب الاستثمارات الأجنبية.
وقال كريس جارفيس، رئيس بعثة الصندوق إلى مصر، في بيان: «نرحب بما قرره البنك المركزي المصري من تحرير نظام الصرف الأجنبي واعتماد نظام مرن لسعر الصرف. وفي ظل النظام الجديد، سيكون الناس على استعداد لبيع العملة الأجنبية وشرائها أيضًا، وبذلك يوفر العملة في السوق».
وأضاف: «سيؤدي نظام سعر الصرف المرن الذي يتحدد فيه سعر الصرف تبعًا لقوى السوق إلى تحسين تنافسية مصر الخارجية ودعم الصادرات والسياحة وجذب الاستثمار الأجنبي. وكل ذلك سيساعد في تعزيز النمو وخلق فرص العمل وتقوية مركز مصر الخارجي».
بدورها، رحبت الولايات المتحدة مساء (الخميس) بقرار تحرير سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية، وقالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان صحافي نشر على موقعها الإلكتروني مساء الخميس، إن «الولايات المتحدة ترحب بإجراءات مصر بتنفيذ مزيد من الإجراءات الاقتصادية المهمة ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي الشامل للحكومة المصرية».
وأضافت الوزارة أن قرار تحرير سعر الصرف «تطور إيجابي لتحسين أداء أسواق النقد الأجنبي وتعزيز التعافي الاقتصادي في مصر».
وتابعت الوزارة أن «الولايات المتحدة تدعم التزام الحكومة المصرية باتخاذ إجراءات إصلاح اقتصادي صعبة، ولكنها ضرورية لوضع الأساس لمستقبل أكثر رخاء للشعب المصري».
ومن جهته، رحب البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير بالقرار، وقال في بيان: «يرحب البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير بتحرير سعر الصرف ويراه خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح».
وأضاف: «تعويم العملة وإحراز تقدم في سد فجوة التمويل الخارجي سيدعم تحقيق تقدم في الموافقة على تسهيل قرض بقيمة 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي».
ومن جهة أخرى، قال بعض معارضي قرار التعويم، إنه على الرغم من أنه قد يقضي على المضاربات في العملة، فإن أزمة النقد الأجنبي ستبقى قائمة حال عدم اتخاذ قرارات مرتبطة بقرار البنك المركزي، تجذب الاستثمارات وتحافظ على الاحتياطي النقدي.
وأشار المعارضون إلى أن عائدات مصر من العملات الأجنبية ما زالت منخفضة نتيجة تراجع قطاع السياحة وانخفاض تحويلات المصريين في الخارج نتيجة وجود سعرين للدولار.
ومن ناحيتها، قالت شركة كابيتال إيكونومكس للأبحاث، في تقرير أصدرته بالأمس، إن قرار البنك المركزي بتعويم الجنيه قد يؤدي إلى ارتفاع التضخم بنسبة 6 في المائة خلال الأشهر الثلاثة المقبلة.



«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.